تصاعدت حدة التوترات بين الولايات المتحدة وفنزويلا السبت الماضي حيث أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب غلق الأجواء الفنزويلية كما نشرت واشنطن في وقت سابق حاملة طائرات يو إس إس جيرالد فورد وأكثر من 8 سفن حربية في بحر الكاريبي، هذا التوتر يلقي بظلاله على أسواق النفط التي أصبحت أخيرا قليلة الحساسية بطيئة التفاعل، ثقيلة الحركة كالنفط الفنزويلي الثقيل الذي تنتجه حقول فنزويلا.
زيادة التوتر أو الذهاب إلى عمليات عسكرية ضد فنزويلا قد يهدد منابع النفط الفنزويلية التي تنتج ما يقارب المليون و100 ألف برميل يومياً تصدر منها فنزويلا نحو 800 ألف برميل جلها من النفط الثقيل الذي يصعب تعويضه، ولعل أكبر التحديات التي تواجه تعويض النفط الفنزويلي هي مصافي النفط الثقيل التي تعتمد على معايير فنية ومعدات محددة لتكريره ليس من السهل تعديلها لقبول نفط أخف أو بخصائص مختلفة بما فيها المصافي الأمريكية في خليج المكسيك التي قلصت من وارداتها من النفط الفنزويلي بسبب العقوبات المفروضة على الدولة اللاتينية.
اشتعال حرب بين الولايات المتحدة وفنزويلا قد يحرم الصين والهند من النفط الثقيل الفنزويلي فالصين التي تستورد 65% من صادرات النفط الفنزويلي بمعدل يقارب نصف مليون برميل يومياً عليها إيجاد بديل له إذا ما توقفت صادرات فنزويلا عن الإبحار إلى الموانئ الصينية التي تنقلها للمصافي المخصصة لمثل هذا النفط الثقيل الحامض.
الهند أيضاً ستجد نفسها مضطرة إلى إيجاد بدائل ولكن بدائل النفط الفنزويلي الثقيل ليست كثيرة ومتعددة، فقد يكون النفط الثقيل الكندي الأقرب إلى الفنزويلي كأحد البدائل ولكن تكلفة العمليات اللوجستية ستكون باهظة، أحد البدائل الأخرى قد يكون النفط الثقيل في الشرق الأوسط ولكنه أقل ثقلاً وقد يتطلب تعديلات في المصافي المستقبلة لهذا النفط التي تنتجه عدة دول في المنطقة.
ولكن هذا فيما يتعلق بالصادرات بينما الأسواق ستحتسب خسارة مليون و100 ألف برميل من الإنتاج الفنزويلي وهو ما يعني أن لم تعوض هذه الكميات فإن معدلات العرض الحالي ستخسر هذه البراميل وقد تقفز بأسعار النفط بسبب هذا النقص، ورغم أن حساسية أسعار النفط ليست كما كانت سابقا وحركتها ليست رشيقة استناداً لاستجابتها غير المتوقعة والبطيئة للتوتر الحاد في الشرق الأوسط بعد حرب غزة وحرب الـ12 يوماً بين إيران وإسرائيل والهجوم على الدوحة إلا أن هذا النقص وخسارة كل أو جزء من الإنتاج الفنزويلي يؤدي إلى الإخلال بمستوى المعروض الحالي.
لعل من الآثار المتوقعة من حرمان الأسواق من النفط الثقيل الذي يأتي من فنزويلا هو زيادة أسعار الديزل وقد يقود ذلك إلى ارتفاع مستويات التضخم الذي يكافح العالم في خفض معدلاته.
فنزويلا نفسها ستكون أكبر الخاسرين بكل تأكيد إذا امتد فتيل الحرب إلى الصناعة النفطية المتأثرة سلفاً بالعقوبات الأمريكية التي حدت من تدفق الاستثمارات وتطوير حقولها النفطية وعانت في السنوات الماضية أسوأ تآكل في بنيتها التحتية التي كانت تنتج أكثر من 3 ملايين برميل يومياً في مطلع الألفية الجديدة. كما أن 17.5 مليار دولار سنوياً من العوائد النفطية قد تتعرض لمخاطر كبيرة إذا تعرض قطاعها النفطي للضرر بسبب الحرب المحتملة.
خبير إستراتيجي في شؤون الطاقة
