ميزانية هذا العام .. قمة لاستشراف المستقبل
وصلت متغيرات المالية العامة في الاقتصاد السعودي هذا العام إلى القمة التي لم تصل إليها في تاريخها، تجسدت في تحقيق الميزانية لفائض بلغ 590 مليار ريال. ويعد هذا الفائض الأعلى إطلاقاً (حتى بعد استبعاد أثر التضخم)، ليصبح الفائض الحقيقي لعام 2008م نحو 503 مليارات ريال متجاوزاً الفوائض القياسية التي تحققت في عامي 2005 و2006م. وبهذا يصبح إجمالي فوائض الميزانية خلال الفترة من 2003م إلى 2008م نحو 1.38 تريليون ريال، بعد استبعاد ما تم تسديده من الدين العام.
#2#
إن الوصول إلى هذه القمة لا يعني فقط البهجة بما تحقق، بل يعني أن الاقتصاد السعودي أصبح في مكان يملك المقومات التي تساعده على استشراف مكاسب المستقبل ومواجهة تحدياته بصورة أوضح. ومن هذه المكاسب والتحديات ما يلي:
أولاً: فوائض السنوات الخمس الماضية صدفة صلبة ضد معطيات الركود الاقتصادي العالمي في ظل الظروف التي يمر بها الاقتصاد العالمي، والتوقعات باستمرار هذه الظروف لثلاث سنوات مقبلة، فإن أرصدة الفوائض التي حققها الاقتصاد السعودي خلال السنوات الخمس الماضية قد تساعده على الصمود أمام هذه التحديات لخمس سنوات على الأقل. فإذا افترضنا أن المملكة حققت عائداً استثمارياً سنوياً على فوائضها بنحو 3 في المائة خلال الفترة من 2003 وحتى 2008، وبعد اقتطاع مخصصات المملكة السنوية لإطفاء الدين العام، وأيضاً بافتراض أن متوسط النفقات السنوية يبلغ نحو 563 مليار ريال سنوياً وأن متوسط الإيرادات السنوية يبلغ نحو 380 مليار ريال سنوياً، وأن المملكة ستخصص سنوياً 10 مليارات ريال لحساب الدين العام، نجد أن الاقتصاد السعودي قادر على الاعتماد على نبع الفوائض المالية حتى عام 2013 في ظل وجود احتمالات الركود الاقتصادي العالمي.
#3#
ثانياً: الإنفاق الاستثماري الحكومي من خلال المشاريع الحكومية يمثل قناة لخلق الوظائف ورفع مساهمة القطاع الخاص، وهذان العاملان قادران على المحافظة على معدلات مقبولة من النمو الاقتصادي مستقبلاً.
ثالثاً: إن التراجع المتوقع للإيرادات النفطية، واستمرار تذبذبها، يجدد الدعوة للتعجيل بتنفيذ ما تبقى من استراتيجية التخصيص، وذلك للتقليل من الأعباء الانفاقية للحكومة، ولخلق مزيد من الوظائف، ناهيك عن مكاسب الكفاءة والمنافسة.