الاقتصادية - الموقع الرسمي لأخبار الاقتصاد والأسواق | الاقتصادية

الأحد, 7 ديسمبر 2025 | 16 جُمَادَى الثَّانِيَة 1447
Logo
شركة الاتحاد التعاوني للتأمين8.83
(0.34%) 0.03
مجموعة تداول السعودية القابضة163
(-1.63%) -2.70
الشركة التعاونية للتأمين119.3
(0.00%) 0.00
شركة الخدمات التجارية العربية117
(-0.43%) -0.50
شركة دراية المالية5.48
(1.29%) 0.07
شركة اليمامة للحديد والصلب32.9
(0.86%) 0.28
البنك العربي الوطني22.14
(0.45%) 0.10
شركة موبي الصناعية11.12
(0.00%) 0.00
شركة البنى التحتية المستدامة القابضة31.32
(-3.63%) -1.18
شركة إتحاد مصانع الأسلاك21.79
(0.69%) 0.15
بنك البلاد25.92
(0.08%) 0.02
شركة أملاك العالمية للتمويل11.55
(0.79%) 0.09
شركة المنجم للأغذية54.6
(-1.36%) -0.75
صندوق البلاد للأسهم الصينية12.09
(0.75%) 0.09
الشركة السعودية للصناعات الأساسية55.2
(0.45%) 0.25
شركة سابك للمغذيات الزراعية115.7
(-0.26%) -0.30
شركة الحمادي القابضة28.98
(0.69%) 0.20
شركة الوطنية للتأمين13.19
(1.15%) 0.15
أرامكو السعودية24.55
(0.12%) 0.03
شركة الأميانت العربية السعودية17.23
(1.35%) 0.23
البنك الأهلي السعودي37.3
(0.21%) 0.08
شركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات30.42
(0.00%) 0.00

أعوام ثلاثون مرت منذ أن وقع الرئيس المصري الراحل أنور السادات أول معاهدة عربية للصلح مع إسرائيل، تغيرت خلالها الملامح الرئيسية للمشهدين العربي والمصري فيما يخص الصراع الأقدم والأكثر مركزية وأهمية في المنطقة وتاريخها الحديث، أي الصراع العربي - الإسرائيلي. ولا شك أن تقويم تلك المعاهدة والتغيرات الكبرى التي لحقت بالعالم العربي وصراعه مع الدولة العبرية بسببها ظل طوال هذه الأعوام الممتدة مسألة خلافية بين عديد من الكتاب والسياسيين والمواطنين العرب سواء في مصر أو في مختلف البلدان العربية.

وفي الذكرى الثلاثين للمعاهدة يبدو واضحاً أن الخلاف حولها لا يزال محتدماً بصورة ربما بدت هذه المرة أكثر عنفاً مما كان عليه في السنوات السابقة كلها بسبب العدوان الإسرائيلي الواسع على قطاع غزة، الذي أكد بصورة جلية لا تحتمل التأويل مدى المخاطر الاستراتيجية التي تمثلها إسرائيل على المصالح العربية عموماً والمصرية بشكل خاص فقد كان هذا العدوان الإجرامي مناسبة لإعادة طرح القيود والالتزامات التي فرضتها بنود المعاهدة على الدور المصري الرسمي تجاه السلوك الإسرائيلي العدواني ضد الفلسطينيين في غزة وقبلهم اللبنانيين عام 2006، وهو ما أحال إليه عديد من نقاد الأداء المصري أثناء الحربين ما رأوا أنه سلبيات التحرك المصري خلالهما. ولا شك أنه بغض النظر عن تفاصيل هذا النقد فإنه يبدو واضحاً لكل ذي عين أنه منذ بدء الصراع العربي - الإسرائيلي وتأسيس الدولة الصهيونية في فلسطين وحتى توقيع المعاهدة ظلت مصر في مقدمة الدول العربية التي تلعب أدواراً رئيسية محورية في مساره وتحولاته الكبرى عسكرية كانت أم سياسية. ولم يعرف الخطاب السياسي المصري أو العربي أو الدولي طيلة تلك السنوات أي حديث أو حتى إشارة إلى تراجع الدولة العربية الأكبر عن تلك الأدوار التي كانت تقوم بها دفاعاً عن أمنها القومي والتزاماً بانتمائها العربي، حتى قام الرئيس الراحل أنور السادات بتوقيع المعاهدة في 26 آذار (مارس) 1979.

