تكثف شركات بناء السفن الهندية جهودها لجذب العملاء الدوليين، في ظل التوترات التجارية بين واشنطن وبكين التي تجبر شركات الشحن على البحث عن مصادر غير الصين لشراء السفن.
وتتوافق هذه الطموحات مع مساعي نيودلهي لتوسيع صناعة بناء السفن في البلاد.
وكما نقلت صحيفة "نيكاي آسيا"، قال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يوم الأربعاء في "أسبوع الهند البحري": "في القرن الحادي والعشرين، يشهد القطاع البحري في الهند تقدما هائلا وسريعا"، مؤكدا التزام الحكومة بدعم بناء السفن وتطوير الموانئ.
يعد هذا الحدث تجمعا يضم ممثلين عن حكومات وقطاعات صناعية من أكثر من 85 دولة، وقد عرضت أكثر من 500 شركة تكنولوجياتها المتطورة.
وتهدف نيودلهي إلى تحويل الهند إلى مركز شحن، وتسعى لرفع نسبة السفن الهندية في حجم الشحن العالمي من 1% إلى 20% بحلول 2047، وهي الذكرى المئة لاستقلال البلاد.
وفي سبتمبر، أعلنت الحكومة عن حزمة دعم بقيمة 697.3 مليار روبية (7.86 مليار دولار) تتضمن إنشاء صندوق تنمية بحرية للاستثمار في بناء السفن والبنية التحتية البحرية.
تعد شركة "كوشين" لبناء السفن المملوكة للدولة حجر الزاوية في صناعة بناء السفن في البلاد. تأسست عام 1972، واكتمل بناء أول حوض في عام 1982 بدعم من شركة "ميتسوبيشي" للصناعات الثقيلة اليابانية.
وعلى مدار السنوات الخمس الماضية، سلمت الشركة 70 سفينة، منها سفن تجارية صغيرة وسفن عسكرية، محققة نموا بفضل الطلب المحلي.
وفي السنة المنتهية في مارس، ارتفعت المبيعات أكثر من 20% لتصل إلى نحو 50 مليار روبية، مع زيادة في صافي الأرباح أيضًا.
وفي إطار سعيها لتحقيق نمو أكبر، تستهدف "كوشين" طلبات دولية من خلال التعاون مع شركة "إتش دي هيونداي"، أكبر شركة لبناء السفن في كوريا الجنوبية، والتي وقعت معها مذكرة تفاهم للتعاون الفني في يوليو.
وفي 15 أكتوبر، أعلنت "كوشين" عن تلقيها طلبًا من شركة الشحن الفرنسية الكبرى "سي إم ايه - سي جي أم" لشراء 6 سفن حاويات صغيرة نسبيًا تعمل بالغاز الطبيعي المسال، بحمولة تبلغ 1700 TEU ، وحدة مكافئة لعشرين قدما.
كما تدرس شركة "ميتسوي أو إس كيه لاين" اليابانية أيضًا طلب ناقلات نفط خام من "كوشين".
وصرح الرئيس تاكيشي هاشيموتو الشهر الماضي، وفقًا لوكالة "رويترز"، قائلا: "ترغب الحكومة الهندية في رؤية السفن الجديدة تصنع في الهند. وإذا أمكن، نود المشاركة في هذا المشروع".
تواصل صناعة بناء السفن الهندية توسعها، إذ أكملت بناء 200 سفينة في السنة المالية 2023، أي نحو 3 أضعاف عدد السفن في 2020، وفقا للسلطات الهندية.
ويعد التحول العالمي نحو تنويع الطلبات عن الصين رياحا مواتية لشركات بناء السفن الهندية. وقد فرضت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إجراءات لفرض رسوم موانئ على السفن الصينية الصنع، ما دفع الشركات إلى البحث عن موردين آخرين.
في السنوات الأخيرة، واصلت أسعار السفن الارتفاع بسبب زيادة أسعار المواد الخام وارتفاع الطلب، في ظل نقص العمالة الذي ضيق العرض، ما أتاح فرصة للهند لترسيخ مكانتها في السوق.
استحوذت الصين وكوريا الجنوبية واليابان - أكبر ثلاث دول في بناء السفن - على أكثر من 90% من حصة السوق العالمية من حيث الحمولة المكتملة في 2022. وتواجه الهند تحديات كبيرة للارتقاء بالتصنيفات، من بينها تطوير الموارد البشرية وسلاسل التوريد.
وقال مادو ناير، رئيس مجلس إدارة شركة "كوشين"، يوم الأربعاء، حول الجدول الزمني لنمو صناعة بناء السفن في الهند: "أعتقد أن الحد الأدنى لن يقل عن 15 عاما"، مضيفا: "لن يحدث بين عشية وضحاها".
