لارا ويليامز
@lararhiannonw
شركات خاصة تسوق وضع نظارة شمسية لتبريد الأرض صناعياً كبديل لخفض الانبعاثات والاحترار
• إدارة إشعاع الشمس تخفي تأثير تركيزات غازات الدفيئة في غياب القدرة على إزالة الكربون
• نجاح التقنية الجديدة يتطلب أن تظل مستقرة لمئات السنين.. فهل يمكن لأي شركة أن تعد بذلك؟
الهندسة الجيولوجية الشمسية هي مجموعة من التقنيات التي تهدف إلى إخفاء بعض آثار تغير المناخ عن طريق حجب ضوء الشمس، وليست على جدول أعمال مؤتمر الأطراف الـ30 لهذا الشهر. لكن كان ينبغي أن تكون كذلك.
تظهر جولة تمويل قياسية للشركات التي تعمل في هذا المجال أن الناس يبدون جدية في محاولة تبريد الكوكب صناعياً، وهذا تطور مُرعب، خاصةً وأن هذه الشركات غالباً ما تكون غير خاضعة لجهة ناظمة.
في استطلاع حديث للرأي شمل باحثين في المناخ، قال ثلثاهم إنهم يعتقدون أنه ستكون هناك محاولة لتطبيق تعديل الإشعاع الشمسي على نطاق واسع بحلول 2010. بينما قال 9% فقط إنه لن يكون هناك أي محاولة.
يعد هذا انعكاس مقلق لخيبة الآمال في تقدم خفض الانبعاثات، وللتشاؤم بشأن المستقبل. في النهاية، لا يمكن للهندسة الجيولوجية الشمسية أن تكون سوى مسكّن لأزمة المناخ، وليس علاجاً لها. كما أنها تأتي مع مجموعة من الآثار الجانبية المُحتملة غير المفهومة جيداً.
الأمر الأكثر إثارةً للرعب في استطلاع ”نيو ساينتست“ هو أن أكثر من نصف الباحثين يعتقدون أن النشر سيكون مدفوعاً بـ"جهة مارقة" مثل شركة خاصة أو ملياردير أو دولة تعمل بمفردها.
على الرغم من أن الفكرة كانت في السابق على هامش العلوم، إلا أنها تكتسب زخماً بين رواد التقنية. نشر إيلون ماسك حديثاً عبر منصة ”إكس“ (X) أن "كوكبة كبيرة من الأقمار الصناعية التي تعمل بالطاقة الشمسية والذكاء الاصطناعي ستكون قادرة على منع الاحتباس الحراري من خلال تعديلات طفيفة في كمية الطاقة الشمسية التي تصل إلى الأرض". أعتقد أنه يعني أسطوله الضخم من أقمار ”ستارلينك“ الصناعية.
أُنفقت الملايين على الأبحاث الأكاديمية في أساليب مثل حقن الهباء الجوي الستراتوسفيري، وهذا يعني رش مادة عاكسة مثل ثاني أكسيد الكبريت في طبقة الستراتوسفير، وفي مرايا الفضاء، وهي تعني بالضبط ما يوحي به اسمها.
هل هذه فكرة تجارية طائشة أم مسعى علمي مجدٍ؟
بقيادة استثمارات وكالة الأبحاث والاختراعات المتقدمة في المملكة المتحدة البالغ 56.8 مليون جنيه إسترليني (75 مليون دولار)، يمكن لهذا البحث أن يُقدم مساهمة إيجابية طالما أنه شفاف وغير مرتبط بضمان النشر النهائي.
لكن هناك تدفقاً كبيراً للأموال يتجه نحو المشاريع الساعية للربح. بين عامي 2007 و2024، ذهب 17.6 مليون دولار فقط من التمويل إلى مهندسي الجيولوجيا الشمسية التجاريين، وفقاً لمنظمة ”إس آر إم 360 ”(SRM360) غير الربحية، وهو جزء صغير من إجمالي تمويل القطاع البالغ 185.7 مليون دولار.
هذا العام، جمعت شركة ناشئة أمريكية إسرائيلية واحدة هي ”ستاردست“ (Stardust) 60 مليون دولار من المستثمرين، وفقاً لبيانات ”بيتش بوك“ (PitchBook). وقد قادت التمويل شركة ”لووركاربون كابيتال“ (Lowercarbon Capital)، وهي شركة رأس المال الاستثماري لملياردير التقنية كريس ساكا، وانضم إليها آخرون، بما في ذلك عائلة أنييلي الإيطالية الثرية ومات كولر، وهو مسؤول تنفيذي سابق في ”فيسبوك“.
تسعى شركة "ستاردست" إلى تطوير تقنية حقن الهباء الجوي الستراتوسفيري وترغب في استخدام جسيم أفضل من الكبريتات، التي لها عيوبٌ خطيرة. فهي تُسبب أمطاراً حمضية، وتُسبب نوبات ربو، وقد تُلحق الضرر بطبقة الأوزون، كما يُشير تقرير صادر عن الجمعية الملكية. سيكون الجسيم المثالي آمناً تماماً ومتيناً وغير تفاعلي وقابل للتتبع. هل يوجد مثل هذا العنصر المعجز؟ تسعى "ستاردست" للحصول على براءة اختراع لشيءٍ تعتقد أنه يناسب المواصفات المطلوبة. لكن العلماء مُتشككون.
إن مزاعم وجود جسيم خامد في طبقة الستراتوسفير "هراء"، وفقاً لمقال نُشر هذا الشهر بقلم ديفيد كيث، أستاذ العلوم الجيوفيزيائية بجامعة شيكاغو، ودانييل فيزيوني، رئيس قسم البيانات في "ريفليكتيف"، وهي منظمة غير ربحية تدعم أبحاث الهندسة الجيولوجية الشمسية. حتى الماس، المعروف بعدم تفاعله، سيُغير الكيمياء على ارتفاع 50 كيلومتراً فوق سطح الأرض.
أدلة علمية تعد بنشرها شركة ناشئة
الشفافية أمر حيوي في مجال الهندسة الجيولوجية، لتعزيز ثقة الجمهور وضمان عدم تجاهل المخاطر. أخبرني ياناي يدفاب، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة ”ستاردست“، أنه "ملتزم تماماً" بهذا الأمر. ويقول إنه سيتم نشر الأبحاث الأكاديمية حول تقنيتها مطلع العام المقبل في مجلاتٍ علمية محكّمة. ودعا يدفاب المشككين في وجود جسيم خامد وآمن إلى الاطلاع على الأدلة قبل اتخاذ قرارهم.
ليست ”ستاردست“ أول شركة تسعى إلى تسويق الهندسة الجيولوجية الشمسية. يُمكن القول إن لديها نهجاً أفضل من "ميك صن سيتس“ (Make Sunsets)، وهي شركة ناشئة قوامها شخصين تُعنى بتقنية SAI حقن الهباء الجوي الستراتوسفيري بدأت بإطلاق بالونات طقسٍ مليئةٍ بالكبريت لتوليد "أرصدة تبريد" للبيع، ما أثار غضب وكالة حماية البيئة الأمريكية.
كتب لوك آيسمان في رسالة وجهها إلي، وهو أحدُ ثنائي "ميك صن سيت"، قائلاً: "لا أحد منّا عالم في مجال المناخ، لذلك لا نجري أبحاثاً أصليةً ولا نقدّم ادعاءات غير مدعّمة". وأشار إلى صفحة إلكترونية تشرح الحسابات، مع الاستشهادات.
يؤكد لي يدفاب أن الحكومات ستقرر ما إذا كانت ستنشر تقنية ”ستاردست“ ومتى وكيف. وقد نشرت الشركة بعض المبادئ التوجيهية، بما في ذلك الالتزام بالكشف عن "النتائج غير المواتية والإيجابية على حد سواء"، ورفض التعاون من أي جهة يُحتمل أن تنخرط في نشر متهور. هذا أمر جدير بالثناء، لكن الهندسة الجيولوجية الشمسية التجارية لا تزال تحدث فرقاً، وأنا قلقٌ جداً.
