من ساواك بنفسه فقد عدل

من طبيعة النفس البشرية أن تنحاز إلى ما لها به علاقة قرابة أو مصلحة، فتجعله هو المميز على ما سواه في أي أمر من الأمور، ولهذا فمن النادر أن يكون التحيز إلى البعيد على حساب القريب أو على حساب النفس.
في وسائل إعلامنا أصبح هناك قانون غير مكتوب، وإنما نابع من نظرة لا تتوافق مع العدل، وفيها تحميل النفس أوزار قوم آخرين، دون إدراك خطورة هذا الأمر، ودون توقع نتيجته على المتلقي.
في إعلامنا خاصة الإعلام المكتوب نجد أن هناك عُرفاً طغى، وأصبح قاعدة تسير عليها معظم الصحف، فحينما يرتكب مواطن جريمة أو مخالفة غالباً ما تذكر جنسيته فيقال مواطن أو سعودي، في حين يتحرج البعض من ذكر جنسيات أخرى تقوم بمثل هذه الجرائم، ويُكتفى بالقول : مقيم عربي أو آسيوي أو وافد أو من جنسية عربية أو من جنسية آسيوية فيضيع جرمه بين الدول والجنسيات المختلفة.
والأخطر فداحة حين يرتكب مواطن جريمة مع مجموعة من الجنسيات الأخرى، فيُذكر ما يدل على جنسية المواطن، أما من شاركه في جرمه فتُجعل جنسيته غير معروفة، فلا يرسخ في ذهن من يقرأ الخبر سوى جنسية المواطن، وتضيع الجنسيات الأخرى تحت عبارة وافد أو مقيم عربي أو آسيوي.
فأي ظُلم نرتكبه بحق أنفسنا وسمعتنا حينما نقوم بهذا الأمر ونحن نعتقد أننا نحافظ على سمعة الجنسيات الأخرى أو نتجنب ما يجرح شعورهم.
ومن الغريب أننا ونحن نفعل هذا الأمر لا نجد من الآخرين إلا إبراز كل قضية يكون طرفها سعودي أو سعودية، وعلى صدر الصفحات الأولى من الصحف، حتى ولو كان خطأ في قيادة السيارة نتج عنه حادث مروري عادي.
ونحن هنا لا نطلب المبالغة في الحديث عن جرائم الوافدين حتى وإن كان بعضها يحتاج إلى طرح مكثف لكشف بشاعتها والتحذير منها، إلا أن من العدل أن يساوي الإنسان نفسه بغيره لا أن تبلغ المثالية حد تجريم النفس وتبرئة الآخرين.
ولهذا أتمنى لو كان هناك نظامٌ صارمٌ تُطبقه جميعُ الصحف، ومن قبلها جميع الجهات التي تصدر عنها بيانات أو تصريحات حول ما يقع من حوادث أو جرائم، بأن تُذكر الجنسيات مهما كانت، وألا نكتفي بذكر جنسية من يرتكب جريمة من المواطنين، ونُغفل جنسيات الآخرين، وقديماً قيل: من ساواك بنفسه فقد عدل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي