الاقتصادية - الموقع الرسمي لأخبار الاقتصاد والأسواق | الاقتصادية

السبت, 22 نوفمبر 2025 | 1 جُمَادَى الثَّانِيَة 1447
Logo
شركة الاتحاد التعاوني للتأمين9.51
(1.39%) 0.13
مجموعة تداول السعودية القابضة186.3
(-1.01%) -1.90
الشركة التعاونية للتأمين125
(-0.16%) -0.20
شركة الخدمات التجارية العربية115.3
(2.49%) 2.80
شركة دراية المالية5.53
(0.73%) 0.04
شركة اليمامة للحديد والصلب35.72
(0.17%) 0.06
البنك العربي الوطني22.22
(0.45%) 0.10
شركة موبي الصناعية11.17
(3.43%) 0.37
شركة البنى التحتية المستدامة القابضة32.5
(0.68%) 0.22
شركة إتحاد مصانع الأسلاك22.62
(0.85%) 0.19
بنك البلاد27.16
(-0.15%) -0.04
شركة أملاك العالمية للتمويل11.98
(-0.58%) -0.07
شركة المنجم للأغذية54.7
(0.46%) 0.25
صندوق البلاد للأسهم الصينية11.99
(-0.50%) -0.06
الشركة السعودية للصناعات الأساسية56.55
(-0.35%) -0.20
شركة سابك للمغذيات الزراعية118.5
(0.00%) 0.00
شركة الحمادي القابضة29.98
(-1.32%) -0.40
شركة الوطنية للتأمين14.07
(1.52%) 0.21
أرامكو السعودية25.78
(-0.46%) -0.12
شركة الأميانت العربية السعودية18.6
(0.70%) 0.13
البنك الأهلي السعودي37.72
(-0.16%) -0.06
شركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات31
(-0.77%) -0.24


بكل المقاييس تعد زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة الأمريكية زيارة تاريخية وتحمل في طياتها تحولا إستراتيجيا في العلاقات الثنائية بين الرياض وواشنطن فلم تكن مجرد زيارة بروتوكولية تقليدية، بل صياغة شاملة وجديدة للعلاقة السعودية الأمريكية في عصر متعدد الأقطاب وتحولات عصر الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي، ومسارا جديدا للشراكة بين البلدين على مستويات التقنية، والدفاع، والطاقة، والاستثمارات بصورة غير مسبوقة تبرزها نوعية الاتفاقيات وكذلك حجمها.

 فالصفقات ليست تجارية بحتة، بل تحمل بعداً إستراتيجياً يظهر سعي السعودية بعزم نحو تحقيق رؤية 2030 وبما يضمن تحديث اقتصادها وتنويعه واستدامته، وكما أنها تؤكد تقدما في الفهم الأمريكي لأهمية السعودية كشريك إستراتيجي في قطاعات عدة متطورة.

في هذا السياق نقرأ الإعلان عن إتمام المفاوضات بشأن التعاون في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية كأهم منعطف وتحول إستراتيجي، ليس من الجانب السعودي فقط، بل وحتى الجانب الأمريكي. فلسنوات طويلة، كان ملف التعاون النووي السلمي بين البلدين يراوح مكانه، متعثرًا عند عقبة رئيسية تتمثل في إصرار الولايات المتحدة على فرض قيود صارمة لمنع الانتشار النووي، وتحديدًا رفضها السماح بتخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية. إلا أن القمة الأخيرة شهدت اختراقًا تاريخيًا تمثل في "الإعلان المشترك لاكتمال المفاوضات بشأن التعاون في مجال الطاقة النووية المدنية.

وهذا الإعلان يضع الأساس القانوني لشراكة طويلة الأمد بمليارات الدولارات للتعاون النووي بين البلدين يتيح نقل التكنولوجيا النووية من الولايات المتحدة إلى السعودية، بما في ذلك محطات نووية مع الالتزام المشترك بمعايير منع الانتشار النووي، فهي من وجهة النظر السعودية تمثل خطوة مهمة لدعم خطط تطوير قطاع الطاقة النظيفة وتعزيز تنويع مصادر الطاقة ضمن رؤية 2030. وفي الجانب الأمريكي تدعم الاتفاقية الصناعة النووية الأمريكية في استعادة ريادتها العالمية في مواجهة المنافسة الشرسة من روسيا والصين. 

نقرأ أيضا عقد اتفاقية بشأن شراكة في مجال المعادن النادرة وهو مجال إستراتيجي جديد ومهم جداً لتكنولوجيا المستقبل الذي تسعى السعودية نحو تعزز قدرتها فيه وأن تكون لاعبًا محوريًا في سلاسل القيمة العالمية للمعادن المتقدمة، وتساعد على تأمين إمدادات إستراتيجية مطلوبة للتكنولوجيا العالمية.

 فالتوترات التجارية العالمية وأزمة سلاسل الإمداد التي أعقبت جائحة كورونا أكدت وجود مخاطر في الاعتماد على مصدر واحد للموارد الحيوية، خاصة المعادن الأرضية النادرة التي تهيمن الصين على إنتاجها عالميًا، وهذه التحديات العالمية تتيح فرصة للسعودية في تعزيز قدراتها في إنتاج وتصدير هذه المعادن الضرورية للصناعات المستقبلية، مثل صناعة السيارات الكهربائية وتوربينات الرياح إلى الإلكترونيات المتقدمة والمعدات العسكرية.

من هذا المنطلق، جاء "الإطار الإستراتيجي للشراكة في تأمين سلاسل إمداد اليورانيوم والمعادن الحرجة" كخطوة استباقية بالغة الأهمية، ووفقا لوكالات الأنباء الدولية، فمن المتوقع أن يكون التعاون من خلال مشروع مشترك بين شركة MP Materials الأمريكية وشركة معادن السعودية لتطوير سلسلة التوريد للمعادن النادرة في السعودية، يشمل التعدين، التكرير، وإنتاج المغناطيسات.

 هذه الاتفاقيات تمهد المسار نحو اقتصاد القرن الحادي والعشرين، الذي يبرز فيه الذكاء الاصطناعي كأحد محركاته الأساسية، وفي هذا المجال وُقِّعَت مذكرة تفاهم إستراتيجية في مجال الذكاء الاصطناعي بين الطرفين، وهي اتفاقية رائدة فالسعودية تستهدف ضمن "رؤية 2030" إلى التحول نحو اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار، وقد حدد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذكاء الاصطناعي كأداة حاسمة لمواجهة تحديات المستقبل، ومن بينها "نقص الموظفين" ونمو الناتج المحلي الإجمالي والسعودية تخطط لإنفاق نحو 50 مليار دولار على المدى القصير لاستهلاك الرقائق الإلكترونية، ومئات المليارات على المدى الطويل، فالاتفاقية تأتي إذا في سياق إستراتيجي، وتحمل خططاً لبناء بنية تحتية ضخمة للبيانات والبنية الحاسوبية من خلال إنشاء مركز بيانات بسعة 500 ميجاوات في السعودية بالتعاون مع شركة إنفيديا وشركة Humain السعودية التابعة لصندوق الاستثمارات العامة لتصبح السعودية مركزًا تقنيًا إقليميًا في هذا المجال.

 في الجانب الدفاعي، أيضا يظهر التحول الإستراتيجي في العلاقات السعودية الأمريكية في إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عن صفقة لبيع طائرات مقاتلة من طراز F-35 إلى السعودية ما ينقل القوات الجوية السعودية إلى مستوى متقدم، وهذا يعني ضمنيا أن السعودية تمثل ثقلا ومركز توازن عالميا، كما يؤكد أن العلاقات السعودية الأمريكية تتجه نحو مسار جديد يبرز ثقة أمريكا في الشريك السعودي، فإلى جانب صفقة F-35 هناك حزمة من المبيعات الدفاعية الضخمة تضمن تزويد السعودية بنحو 300 دبابة أمريكية حديثة.

هذه الصفقات، التي تقدر قيمتها الإجمالية بمليارات الدولارات، لا تهدف فقط إلى تحديث الترسانة العسكرية السعودية، بل أيضًا إلى صنع فرص عمل في قطاع الصناعات الدفاعية الأمريكية، وهو ما اعتبره الرئيس ترمب جزءًا من "الأمن القومي" الأمريكي، ولهذا أعلن الرئيس ترمب عن تصنيف السعودية "حليفًا رئيسيًا من خارج حلف شمال الأطلسي؛ ما يضع السعودية في دائرة الشركاء الأمنيين الأكثر تميزًا لواشنطن.

ويمنحها وصولا غير مسبوق إلى التكنولوجيا الدفاعية الأمريكية المتقدمة، ويبسط إجراءات بيع السلاح كما تتيح للشركات السعودية المنافسة على عقود وزارة الدفاع الأمريكية والمشاركة في مشاريع البحث والتطوير المشتركة التدريبات العسكرية.

وهنا يتضح لماذا كان هناك توقعات باستثمارات سعودية في الولايات المتحدة بقيمة تريليون دولار، وهذا الاستثمارات الضخمة تتطلب تفاهماً وتوافقاً كبيراً؛ ولهذا فقد كان من المتوقع توقيع "اتفاقية الشراكة المالية والاقتصادية" و"اتفاقية التعاون في أسواق رأس المال". تهدف هذه الاتفاقيات إلى مواءمة الأنظمة والمعايير بين البلدين، وتسهيل حركة رؤوس الأموال، وتعزيز التعاون في المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدولي.

 كما تشمل جانبًا أمنيًا مهمًا يتمثل في تعزيز التعاون الوثيق في قضايا مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ما يجعل النظام المالي العالمي أكثر أمانًا. علاوة على ذلك، توصل البلدان إلى اتفاق مبدئي على نص "اتفاقية تبادل المعلومات الضريبية"، ما يعزز الشفافية، ويمنع التهرب الضريبي عبر الحدود.

هذه الاتفاقيات والتوافقات بشأن حجم الاستثمارات المتبادلة سوف تظهر على حجم التبادل التجاري بين البلدين، الذي بلغ اليوم نحو 32 مليار دولار في 2024، ومن المتوقع أن يقفز بصورة تاريخية في السنوات المقبلة.
للإشتراك في النشرة
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من الاقتصادية