علي الشدي
قبل سنوات لا تٌعد طويلة في عمر الدول وتطورها كانت مدينة الرياض خاصة والسعودية عامة لا تحسب ضمن المواقع المؤهلة لاستضافة المؤتمرات الكبرى، حيث لا تملك كوادر مؤهلة لإدارة تلك الفعاليات ولا تتوفر فيها حتى مرافق السكن وقاعات الاجتماعات المطلوبة، وأذكر أننا نحرج كثيرًا "وكنت حينها مسؤولًا في إحدى الجهات الحكومية" عندما نهم باستقبال وفد من 10 أشخاص أو أكثر لعدم توفر الغرف في 3 أو 4 فنادق متواضعة في مدينة الرياض.
وكنا نحرص على علاقة جيدة مع المسؤولين في تلك الفنادق لمساعدتنا على مواجهة الأزمة حينما يزيد العدد قليلًا ويحدث ذلك مرة أو مرتين في العام.
واليوم أصبحت الرياض دون منازع عاصمة المؤتمرات والفعاليات العالمية، وخلال الأيام الماضية عقدت في الرياض على سبيل المثال 4 مؤتمرات ذات أهمية اقتصادية كبرى وهي: مبادرة مستقبل الاستثمار، وملتقى الصحة العالمي، والقمة العالمية للتقنية العقارية، وملتقى فورتشن، إضافة إلى عديد من الندوات والفعاليات الأخرى، وحيث أن مبادرة مستقبل الاستثمار هي الأكبر حجماً والأوسع طيفاً والأعلى حضوراً، وأنها تعقد للمرة الـ9 تحت رعاية الملك سلمان بن عبدالعزيز وشعارها لهذا العام "مفتاح الازدهار" فسوف يكون التركيز عليها في هذا المقال مع عدم التقليل من أهمية المؤتمرات الأخرى، وخاصة ملتقى الصحة العالمي الذي بشّر في كلمة افتتاحه وزير الصحة فهد الجلاجل بنتائج مفرحة للجهود المبذولة لمكافحة الأمراض، والتوعية ومنها انخفاض الوفيات نتيجة الحوادث وزيادة متوسط الأعمار وغيرها من البشائر التي نحمد الله على حدوثها في وقت وجيز.
وعودة إلى مؤتمر مستقبل الاستثمار، أقول: إن من علامات نجاح هذا المؤتمر العالمي أنه يلقى اهتمامًا كبيراً من القيادة ممثلة في ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، حيث يحرص على حضوره كل عام والحديث مع المشاركين ورسم التوجهات المستقبلية للاقتصاد والاستثمار في السعودية وعلى المستوى العالمي الذي أصبحت السعودية لاعباً مهماً في ميادينها.
وقد حضر المؤتمر هذا العام أكثر من 8 آلاف مشارك وتحدث به أكثر من 650 متحدثا بارزا خلال 250 جلسة حوارية، كما وقعت خلاله اتفاقيات استثمار تتجاوز قيمتها 60 مليار دولار.
وكدليل على أهمية المؤتمر أنه يشهد سنويًا حضورا بارزا من رؤساء الدول وصناديق الثروة السيادية وكبار المسؤولين التنفيذيين والرواد في مجالات التكنولوجيا والطاقة والمناخ والنقل والسياحة والتمويل، ما يؤكد مكانة الرياض كعاصمة عالمية تجمع القياديين والمبتكرين من مختلف دول العالم.
وأخيراً: استحضر ما ذكره الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات أخيراً، أن المؤتمرات والمعارض في السعودية قد نمت بنسبة 40% خلال السنوات الـ4 الماضية، ما جعلها الأسرع نموًا بين دول مجموعة العشرين وهذا يُبرز مكانة السعودية بوصفها مركزًا اقتصادياً عالمياً وحاضنة لصناعة القرارات المستقبلية.
والخلاصة، أن المركز الذي وصلت إليه الرياض في مجال المؤتمرات والمعارض قد وفر كل ما يحتاج إليه رجال الأعمال ورواد الأعمال بشكل خاص لمتابعة كل جديد دون تحمل عناء وتكاليف السفر كما كان ذلك في الماضي، وأضاف صناعة جديدة تفتح للشركات المحلية وللكفاءات المواطنة فرص عمل دائمة أو مؤقتة في الأنشطة المرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بهذا الحراك في تنظيم الفعاليات.
