قافلة الفقراء
في اللغة، القافلة: هي الجماعة من الناس في سفر معها دوابها وأمتعتها وزادها، وفي تعريف آخر هي "الرفقة الكثيرة الراجعة من السفر أو المبتدئة فيه، وتكون معها دوابها أو أمتعتها وزادها. وهناك عدة أنواع للقوافل ففيها التجارية "رحلتا الشتاء والصيف"، وقافلة الحجاج، وجمعها قوافل.
وإذا ما وضعنا بالاعتبار عوامل التقدم والتطور فيمكن إسقاط مثل هذه المصطلحات على وسائل حديثة، كأن تكون القافلة مجموعة من السيارات، أو العربات، وأحيانا" الدينات" أو" التريلات"، ويمكن أن يشمل ذلك القوافل الحكومية مثل قافلة وزارة الشؤون الاجتماعية التي ستطلقها للبحث عن المتعففين لضمهم إلى قائمة الضمان الاجتماعي، كما صرح بذلك أكثر من مسؤول.
في حالة الضمان الاجتماعي دعونا نتخيل طريقة سير القافلة الباحثة عن المتعففين، على افتراض أنها ستنطلق من المركز ونقصد به الرياض إلى أي منطقة، فهي ستسير بعدة شاحنات و"سيارات الجيب" ثم تتوقف بالقرب من القرى. ثم يوجه قائد الحملة بعد أن يترجل من "اللاند كروزر" بضرب الخيام، ثم تذبح الذبائح، ويصوت في أطراف القرية: هل من فقير؟ .. هل من فقير؟ لعل أن يأتي أحد ليأخذ حاجته، ثم يتوافد الناس فيتخاطفون المساعدات .. ويضم مئات منهم إلى قائمة الضمان التي يصرف عليها من مصارف الزكاة.
ربما يبدو هذا التصور مبالغا فيه، لكن الأكيد أن المتعفف الحقيقي لن يستجيب لمثل هذه الحملات، بل إن مثل مصطلح "قافلة" يدعو لكثير من التساؤل. إن من يتعفف حتى عن أقاربه وجيرانه لا يمكن لقافلة حكومية أن تكشف حاله، فهو إن تنادى الناس اختفى، وإن تزاحموا بقي في بيته.
نتساءل: هل تستطيع الوزارة أن تجول جميع مناطق المملكة بهجرها وقراها، وهل لديها الإمكانيات البشرية والآليات التي تطرق أطراف بلد أشبه بقارة؟ أليس من الأجدى وضع هاتف مجاني، فاكس، أو بريد إلكتروني بشكل مباشر للإبلاغ عن الحالات على مدار الساعة؟ ألا يمكن أن توزع المهام بين الضمان والجمعيات الخيرية؟ ألا يمكن الاستفادة من المتطوعين في مختلف المدن والقرى؟ أليس من الأجدى النظر في أوضاع الآلاف الموضوعين على قوائم الانتظار في الجمعيات الخيرية؟ أسئلة كثيرة تثيرها قافلة الضمان الاجتماعي.