الاقتصادية - الموقع الرسمي لأخبار الاقتصاد والأسواق | الاقتصادية

الأربعاء, 3 ديسمبر 2025 | 12 جُمَادَى الثَّانِيَة 1447
Logo
شركة الاتحاد التعاوني للتأمين8.62
(-0.35%) -0.03
مجموعة تداول السعودية القابضة164
(1.67%) 2.70
الشركة التعاونية للتأمين121.7
(2.01%) 2.40
شركة الخدمات التجارية العربية118.3
(0.68%) 0.80
شركة دراية المالية5.41
(-0.73%) -0.04
شركة اليمامة للحديد والصلب33
(2.80%) 0.90
البنك العربي الوطني22.17
(0.77%) 0.17
شركة موبي الصناعية11.3
(4.53%) 0.49
شركة البنى التحتية المستدامة القابضة32.24
(-1.83%) -0.60
شركة إتحاد مصانع الأسلاك21.37
(0.56%) 0.12
بنك البلاد25.68
(0.16%) 0.04
شركة أملاك العالمية للتمويل11.26
(-0.09%) -0.01
شركة المنجم للأغذية54.9
(1.10%) 0.60
صندوق البلاد للأسهم الصينية12.01
(-0.83%) -0.10
الشركة السعودية للصناعات الأساسية54.95
(0.83%) 0.45
شركة سابك للمغذيات الزراعية115
(-0.61%) -0.70
شركة الحمادي القابضة29.12
(0.41%) 0.12
شركة الوطنية للتأمين13.02
(0.46%) 0.06
أرامكو السعودية24.46
(0.25%) 0.06
شركة الأميانت العربية السعودية16.77
(0.96%) 0.16
البنك الأهلي السعودي36.62
(-0.05%) -0.02
شركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات30.52
(0.33%) 0.10

‏ يبدو بالفعل أن ثقافة المالية العامة السعودية تغيرت خلال الـ9 سنوات الماضية من إطلاق رؤية 2030، حيث إن هناك بالفعل كما قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان إستراتيجية جديدة تتمثل في عكس الدورة الاقتصادية، وليس التماثل معها، فعندما يكون هناك تباطؤ في الأسواق العالمية أو في الاقتصادات الدولية أو تباطؤ في الاقتصاد المحلي يتم رفع الإنفاق، والعكس يحدث عندما يكون هناك نمو في الاقتصاد العالمي والاقتصاد المحلي بشكل كبير يتم خفض الإنفاق لضبط التضخم، وهذا مفهوم جديد لم تكن المالية العامة السعودية خلال العقود الماضية تستطيع القيام به، ولكن الآن مع تنوع الاقتصاد السعودي والإيرادات بات يمكن عكس الدورات الاقتصادية وتعديلها، وقدرة أكبر على ضبط نمط السياسة المالية للدولة.

‏إن الحديث عن الإصرار على الاستمرار في الإنفاق العالي كما في إعلانات موازنة السعودية لـ 2026 وحتى 2028، يؤكد أن هناك رغبة حكومية في الاستفادة من الموقف المالي القوي للسعودية اليوم، وكما يؤكد خبراء الاقتصاد دوما، أنَّ من الأفضل استخدام أدوات الدين وخصوصا أدوات الدين السيادية عندما تكون الدولة في موقف مالي قوي، وهو ما تتمتع به السعودية اليوم، بمعنى أن تذهب إلى أسواق الدين العالمية وأنت في موقف مالي جيد فتحصل على تكلفة أقل وهندسة إقراضية أسهل، وفي الوقت نفسه تستخدم هذه القروض في تعظيم الأثر الاقتصادي داخل الاقتصاد والاستمرار في دفع عجلة النمو والتنمية.

ولا شك أن العائد الاقتصادي الملموس وغير الملموس على الدين العام السعودي الذي حتى الآن يظل ضمن الأدنى مقارنة بالمعدلات عالميا بالدول الأقوى اقتصاديا في مجموعة العشرين، هو عائد كبير سواء على مستوى الاستفادة من توظيف هذه الأموال في مزيد من بناء البنية التحتية لمصادر الإيرادات الجديدة سواء في الصناعة والسياحة والترفيه وتقنية الذكاء الاصطناعي أو الرقائق أو غيرها من المشاريع والمبادرات التي تعمل السعودية على توطينها وتعظيم أثرها فيها، وهو ما أكده وزير المالية السعودي محمد الجدعان في ملتقى الميزانية، وحتى في المؤتمر الصحافي للميزانية من أن العائد والأثر الاقتصادي من الديون السعودية كبير للغاية في مسيرة تنويع اقتصادها.

