لم تمضِ أسابيع قليلة على انتهاء النسخة الثانية من بطولة كأس العالم للرياضات الإلكترونية إلا وكان السعوديون مستعدين للخطوة التالية، حيث استحوذ في أواخر سبتمبر الماضي صندوق الاستثمارات العامة مع شركاء استثماريين على شركة ألعاب الفيديو الأمريكية إلكترونيك آرتس "إي إيه" مقابل 55 مليار دولار في صفقة تعتبر ضمن الأكبر في هذا القطاع.
وتمنح الرياض مفتاح دخول الأسواق العالمية لتصبح أقرب من أي وقت في تحقيق أهدافها خاصة المتعلقة بجذب سائحين من اليابان وكوريا الجنوبية باعتبارهما متصدرين تاريخيًا في هذا القطاع.
أبرز النتائج المرجوة من تلك الصفقة استفادة السعودية من قاعدة لاعبي الـ"إي إيه" والمقدر عددهم بحوالي 150 مليون لاعبا سنويًا، نظرا لأن الشركة تطور أشهر الألعاب مثل "فيفا" و"إف ون" كما تحظى ألعاب "إي إيه" بشعبية كبيرة خاصة داخل سوق كوريا الجنوبية المقدرة أرباحها بــ8 مليار دولار سنويًا وكذلك اليابان ودول آسيوية أخرى،
وسيكون سهلًا على المملكة تنظيم بطولات بحقوق حصرية داخل كأس العالم للرياضات الإلكترونية لجذب كل هؤلاء إلى بوليفارد الرياض في حطين خلال الأعوام القليلة المرتقبة. وسيكون سهلًا على المملكة تنظيم بطولات بحقوق حصرية داخل كأس العالم للرياضات الإلكترونية لجذب كل هؤلاء إلى بوليفارد الرياض في حطين خلال الأعوام القليلة المرتقبة.
النفوذ السعودي والخطوات الواثقة نحو ريادة الرياضة الرقمية أقلقت بعض الساسة الأمريكيين ومنهم السيناتوران ريتشارد بلومنثال وإليزابيث وارن فأرسلا خطابا إلى لجنة الاستثمار الأجنبي التابعة لوزارة الخزانة الأمريكية يطالبان فيها بتدقيق صارم في الصفقة لأنها أكبر من مجرد استثمار مالي بل نفوذ في سردية القصص والمحتوى ما يؤثر في الثقافة الأمريكية بحسب قولهم، بينما ردت "إي إيه" بأن الصفقة تمت الموافقة عليها وتهدف إلى تسريع الابتكار والنمو في مجال الترفيه وفقًا لـ"بي سي جيمر" وهي مجلة بريطانية متخصصة في قطاع ألعاب الفيديو.
الشغف السعودي لا يتوقف. ففي النسخة الأخيرة من كأس العالم للرياضات الإلكترونية شهدت دخول هيئة السياحة السعودية كشريك رسمي للاستفادة من جمهور البطولة الذي بلغ عددهم 3 مليون زائر، بينما في المقابل نصبت هيئة الترفيه مجسمات تفاعلية ضخمة لشخصيات شهيرة "غاندام" و"فيغابانك" في بوليفارد وورلد في موسم الرياض سعيا لجذب الجمهور الآسيوي من خلال تجارب ترفيهية متعددة مثل "مقاهي الأنمي" و"يابان بارك" وتجربة الخط الياباني "الكانجي".
وهنا السؤال: هل ستتزايد أعداد السياح القادمين من عواصم آسيوية مثل بكين وبانكوك ومانيلا وتايبيه وسنغافورة ونيودلهي إلى السعودية قبل انطلاق بطولتي أمم آسيا 2027 ومونديال 2034؟

يؤكد فيصل بن حمران الرئيس التنفيذي للرياضات الإلكترونية في مؤسسة كأس العالم أن مشروع إستراتيجيتهم مع الأندية تشجع على قدوم جماهيرهم من بلدانهم إلى الرياض ضمن رحلة رياضية سياحية ترفيهية متكاملة حققت في آخر نسخة للأندية 350 مليون ساعة مشاهدة مع تخطي قيمة الجوائر 70 مليون دولار كأكبر مجموع جوائز في تاريخ قطاع الرياضات الإلكترونية عالميًا.
وما يزيد من النمو تضافر جهود الشركاء في الصين واليابان وألمانيا والولايات المتحدة قبيل إقامة النسخة الأولى من كأس المنتخبات للرياضات الإلكترونية في الرياض نوفمبر 2026، والتي تهدف بوصفها رياضة وطنية، وتعزيز شعور الفخر لدى اللاعبين عند تمثيلهم لأوطانهم.
يمارس الشاب السعودي فيصل بن حمران أعماله صباحا في المؤسسة غير الربحية على بعد 5 دقائق بواسطة السيارة عن بوليفارد الرياض، ويفتقد اللعب في وقت فراغه بكرة القدم "فيفا" أو "روكيت ليغ" باعتباره لاعبا هاويا سابقا، وفي اعتقاده أن استدامة اللعبة تكمن في تعزيزها بتقنيات الذكاء الاصطناعي ورفع نسب المشاهدة رغم وجود تحديات مثل اختلاف ذائقة الجمهور وانحسار بعض الألعاب بين مواطني الدول واختلاف التوقيت شرقا وغربا، وكل تلك العقبات تتلاشى بفضل دعم واهتمام متواصل من قبل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
يستهدف قطاع الرياضات الإلكترونية المساهمة بـ13 مليار دولار في الناتج المحلي السعودي بحلول 2030، ويرى فيصل بن حمران أن التخطيط الحالي سيقود إلى نتائج مذهلة مستقبلية ليس على صعيد المتعة الرياضية فحسب بل سينعكس على النتائج المالية، بالقول: "أغلب المستهدفات الحالية تحققت ومعظم العوائد تأتي من الشراكات والمشاهدات والزوار والتذاكر وحقوق الرعاية والإعلانات والسلع الترويجية ورسوم الشركات المصدرة للألعاب فيما ستتضاعف الأرباح وتزداد خلال السنوات المقبلة. هدفنا مضاعفة المشاهدات والمتابعات والمشاركين مع زيادة قيمة العلامة التجارية للعبة للرعاة والمعلنين".
يتساءل محبو الرياضة عن إمكانية ابتكار لعبة عالمية تعكس الهوية السعودية بعد استحواذ الصندوق السيادي على العملاقة "إي إيه" ويجيب فيصل بن حمران في تصريح خاص لـ"الاقتصادية": "الأمر وارد كون الشركة تملك أكبر الأستوديوهات العالمية وتوجد نقاشات جارية مع أستوديوهات أخرى وهو ما سيطور المحتوى المحلي بلا شك الذي يلعبه مئات الملايين حول العالم. أيضا الناشرين للألعاب الإلكترونية يتسابقون لافتتاح مقرات لهم وأستوديوهات بأحدث التقنيات في الرياض مع ضخ استثمارات مالية تحت مظلة شراكات كبرى، ويكفي أن الإستراتيجية الوطنية للألعاب تستهدف توفير أكثر من 39 ألف فرصة عمل خلال 5 أعوام".

