تتصدر شركتا "صكوك المالية" و"ليندو" سوق التمويل الجماعي بالدين في السعودية، مع استمرار توسع هذا القطاع الذي بات يشكل أحد أبرز البدائل التمويلية الحديثة للشركات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال، حيث تجاوز إجمالي التمويلات التراكمية في السوق حاجز 19 مليار ريال.
وتشهد منصات التمويل الجماعي بالدين نموا متزايدا، بفضل مرونتها وسرعة تنفيذها، إلى جانب اعتمادها على منصات رقمية مبسطة تمكن الجهات المستفيدة من تمويل الفواتير والمشاريع وشراء الأصول، فيما توفر في المقابل فرصا استثمارية للممولين لاستثمار فوائض السيولة وتحقيق العوائد.
ويعزز هذا النمو الوعي التقني المرتفع بين الأفراد في السعودية، ما أسهم في تسهيل انتشار التعامل مع هذه المنصات الرقمية، ضمن بيئة تنظيمية تشرف عليها هيئة السوق المالية والبنك المركزي السعودي.
وفقا لبيانات جمعتها "الاقتصادية" من مواقع شركات التمويل الجماعي بالدين، والبالغ عددها 16 شركة مرخصة، فقد استحوذت "صكوك المالية" و "ليندو" على نحو 60% من إجمالي التمويلات التراكمية منذ 2020.
وسجلت "صكوك المالية"، أول شركة تقنية مالية لطرح الصكوك في السعودية، تمويلات تراكمية تجاوزت 8.2 مليار ريال منذ عام 2021، فيما جاءت "ليندو" في المرتبة الثانية بإجمالي تمويلات بلغت نحو 3.5 مليار ريال، عبر تمويل فواتير المبيعات الآجلة للشركات الصغيرة والمتوسطة.
وجاءت شركة "منافع" في المرتبة الثالثة بتمويلات بلغت 2.66 مليار ريال، تلتها "ترميز" بنحو ملياري ريال، ثم "تعميد" بتمويلات وصلت إلى 1.6 مليار ريال، في حين لم تفصح بعض الشركات عن حجم تمويلاتها على مواقعها الرسمية وقت إعداد التقرير.
آلية العمل
تقوم آلية عمل شركات التمويل الجماعي على استقبال طلبات التمويل إلكترونيا من المنشآت الراغبة في التمويل، حيث تتولى المنصة دراسة الجدارة الائتمانية وتقييم المخاطر، ثم تطرح المشروع على المستثمرين الأفراد والشركات لجمع المبلغ المطلوب، ليتم بعد ذلك تحويل التمويل إلى الجهة المستفيدة التي تقوم بالسداد وفق جدول زمني محدد.
ويخضع هذا النشاط لإشراف وتنظيم من البنك المركزي السعودي وهيئة السوق المالية، باعتباره نشاطا تمويليا إلكترونيا يعتمد على جمع الأموال من الأفراد والمؤسسات عبر المنصات الرقمية.
العوائد والمخاطر
تتنوع آليات التمويل حسب نوع المشروع، فبعض الشركات تمول مشاريع عقارية أو شراء أصول، بفترات استثمار تمتد من عام إلى عامين، بينما تركز بعضها على تمويل الفواتير قصيرة الأجل، بفترات استثمار تراوح بين 50 يوما إلى عام واحد.
أما على صعيد العوائد، فتراوح بين 10% و18% قبل خصم الرسوم، التي تبلغ في المتوسط 1% من إجمالي المبلغ المستثمر، في حين يحدد العائد بحسب طبيعة الشركة وتصنيفها المالي وكذلك حدود المخاطر الخاصة بها، كما تشير بيانات الشركات إلى أن معدلات التعثر منخفضة، وتدور بين 1% و1.5% فقط.
لكن يتم تصنيف التعثر في حالتين: الأولى عند عدم قدرة المنشأة المستفيدة على سداد المبلغ بعد التنفيذ على الضمانات، والثانية عند تأخرها عن السداد لأكثر من 90 يوما متتالية، وذلك بحسب قواعد النشاط التي تفرضها "ساما".
نمو قوي في النصف الأول من 2025
بحسب بيانات هيئة السوق المالية، شهد النصف الأول من العام الجاري طرح نحو 2869 صكا عبر منصات التمويل الجماعي بالدين، بقيمة تجاوزت 2.4 مليار ريال، ما يمثل نموا بنسبة 56% في عدد الصكوك و70% في قيمة التمويلات مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي.
ويظهر هذا النمو المتسارع ارتفاع الطلب على أدوات التمويل الجماعي، التي باتت خيارا رئيسيا ضمن منظومة التمويل الحديثة في السعودية، مدعومة بالتنظيمات المرنة والتوجه الحكومي لتعزيز الشمول المالي وتمكين التقنية المالية.
وحدة التحليل المالي