يفتك بنا!

إضافة إلى أضراره الصحية المحتملة على الدماغ، التي عجز الطب حتى الآن عن تأكيدها أو توثيقها بسبب – كما يبدو لي – ضغط شركات التصنيع العملاقة، فإن الهاتف المحمول بدأ يفتك بنا من زاوية أخرى هي استخدام هذا الاختراع العجيب أثناء قيادة السيارة.
في شوارعنا قلما تجد من لا يتحدث بالهاتف الجوال، بل إننا تجاوزنا ذلك إلى استقبال الرسائل وقراءتها وإعادة كتابة الردود بيد واحدة والمقود باليد الأخرى. هكذا للأسف نتعامل مع التقنية التي يفترض أن تساعدنا على حياة أفضل لكننا –بممارساتنا الغريبة – نحولها إلى أحد مصادر الخطر حتى أصبحت أهم سبب للحوادث المرورية.
وليس غريبا علينا مثل هذه الممارسات، فنحن من الشعوب القليلة التي تتحدث بالهاتف الجوال في كل الأحوال، ويمكن ملاحظة ذلك بسهولة، في حين أن المتأمل في شعوب الأرض الأخرى يلحظ قلة استخدام الهاتف في الطرق أو الأماكن العامة لأنه يعتبر في نظرهم لقضاء الاحتياجات الضرورية والطارئة.
هذا الأسبوع أردت عبور شارع صغير في شرق الرياض، واضطررت للوقوف نحو خمس دقائق مرت خلالها أكثر من 100 سيارة لا أبالغ إن أقول أن جميع قائدي السيارات الذين مروا من أمامي أو أغلبهم كانوا يتحدثون بالهاتف الجوال أو "يحملقون فيه"، ونحو عشر سيارات لم يلحظوا وقوفي ووقوف مشاة آخرين ولولا أني كنت شديد الانتباه لتعرضت للدهس دون أن يعلم عني الداهس. بعد هذا المشهد كنت أحدث نفسي وأتعهد أمامها بأن أقاطع التحدث بالهاتف الجوال أثناء قيادتي للسيارة، وفور ركوبي وبينما كانت السيارة في وضع الرجوع "رن" هاتفي فاختطفته وتحدثت ناسيا الوعد و"العهد النفسي" وهو ماذكرني بقولنا: "أبو طبيع ما يخلي طبيعه".
أقول هذا الحديث اليوم بينما بدأت هذا الأسبوع فعاليات أسبوع المرور الخليجي تحت عنوان "لا تتصل حتى تصل" ورغم أن تاريخ أسابيع المرور معنا غير مشجع، مثلها مثل أسابيع الشجرة والنظافة وغيرها، فإن الأمل يحدونا أن يبدأ التغيير اعتبارا من هذا الأسبوع في تطبيق النظام الخاص بالتحدث بالهاتف أثناء القيادة من قبل رجال المرور بصرامة بشكل يخلق التزاما جديدا في الشوارع، ومعه لابد من الوعي بخطورة هذه الممارسة من قبل السائقين، فلا يمكن أن يظهر لكل رجال المرور في كل مكان. أخيرا أرجو ألا يسألني أحد إن كنت قد كتبت هذا المقال في السيارة فربما تكون الإجابة فاجعة .. إلى لقاء!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي