السكن في مراكز الرياض الفرعية

بمناسبة إطلاق الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض خطتها التسويقية للفرص الاستثمارية المتعلقة بالمراكز الفرعية في مدينة الرياض، سوف أخصص مقال اليوم من زاوية (حلول إسكانية) لمناقشة فكرة المراكز الفرعية، وأسباب نشوئها، وتعريف بمكوناتها، وطبيعة المناطق السكنية فيها وخصائصها.
منذ بداية الستينيات الهجرية ومدينة الرياض تشهد نمواً سريعاً ومستمراً، وقد اتصف نموها بالانتشار الأفقي الواسع حول مركز واحد، وهو ما أنتج ضغطاً كبيراً على محاور النقل وشرايينه الرئيسية، وبمعدلات متزايدة من الرحلات المرورية اليومية. ويتوقع أن يستمر نمو مدينة الرياض ليصل عدد سكانها إلى أكثر من سبعة ملايين نسمة خلال الـ 15 عاماً المقبل؛ لذا تبنت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض فكرة المراكز الفرعية ضمن المخطط الهيكلي للمدينة، وذلك بهدف توجيه الإدارة الحضرية نحو (اللامركزية)، وتوزيع مختلف الأنشطة (الاقتصادية، والخدمية، والإدارية) على المناطق السكنية الجديدة، ومن أهم الاستراتيجيات الإيجابية التي تبنتها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض لضمان حيوية المراكز الفرعية، وحمايتها من أن تصبح مناطق غير آمنة؛ هو تزويدها بالوظيفة السكنية لتلافي جعلها مناطق مهجورة أو ميتة خارج أوقات العمل. وقد خصص قرابة ربع المساحة في كل مركز من المراكز الفرعية للاستعمال السكني ذي الكثافات المتوسطة والمرتفعة. تخذتها الهيئةلخدمية والإدارية والسكنية) على المناطق السكنية الجديدةالعليا لتطوير مدينة الرياض غلى
والمراكز الفرعية تجربة عالمية طبقت في كثير من المدن الكبرى حول العالم، وقد نجح تطبيق الفكرة - على سبيل المثال - في مدينة باريس بفرنسا، وفي مدينة شنغهاي في الصين، وفي مدينة طوكيو في اليابان، وغيرها. وتبلغ مساحة المركز الفرعي قرابة كيلومترين مربعين، وتخدم ما يصل إلى مليون نسمة. وتعد المراكز الفرعية مناطق عمرانية ذات استعمالات مختلطة، وتحوي أنشطة وخدمات متنوعة، وتوفر بيئة عيش سكنية قريبة من مراكز الأعمال التجارية والترفيه والإدارية والخدمية، كما أنها ستربط بوسائل النقل العام والطرق السريعة لسهولة التنقل منها وإليها، وهي بلا شك تعد من مناطق توافر الفرص الوظيفية.
ويتوقع أن تحوي المراكز الفرعية مناطق سكنية متفردة بعدد من المزايا عن بقية المناطق السكنية في المدينة وذلك لأنها مناطق تطوير خاصة يمثل كُلٌّ منها مركز مدينة متكامل الخدمات؛ خصوصاً أن القطاع الخاص سيشارك في تطويرها والاستثمار فيها. ومن المؤكد أن السكن في منطقة عمرانية فيها كامل الخدمات التعليمية والصحية والإدارية، ومجهزة بشبكات متكاملة من مرافق البنية التحتية، ومنسقة بعناية بعناصر التصميم الحضري للمناطق الخضراء والمفتوحة والميادين والشوارع والأرصفة ومواقف السيارات، ومزودة كذلك بالمناطق الترفيهية، وقريبة من فرص العمل، والأنشطة التجارية المتنوعة، مع توافر بدائل النقل العام وقربها وسهولة استخدامها للتنقل؛ كل ذلك سيجعل السكن جاذباً لكثير من السكان، وبالذات من فئة الشباب؛ خصوصاً إذا ما وفرت المساكن بأحجام ومساحات متنوعة، وطبقاً لبدائل معمارية وعمرانية مستحدثة تراعي متطلبات الأسر المتكونة حديثاً ورغباتها، مع العناية بعملية المزاوجة بين المتطلبات المعيشية للحياة العصرية للأسر الشابة والقيم والثوابت الاجتماعية لهم.

المزيد من الرأي