النجم مصنوعاً .. !!

بتمعن بسيط فيما تقدمه وسائل الإعلام على اختلافها يمكننا أن نحصي المئات من النجوم والأبطال يقدمهم الإعلام إلى المجتمع بشكل مستمر، فمسؤول في وزارة ما، أو رئيس لقطاع معين، أو مدير لشركة أو جهة حكومية، أو لاعب أو فنان أو أديب، نرى إطلالته لا تغيب عن وسائل الإعلام المختلفة، وهنا ينتقل الإعلام من نقل المعلومة إلى تكريس الشخصية، وإحداث زخم إعلامي يلحظه الجميع بسهولة.
ولعل سطوة الإعلام وتأثيره في المتعرضين له، وشعور البعض بأن ما يقدمه الإعلام هو الصحيح على الإطلاق، ساعدت على صناعة هؤلاء الأبطال والنجوم وقدمتهم إلى المجتمع بثوب التميز وراية الأفضل وهم ليسوا كذلك، الأمر الذي يسميه المتخصصون في الإعلام بالتشويش الدلالي، حيث تتعمد الوسيلة الإعلامية تقديم شخصية أو معلومة معينة بطريقة لا تعكس حقيقة هذه المعلومة أو الشخصية.
إن قدرة الإعلام على صناعة النجوم والأبطال تأتي من قوة صوت الإعلام وحجم التأثير الذي يحدثه في أكبر عدد من الجماهير وخصوصا الإعلام المتمثل في( الصحيفة – الإذاعة – التلفاز) باعتبارها وسائل اتصال جماهيرية، يتعرض لها مئات الملايين من البشر بشكل لحظي. ولعل حجم التعرض لهذه الوسائل يعكس قدرتها على عبور الحواجز كافة والوصول بشخصية ما إلى كل بيت، مما يدعو إلى إعادة النظر في ما تقدمه وسائل الإعلام وأهمية اختبارنا لما تقدمه لنا عبر التفكير وعدم التسليم بكل ما يقدم لنا حتى لو كان من وسائل إعلامية أو ممثلي وسائل إعلام نثق بهم أو نشعر بتميزهم.
إن التوقف قليلا عند ما تقدمه وسائل الإعلام حول بعض الرياضيين يمنحنا تصورا أن هذه الوسائل تتجه نحو صناعة نجم رياضي عبر تكريس حضوره الإعلامي باللقاءات والأخبار والتقارير ومتابعة الصفقات الرياضية التي يكون طرفا فيها والإعلانات التجارية التي يقوم بتقديمها، ليس ذلك فقط بل أيضا بإطلاق لقب عليه، الأمر الذي يسهل بعد ذلك التعامل مع هذه الشخصية من خلال هذا اللقب، الذي يكون في الغالب صفة مديح أو دلالة خارقة لهذا الرياضي. والأمر ذاته بالنسبة للمسؤولين في مختلف القطاعات والجهات، فحضورهم الإعلامي أحيانا يكون مدبرا ومفتعلا ومقصودا لتكريس شخصياتهم الاعتبارية، وتقديمهم كنجوم وأبطال إعلاميين على (هلام) من الإنجازات غير الحقيقية.

كم هي المرات التي شاهدنا فيها ضيفا في برنامج حواري لم يقدم أي جديد، وقدمه لنا الإعلام على أنه المتخصص ذو الخبرة العريقة في مجال ما. وكم هي المرات التي قرأنا فيها لقاء مع أديب أو أديبة واكتشفنا السطحية التي يعيشونها والتي تظهر من خلال أحرف إجاباتهم. وكم هي المرات التي استمعنا فيها إلى نجم صنعه الإعلام واكتشفنا بشكل مؤلم أنه لا يستطيع أن يقول جملة واحدة مفيدة وأن أقل ما يمكن وصفه به هو (الخواء)!!

دعوكم من كل ذلك وحاولوا التعرض للقنوات الفضائية ورؤية النجوم والأبطال السياسيين الذين يحاول الإعلام صنعهم وإقناعنا بأنهم كذلك، وحينها سنكتشف أي مأزق حقيقي يقع فيه الإعلام بتضليل الشعوب وخديعة العالم أجمع. إنها الخديعة الكبرى، التي لا تنساها الشعوب ولا يغفرها أحد للسيد (الإعلام).

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي