صدر أخيرا نظام جديد للجمعيات التعاونية عام 1429هـ، وصدر نظام الرقابة على شركات التأمين التعاوني قبل عدة سنوات (1424هـ). وتضمن النظام الأول في مادته الثالثة أن الهدف الأساسي للجمعية التعاونية تحسين الحالة الاجتماعية والاقتصادية لأعضائها في نواحي الإنتاج أو الاستهلاك أو التسويق أو الخدمات باشتراك جهود الأعضاء متبعة في ذلك المبادئ التعاونية. ونصت المادة الرابعة على المبادئ التعاونية ومنها التطوع والعضوية المفتوحة، والمشاركة الاقتصادية للأعضاء.
هل هناك علاقة بين مصطلح التعاون في نظام الجمعيات التعاونية، ومصطلح التعاون في نظام الرقابة على شركات التأمين التعاوني؟
المصطلح هو التعاون وهو محدد في النظام الأول، لكنه غير محدد في النظام الثاني بما يعكس معنى واضحًا يجنب الالتباس الحاصل حاليًا في قطاع التأمين في السعودية.
نص نظام الرقابة على شركات التأمين في المادة الأولى على ما يلي: "يكون التأمين في السعودية عن طريق شركات تأمين مسجلة فيها، تعمل بأسلوب التأمين التعاوني على غرار الأحكام الواردة في النظام الأساسي للشركة الوطنية للتأمين التعاوني، الصادر في شأنها المرسوم الملكي رقم (م/5) وتاريخ 17/04/1405هـ وبما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية ".
والذي يفهم من نظام الرقابة على شركات التأمين أن غرض الدولة هو إقامة التأمين على أساس تعاوني. وهذا الأساس له مضمون وتحكمه مبادئ يجب أن يحددها نظام آخر. لذلك أبدى العديد من العلماء في المملكة ملاحظات عديدة على اللائحة التنظيمية لهذا النظام، التي يعتبرونها لا تعكس المفهوم الإسلامي للتأمين، والذي عرف في الممارسات خارج المملكة بالتكافل، وطالبوا بتعديلها لكي تعكس مفهوم التعاون. ورغم أن نظام الجمعيات التعاونية يعد أول توضيح لما تعنيه السلطة التشريعية في المملكة بالمبادئ التعاونية، إلا أنه قد يكون التعاون في مجال التأمين له معنى آخر.
هل يمكن أن يصدر نظام خاص بالشركات التعاونية وليس الجمعيات، يدمج مفهوم التأمين التعاوني بمفهوم الاسترباح في شركة التأمين، وينهي النزاع القائم والالتباس وعدم الوضوح في تطبيق الأحكام الشرعية في التجربة السعودية الحديثة لتنظيم قطاع التأمين؟
وإذا كان يقال إن نظام الشركات السعودي قريب الصدور في صياغة جديدة، فهل يمكن لهذا النظام أن يشتمل على فصل أو باب خاص بالشركات التعاونية المساهمة العامة، ويكون حلاً للإشكال القائم بدلاً من إصدار نظام خاص بالتأمين التعاوني الذي قد لا يرى النور قريبا؟ أضع ذلك بين يدي مجلس الشورى الموقر، وأعتقد أن عدم تدارك هذا الفراغ التشريعي في تطبيق المبادئ التعاونية، التي عرفها بوضوح النظام الجديد للجمعيات التعاونية، في قطاع التأمين التعاوني، سيبقي صناعة التأمين التعاوني في المملكة صناعة غير محددة المعالم الشرعية والفنية. والله الموفق،،،