تُوجد الشركات لبيع منتجاتها بربح، ما يولّد دائماً حوافز للتقليل من شأن المخاطر والترويج للفوائد. وتزداد المشكلة سوءاً عندما تأتي تقنيتك بآثار يصعب عكسها أو توزيعها بالتساوي. تُشير الجمعية الملكية إلى أن إدارة الإشعاع الشمسي قد تخفف من كثير من الآثار السيئة لتغير المناخ، لكن ليس جميعها، بما في ذلك الجفاف وتحمض المحيطات. وإذا طُبقت دون عناية كافية، فقد تُفاقم الهندسة الجيولوجية الشمسية تغير المناخ الإقليمي، ما يزيد من خطر نشوب الصراعات.
تجربة الحجب لا يمكن احتمال أو عكس نتائجها
وعندما تبدأ البشرية بتعديل الإشعاع الشمسي، سيكون صعباً إيقافه. إن إدارة الإشعاع الشمسي تُخفي فقط تأثير تركيزات غازات الدفيئة، في غياب القدرة على فعل ذلك عبر إزالة الكربون. وإذا أُوقفت أو كُبحت فسنواجه صدمة نهاية، وهي ارتفاع سريع في درجات الحرارة على مدى عقد أو نحو ذلك. وهذا قد يصعّب تكيفنا مع تغير المناخ.
لكي تنجح هذه التقنية، يجب أن تظل مستقرة تماماً لمئات السنين. هل يمكن لأي شركة خاصة أن تعد بذلك في مواجهة الركود الاقتصادي والحروب والأوبئة والعقوبات وأي صدمات أخرى قد تعترض طريقنا؟
في السوق الحرة، لا تميل الشركات إلى البقاء إلى الأبد. يبلغ متوسط عمر شركة أمريكية مدرجة في مؤشر ستاندرد آند بورز 500
15 عاماً، بانخفاض عن 67 عاماً قبل ثمانية عقود. وهذا دليل على بلد مبتكر بضراوة. وهذه المدد هي كلمح البصر عندما تعبث بالطبيعة.
للإنصاف، فقد انبثقت كثير من التقنيات الرائعة من شراكة بين الشركات الخاصة والأوساط الأكاديمية، كما أشار يدفاب. تسلسل الجينوم واستكشاف الفضاء والاكتشافات الطبية كلها أمثلة. عالم الشركات أفضل في تحفيز المواهب وبناء فرق متعددة التخصصات.
لكن غياب التنظيم الصارم الذي تجده في مجال أبحاث الفضاء أو الطب أمر مقلق. فقد حظرت بعض الولايات الأمريكية الهندسة الجيولوجية الشمسية بناءً على نظريات المؤامرة الكيميائية. ومنعت المكسيك التجارب بعد أنشطة "ميك صن سيتس". تُعلّق اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي مؤقتاً على الهندسة الجيولوجية، لكن الولايات المتحدة لم تُصادق عليها بعد. وهي ليست مُلزمة قانوناً.
أصدر الاتحاد الأوروبي رأياً علمياً في ديسمبر يفيد بضرورة وجود حوكمة عالمية، لكن "لا يوجد إطار عمل كهذا، وليس واضحاً كيف يُمكن إنشاؤه". وهذا ليس مطمئناً على الإطلاق.
رغم أن ”ستاردست“ تبذل جهداً لإضفاء الشرعية على عملها، فلن يفعل الجميع الشيء نفسه إلا إذا أُجبروا. وكما أنها ليست أول شركة تجري أبحاثاً في مجال الهندسة الجيولوجية الشمسية، فلن تكون الأخيرة. ينبغي على الحكومات أن تتحرك الآن.
تدير قنوات التواصل الاجتماعي الخاصة بـ Bloomberg Opinion.
خاص بـ " بلومبرغ"