ولذلك فإن إصرار السعودية على اقتصاد فيه عجز تحت السيطرة ودين دون المعدلات الخطيرة وضمن المستهدف في خطة مركز إدارة الدين المعلنة، والاستمرار في الاستدانة من الأسواق، يبين أن الحكومة تسعى للاستفادة من قوتها المالية سواء من احتياطياتها المالية في الخارج أو حتى قدرتها على تحصيل إيرادات تتجاوز اليوم تريليون ريال سعودي في الإنفاق أكثر من 40% منها من مصادر غير نفطية، والاستمرار في الإنفاق على المشاريع الإستراتيجية التي ستحول الاقتصاد وتمنحه مزيدا من التنوع بحلول 2030، وهذا تفكير إستراتيجي وثقة من القائمين على السياسة المالية في المملكة العربية السعودية بقدرة الاقتصاد الوطني على المضي قدما في تنفيذ خططه المستقبلية.

فكما تعلمون أن السعودية تمتلك احتياطيات مالية ضخمة، لكنها لا تريد أن تموّل عجز الميزانية منها بشكل مباشر كل عام، لأن الاحتياطيات تستخدم للطوارئ الكبرى فقط. كما أن سحب الاحتياطيات يضعف الثقة في الاقتصاد. وأيضا الاستثمار بعوائد أعلى أفضل من السحب لتغطية المصاريف. بمعنى آخر: إن ترك الاحتياطي ينمو أفضل من استخدامه لسد العجز.

كما أن استخدام مفاهيم مؤشرات الاستدانة ليست مشكلة إذا كانت بفوائد منخفضة، فالسعودية تقترض بتكلفة منخفضة بسبب قوتها الائتمانية العالية (تصنيف A/A+). وبالتالي، يمكنها الاقتراض بفوائد صغيرة واستثمار أموالها في مشاريع تحقق عوائد أعلى بكثير من تكلفة الدين، وهذا منطق اقتصادي: لماذا أسحب مليارًا من مدخراتي إذا كنت أستطيع اقتراضه بسعر منخفض وأستثمر مدخراتي بعوائد أعلى؟

كما أن تمويل مشاريع ضخمة لا يمكن تغطيتها من الإيرادات النفطية فقط، مثل: نيوم ذا لاين وتطوير البنية التحتية والمدن الاقتصادية والتحول الرقمي والسياحة والمشاريع اللوجستية الكبرى في النقل والمواني والمطارات. فهذه المشاريع تكلّف مئات المليارات، ولا يمكن تمويلها بالكامل من الميزانية السنوية، لذلك تستخدم السعودية مزيجاً من الإيرادات، السندات، الصناديق السيادية لتمويل رؤية 2030.

ولذا فإن سياسة "تنويع مصادر الدخل" تتطلب استمرار الإنفاق حتى لو وُجد عجز. ولكي تخرج السعودية من الاعتماد على النفط، يجب عليها الاستثمار في قطاعات جديدة مثل دعم الشركات، وبناء صناعات جديدة، وتطوير السياحة والطاقة المتجددة. إن هذه الاستثمارات تُكلّف الآن… لكن عوائدها تأتي وتظهر بعد سنوات.

فالحكومة تعمل على تطوير سوق السندات المحلية والدولية. ولن يتم ذلك إلا إذا واصلت إصدار سندات، وصنعت منحنى عائد واضح، ودعمت المؤسسات المالية في التعامل مع أدوات الدين، يعني الهدف هنا اقتصادي ومؤسساتي، وليس فقط لسد عجز.. وهنا لا بد من الحديث عن نقطة مهمة وإستراتيجية وهي أن السعودية تقبل أن يكون العجز محدوداً لكنه مستدام على فائض ضخم يختفي لو انخفض سعر النفط فجأة، فالعجز هنا مدروس، وليس بسبب أزمة، بل بسبب اختيارات استثمارية.

فالخلاصة: لماذا تصر السعودية على العجز والاستدانة؟

لأنها تريد الحفاظ على الاحتياطيات، وتمويل مشاريع رؤية 2030 الضخمة، وتنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط، وتطوير سوق الدين المحلية، واستغلال قدرتها على الاقتراض بتكاليف منخفضة، وعدم ربط الميزانية بتقلبات النفط، أي -بمعنى آخرـ إن العجز السعودي ليس علامة ضعف، بل هو جزء من إدارة اقتصادية طويلة المدى من أجل تحقيق نتائج إيجابية تدعم قوة الاقتصاد الوطني.

رئيس تحرير صحيفة "الاقتصادية"

للإشتراك في النشرة
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من الاقتصادية