عقب وإبان هذا التغير الأكبر في توجهات السياسة الخارجية المصرية تجاه الصراع العربي – الإسرائيلي شهدت مصر دوماً حواراً واسعاً حول هويتها وعلاقتها بالمنطقة المحيطة بها وبالتالي حول دورها الاستراتيجي فيها بما في ذلك علاقتها بهذا الصراع الذي أرادت بعض قطاعات النخبة المصرية الحاكمة والمثقفة أن تنسحب مصر منه تاركة الأطراف العربية الأخرى لكي يحل كل منها ما يخصه منه مع الدولة العبرية وفقاً للنهج الذي استنه الرئيس السادات، أي التفاوض المباشر والمنفرد معها. وبالرغم من وجود تيار صغير في مصر ظل يسعى دوماً إلى "فك الارتباط" بين مصر ومحيطها العربي والقضية الفلسطينية، فقد لاقى ذلك التيار مواجهة قوية سياسية وشعبية وفكرية في مختلف القطاعات المصرية. وقد بدا واضحا من خلال تلك المواجهة مدى عمق التناقضات التي تعانيها الرؤية السياسية والفكرية لذلك التيار، حيث يدعو أصحابه طيلة الوقت إلى دور مصر إقليمي قائد لمصر، ولا يجدون أمامهم إقليماً تلعب فيه هذا الدور بمستوياته المختلفة الاقتصادية والسياسة والثقافية سوى الإقليم العربي المحيط بها. وبينما يعول هؤلاء الكثير على ذلك الإقليم في تنمية الموارد المصرية المختلفة في تلك المستويات بما يعطيها دور القيادة فيه والذي يرشحها بدوره للحصول على أدوار دولية أكبر تدر عليها بدورها موارد إضافية سياسية واقتصادية ومعنوية، إذا بهم في لحظات الأزمات الكبرى التي تجتاح المنطقة كلها كما هو الحال أثناء الغزو الإسرائيلي للبنان ثم لغزة، يقصرون رؤيتهم على ما يسمونه "المصالح الوطنية المصرية" التي تبدو فجأة وخلافاً لما سبق وأعلنوه منقطعة الصلة بالمصالح العربية العامة المشتركة.

إلا أن الوقائع التي جرت في مصر خلال تلك الأزمات الكبرى وآخرها العدوان على غزة أثبتت خطأ تلك الرؤية وفشلها في أن تتحول إلى توجه عام تتبناه مصر الشعبية والرسمية فعلى الصعيد الشعبي عمت الاحتجاجات والمظاهرات مصر ضد العدوان الإسرائيلي رافعة الشعارات الإسلامية والقومية والجذرية المتعلقة بالصراع مع الدولة العبرية بعد أن ظن المنتمون لتيار عزلة مصر الصغير أنها قد سقطت نهائياً وأخلت الساحة أمام مقولات التعايش والسلام مع تلك الدولة. وقد بدا الحجم الواسع لتلك المظاهرات والاحتجاجات بهذه التوجهات والشعارات على يد الأجيال الشابة بعد 30 عاماً من المعاهدة بمثابة تأكيد جديد على الفشل الذريع الذي مني به ذلك التيار في السياسة المصرية، الذي كان يسعى منذ عهد الرئيس السادات إلى فض كل تداخل بين مصر والصراع العربي - الصهيوني. لقد كان رهان أصحاب هذه المدرسة طيلة تلك السنوات الـ 30 على أن توقيع مصر على المعاهدة وانشغالها وشعبها بمواجهة مشكلاتهم الاقتصادية والاجتماعية المستعصية سوف يعيدان صياغة عقول ومشاعر عشرات الملايين من الشباب والأطفال الذين ولدوا خلال ذلك السياق الجديد بما يجعلهم مرشحين ليكونوا أتباعاً مخلصين لتلك المدرسة. إلا أن الرياح أتت بما لا يشتهيه أصحاب تلك المدرسة، حيث هبت المظاهرات والاحتجاجات في مصر آخذة مسار التاريخ الطبيعي والواقعي الذي يؤكد يوماً بعد آخر أن مصر جزء لا يمكن فصمه من إطاره العربي وأن الصراع مع الدولة العبرية لم يكن يوماً سوى صراع عربي شامل وواحد.

للإشتراك في النشرة
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من الاقتصادية