أهل الدعم!!
من يراجع سجلات الدعم الحكومي المباشر خلال السنتين الماضيتين لبعض السلع يصاب بالدوار من ضخامة هذه المبالغ. ولاشك أن الدعم يأتي وفق سياسة واضحة للحفاظ على الأسعار بالدرجة الأولى بحيث تدعم السلع الأساسية التي تمس معيشة الناس، وكان لهذه السياسة دور كبير في تخفيف حدة تأثير التضخم الذي اشتعل منذ عام 2006 على طبقات المجتمع الوسطى والفقيرة.
لو أخذنا قيمة وتأثير دعم الشعير لاكتشفنا العجب. فالحكومة تصرف أو هي صرفت بالفعل أكثر من 12 مليار ريال على هذه السلعة خلال عام لضبط أسعارها التي كان يمكن أن تبلغ 70 ريالا وفقا لأسعار الأسواق العالمية لكن الدعم الحكومي وضعها في خانة العشرين أو تقاربها. هذا التدخل العاجل والمتزامن – حيث كان الدعم يتحرك وفقا للأسواق - كان له تأثير فاعل في استقرار فاتورة اللحوم التي تشكل جزءاً كبيراً من مصروفات الأسر السعودية وفقا لموروثها "المأكولاتي" العجيب وبالتالي فإن الأثر دخل كل مطبخ سعودي تقريبا.
لكن المتبصر في سوق الماشية لابد أن يلحظ أن أصحاب الفضل في توفر السلعة في الأسواق ونقصد بهم هنا "البادية" أو المربين الأصليين كان ينولهم الدعم نفسه الذي يناله صاحب مشروع لتسمين الأغنام لديه آلاف من رؤوس الماشية.
هل من العدل أن يكون نصيب مربي ماشية يعيش في الصحراء لتربية الأغنام التي ستؤول بالتالي إلى السوق فقط من خلال دعم العلف رغم تأكيدنا على أهمية ذلك الدعم؟ ألا يمكن أن يميز صاحب المائة رأس والمائتين رأس بدعم متنوع وفاعل. ألا يمكن اقتطاع جزء من هذا الدعم الضخم في برنامج علمي مدروس لتشجيع هؤلاء على البقاء في أماكنهم وإمداد الأسواق بحاجتها من اللحوم.
أقول ذلك اليوم لعدة اعتبارات من بينها أن دراسة على ما أذكر للشركة العربية للثروة الحيوانية أثبتت فشل دعم مشايع تسمين الأغنام مقابل تفضيل الدعم المباشر للمربين البادية. أما الاعتبار الثاني فهو فشل خطط الاستغناء عن استيراد الماشية الحية لدواع كثيرة ليس هنا مجال ذكرها، والثالث أن مربي الماشية عاشوا أياما عصيبة العام الماضي وخاصة في وقت ارتفاع أسعار الشعير قبل تدخل الحكومة حيث يضطر بعضهم إلى التخلص من ماشيته بعد أن يعجز عن توفير العلف، وهذا الأمر تكرر أكثر من مرة لولا رفع قيمة الدعم بشكل متوال.
كيف يكون شكل الدعم؟ وعلى ماذا يستند؟ وهل نفكر في مثل هؤلاء؟ .. هذا ما ننتظر الإجابة عنه من قبل المعنيين.