علي الجحلي
@aliljahli
يدخل الاقتصاد السعودي 2026 في مرحلة جديدة من مسار التحول الذي انطلق بقوة مع رؤية السعودية 2030. وبعد سنوات من الإصلاحات الاقتصادية والمالية والهيكلية، واستثمارات ضخمة في البنية التحتية والمشاريع الكبرى، يبدو العام 2026 محطة حاسمة لترسيخ المكاسب وتوسيع نطاق القطاعات غير النفطية، مع المحافظة على استقرار مالي قوي ومكانة قيادية في أسواق الطاقة العالمية.
آفاق النمو في السعودية
تُظهر التوقعات أن الاقتصاد السعودي سيشهد في 2026 نموا مستفيدا من استمرار الاستثمار الحكومي في القطاعات الإستراتيجية، وارتفاع وتيرة النشاط في الصناعات التحويلية، والسياحة، واللوجستيات، والتقنية. ومن المتوقع أن يكون النمو غير النفطي المحرك الرئيسي للاقتصاد، بعد أن أظهر أداء قويا خلال 2024–2025.
السياسة المالية واستدامة الإنفاق
مع دخول 2026، يُتوقع أن تستمر السعودية في اتباع سياسة مالية متوازنة، تجمع بين الانضباط المالي واستمرار الإنفاق الرأسمالي على المشاريع الإستراتيجية. رغم الإنفاق الاستثماري الكبير، فإن قدرة السعودية على تمويل هذا العجز تبقى قوية بفضل التصنيف الائتماني المرتفع، واحتياطيات مالية سليمة، وإدارة فعالة للدين العام.
صناعة الطاقة ودور السعودية القيادي
سيبقى قطاع الطاقة جزءا أساسيا من قوة السعودية في 2026. ورغم التوجه العالمي نحو الطاقة المتجددة، يظل النفط والغاز عنصرين رئيسيين في معادلة أمن الطاقة العالمي. تشير التوقعات إلى أن أسعار النفط خلال 2026 قد تراوح بين 75 و90 دولارا للبرميل، وهو مستوى يوفر للسعودية بيئة مالية مستقرة.
الاستثمارات والمشاريع الكبرى
في 2026، يتوقع أن تصل عديد من المشاريع العملاقة إلى مراحل تشغيلية أو اقتراب من التشغيل، مثل مشاريع نيوم، ذا لاين، البحر الأحمر، القدية، السودة، ومدينة الملك سلمان للطاقة. هذه المشاريع ستخلق آلاف الوظائف الجديدة، وتضخ نشاطا ضخما في قطاعات البناء، النقل، السياحة، والخدمات.
التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي
سيكون 2026 عاما محوريا في مسار التحول الرقمي في السعودية، إذ تتقدم السعودية بسرعة لتكون مركزا إقليميا في مجال الابتكار والذكاء الاصطناعي. ستزيد الاستثمارات في مراكز البيانات، والحوسبة السحابية، والتطبيقات الحكومية الذكية، إضافة إلى توسع البنية التحتية للاتصالات عالية السرعة.
السياحة والقطاعات الخدمية
بفضل الإصلاحات وتسهيل التأشيرات وتحسين البنية التحتية السياحية، ستستمر السعودية في تحقيق نمو قوي في قطاع السياحة خلال 2026. مشاريع مثل: العلا، حديقة الملك سلمان، وسط الرياض، والبحر الأحمر ستجذب ملايين الزوار سنويا.
التجارة وسلاسل الإمداد
موقع السعودية الإستراتيجي يجعلها مرشحة للاستفادة من إعادة تشكيل سلاسل الإمداد العالمية. في 2026، قد تتوسع المناطق الاقتصادية الخاصة والموانئ السعودية لتكون مراكز لوجستية رئيسية بين آسيا وإفريقيا وأوروبا.
المخاطر والتحديات
رغم النظرة الإيجابية، لا يخلو المشهد من تحديات ينبغي إدارتها بفعالية، أبرزها تقلب أسعار النفط، التضخم العالمي، التنافس في الصناعات التقنية، والمخاطر الجيوسياسية.
يقف الاقتصاد السعودي في 2026 على أعتاب مرحلة ناضجة من التحول، تتقاطع فيها قوة القطاعات غير النفطية مع مكانة السعودية القيادية في الطاقة التقليدية والجديدة. ومع استمرار الإصلاحات وتسارع المشاريع الكبرى، يبدو أن السعودية مقبلة على عام يرسّخ أسس اقتصاد متنوع ومستدام وأكثر قدرة على مواجهة التحديات العالمية.
كاتب اقتصادي
