في وقت تدخل فيه اليابان حقبة جديدة، مع احتمال انتخاب ساناي تاكايشي كأول امرأة تتولى رئاسة ثاني أكبر اقتصاد في آسيا، هل آن أوان انتهاء قصة شغف المستثمرين العقاريين الطويلة بالعقار الياباني؟

رئيسة قسم الأبحاث لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في شركة CBRE للاستشارات العقارية، أدا تشوي، قالت إن إدارة تاكايشي التي يتوقع أن تكون ذات توجه تيسيري قد تؤجل تطبيع السياسة النقدية في اليابان، وهو ما يتيح فرصا ويطرح تحديات أمام المستثمرين.

تعد أسعار الفائدة في اليابان من بين الأدنى بين جميع الأسواق المتقدمة، حيث توقف بنك اليابان عن تشديد السياسة النقدية وأبقى على سعر الفائدة القياسي قصير الأجل عند 0.5% في اجتماعه الأخير الشهر الماضي.

أشارت تشوي إلى أن أسواق العقارات في هونج كونج. والبر الرئيسي الصيني، نتيجة لفترات الركود الطويلة التي شهدتها، منحت المستثمرين فرصة لشراء الأصول بأسعار مغرية.

وقالت إن اليابان كانت محط تركيز زائد للمستثمرين خلال الأعوام الماضية، لذلك حان وقت التفكير في التنويع. وأضافت أن الأسواق الصينية وهونج كونج، بعد تصحيح كبير في الأسعار، تشهد إمكانية تعافي السوق وإعادة توازنه.

في النصف الأول من العام، كانت اليابان رابع أكبر وجهة لرأس المال في العالم للاستثمار العقاري عبر الحدود، حيث حصلت على نحو 11 مليار دولار، وفقا للبيانات التي جمعتها شركة Colliers. وكانت سوق العقارات الوحيدة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ ضمن المراكز الـ5 الأولى؛ تصدرت المملكة المتحدة والولايات المتحدة وألمانيا القائمة، بينما حلت فرنسا في المركز الخامس، بحسب ما ذكرته صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست".

حصلت الأصول المكتبية في اليابان على معظم الاستثمارات الأجنبية، بقيمة 4.58 مليار دولار، تلتها أصول الضيافة بمبلغ 1.87 مليار دولار، ثم قطاع العقارات متعددة الوحدات السكنية بقيمة 1.63 مليار دولار.

شهد بر الصين الرئيسي استثمارات أجنبية بقيمة 2.63 مليار دولار أمريكي خلال الفترة نفسها، محتلا المرتبة 13، وكانت قطاعات المكاتب والتجزئة والعقارات متعددة الوحدات السكنية هي الأكثر جذبا للمستثمرين، بحسب Colliers.

احتلت هونج كونج المرتبة 20 عالميا في جذب الاستثمارات الأجنبية للعقارات، بقيمة 1.5 مليار دولار، مع تركيز المستثمرين على المكاتب والمتاجر والمصانع.

في حين أن السياسة النقدية المتساهلة تعني انخفاض تكاليف التمويل للمستثمرين، قالت تشوي إن ذلك يعني أيضا أن اليابان ستواجه ضغوطا تضخمية مستمرة، ما يؤثر في نمو الأجور وكذلك تكلفة إكمال المشاريع في الموعد المحدد.

قالت: "إن نمو الأجور ونقص العمالة يمثلان مشكلة حقيقية لقطاع البناء العقاري(...) في الماضي، عندما كنا نتحدث عن المعروض الجديد من العقارات في اليابان، كان المطورون دائما ملتزمين بالمواعيد. أما الآن، فقد اختلف الأمر. يضطرون للتأخير لعدم قدرتهم على إيجاد عمال".

وأضافت أن تكاليف البناء قد ارتفعت بشكل كبير، وأن المعروض الجديد قد يتأخر أكثر.

وبسبب نقص العمالة، سينخفض ​​المعروض الجديد من المكاتب في طوكيو بنسبة 19% بين 2024 و2028، وفقا لـ CBRE .

في الوقت نفسه، ظهرت عدة علامات على الاستقرار في أسواق العقارات في بر الصين الرئيسي وهونج كونج، بحسب تشوي.

في شنغهاي، على سبيل المثال، في منطقة نانجينغ رود ويست، القلب التجاري لشنجهاي، انخفضت معدلات شغور المكاتب إلى 8.9% في الربع الثاني، بانخفاض قدره 0.3 نقطة مئوية عن الربع السابق، وفقا لبيانات CBRE .

قال مدير أبحاث Colliers في الصين، مينغ لو: "أظهرت سوق المكاتب الصينية بوادر انتعاش في 2025، بما يتماشى عموما مع التوقعات، رغم أن وتيرة النمو الإجمالية ظلت ضعيفة".

وفي هونج كونج، نما نشاط تأجير المكاتب في أغسطس للشهر الخامس على التوالي، حيث استحوذ المستأجرون على 313800 قدم مربع (29153 مترا مربعا) من المساحة، وفقا لبيانات جمعتها شركة JLL.

رئيس أسواق رأس المال وخدمات الاستثمار في هونج كونج في Colliers، توماس تشاك، قال: "تظهر سوق العقارات في هونج كونج علامات مرونة في ظل حالة عدم اليقين العالمية(...) يعكس الارتفاع الكبير في النشاط الاستثماري، لا سيما في أصول المكاتب والفنادق، ثقة متجددة مدفوعة بمبادرات السياسات، وتوقعات خفض أسعار الفائدة، وإعادة تقييم قيم الأصول".

وأضاف أنه مع سعي المستثمرين إلى تحقيق العائد والاستقرار، من المتوقع أن يستمر الزخم في "القطاعات التي تتوافق مع الطلب الهيكلي طويل الأجل، مثل السكن والمكاتب المشتركة والتجزئة".