يبدو السؤال في ظاهره صحيًا، لكنه في جوهره سياسي–اقتصادي عالمي: هل يقود دونالد ترمب العالم إلى أزمة دواء في 2026؟ فمنذ عودته إلى البيت الأبيض، وضع ترمب ملف الدواء في صدارة معاركه، باعتباره أحد أكثر القضايا حساسية لدى الناخب الأمريكي.
وفي مايو 2025، وقّع ترمب أمرًا تنفيذيًا حاسمًا يقضي بأن يساوي سعر الدواء في الولايات المتحدة أدنى سعر له في الدول الغنية، وفق ما يُعرف بسياسة «الدولة الأكثر تفضيلًا». القرار أحدث تحولات سريعة داخل السوق الأمريكية، إذ توصلت الحكومة إلى اتفاقات مع 14 شركة دواء من أصل 17 لخفض أسعار أدوية برنامج ميديكيد، مع خصومات وصلت إلى 70% عبر منصة TrumpRx، إلى جانب التلويح بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على الشركات غير الملتزمة.
الضغوط دفعت شركات دواء كبرى إلى الإعلان عن استثمارات بمليارات الدولارات في مصانع داخل الولايات المتحدة، في محاولة لتجنب الرسوم والحفاظ على وجودها في السوق الأمريكي. غير أن التأثيرات الأعمق بدأت تتكشف خارج الولايات المتحدة، حيث حذّر الرئيس التنفيذي لشركة روش السويسرية توماس شينيكر، من أن خفض الأسعار في واشنطن سيقابله ارتفاع في أسعار الأدوية الجديدة في دول أخرى.
وبحسب شينيكر، لم تعد الولايات المتحدة تقبل ما تسميه «الدعم المجاني» من بقية الدول، وتسعى إلى تحميل الدول ذات نصيب الفرد المرتفع من الناتج المحلي، مثل سويسرا، جزءًا أكبر من تكلفة الابتكار الدوائي. صحيح أن الأدوية الحالية لن تتأثر فورًا، لكن كل علاج جديد سيدخل الأسواق العالمية وفق معادلة اقتصادية أكثر تشددًا، قد تتعارض مع البعد الإنساني للدواء.
ترمب قد لا يواجه أزمة دواء داخل بلاده في 2026، لكن السؤال الأوسع والأخطر يظل مطروحًا: هل يتحول الدواء من حق عالمي إلى فاتورة سياسية يدفعها العالم نيابة عن الناخب الأمريكي؟
