Author

ألم يحن الوقت لإنشاء كليات للسياحة؟

|
يُعد الاستثمار في قطاع السياحة أحد أهم المجالات التي تهتم بها الدول المضيفة للاستثمارات الأجنبية المباشرة, حيث تسعى إلى اجتذاب رؤوس الأموال الأجنبية لإقامة منشآت سياحية وترفيهية لجذب السائحين والمصطافين, نظراً لما يحققه هذا القطاع من عوائد مالية مرتفعة, فهو يحتل المصدر الأول في تحقيق الدخل الوطني وتوفير العملات الأجنبية الصعبة في بعض الدول, ومن ثم يسهم في زيادة هذا الدخل من ناحية وفي توفير فرص عمل جديدة لتشغيل الشباب من ناحية أخرى. كما أن السائحين يمثلون قوة شرائية لا يُستهان بها. وتعتمد بعض الدول على السياحة كمصدر أساسي من مصادر دخلها الوطني (فيوفر قطاع السياحة في مصر نحو 7.3 مليار دولار في العام, وتمثل عائدات السياحة لدى بعض الدول نحو 90 في المائة من دخلها فمثلاً إسبانيا يزورها على مدار العام أكثر من عدد سكانها). لهذا فقد اهتمت السعودية في الآونة الأخيرة بصناعة السياحة لإغراء عدد كبير من المواطنين الذين يقضون إجازاتهم السنوية في خارج البلاد, وينفقون أموالاً ضخمة في هذا المجال, ولهذا فإنها تسعى إلى توطينهم في البلاد, واجتذاب السياحة العالمية من خلال تهيئة العوامل المناسبة لذلك؛ نظراً لما تتمتع به من مزايا تؤهلها للتلاؤم مع السياحة فيها, أهمها: * موقعها المتميز وسط العالم, حيث تعتبر ملتقى ثلاث قارات هي آسيا وإفريقيا وأوروبا. * تقع موانئها على شاطئ البحر الأحمر والخليج العربي, حيث يبلغ امتداد حدودها البحرية نحو 1800 ميل بحري, ومن ثم فإن هنالك إمكانية إنشاء منشآت ومنتجعات بحرية على طول هذه الشواطئ. * تُعتبر السعودية أكثر الدول استقراراً في الشرق الأوسط بالذات من الناحيتين الاقتصادية والأمنية, وتقل فيها معدلات الجريمة بشكل ملحوظ, مما يؤثر إيجاباً في مناخ الاستثمار فيها, لأن الاستقرار الاقتصادي والأمني من أهم العوامل التي يأخذها المستثمر في اعتباره عندما يتخذ قراره بالاستثمار في دولة معينة, إذ كما يقولون إن الأموال كالطير لا تهبط إلا في مكان آمن. * وجود الأماكن المقدسة في السعودية, حيث تجتذب ملايين المسلمين على مدار العام لتأدية فريضة الحج والعمرة, مما يتيح الفرصة لتشجيع السياحة وتنشيطها في هذا التجمع الهائل من المسلمين القادمين من بلاد العالم كافة. * اعتدال العلاقات السياسية والدبلوماسية السعودية مع بلاد العالم كافة. * توافر الأيدي العاملة الرخيصة من أنحاء العالم كافة, خاصة من دول جنوب شرق آسيا. * تنوع المناخ في مناطق السعودية المختلفة, صيفاً وشتاءً, فضلاً عن إنشاء شبكة ضخمة من الطرق تمتد في جميع أنحاء البلاد من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب. * تطور البنية التحتية للسياحة؛ إذ تشهد الصناعة الفندقية في السعودية نمواً سريعاً, حيث تم إنشاء عدد من الفنادق الجديدة من الدرجة الممتازة لمواكبة الطلب المتزايد على قطاع الفنادق في الآونة الأخيرة. وكما تدأب الفنادق على التجديد والتوسعات لتلبية الطلب المتزايد عليها لكسب حصة من السوق. وقد دخلت شركات عالمية السوق السعودية للعمل في إدارة الفنادق مما يوفر للسائحين المحليين أو الأجانب الخدمة الفندقية ذاتها التي توجد في أي مكان من العالم المتقدم. وتم التوسع في إنشاء الوحدات الفندقية السكنية المفروشة والمجهزة لذوي الدخل المتوسط التي انتشرت في العديد من المدن السعودية. * ارتفاع مستوى المعيشة والرواج الاقتصادي الذي تشهده البلاد في الوقت الراهن, مما أدى إلى ارتفاع الطلب على الفنادق, وزيادة الزوار من مختلف مناطق المملكة ومن خارجها بسبب أنشطة الشركات العالمية وتنظيم العديد من المؤتمرات فيها, وهذا أدى إلى ارتفاع أسعار الغرف وزيادة الطلب على الخدمات الفندقية بشكل ملحوظ, مما يشجع رجال الأعمال السعوديين على الاستثمار في هذا القطاع. * يتمتع سعر صرف الريال السعودي في مواجهة الدولار باستقرار ملحوظ منذ مدة طويلة. * عدم وجود قيود أو رقابة نقدية على السائحين؛ إذ يدخل السائح ما يشاء من النقود إلى البلاد لاستخدامها خلال فترة وجوده في البلاد. * إنشاء الهيئة العليا للسياحة كجهاز جديد يختص بمهام جسام تتعلق بتطوير وتنمية القطاع السياحي, وقد استطاعت هذه الهيئة أن تضع استراتيجية وطنية للسياحة وأن تتخذ خطوات عملية تكفل النهوض بهذا القطاع وجعله رافداً مهماً من روافد الدخل الوطني. وعلى الرغم من هذه العوامل المشجعة على اجتذاب السياحة الداخلية والدولية في السعودية وتشجيع إقامة المشاريع السياحية فيها؛ إلا أن هناك حقيقة مهمة في هذا الصدد وهي أن السياحة سلعة جمالية هشة, وتسويقها يُعد أمراً صعباً؛ لذا فإنني أرى أن هناك عناصر رئيسة لنموها واستمرارها, أهمها: توفير البنية التحتية التي تُعد أمراً أساسيا للنهوض بالقطاع السياحي, ويُمكن تحقيق هذا العامل من خلال تشجيع القطاع الخاص على المشاركة في تأسيس المنشآت السياحية, مع منحه تسهيلات وإعفاءات خاصة مقارنة بالاستثمار في قطاعات أخرى؛ كما يلزم إعداد الكوادر الفنية للسياحة مثل المرشد السياحي المؤهل لاستقبال السائحين ومعاملتهم, والقائمين على الدعاية وإدارة المنشآت السياحية, وهذا لا يتأتى إلا من خلال إنشاء كليات متخصصة في المجال السياحي, بحيث يتم فيها تأهيل وتدريب الشباب الراغبين في العمل في هذا المجال, بما يؤدي إلى النهوض بهذا القطاع المهم من القطاعات الاقتصادية، الذي من المتوقع أن يكون له دور ملحوظ في الحياة الاقتصادية في المرحلة المقبلة.
إنشرها