الاقتصادية - الموقع الرسمي لأخبار الاقتصاد والأسواق | الاقتصادية

السبت, 20 ديسمبر 2025 | 29 جُمَادَى الثَّانِيَة 1447
Logo
شركة الاتحاد التعاوني للتأمين8.27
(-0.84%) -0.07
مجموعة تداول السعودية القابضة151.8
(-1.56%) -2.40
الشركة التعاونية للتأمين115
(-1.71%) -2.00
شركة الخدمات التجارية العربية120.3
(-0.66%) -0.80
شركة دراية المالية5.41
(2.08%) 0.11
شركة اليمامة للحديد والصلب31.3
(-1.26%) -0.40
البنك العربي الوطني21.18
(-0.24%) -0.05
شركة موبي الصناعية11.2
(0.00%) 0.00
شركة البنى التحتية المستدامة القابضة30.4
(-1.23%) -0.38
شركة إتحاد مصانع الأسلاك19.84
(-0.55%) -0.11
بنك البلاد24.77
(-0.72%) -0.18
شركة أملاك العالمية للتمويل11.33
(0.18%) 0.02
شركة المنجم للأغذية53.85
(0.19%) 0.10
صندوق البلاد للأسهم الصينية11.58
(0.87%) 0.10
الشركة السعودية للصناعات الأساسية52.75
(0.67%) 0.35
شركة سابك للمغذيات الزراعية112.7
(1.62%) 1.80
شركة الحمادي القابضة27.58
(-2.75%) -0.78
شركة الوطنية للتأمين12.98
(-0.61%) -0.08
أرامكو السعودية23.65
(0.21%) 0.05
شركة الأميانت العربية السعودية16.37
(-0.12%) -0.02
البنك الأهلي السعودي37
(1.09%) 0.40
شركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات28.16
(-0.78%) -0.22

فيما نلقيه من خطب ومحاضرات وما نعقده من ندوات أو ما ننشره من مقالات تكاد تجزم أننا أخذنا على أنفسنا عهدا وموثقا بألا نفرط بالابتعاد قيد أنملة عن استخدام كلمات أو عبارات أو جمل أو صياغات بعينها وكأنها قدر محتوم لا نملك له دفعا ولا ردا.

نذهب لحضور حفل لمناسبة ما، ولنقل حفل مدرسي، وليس مهما أن كان للمرحلة الابتدائية أو حتى الجامعية، فإذا سعادة المسؤول أو أحد معلميها، (وقد يكون معلم مادة التعبير بالذات) يثابر في كلمته التي يلقيها على التشبث بتلك الكلمات المكرورة المعلوكة المدعوكة والأمر نفسه يجابهنا حين تقرأ مقالة إذ تجد الكلمات ذاتها ترزح فوق صدرك، تحشو فمك بالعلقم وعروقك بالحنظل وتذرو في عيونك الغبار والزنجار. فجأة تتصحر اللغة ويخشخش فيها القحط، مع أنها محيط زاخر وغابات طلعها نضيد لكننا لا نختار من عبارات الاستهلال إلا (بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن زملائي) وتصاب البلاغة بالعقم فلا نستولد من صيغ التقدير والمجاملة فيها غير (ولا يسعني في هذه المناسبة سوى)، كما تفلس على أيدينا خواتيم كتابتنا أو قولنا فلا نجد إلا (وأخيرا وليس آخرا)، وبين الاستهلال والمجاملة والختام تتكدس جثت محنطة من كلمات تخثر الدم في مفاصلها وتصلبت شرايينها وعاث الكساح فيها والزهايمر من أمد طويل!!

لعل أكثر العبارات بؤسا وهزالا عبارة (إن دل هذا على شيء فإنما يدل على) فأي هجاء للبلاغة أشد بشاعة من هذا الإسراف في الإصرار على تبجيل الخواء، ذلك أن شرط (الدلالة) هنا منبوذ، مطرود شر طردة منذ البداية فكيف لشيء أن (يدل) وقد حيل بينه وبين الدلالة؟ إنها مجرد فذلكة لغوية رثة متهافتة من قاموس عصر الانحطاط.

أما إذا شئتم أدق كلمة تعبر عن الصفاقة وعدم الاكتراث بل التملق والمداهنة التي لا توحي إلا بما هو عكسها فدونكم (لا يفوتني) التي يسوقها المتحدث أو الكاتب متوهما أنه يستدرك من خلالها ذروة الحرص على الاحترام والإجلال وإزجاء الشكر والتقدير فيما هي تفضح البلادة!!

هناك إلى جانب تلك الأطلال اللغوية، نوع آخر من أخواتها، تزرع في السياق أصابع الديناميت وتقوم بنسفه من الأساس بعد طول المجالدة في إثبات وجهة النظر مثل عبارة (ولكن هذا لا يعني) التي يحشرها البعض وقد خلص لتوه من طرح ما يعتقده موضوعيا ومنطقيا وما هو معبر تماما عن وعيه الخاص المستقل. أليست تلك عبارة شوهاء تتعدى الإطاحة بالمعنى المنجز، إلى التنصل والتبرؤ مما سبق قوله ونفض اليد منه دفعة واحدة بل والاستعاذة من شره وفتح الطريق على كل ما هو عكسه؟!

قريبا منها، أيضاً, قولنا (بغض النظر) التي نزج بها كيفما اتفق سواء كان المقام يتطلب فعلا (غض النظر) أو أنه يتطلب (فتح النظر على مداه) كما هو واقع الحال في الغالب.. لكننا نلصق هذه وتلك تحت علة الارتهان للسائد المألوف واجترار محفوظات (نفعل مثلما فعلوا) و(ما ترك الأول للآخر شيء) و(الدروب ولو طالت) مع أن جدنا المتنبي كان قد وخزنا:

(كم سألنا ونحن أدرى بنجد

أطويل طريقنا أم يطول؟!)

كما وخزنا جدنا عبد الله بن المفقع أيضا فقال: (البلاغة هي السهل الممتنع) ألا أننا فهمنا (نحن أدرى) على أساس أن كل كلماتنا تجليات إعجازية كما فهمنا (السهل الممتنع) على أنه ما تيسر من لغو حتى لو كان من سقط الكلام!!

وما دام الأمر كذلك، وهو، للأسف، كذلك بالفعل، فلا غرابة في أن ينهشنا التناؤب والنعاس ونحن على مقاعدنا في الحفلات والمناسبات وأن تسقط من بين أصابعنا الصحف لأن فضاءنا آنئذٍ يكون قد أشبع بغاز حانوتي خانق مصدره قول قرأناه أو سمعناه لما لا حصر له ولا حد من المرات.. إن اختلفت الأصوات والوجوه فالكلمات ذاتها تمسك بخناقنا ولا ينجينا منها سوى مجازفات فتية ممن امتطوا الرياح وشاكسوها وعبأوا جيوبهم نجوما ثم نثروها لآلئ تخطف الأبصار، تمشي في الأرض مرحا وتنتشي بها الأرواح!!

للإشتراك في النشرة
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من الاقتصادية