تخيل أن تتحدث مع روبوت، فيرد عليك فورا بصوت طبيعي، يلتقط نظراتك، ويتفاعل معك بتعبيرات وجه تشبه الإنسان تماما.
هذه ليست مشاهد من فيلم خيال علمي، بل واقع جرى عرضه في العاصمة السعودية الرياض، خلال مؤتمر الثورة الصناعية الرابعة الذي اختتم أمس.
في إحدى زوايا المعرض، خطف روبوت سعودي متقدم الأنظار بقدرته على التواصل المباشر مع البشر عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي و"تشات حي بي تي"، ليدخل المتفاعلون معه في حوار طبيعي وسلس، وكأنهم أمام شخص حي.
الروبوت لا يكتفي بالاستماع، بل يفهم الأصوات ويحللها ويجيب في اللحظة نفسها، مع تفاعل بصري مدهش يترجم المعاني إلى حركات عينين وتعبيرات وجه دقيقة للغاية، ما يمنحه طابعا إنسانيا حقيقيا.
ولا تتوقف المفاجآت عند التفاعل الصوتي والبصري، إذ يمتلك الروبوت قدرة على تحريك الأجسام حتى وزن ثلاثة كيلوغرامات، ويعتمد على شبكة من الكاميرات والحساسات الذكية التي تمكنه من تتبع الأشخاص والتعرف على بيئته المحيطة بدقة عالية، ما يجعل التعامل معه تجربة واقعية بالكامل.
ويخضع الروبوت لتجارب ميدانية في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بالتعاون مع شركة عالمية متخصصة، لقياس تفاعل الناس مع الروبوت في بيئات متنوعة، وتسجيل الملاحظات لتحسين أدائه في النسخ القادمة وتحسين أداء النموذج في المستقبل.
وفي إطار هوية سعودية واضحة، يعكف المطورون في المستقبل على دعم اللغة العربية بالكامل من خلال "علام”، وإضفاء لمسات تصميم محلية تعكس روح الابتكار السعودي، إلى جانب شراكات دولية تهدف إلى تطوير أنظمة المحادثة والإدراك الحسي.
وفي لمسة محلية تحمل هوية سعودية، يتجه المطورون العمل على دعم اللغة العربية بالكامل عبر النموذج المعروف باسم "علام"، مع تصميم مستقبلي يعكس ملامح الهوية السعودية، إلى جانب تعاون عالمي لتطوير أنظمة المحادثة والإدراك الحسي
أما عن الخصوصية، وهي هاجس العصر الرقمي، لا يخزن أي بيانات محليا، بل ترسل المحادثات مباشرة إلى نظام "تشات حي بي تي" لتوليد ردود فورية وآمنة، ما يضمن للمستخدم تفاعلا آمنا ومحميا تماما. ويعتمد الروبوت على رقائق متطورة من "إنفيديا" تمنحه سرعة معالجة فائقة ودقة في الاستجابة اللحظية.
هذا الإنسان الآلي السعودي لا يمثل مجرد ابتكار تقني، بل خطوة حقيقية نحو مدن ذكية تتفاعل مع الإنسان بذكاء ولغة وعيون. تجربة جديدة تفتح الباب أمام جيل جديد من الروبوتات التفاعلية، قادرة على المساهمة في الحياة اليومية، ودعم الابتكار، وإبراز المكانة المتقدمة للسعودية في سباق الذكاء الصناعي العالمي.
تقديرات "بلومبيرغ إنتليجنس" تشير إلى أن حجم اقتصاد الذكاء الاصطناعي سيصل إلى نحو 1.3 تريليون دولار بحلول 2032، مدفوعا بتسارع تبني الأنظمة الذكية في القطاعات الصحية والتعليمية والصناعية.
أما في مجال الروبوتات، فقد ارتفع عدد الروبوتات الصناعية حول العالم إلى أكثر من 3.5 مليون روبوت، وفق الاتحاد الدولي للروبوتات، مع تصدر آسيا وخاصة كوريا الجنوبية واليابان والصين قائمة الدول الأكثر استخداما لها.

