على الصعيد العالمي، تواصل أسواق الأسهم صعودها، وقد لحقت بها السوق المالية السعودية منذ أن بلغت أدنى مستوياتها في سبتمبر. ومع ذلك، لا تزال المخاوف قائمة. فيما يلي 5 قضايا محورية يواجهها المستثمرون، وكيف يمكنهم رؤية ما يعجز الآخرون عن إدراكه.
هل ينبغي على المستثمرين إعادة توزيع محافظهم الاستثمارية استعدادًا لإعادة عمليات التصنيع إلى داخل الولايات المتحدة؟
يتم تداول مصطلح "إعادة التصنيع إلى الوطن" على نطاق واسع، في إشارة إلى عودة عمل المصانع في موطن الشركات بفعل الرسوم الجمركية، لكن هذا التوجّه لا يُعدّ إشارة صعودية أو هبوطية لأسهم الشركات الصناعية في أمريكا أو العالم، بما في ذلك السعودية، بل هو مجرّد تكهّنات. لماذا؟ تهتم الأسواق بالأرباح، لا بمواطن الإنتاج. قد تؤثّر التكاليف الباهظة لإعادة التصنيع إلى الوطن سلبًا في هوامش الربح. لذلك، من غير المرجح أن تنقل الشركات معظم عملياتها.
يستغرق افتتاح مصانع أمريكية سنوات، كما توضح الخطط الرائدة لشركة شامخ لحلول السوائل الوريدية في أواخر 2026. غالبًا ما تستغرق عمليات التوسع الأمريكية وقتًا أطول بكثير — 5 سنوات أو أكثر — أي أبعد من المدى الزمني الذي يمكن للأسهم تسعيره الآن.
في ظل تراجع أداء الدولار وارتفاع عوائد الأسهم، هل تُعدّ الأسواق الناشئة الرابح المؤكّد؟
رغم تأخر السوق المالية السعودية، تألّقت الأسواق الناشئة في 2025، إذ ارتفعت بنسبة 24.3% حتى 14 أكتوبر، متفوّقة على الأسهم العالمية التي سجّلت ارتفاعًا قدره 16.1%. يتوقع الكثيرون تحقيق الأسهم المزيد من الارتفاع، إذ يُزعم أن ضعف الدولار يُعيد توجيه رؤوس الأموال من أمريكا للأسواق الناشئة، حيث ترتفع العوائد، ما يُغذّي أسهم الأسواق الناشئة. تُثير آمال تعديل شروط ملكية الأجانب في السوق المالية السعودية موجة حماس مماثلة بين المستثمرين.
نعم، ضعف الدولار يدعم عادةً أسهم الأسواق الناشئة. لكن هذا الارتباط ليس لأن هناك سبب وجيه، بل هو مجرد مصادفة. تحركات العملات معروفة ومُسعَّرة مسبقًا. والأمر نفسه ينطبق على تدفّقات رؤوس الأموال الأجنبية، فهي معروفة مسبقًا كما وضحت في مقالي المنشور في 27 سبتمبر. هناك مشترٍ لكل بائع. إن توقّع العوائد بناءً على التدفقات المتوقعة لرؤوس الأموال هو منطق خاطئ. لا تعبأ الأسهم بما إذا كان المشترون مستثمرون محلّيون أم دوليون. ولكنها تُقيِّم الأمور على أساس الأرباح المستقبلية. وهذا ما يُعزز قوة الأسواق الناشئة على نطاق أوسع الآن.
مع تزايد الاكتتابات العامة الأولية، هل حان وقت الشراء؟
الاكتتابات العامة الأولية رائعة... للمالكين السابقين فحسب. تُدرِج الشركات أسهمها للاكتتاب العام في العادة عندما تكون الأسعار في مصلحتها، لا في مصلحة المشترين. وعادةً ما تُغرق الاكتتابات العامة الأولية الأسواق بعد الارتفاعات الكبيرة، عندما يُحقق التفاؤل والطلب أرباحًا غير متوقعة للمؤسسين.
