في ظل انخفاض أسعار النفط خلال الأسابيع الماضية ، بدأت أسهم بعض شركات التكسير الهيدروليكي والخدمات النفطية في الازدهار فجأة، مستفيدة من طفرة الذكاء الاصطناعي واستثمارها في توليد الطاقة لمراكز البيانات.
وبحسب صحيفة "فورتشن"، قفز سهم شركة "ليبرتي إنرجي"، التي شارك في تأسيسها وزير الطاقة الأمريكي كريس رايت، 30% بعد إعلانها في 17 أكتوبر أنها ستضاعف قدرتها المخططة لتوليد الطاقة لمراكز البيانات.
كما ارتفع سهم شركة "هاليبرتون" بنحو 15% في أكتوبر بعد إعلانها امتلاك حصة 20% في شركة "فولتا جريد" وشراكتها لتزويد مراكز البيانات بالطاقة عالميًا. كذلك تستثمر شركات أخرى مثل "بيكر هيوز" و"إس إل بي" الرائدة في هذا المجال و"سولاريس إنرجي إنفراستركشر" في سباق توليد الطاقة لصالح الذكاء الاصطناعي.
قال جيف ميلر، رئيس مجلس إدارة "هاليبرتون"، في مكالمة أرباح بتاريخ 21 أكتوبر: "الطلب على الطاقة والذكاء الاصطناعي غير مسبوق من حيث النمو". وأضاف أن "هذا المجال يعد فرصة عالمية ضخمة للشركة".
يأتي هذا التحول مع بلوغ إنتاج النفط في الولايات المتحدة أعلى مستوى له على الإطلاق عند 13.6 مليون برميل يوميًا، وكذلك مع انخفاض عدد أساطيل التكسير الهيدروليكي المطلوبة في الولايات المتحدة بأكثر من 50% في ست سنوات بسبب كفاءة الآبار وعمليات الحفر والتكسير.
تستخدم معظم الشركات مولدات غاز طبيعي أو توربينات غازية صغيرة لتشغيل مراكز البيانات. ويرى توم كوران، المحلل في شركة "سيبورت ريسيرتش بارتنرز"، أن هذا القطاع الجديد يشكل "نقطة مضيئة" في صناعة تمر بمرحلة ركود، لكنه ما زال في بدايته ويحتاج المستثمرون وقتًا لفهم مخاطره وفرصه.
المثير أن رئيس "ليبرتي"، رون جوسك، وجه انتقادات لسياسة الرسوم الجمركية المفروضة على الصلب والألمنيوم الضروريين لمعدات الطاقة، قائلًا إن هذه القيود تعرقل جهود الولايات المتحدة للفوز في "سباق الذكاء الاصطناعي" الذي وصفه وزير الطاقة بـ"مشروع مانهاتن الجديد". وأضاف: "إذا أردنا أخذ الريادة في الطاقة والذكاء الاصطناعي، يجب أن نعيد النظر في هذه السياسة الصناعية".
يذكر أن "ليبرتي" كانت قد استثمرت في معدات توليد الطاقة بالغاز الطبيعي لتشغيل خدماتها النفطية، والآن تعيد استخدام هذه التكنولوجيا لمراكز البيانات عبر مشروعها "ديجي باور". وتعمل الشركة على زيادة قدرتها من 400 ميجاواط إلى أكثر من 1 جيجاواط بحلول 2027، أي ما يكفي لتزويد 750 ألف منزل بالكهرباء، مع خطط لمزيد من التوسع. كما عقدت شراكة مع شركة الطاقة النووية "أوكلو" لتوفير مفاعلات نووية صغيرة لمراكز البيانات خلال خمس سنوات.
تخطط "هاليبرتون" للتوسع عالميا عبر شراكتها مع "فولتا جريد"، خاصة في الشرق الأوسط، حيث الطلب الكبير على الطاقة والتكنولوجيا
من جانبها، تخطط "هاليبرتون" للتوسع عالميا عبر شراكتها مع "فولتا جريد"، خاصة في الشرق الأوسط، حيث الطلب الكبير على الطاقة والتكنولوجيا. أما "بيكر هيوز" و"إس إل بي" و"سولاريس" فتركز على تصنيع توربينات الغاز وأنظمة التبريد لمراكز البيانات، إذ تتعاون "سولاريس" مع شركة "xAI" في ممفيس في ولاية تينيسي.
ويشير المحلل كوران إلى أن النجاح المستدام يعتمد على ضمان التشغيل المستمر والثقة بقدرة هذه الأنظمة على تزويد الطاقة على مدار الساعة.
لكن رغم هذه الفرص الواعدة، تعاني النتائج المالية الحالية ضعفا شديدا. فقد انخفض صافي دخل "ليبرتي" في الربع الثالث إلى 43 مليون دولار، بتراجع 42% سنويًا، وانخفضت الإيرادات 17%. وبالمثل، انخفض صافي دخل "هاليبرتون" إلى 18 مليون دولار فقط مقارنة بـ 571 مليونا العام الماضي، رغم أن الإيرادات تراجعت بنسبة 2% فقط.
تخفض الشركات إنفاقها الرأسمالي لعام 2026 وتقلص الوظائف والمعدات. ومع ذلك، يتوقع بعض المحللين أن يبلغ المعروض النفطي العالمي ذروته في النصف الأول من 2026، ما قد يسمح بانتعاش الصناعة في النصف الثاني.
قال كوران: "أخيرا وصلنا إلى نهاية فترة طويلة ومذهلة من الزيادة المستمرة في إنتاج النفط الأمريكي، فيما كان نشاط الحقول النفطية يتقلص باستمرار".
وأضاف: "كان ذلك ممكنا بفضل الارتفاع المدهش في الإنتاجية خلال تلك السنوات.. لكن يبدو أن هذا الاتجاه قد وصل إلى نهايته الآن وهذا يعني أنه حتى إذا أراد المنتجون فقط الحفاظ على مستوى الإنتاج الحالي دون زيادته، فسيتعين عليهم زيادة النشاط الميداني ابتداء من العام المقبل، ما يبشر ببداية انتعاش محتمل".

