كثيراً ما نقرأ عن إنجاز طبي يتمثل في اكتشاف علاج أو ابتكار جهاز يؤدي إلى التخفيف من معاناة المرضى، أو يُغني عن جراحات خطرة، فيبعث هذا الخبر الأمل في نفوس كثيرين من المرضى، ثم فجأة ينتهي الحديث عنه، بعد أن تُنشر عنه عديد من الأخبار والتحقيقات الصحافية، فلا نرى له أثراً على أرض الواقع من خلال تطبيقه في أي منشأة طبية.
وهذا ما يجعل الإنسان يتوقع أن الهدف من الإنجاز ليس خدمة الإنسانية وإنما تحقيق شهرة عبر وسائل الإعلام، كما يشكك ذلك في بعض الإنجازات الطبية التي يُنشر عنها في الصحف، ويوحي أنها ضخمت أو صورت بشكل غير واقعي لهدف إعلامي بحت، في حين أن كثيراً من الإنجازات العلمية (الحقيقية) تنتهي بمجرد الإعلان عنها ونيل صاحبها شهادته العلمية إذا كان الإنجاز جزءا من بحث علمي، بعد ألا يجد صاحب الإنجاز من يتابعه أو يتبنى إنجازه.
قبل فترة نشرت عديد من الصحف المحلية تصريحاً للدكتور عبد العزيز القناص رئيس وحدة جراحة القدم والكاحل في مدينة الملك عبد العزيز الطبية للحرس الوطني في الرياض ورئيس البرنامج السعودي – الأمريكي التدريبي للقدم السكرية قال فيه إن حالات بتر القدم بسبب مضاعفات مرض السكري زادت بنسبة 90 حالة شهرياً في مستشفيات مدينة الرياض، وإن 40 في المائة من حالات جروح القدم السكرية تنتهي بالبتر.
تذكرت وأنا أقرأ هذا التصريح ما سبق أن نشرته بعض الصحف المحلية وأبرزته بشكل كبير قبل عامين عن إنجاز طبي حققته طبيبة سعودية حول حماية الأطراف من البتر في علاج التهاب العظام المزمن في حالات مرضى السكر.
وجاء في الخبر أن الباحثة نورة أحمد محمد رشاد طالبة سعودية قدمت دراسة لنيل درجة الماجستير من كلية الطب جامعة القاهرة حول حماية الأطراف من البتر في علاج التهاب العظام المزمن في حالات مرضى السكر، وأنها توصلت إلى إنجاز علمي لفت انتباه كثير من الجراحين الكبار.
وجاء في الخبر أن الباحثة أجرت تجارب توصلت فيها إلى فكرة البتر الافتراضي والذي يحافظ على الشكل الخارجي للإصبع بعد بتر عظمة الإصبع، بحيث يكون مقبول الشكل والوظيفة ولا يحتاج المريض إلى جهاز تعويضي أو حذاء خاص بعد البتر.
وأشار الخبر إلى أن البتر الافتراضي يعد أفضل من البتر التقليدي من الأوجه كافة مع القضاء الكامل على كل أشكال الالتهاب في القدم (جريدة الرياض 6 مارس 2007 م).
وعلى الرغم مما أشار إليه الخبر من أن الطبيبة لقيت اهتماماً كبيراً من الأوساط الطبية، إلا أننا لم نسمع شيئا عن تطبيق هذا الإنجاز على أرض الواقع.
ومثل هذا إنجازاتٌ كثيرة يُنشر عنها في الصحف ويتفاعل معها الناس ثم تنسى، ولهذا أتمنى أن تكون هناك جهة تتابع ما ينشر في الصحف عن مثل هذه الأمور وتوضح للناس حقيقة الأمر، وتحيل ما هو حقيقي من هذه الإنجازات إلى جهات ترعاه ليستفيد منه المجتمع.