ما أفضل استخدام للاكتتابات العامة الأولية؟ لقياس معنويات السوق. الاكتتابات العامة الأولية الضخمة دليل على تفاؤل المستثمرين المفرط — وهي إشارة خطر! رغم أن بعض الشركات الأوروبية تُحدث تأثيرًا لافتًا، إلى جانب الطروحات السعودية الجديدة مثل "طيران ناس"، إلا أن هذا لم يحدث الآن. إن عائدات الاكتتابات العامة الأولية في السعودية خلال الربع الثالث، البالغة 646.5 مليون دولار أمريكي، تبدو ضئيلة للغاية مقارنةً بعائدات الربع الثالث من عام 2021 البالغة 2.3 مليار دولار أمريكي. على الصعيد العالمي، بلغ إجمالي الاكتتابات العامة الأولية من الربع الأول إلى الربع الثالث 110.1 مليار دولار أمريكي — أقل بكثير من 446 مليار دولار أمريكي من الربع الأول إلى الربع الثالث في عام 2021. المعنويات المعتدلة تظلّ جيدة لأسواق الأسهم.
هل الذكاء الاصطناعي فقاعة تقنية جديدة على وشك الانفجار، بما قد يؤثر في رؤية 2030؟
لا. هل ارتفعت أسهم الذكاء الاصطناعي؟ بالطبع، لكن معظمها شركات عملاقة، وقد ارتفعت أرباحها هي الأخرى. إنهم يتوسعون باستخدام التدفقات النقدية الحرة الداخلية، وليس بإصدار الأسهم أو الديون، على عكس فقاعة الإنترنت في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين عندما جمعت عديد من الشركات الصغيرة غير الربحية الأموال ما حفز الإنفاق والحماس.
لا يخشى الناس الفقاعات الحقيقية قط؛ بل يتغنّون بآفاق زاهرة مُقبلة، ويتدافعون للاستثمار، فيدفعون الأسعار إلى الارتفاع إلى أن تنفجر الفقاعة! مخاوف فقاعة الذكاء الاصطناعي تنكمش من تلقاء نفسها ،ألا تحتاج الأسهم والناتج المحلي الإجمالي إلى خفض أسعار الفائدة من قِبل البنوك المركزية (كما يفعل البنك الفيدرالي الأمريكي) كي ترتفع؟
بالتأكيد يمكنهم المساعدة، ربما. يمكن لخفض أسعار الفائدة أن يُسهم في زيادة "انحدار" منحنيات العائد العالمية، أي الفارق بين معدلات الفائدة قصيرة وطويلة الأجل. حيث تعتمد البنوك الغربية على الاقتراض قصير الأجل لتوفير قروض طويلة الأجل. وبالتالي، فإن المنحنيات الأكثر انحدارًا، عندما تتجاوز معدلات الفائدة طويلة الأجل نظيراتها الأقصر، تشجع الإقراض. لكن هذا ليس ضروريًا
تسارعت وتيرة الإقراض في الولايات المتحدة من 2.8% على أساس سنوي في نهاية عام 2024 إلى 5.0% حاليًا. ينمو الناتج المحلي الإجمالي السعودي بوتيرة سريعة. سجّلت الأسهم الأمريكية مستويات قياسية عديدة قبل خفض البنك الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة في سبتمبر. وبدأ التحوّل الصعودي في السوق المالية السعودية خلال سبتمبر قبل أن يعكس البنك المركزي السعودي ذلك في سياساته. لا تُفرطوا في التركيز على خفض معدل الفائدة.
مخاوف اليوم تهيّئ الأجواء لمفاجآت إيجابية تُعزز المزيد من المكاسب، اغتنموها.
مؤسس Fisher Investments وأكبر مستشار استثماري في العالم وكاتب متخصص في أسواق الأسهم والصناديق الاستثمارية
خاص بـ " الاقتصادية"
