Author

الميزات الاقتصادية للتجارة الإلكترونية

|
تناولت في المقال السابق آثار التجارة الإلكترونية في الاقتصاد الكلي للدولة، وإلى جانب تلك الآثار، يترتب على ازدهار التجارة الإلكترونية نوع آخر من الآثار يتعلق بقطاع الأعمال المتمثل في الشركات والمؤسسات التجارية والصناعية؛ وقد ظهرت شركات التجارة ( دوت كم Dot COM)، كمواقع مستقلة متخصصة في التجارة الإلكترونية ليست تابعة لشركات الإنتاج أو شركات البيع تتخصص في عرض تجميع منتجات عدة منتجين ليقوم المستهلك بالتسوق والشراء من خلالها، وتحصل هذه المواقع على نسبة من قيمة المبيعات التي تتم من خلالها (تجارة الأعمال الزبون) Business To Customer أو اختصاراً بى تو سي B2C. ومن خلالها يقوم المنتج أو البائع بعرض السلعة أو الخدمة التي يستطيع إنتاجها وتسويقها، وفقاً للطلب في السوق في الداخل والخارج بناء على دراسات السوق، وقد يتخذ له موقعاً على شبكة الإنترنت، وفي الوقت نفسه يقوم بالترويج لسلعته من خلال وسائل الإعلان المختلفة بطريقة سهلة، وواضحة، ومفهومة للمستهلكين محاولاً إقناعهم بها، وحثهم على شرائها، وقد يستخدم المنتج أو البائع الوسائل الإلكترونية في عملية الإعلان والترويج. وتتمثل الميزات المقترنة بالعرض من خلال مواقع التجارة الإلكترونية، التي تعود على الشركات المنتجة (أو البائعة) في السرعة في تجهيز المتاجر الإلكترونية وانخفاض تكلفة إنشائها بالمقارنة بتجهيز المتاجر التقليدية، الأمر الذي يؤدي إلى تخفيض تكلفة أداء الأعمال، وزيادة نطاق أسواق العرض بما يتعدى حدود المكان والزمان، وبما يؤدي إلى زيادة المنافسة التي من نتائجها ارتفاع جودة المنتجات وتخفيض الأسعار. وعليه يُمكن القول إن هناك العديد من الميزات النسبية التي تحققها التجارة الإلكترونية لقطاع الأعمال، أهمها: ـ توسيع نطاق السوق: حيث تعمل التجارة الإلكترونية على توسيع دائرة السوق المحلية والنفاذ إلى الأسواق العالمية، وخلق أسواق جديدة كان من المتعذر إيجادها في ظل التجارة التقليدية، لأن ممارسة التجارة عبر شبكة الإنترنت تجعل المنتجات من السلع والخدمات متاحة لأكبر عدد ممكن من المستهلكين. وهذا يُتيح حتى للمنشآت الصغيرة والمتوسطة الحضور في الأسواق المحلية والدولية، الأمر الذي يمنح فرصة أكبر للمستهلك للاختيار من بين المنتجات المعروضة, ومن ثم يُعد الدخول اليسير والفعال إلى الأسواق المحلية والدولية لمؤسسات قطاع الأعمال إحدى الميزات المباشرة للتجارة الإلكترونية التي تتم عبر الإنترنت. ولذا فإنه بإمكان أي فرد أن يُصبح تاجراً على الإنترنت بتكاليف زهيدة جداً. ـ كما تحقق الشركات التي تمارس التجارة الإلكترونية ميزات أخرى من هذه التجارة، منها تقليص أوقات أو فترات التوريد، واختصار أوقات دورات الإنتاج، وتبسيط عمليات وإجراءات الشراء، إضافة إلى إنقاص المخزون، لأن المنتجين والمستهلكين يُصبحون قريبين جداً من بعضهم بعضا من خلال الاتصال المباشر فيما بينهم، دون تدخل الوسطاء التقليديين مثل الموردين والمصدرين وتجار الجملة والتجزئة. ـ تفعيل مفهوم المنافسة الكاملة في السوق: حيث تعمل التجارة الإلكترونية على تقليص المسافات بين المنتجين والمستهلكين؛ ما يُتيح الوجود الإلكتروني القريب بين البائع والمشتري، الأمر الذي يؤدي إلى تحسين مستوى ونوعية المنتج عن طريق خدمات ما قبل وبعد