دفعت غزارة الأمطار التي هطلت على أجزاء كبيرة من مناطق المملكة وخاصة الوسطى منها، كثيرين إلى التساؤل عن إمكانية الاستفادة من هذه الأمطار، وكيفية الحفاظ عليها، فيما ذهب آخرون إلى مطالبة وزارة الزراعة باستثمار هذه الفرصة للمحافظة على المراعي التي أجدبت منذ أكثر من عقد من الزمن.

ويشير خبراء إلى أن مخازن المياه تحت الأرض تنقسم إلى ثلاثة أنواع، منها نوع يتأثر بالمطر مباشرة خلال ساعات وأحيانا في أيام معدودة، خاصة إذا وجد المطر منافذ مثل الآبار في المزارع الموجودة في القرى القديمة، حيث تدخل مياه الأمطار مباشرة في البئر ومن ثم يغذي بقية الآبار القريبة منه، حيث يحصل ارتفاع في منسوب المياه خلال ساعات.

أما النوع الثاني من مخازن المياه تحت الأرض فهي التي تتأثر ولكن تحتاج إلى وقت طويل أحيانا يبدأ من أيام ليصل إلى أشهر، أما النوع الثالث من المخازن فهي الموجودة بسبب أعاصير قبل "وقت طويل" جدا وهذه في الغالب لا تتأثر، والمملكة يوجد فيها جميع أنواع هذه المخازن، ولهذا فإن التخطيط السليم للاستفادة من كل قطرة ماء تهطل على أراضي المملكة وتوجيهها لهذه المخازن أمر مطلوب.

#2#

هنا يقول المهندس إبراهيم أبو عباة مدير عام شركة الوطنية الزراعية إن ذلك يدل عليه وادي بعيجة في الرياض ووادي الأوسط الذي يتجه إلى نساح حيث يحتوي على مخزون هائل من المياه نتيجة تأثره المباشر بمياه الأمطار، ولكن المشكلة في ذلك الموقع وجود منفذ تحت الأرض يتجه إلى الصحنة ومن ثم إلى الخليج العربي، مبديا استياءه من ذهاب مياه عذبة دون الاستفادة منها، لافتا إلى وجود توجه إلى عمل سد تحت الأرض لمنع تسرب هذه المياه، وحفظها للاستفادة منها كمخزون للشرب وأيضا للزراعة، لأنها كميات هائلة من المياه العذبة.

ويضف مدير عام الوطنية الزراعية أن من وسائل الاستفادة من مياه الأمطار السدود على الأرض من خلال التسريع في تنفيذ ما كان مخطط له من مشاريع بناء السدود في مواقع مختلفة من المملكة، وهذا مهم جدا لرفع مستوى المياه السطحية التي تتأثر مباشرة بمياه الأمطار عبر مخازن قريبة من سطح الأرض، ونحن متفائلين بهطول المزيد من الأمطار، والمسلم لا يقنط من رحمة الله مهما كانت الأسباب والأحوال، لافتا إلى أنه لا ينفي أهمية الدراسات المتعلقة بأحوال الطقس والأمطار، ولكن تبقى عقيدة التوكل مطلبا لنا جميعا.

ويشير المهندس أبو عباة إلى أن الأمطار التي هطلت على أجزاء كبيرة من الرياض وشمالها باتجاه سدير والغاط والزلفي والقصيم والمدينة المنورة وأجزاء من جنوب الرياض جاءت عبر سحب من اتجاه باب المندب والعادة أنها كانت سحبا تأتي من حوض البحر المتوسط عبر الشمال الغربي للمملكة، وهذه قليلا ما تحدث أمطارا للمملكة، وغالبا السحب التي تأتي من حوض البحر المتوسط يشترط فيها وجود منخفض جوي قريبا من المنطقة لتستطيع التوغل في شمال المملكة، وهذه غالبا الأمطار التي كانت تهطل على شمالها، ولكن لكون السحب آتية من جنوب غربي المملكة تركزت الأمطار على جنوب ووسط المملكة.

وعن وجود دراسات دقيقة عن مستويات مخزونات المياه في المملكة وتأثير الأمطار فيها، بين مدير عام الوطنية الزراعية إلى أنه حتى الآن لا يوجد أي شيء بهذا الخصوص، ولا توجد دراسة مستفيضة عن مستويات المياه في أحواض المملكة، ولا عن مدى تأثرها علميا بالنشاط الزراعي أو السكاني، وما يتم تناقله إنما أقاويل وتكهنات لا تستند إلى دراسات علمية.

وعن دور الأمطار في زيادة رقعة المراعي في المملكة، أكد المهندس أبو عباة أن الأمطار تعد السبب الرئيس والوحيد لنشوء المراعي، مع وجوب الاهتمام بالمواقع الرعوية وقيام وزارة الزراعة بدورها في قضية حماية المراعي من الرعي الجائر، وتنميتها، عبر تنظيم الرعي وحماية النباتات فيها.

#3#

وحول الأمطار التي هطلت أخيرا وتأثيرها في الجانب الزراعي، بين مدير عام الوطنية الزراعية أهميتها ولكن في حال تتابعها بإذن الله تعالى سيخفض استهلاك مياه الري، ولو تحدثنا بشكل خاص عن تأثير المطر الذي شهدته المنطقة الوسطي ونجد فإن تأثيره في النخيل وأشجار الحمضيات واللوزيات سيعفي الري عنه لمدة تصل إلى نحو شهرين من الآن، وهذه رافد لمخزون المياه ولكن بشكل غير مباشر.

وعن المطالب بوجوب وقف بعض الزراعة في المملكة بحكم قلة المياه، وصدور قرارات بتحديد الكميات المستلمة من القمح على سبيل المثال، وما شهدناه من هطول أمطار وجريان وادي الرمة أحد أكبر الأودية في المملكة، أشار مدير عام الوطنية الزراعية إلى أن بعض القرارات كانت تصدر أثناء أزمات قحط بالنسبة لمياه الأمطار، ولكن الله عز وجل أرحم بعباده، وكما نعلم في سورة يوسف وجود سنوات عجاف ولكن تعقبها سنوات رخاء وخير بمشيئة الله تعالى.