عيدية الأمير نايف
قدم الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية، هدية رائعة للشعب السعودي اعتبرتها شخصياً عيدية لهذا الشعب العظيم ولي شخصياً وذلك من خلال تصريحه الرائع المنشور في هذه الصحيفة، حيث جاء فيه بالحرف الواحد: "وجه الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية بتمكين جميع الموقوفين للمحاكمة، الذين تمت استعادتهم من خليج جوانتانامو لقضاء عيد الفطر المبارك مع أسرهم والعودة في المواعيد المحددة لاستكمال الإجراءات النظامية لعرضهم على المحاكم الشرعية". وبهذا التصريح الإنساني العظيم، فقد أدخل الأمير نايف الفرحة في قلوب أسر هؤلاء الموقوفين الذين كانت كل جريمتهم تواجدهم في المكان الخطأ وفي الزمان الخطأ.
لقد بحثت كثيراً في الإنترنت، كما قرأت تقريباً كل ما نشر عن محنة سجناء جوانتنامو ومعظم الأخبار والتحقيقات والتحليلات التي كتبت عن هذا المعتقل الرهيب كتبها صحافيون غربيون. كما أن كثيراً من اللقاءات التي تدمى القلوب مع المعتقلين الذين أفرج عنهم بعد سنوات من العذاب أجراها أيضا صحافيون غربيون. ومن بين كل دول العالم، لم تؤيد أية دولة هذا السجن العجيب سوى أمريكا وبريطانيا. وعلى أثر قراءاتي الكثيرة عن معتقل جوانتانامو توصلت إلى حقيقة لا تقبل الجدال وهي أن غالبية المعتقلين لا يعرفون أي سبب لاعتقالهم!!
لا أقول هذا جزافاً لكني أدعمه بالأمثلة، كانت هناك مجموعة من المسلمين الصينيين الذين كانوا يتاجرون نائمين في أحد المساجد قرب الحدود الأفغانية عندما أيقظوهم واقتادوهم إلى معتقل جوانتانامو، حيث قضوا أربع سنوات وبعد إطلاق سراحهم لم يستطيعوا الذهاب إلى الصين وتم ترحيلهم إلى ألبانيا، حيث يشحذون الآن في الطرقات بعد أن كانوا من التجار الأغنياء.
وكثير من السعوديين الذين تم اعتقالهم واقتيادهم إلى جوانتانامو ليسوا من الإرهابيين وإنما باعهم الأفغان البشتون الذين يبيعون أي شيء مقابل المال خاصة وأمريكا تعرض أموالا نقدية تراوح بين خمسة آلاف و25 ألف دولار مقابل كل رأس يتم الإبلاغ عنه. وفي سبيل الحصول على المال، قام الأفغان ببيع الكثيرين من ضيوفهم الذين كانوا هناك لمساعدتهم.
ومن القصص المضحكة التي تروى في هذا المجال أن أحد مدربي كرة القدم في مدينة جوندهار كان يكره أحد منافسيه ويغير منه فأبلغ عن أنه مؤيد لطالبان فتم ترحيله إلى جوانتانامو. وإحدى القصص المضحكة أيضاً أن هناك صحافياً من مدينة بيشاور تم اختطافه وترحيله إلى جوانتانامو ويقول أخوه إن الصحافي المذكور كان أبعد ما يكون عن الإسلام وكان يبدأ يومه بمعاقرة الخمر!!
وقد تعرض المواطنون السعوديون في جوانتانامو إلى كثير من الآلام حيث تعرضوا إلى التعذيب النفسي والعقلي والجسدي إلى درجة أن بعضهم فكر في الانتحار باعتباره طريقاً للخلاص من الآلام خاصة ومعظم المعتقلين السعوديين من صغار السن الذين ذهبوا لأفغانستان لتقديم الخدمات الإنسانية والطبية والاجتماعية.
والمؤلم في موضوع جوانتانامو هو أنه لم تصدر تهم محددة ضد المعتقلين ولم يقدم لهم أي عون قانوني وظلت أمريكا تتعامل معهم على اعتبارهم إرهابيين. وبعض الذين تمت إعادتهم إلى بلادهم لم يكونوا قد شاهدوا أطفالهم الذين ولدوا في غيابهم ولم يعرفوا أن بعض أقاربهم وأصدقائهم قد ماتوا. وهم قطعاً يحتاجون إلى العطف والمواساة والمعاملة الكريمة.
والغريب في الموضوع أنه قبل إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين من جوانتانامو أشارت بعض الصحف ووسائل الإعلام الأمريكية إلى أنه إذا تم ترحيل المعتقلين إلى السعودية فسيتم تعذيبهم أو قتلهم متناسين أن السعودية بلد الإسلام والقرآن والرحمة ولعل تصريح الأمير نايف بتمكين المعتقلين من قضاء العيد مع أسرهم هو أبلغ رد على هذه الادعاءات الكاذبة.
ومنذ وصول أول دفعة من المحتجزين السعوديين في جوانتانامو إلى بلادهم، أعلن الأمير نايف بكل وضوح أنه ستتم معاملتهم بالحسنى فهم، رغم كل شيء، أبناؤنا وفلذات أكبادنا. وتصريح وزير الداخلية الأخير برهان على صدق ما قاله مع وصول أول فوج من المعتقلين السعوديين.
فليباركه الله.
رئيس تحرير صحيفة "عرب نيوز"