البيع، وتوافر المعلومات عن طبيعة المنتجات وأسعارها ومنتجيها في الأسواق، وكذلك الاستجابة السريعة لطلبات السوق, الأمر الذي يؤدي إلى تحسين درجة التنافسية في الأسواق الإلكترونية؛ كما أن انخفاض تكاليف العمليات التجارية وانخفاض عوائق الدخول في الأسواق من شأنه تقليل بعض الاختلافات في الأسواق التجارية، وتحريك الأنشطة الاقتصادية والوصول بها إلى أن تكون اقتصاداً يعتمد على المنافسة الكاملة. ـ انخفاض تكاليف العمليات التجارية: تمثل تكاليف الصفقات التجارية المتمثلة في جمع المعلومات والتفاوض وأتعاب السمسرة وعمولات المبيعات والإجراءات الإدارية وغيرها جزءا مهما في سعر المنتج. وتلعب التجارة الإلكترونية دوراً بارزاً في تخفيض هذه التكاليف من خلال تحسين وتدفق المعلومات وزيادة تنسيق الأعمال، وكذلك انخفاض تكاليف البحث عن المعلومات المتعلقة بالمشترين المحتملين والبائعين في السوق. ـ تُمكن التجارة الإلكترونية شركات ومؤسسات الأعمال من تنسيق استراتيجياتها ومواردها ومهاراتها بتكوين علاقات طويلة المدى، ولا سيما تلك المؤسسات أو الشركات التكنولوجية كثيفة المعلومات، وذلك من خلال الشبكات الإلكترونية التي تتيح تقاسم المعلومات. ويرى بعض الباحثين أن صور هذه الشبكات التي تنظم التجارة الإلكترونية ستسود في المستقبل القريب؛ حيث تصبح هي الهيكل التنظيمي لكل التعاملات الاجتماعية بين الناس. ـ تُسهم التجارة الإلكترونية في خفض التكاليف الإدارية لدى مؤسسات الأعمال في توزيع وحفظ واسترجاع المعلومات الورقية، وقد يصل خفض التكاليف الإدارية لعمليات الشراء إلى 85 في المائة، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى انخفاض أسعار المنتجات. ـ حُسن إدارة المخزون السلعي: إذ تُسهم التجارة الإلكترونية في خفض المخزون عن طريق استعمال عملية السحب في نظام إدارة سلسلة التوريد، حيث تبدأ العملية بالحصول على الطلب التجاري من المشتري وتزويده بطلبه من خلال التصنيع الوقتي المناسب، وهذا من شأنه العمل على تقليص الدورة التجارية بدرجة كبيرة؛ حيث يتم شحن المنتج مباشرة من المصنع إلى المشتري النهائي. ويظهر ذلك بشكل كبير في المنتجات الرقمية، أي السلع والخدمات التي يتم تسليمها إلكترونيا. وبذلك تُصبح التجارة الإلكترونية أداة مهمة في إدارة المخزون وانخفاض تكاليف التخزين، وهذا له آثار اقتصادية على المستوى الكلي إذا علمنا أن 10 في المائة من التقلب ربع السنوي في معدلات نمو الإنتاج تعود نتيجة للتقلب في الاستثمار في المخزون. فإذا كانت التجارة الإلكترونية تعمل على تخفيض المخزون إلى حده الأدنى، فإنه من المتوقع أن يكون أحد آثار التجارة الإلكترونية هو تخفيف آثار الدورة التجارية الناجمة عن التغير في المخزون. ومع تطور تقنية المعلومات والاتصالات وتدفق المعلومات بشكل أفضل فإنه من المتوقع أن ينخفض أثر المخزون على الدورة التجارية إلى حده الأدنى بل ربما ينعدم. ونرى أنه على الرغم من هذه الميزات وغيرها التي تحققها التجارة الإلكترونية لقطاع الأعمال إلا أن مساهمة هذا القطاع في التجارة الإلكترونية ما زالت دون الحد المأمول، وهذا يعود إلى أن هناك بعض السلبيات التي تنعكس عليه من جراء التجارة الإلكترونية، كما أن التجارة الإلكترونية تتطلب بنية تحتية إلكترونية وتجهيزات لا تستطيع دول كثيرة وخاصة الدول النامية أن توفرها.
إنشرها