من يثير الغبار؟

ثمة سلبيات وإيجابيات، ففي بعضنا انغلاق ورفض للآخر وفي بعضنا الآخر انفتاح وبساطة وقبول .. فينا من يرى أن لا حقيقة إلا ما لدينا، وأن ليس للآخرين إلا البدع والزيادات، بل أحياناً الكذب. وفينا من يرى أن الخير في الجميع حتى يثبتوا عكس ذلك.
في رأيي أن المقارنة أعلاه موجعة ومقلقة، ولا سيما أنها تتحدث عن مجتمعنا هنا وهي حقيقة تصور ما يحدث كثيراً بين شابين أو فتاتين وحتى كهل وشاب أو شابة وكهل .. ومنهم من يستفز، يقلق، بل يثير العصبية والنعرات الطائفية، ويومئ بالازدراء والاحتقار .. علينا أن نعترف ونقر بأن بلدنا ليس بلد التوجه الطائفي الواحد، فأطياف السنة تعيش في جنباته، لذا كان قراراً جريئاً وعالي القيمة ذلك الذي أصدره خادم الحرمين بشمول هيئة الإفتاء لكل أطياف السنة.
أعود لأقول إنه في سياق الرفض العظيم لكل ما يخل بوحدة هذا البلد، طرح العديد من الزملاء من كتاب ومثقفين الإيجابيات التي سيحدثها قرار مثل هذا القرار، وكيف أنه سينتزع بعضاً من عنصرية طائفية بغيضة، وعليه فلست بصدد التوسع نظير أن من هم أفضل مني قد أجزلوا الشرح والبيان.
لكن حري بي القول إن موجبات التلاحم والتلاقي التي تنطلق من حوار بناء ينضوي على أهداف عالية القيمة في عصرنا المتغير الجاري ، قد أصبحت أشد إلحاحاً من أي وقت سبق، فنحن لسنا بصدد محاورة بعضنا كشعب واحد ننتمي لدين واحد ووطن واحد، بل معنيون بالوقوف أمام المد المتسارع المتنامي الثقافي والفكري والمادي القادم من الخارج، لنكون أكثر قوة أمامه لنواجهه بقدر الفائدة التي سنلقاها منه، ولا سيما أننا بتنا بلداً عصرياً قادرا على نشر الفكر والعلم والمساهمة فيه، وليس .. بلدا منغلقاً على نفسه، ويحسب أن ما لدى الآخرين ضار ووجبت مجابهته!
كان اتحادنا وتلاقينا أساساً وجب أن يسبق الالتقاء مع الآخر في الخارج، التقاء داخلي يرسخ الوحدة والتعددية الثقافية، يرفض الانفراد بالرأي وكل أشكال التمييز الطائفي والعرقي .. تلاق يؤسس لمجتمع أفضل وتنمية بشرية تسير بخطوات متسارعة للأمام ، تلاق يمنع احتقار الآخر ويحاسب من يفعله، مؤسس لعمل جماعي وفكر متفتح.
وثمة كلمات تبقت وهي خاصة بالمرجفين الذين يخشون أن عقدنا انفرط، ونقول لهم إن العقد ينفرط حين يظهر المتعصبون الرافضون للآخر، المحرضون الكارهون، لكن بالتلاقي على كلمة سواء أساسها المحبة والانصهار الوطني .. لن يحدث ذلك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي