عبد العزيز الخويطر
يحلُ الدكتور الأديب عبد العزيز الخويطر ضيفاً على المهرجان الوطني للتراث والثقافة، إذ سيتم تكريمه والاحتفاء به وتناول إنتاجه الأدبي والثقافي من قِبل عدد من المشاركين والمتداخلين، وسيتم منحه وسام الملك عبد العزيز من قبل ملك المهرجان وراعيه الأول خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله.
يُعد الدكتور الأديب عبد العزيز الخويطر أحد أهم الأعلام والرموز الثقافية والإدارية الفاعلة في المجتمع طيلة العقود الخمسة الماضية. وما زال، وهو يخطو نحو الـ 90، يزداد تألقاً وإبداعاً، متعه الله بالصحة والعافية.
ولد الخويطر في عنيزة عام 1344هـ، وانتقل إلى مكة المكرمة، ودرس في المعهد السعودي، ثم غادر إلى القاهرة عام 1364هـ، ونال فيها البكالوريوس عام 1371هـ، ثم غادرها إلى لندن لمواصلة دراساته العالية في التاريخ، ليعود إلى بلاده عام 1380هـ، حاملاً شهادة الدكتوراة من جامعة لندن، ليكون في طليعة السعوديين الحاصلين على شهادة الدكتوراة الأكاديمية، إن لم يكن الأول بينهم!
من عام 1380هـ، وإلى اليوم لايزال العطاءُ في مجال الإدارة والوزارة مستمراً ومنهمراً، إذ بدأ المشوار من خلال العمل الأكاديمي في الجامعة، ثم إدارة مهامها، لينتقل منها إلى رئاسة ديوان المراقبة العامة ثم وزارة الصحة ثم وزارة المعارف، التي أمضى فيها سنوات عدة، حتى ارتبط اسمه باسمها، ووضع في مسيرتها بصمةً مميزةً لن يمحوها الزمن! واليوم يقوم الشيخ الحكيم والرجل الأمين بمهام "وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء" حيثُ الرأي والمشورة والمهمات الخاصة، التي لا يقوم بها إلا رجل دولة، وقور ومحنك وحكيم ومؤتمن.
ليست هذه المقالة لإبراز وإظهار المهام الإدارية والوزارية التي نهض بها الخويطر، فلذلك مكانه في الكتب التوثيقية، وليس في مقالةٍ عابرة، لكني أردتُ القول إنه رغم المشاغل الأكاديمية والإدارية والوزارية، إلا أن الخويطر لم يغب أو يتوارى عن المشهد الثقافي والأدبي، فقد ظل أديباً مرموقاً وكاتباً مهماً، حاضراً ومتفاعلاً. ومنذ كتابه الأول "تاريخ ابن منقور" توالت الإصدارات وتتابعت حتى وصلت إلى مجموعته "وسم على أديم الزمن" التي تُعد بحق وثيقةً وطنيةً مهمة، تناول فيها حياته ونشأته ومسيرته ودراساته في عنيزة ومكة المكرمة ثم القاهرة وبريطانيا ثم العودة إلى السعودية والانخراط في المعترك الوظيفي، ولا يزال – زاده الله عطاءً- يواصل إصدار مذكراته وذكرياته، ويكتب مقالاته الصحافية. وقد قلتُ ذات يوم للأخ الفاضل الدكتور عبد الرحمن الشبيلي: إنكما- أي الخويطر والشبيلي- بتوالي إصداراتكما ومؤلفاتكما، وبترتيبكما للوقت وتنظيمه، تحرجان الأجيال من بعدكما! لكن هذا الحرج من عطاءات وإبداعات الشيوخ يجب أن يكون حافزاً ومحفزاً للشباب ليقتفوا الأثر ويتبعوا المسير!
إن تكريم الخويطر، هو تكريم للعلم والأدب ولحملة الأقلام، وقد تأخر تكريمه كثيراً، ولعل هذا التكريم يفتح الباب لمزيد من حفلات التكريم والاحتفاء بهذا الرجل، من عدة جهات ومؤسسات، تقف على رأسها وزارة التربية والتعليم، التي بات واجباً عليها اليوم تكريم هذا الوزير، في حفل يُعد على مستوى الوطن.
عُرف عن الخويطر من قبل زملائه وأصدقائه، وعبر رحلته الطويلة، التواضع والوفاء والعطاء، ومحبته لما أُصطلح على تسميته "المقالب"! وفي مذكراته وذواكر أصدقائه الكثير مما يروى، فيُضحِك! أما عن وفائه وتواضعه ونبله، فأكتفي بما حدث مع كاتب هذه السطور، إذ تلقيتُ ذات يوم مكالمة هاتفية، عرّف المتصل فيها نفسه قائلاً: معك عبد العزيز الخويطر! ورغم معرفتي بتواضعه وبساطته وتواصله مع الصحافيين إلا أن الدهشة تملّكتني، وبعد أن رحبتُ به، أبان لي أنه سمع من مدير جامعة الملك سعود أني أعكفُ على كتابة سيرة الشيخ ناصر المنقور. فقلتُ له: نعم. فبارك الخطوة وشجّع، كعادته، وأفادني بأن ناصر وبحكم الزمالة والصداقة التي ربطت بينهما، فإن لديه الكثير مما يقوله، ولديه الكثير مما قيّده عن فترة الدراسة في مكة والقاهرة وما تلاها من مواقف وأحداث ورسائلَ وصور جمعت بينهما!
شكرتُ له تواضع الكبار ووفاءه تجاه صديقه الراحل، وأفدته بأنه لا يمكن أن تكتب سيرة المنقور دون الوقوف مع ذاكرته العجيبة، والاطلاع على أرشيفه الشخصي! وقد كان، فقد التقيتُ معاليه في منزله، وأفادني كثيراً، وتواعدنا على أن نلتقي مرات لأجل كتابة سيرة الرجل الوقور ناصر المنقور!