الغرامات وتطبيق النظام
يعد عمر الشركات المساهمة السعودية كبيرا حيث تعدى نصف القرن من تكوين أول شركة مساهمة. وخلال عمرها الطويل لم نسمع بأي محاكمة تمت لمجلس إدارة واحد أو تغريم مجلس إدارة عن سلوكيات محددة والكمال لله وحده. فالمخالفات عن النظام وجوانب التعثر واضحة السمات ومتعددة في القطاع. ربما لأن البعض منا يعدها قضاء وقدرا أو مكتوبا على الجبين، ناسين أو متناسين أن هذه أموال صغار المساهمين وكبارهم وكل من لم يتمثل في مجلس الإدارة. على الرغم من أن أول مبدأ يتعلمه الفرد في مجال التمويل هو أنه أجير في الشركة وهدفه مخافة الله وزيادة ثروة الملاك من خلال القرارات التي يتخذها بما يراعي مصلحتهم.
الهدف من القضية برمتها هو أن يقوم المجلس والإدارة التنفيذية بدورهما بما يخدم الوحدات الاقتصادية ويدعم استثمارات الملاك وينميها. وعادة ما تكون القرارات المتخذة وتحديد نطاق الأعمال وتوسعته من الأبعاد المهمة التي تصب في ربحية الشركة كما تسعى بعض الشركات ونجحت في ذلك، وإن كان الأداء الكلي لا يشفع للمديرين أمام الفرص المتاحة لدفع نمو الثروة وتطور الاقتصاد.
وفي الوقت نفسه وخلال فترة وجيزة استطاعت هيئة سوق المال أن تفرض نوعا من الانضباط في سوق المال السعودية من خلال تحديد وتطوير أنظمة ولوائح وغرامات وتطبيق لضمان حقوق صغار المساهمين والمستثمرين. والتداخل تم حله بينها وبين وزارة التجارة من زاوية أن كل ما يتصل بالتداول يعد في نطاقه وخارجه يقع تحت سلطة وزارة التجارة. وحجم الغرامات المطبق مواز لحجم الجرم المتفق وأخيرا أتاحت لمن يتضرر من أي تصرف بالتقدم لهيئة حسم المنازعات التابعة لها لتعويضهم.
ربما لم تستطع وزارة التجارة الاستفادة وتطوير نظام خاص بها لضمان تطبيق النظام من خلال لوائح العقوبات فالقدرة على التحرك تخضع للنظام التشريعي السعودي الذي لم يسلم من جانب التعقيد ومن طول الوقت لتمرير أي نظام جديد. وبالتالي يعد من الأفضل تكوين جهاز جديد أسوة بهيئة سوق المال ونجعلها كضمير للشركات المساهمة لحماية الكيان الجديد والمهم لنمو اقتصادنا لحماية صغار المساهمين وضمان عمل المجالس لضمان زيادة ثروة الملاك في إطار الشريعة السمحاء وبعيدا عن تضييع الحقوق.