150 ريالا لكل مريض!

قبل أيام أعلنت الشؤون الصحية في منطقة الحدود الشمالية عن البدء في صرف مبالغ مالية لمرافقي المرضى المحولين من قبل الهيئة الطبية في المنطقة إلى المستشفيات التخصصية، وقالت إن هذه المبالغ عن أعوام 1426 وإلى 1428 هـ حيث تبلغ ثلاثة ملايين ريال، وأن أسماء المرضى ومرافقيهم "معلقة" على لوحة الإعلانات.
للوهلة الأولى يبدو الخبر مفرحا، فهؤلاء البسطاء في عرعر، جازان، الجوف، والباحة، وبيشة، وغيرها من أطراف بلادنا لاشك أنهم بحاجة إلى المساعدات المالية خاصة أنهم يعانون غالبا أمراضا مستعصية أو خطيرة بدليل تحويلهم إلى المستشفيات التخصصية، وإلا فإن المقتدرين و"النافذين" (الله لا يضرهم) لن ينتظروا هبة الوزارة (السخية)، بل تنتظرهم طائرات الـ 747 إلى حيث ديار "مايو كيلينك" ومنتجعات السويد الفاخرة.
ولأن الشيطان في التفاصيل كما يقال، فإن الدخول في دهاليز القضية يكشف أشياء مثيرة للغاية من بينها أن هذه المبالغ قطرة في مستحقات المرضى رغم أن ميزانية وزارة الصحة تناهز الخمسين مليار ريال سنويا كما أن هناك من المرضى من مر عليه أكثر من 10 سنوات دون أن يحصل على المساعدة (المستحقة) من الدولة.
هذه المبالغ للأسف مخجلة إذ تبلغ 150 ريالا للمريض في حالة عدم تنويمه أي في حالة المراجعة ومثلها لمرافقه، أما إذا تم تنويمه فتقصر على المرافق فقط، والكارثة أن هذا المبلغ (الكبير) في مقاييس الوزارة هو عن الزيارة بكاملها سواء استمرت يوما أو شهرا كاملا.
كيف لنا تخيل وضع مريض من المناطق النائية يراجع مع مرافقه مستشفيات الرياض وجدة ويحصل على 150 ريالا فقط، حتى لو وفر له السكن والنقل رغم أن كثيرين لا يستطيعون الحصول على ذلك بسبب الضغط على المستشفيات الكبيرة، مما يدفعهم إلى اللجوء إلى أقرباء لهم للسكن في بيوتهم.
هذه المبالغ على قلتها تدفعنا لسؤال الوزارة عن مبرر تأخيرها، وكيف تم تحديد المبلغ؟ ومتى .. هل في زمن الطفرة الأولى؟ وما الاعتبارات التي بنت عليها تقديراتها في كفاية المائة وخمسين ريالا، ماذا يفعل هذا المبلغ الزهيد مقابل الارتفاع الكبير في الأسعار؟ وإذا كان لذلك لائحة ونظام لدى الهيئات الطبية لماذا لا يعلن للملأ ليعرف كل مريض حقوقه، وما مصير المبالغ التي ودع أصحابها الحياة دون أن يحصلوا عليها، وكم المبالغ التي يفترض أن تدفعها الوزارة، وكم صرف منها؟
أخيرا لو كان المبلغ انتدابا لمسؤول في الوزارة هل يتم تأخيره كل هذه السنوات؟ يا هؤلاء .. بضعفائنا يرزقنا الله .. وبهم يرحمنا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي