الاقتصادية - الموقع الرسمي لأخبار الاقتصاد والأسواق | الاقتصادية

الأربعاء, 5 نوفمبر 2025 | 14 جُمَادَى الْأُولَى 1447
Logo
شركة الاتحاد التعاوني للتأمين9.84
(-4.37%) -0.45
مجموعة تداول السعودية القابضة193.1
(-2.96%) -5.90
الشركة التعاونية للتأمين130.8
(0.15%) 0.20
شركة الخدمات التجارية العربية114.5
(-4.02%) -4.80
شركة دراية المالية5.5
(-0.72%) -0.04
شركة اليمامة للحديد والصلب35.4
(-1.39%) -0.50
البنك العربي الوطني23.49
(-2.61%) -0.63
شركة موبي الصناعية12.12
(6.13%) 0.70
شركة البنى التحتية المستدامة القابضة34.34
(-2.44%) -0.86
شركة إتحاد مصانع الأسلاك23.72
(-1.98%) -0.48
بنك البلاد28.52
(-1.86%) -0.54
شركة أملاك العالمية للتمويل12.9
(-2.42%) -0.32
شركة المنجم للأغذية54.3
(-1.54%) -0.85
صندوق البلاد للأسهم الصينية11.99
(-0.08%) -0.01
الشركة السعودية للصناعات الأساسية58.3
(-0.77%) -0.45
شركة سابك للمغذيات الزراعية120.1
(-1.96%) -2.40
شركة الحمادي القابضة32.5
(-2.11%) -0.70
شركة الوطنية للتأمين14.15
(-1.74%) -0.25
أرامكو السعودية25.6
(-0.62%) -0.16
شركة الأميانت العربية السعودية19.09
(-1.34%) -0.26
البنك الأهلي السعودي39.4
(-1.10%) -0.44
شركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات32
(-1.11%) -0.36

يحرص المشاهير والمؤثرون عبر الإنترنت على الظهور أمام جمهورهم بصورة اصطناعية مصممة بعناية فائقة، وبشكل يخدم السردية التي يصنعونها لأنفسهم أكثر مما تعكس واقعهم الحقيقي. ومع مرور الوقت، اعتاد الجمهور على تلقي هذا النوع من المحتوى المصطنع. فالصور ومقاطع الفيديو التي ينشرونها غالباً ما تخضع لتعديلات تقنية مكثفة، وبات التمييز بين الحقيقي والافتراضي أكثر صعوبة من أي وقت مضى.

والسؤال الذي يفرض نفسه الآن هو: إذا كان محتوى المؤثّرين البشر مصطنعاً أصلاً، ويعكس نسخة منمّقة عن حياتهم، فهل تفرق إن أصبح المؤثر نفسه شخصية افتراضية؟

وجوه صنعتها الخوارزميات

الإنترنت يكشف إجابة هذا السؤال، حيث أصبح هناك مؤثرون مولّدون بالذكاء الاصطناعي بالكامل، وهم عبارة عن شخصيات رقمية تُنشأ بواسطة الكمبيوتر، وتُبرمج لتبدو وتتصرف مثل أشخاص حقيقيين. يظهر بعضهم كمؤثرين على "إنستغرام" و"تيك توك"، ينشرون صورهم ويعلّقون على المنشورات ويتعاونون مع العلامات التجارية، بينما يطل آخرون كممثلين افتراضيين في الإعلانات أو مقاطع الفيديو الغنائية، وحتى كمغنين يطلقون موسيقى خاصة بهم.

ورغم أن هؤلاء “النجوم” لا وجود لهم في الواقع، فإن تقنيات التصميم ثلاثي الأبعاد، والرسوم المتحركة، والذكاء الاصطناعي التوليدي، ومعالجة الصوت، تجعلهم يتحركون ويتحدثون ويتفاعلون بطريقة تقنع أحياناً الجمهور بأنهم أشخاص حقيقيون.

مولد الكذبة

ظهرت أولى هذه الشخصيات الافتراضية على "إنستجرام" منتصف العقد الماضي. ثم تسارع انتشارها مع تطور أدوات الذكاء الاصطناعي، قبل أن تسجل قفزة كبيرة بعد عام 2020 مع انتشار تقنيات التزييف العميق "ديب فايك" والنماذج التوليدية التي أصبحت قادرة على تصنيع الصوت والصورة والفيديو بجودة فائقة لدرجة يكاد يصعب تمييزها عن الأشخاص الحقيقيين في بعض الأحيان.

وغالباً ما تتولى وكالات إبداعية متخصصة في الذكاء الاصطناعي أو التسويق تصميم هذه الشخصيات الرقمية وإدارتها، من خلال إبرام عقود تعاون مع علامات تجارية كبرى. وفي بعض الحالات، تطور الشركات شخصيات رقمية خاصة بها لترويج منتجاتها وتعزيز حضورها على المنصات الرقمية.

ومع تطوّر الأدوات، أصبح تصميم هذه الشخصيات في متناول اليد أكثر، بفضل تقنيات جديدة طُرحت أو ستُطرح قريباً مثل "سورا" من "أوبن إيه آي"، وأداة "ميتا" لإنشاء الفيديوهات، إضافة إلى نموذج "OmniHuman" من "بايت دانس"، مالكة "تيك توك" الذي يحوّل الصور إلى مقاطع واقعية تُظهر الشخصيات وهي تتكلم وتتحرك وتغني.

حين يصبح الوهم حقيقة

عندما شاركت "ميا زيلو" صورة لها خلال حضورها بطولة ويمبلدون للتنس في الصيف الماضي، اعتقد كثيرون أن المؤثرة الشقراء التي لديها أكثر من 200 ألف متابع على "إنستغرام" هي شخصية حقيقية، رغم أنها تُعرّف عن نفسها بوضوح في نبذة الحساب بأنها مؤثرة رقمية منشأة بالذكاء الاصطناعي.

وفي حين استخدام الشخصيات غير الحقيقية ليس بأمر جديد -فلدى دمية باربي مثلاً ملايين المتابعين على "إنستغرام"- فالمستجد اليوم هو توظيف هذه الشخصيات في إعلانات يصعب فيها التمييز بينها وبين الأشخاص الحقيقيين.

Screenshot 2025-11-04 102838

وأظهر تقرير لوكالة "جيتي" للصور في عام 2024 أن 76% من المشاركين في استطلاعها قالوا إنهم لم يعودوا قادرين على التمييز بين الصور الحقيقية وتلك المولّدة بالذكاء الاصطناعي

ويرى خبراء الإعلام والتقنية أن الجمهور بات معتاداً على الصور المنمّقة والمثالية التي ينشرها المؤثرون الحقيقيون بعد تعديلات احترافية، ما سهّل تقبله للمؤثرين الافتراضيين. فيما تشير كيت روورك، رئيسة قسم الإبداع في وكالة "جيتي" لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في مقابلة مع موقع "ستوك هيد" (Stockhead) إلى أن الجمهور اعتاد على الصور المثالية التي ينشرها المؤثرون بعد إخضاعها لتعديلات مكثفة وفلاتر وتصوير احترافي، معتبرة أن مؤثرات مثل "ميا زيلو" يجسّدن هذا النموذج الذي بات مألوفاً.

وفي السياق نفسه، ترى الباحثة سيان جويل إدغار، الأستاذة المشاركة في جامعة "نورث ويسترن" في حوار مع الموقع نفسه أن المؤثرين الافتراضيين يجسّدون أقصى درجات التنميق البصري الذي يُعرض علينا في الإعلام حيث تُحسّن الصور وتُعدَّل الملامح ليبدو الأشخاص مثاليين.

من “إنستجرام” إلى التمثيل والفن

في أغسطس الماضي، نشرت المؤثرة "ليل ميكويلا" صورة تجمعها برئيسة مجلس النواب الأميركية السابقة نانسي بيلوسي خلال مهرجان موسيقي في سان فرانسيسكو، رغم أن "ميكويلا" ليست سوى شخصية افتراضية منشأة بالذكاء الاصطناعي.

تُعدّ "ميكويلا" التي تقدّم نفسها على أنها شابة أميركية من أصول برازيلية تعيش في كاليفورنيا من أوائل “المؤثرات الرقميات” منذ ظهورها عام 2016، وقد جمعت أكثر من مليوني متابع، وظهرت على أغلفة مجلات، وأطلقت موسيقى خاصة بها، وتصدّرت حملات لعلامات تجارية كبرى، من "كالفن كلاين" إلى "برادا"، حسب "نيويورك تايمز".

لكن رغم شهرتها، تبدو "ميكويلا" أقل واقعية بصرياً من مؤثرات أخريات مثل "ميا زيلو"، لكن هذا خيار متعمد، إذ تُبقي الشركة ملامح ميكويلا رقمية بوضوح لتذكير الجمهور بأنها صنيعة خوارزمية.

يتجاوز الحضور الرقمي عالم المؤثرين إلى الموسيقى أيضاً؛ ففرقة "ذا فيلفت صن داون" (The Velvet Sundown) حققت أكثر من مليون مستمع في غضون بضعة أسابيع على “سبوتيفاي” بحسب بلومبرغ، قبيل أن يتبين أنها مدعومة بالذكاء الاصطناعي.

qnN1ZlLgkp_1761542372

في الإعلام والمناصب الحكومية أيضاً

دخلت الشخصيات المصنوعة بالذكاء الاصطناعي قطاع الإعلام أيضاً. ففي 20 أكتوبر، عرضت القناة الرابعة البريطانية تحقيقاً بعنوان "هل سيأخذ الذكاء الاصطناعي وظيفتي؟" تناول تأثير الأتمتة والذكاء الاصطناعي على مستقبل الوظائف في مجالات مثل الطب والقانون والموضة. لكن المفاجأة جاءت في نهاية البرنامج، حين كشفت "المقدّمة" التي رافقت المشاهدين طوال الحلقة أنها ليست بشراً، بل شخصية مولّدة بالكامل بالذكاء الاصطناعي.

وفي سابقة لافتة، عيّنت ألبانيا أول وزيرة مولّدة بالذكاء الاصطناعي تحمل اسم "دييلا"، وتعني "الشمس" بالألبانية، لتتولى إدارة المشتريات العامة ومكافحة الفساد في العطاءات، وفق ما أعلنه رئيس الوزراء إيدي راما في سبتمبر 2025.

RGfQJ6QOte_1762180987

لماذا يلجؤون لنجوم افتراضيين؟

يتيح المؤثرون المولدون بالذكاء الاصطناعي للعلامات التجارية القدرة على التحكم بشكل كامل بالسردية، وتقديم صورة مثالية لا تخرج عن النص، نتيجة الانفعالات والأخطاء البشرية.

ونقلت "بلومبرغ" عن كيت سكوت دوكينز، الرئيسة العالمية لوحدة استخبارات الأعمال في شركة "دبليو بي بي ميديا" (WPP Media) إن العلامات التجارية القلقة على سمعتها قد ترى في المؤثرين المولَّدين بالذكاء الاصطناعي خياراً أكثر أماناً، إذ يمكن التحكّم بكل ما يقولونه أو يفعلونه، من دون الخشية من فضائح أو ماضٍ مثير للجدل.

وإلى جانب عنصر الأمان، يرى المسوّقون في هذه الشخصيات جسراً للوصول إلى جماهير عالمية دون عوائق اللغة أو الثقافة، نظراً لقدرتها على التحدث بأي لغة والتفاعل بأسلوب موحّد ومتقن مع المتابعين في أي سوق.

توفير بالكلفة

وجدت الشركات في المؤثرين الافتراضيين كنزاً تسويقياً أيضاً، إذ يتميّز هذا النموذج بكفاءة اقتصادية، فالنجم الافتراضي لا يشيخ، ولا يمرض، ولا يضع شروطاً ولا يخضع لجداول تصوير مرهقة، ويمكن تشغيله على مدار الساعة، وإظهاره في أي مكان، وتطوير قصته بما يخدم كل حملة تسويقية جديدة.

ونقلت وكالة "رويترز" عن لورين هانيفان من شركة "بيكسل" (Pixel) المتخصصة بالمؤثرين الافتراضيين أن كلفة التعاون مع مؤثر افتراضي بما يشمل فيديوهات وعدّة منشورات وقصص عبر "إنستغرام" تبلغ نحو 4 آلاف دولار في المعدل، في حين قد يتجاوز أجر مؤثر حقيقي يمتلك 100 ألف متابع ضعف هذا المبلغ.

مع ذلك، ابتكار الشخصيات الافتراضية عالية الجودة قد يتطلّب استثماراً كبيراً في المراحل الأولى، قد يمتد إلى ثمانية أشهر من العمل غير المدفوع لتصميمها وتدريبها واختبارها، وفقاً لما نقلته "رويترز" عن وكالة "ذا كلويلِس" (The Clueless) التي ابتكرت "أيتانا لوبيز"، عارضة اللياقة البدنية الافتراضية ذات الشعر الوردي التي تجني اليوم أكثر من 1100 دولار عن كل إعلان.

منافسة على النجومية

تحوّلت الشخصيات الرقمية إلى منافس مباشر للمؤثرين والنجوم الحقيقيين، بعدما بدأت تقتنص ميزانيات إعلانية وتسويقية. فشخصية "لو دو ماغالو"، الواجهة الافتراضية لسلسلة برازيلية للبيع بالتجزئة، يتجاوز عدد متابعيها 8 ملايين على "إنستغرام" وتتقاضى نحو 34 ألف دولار للمنشور الواحد، بينما تصل عائدات "ليل ميكويلا" إلى 74 ألف دولار للمنشور، بحسب نيويورك تايمز.

مع ذلك، لا يزال المؤثرون البشر في الصدارة من حيث الشعبية والعائدات، حيث تشير دراسة صادرة عن موقع" توِيكسي" (Twicsy) إلى أنهم يحققون دخلاً يفوق المؤثرين الافتراضيين بـ46 مرة، وأن 8% فقط من المؤثرين الافتراضيين يجنون المال عبر الشراكات التسويقية مقابل 37% للبشر، فيما يحصد المؤثرون الحقيقيون تفاعلاً أعلى بـ5.8 مرة لكل منشور.

إلا أن تقريراً لشركة "تويمبيت" (Twimbit) للأبحاث أشار إلى أن ما يصل إلى 30% من ميزانيات التسويق عبر المؤثرين سيُخصَّص للمؤثرين الافتراضيين بحلول عام 2026.

سرقة الإبداع

في المقابل، يتصاعد الغضب داخل الأوساط الفنية. إذ يتهم فنانون ومؤثرون صنّاع الشخصيات الرقمية بـسرقة الإبداع البشري عبر تدريب الخوارزميات على صورهم وأصواتهم دون إذن أو مقابل.

فجّر ظهور الممثلة الافتراضية تيلي نوروود موجة اعتراض واسعة، حيث اعتبرت نقابة الممثلين الأميركيين "ساغ–أفترا" أن الإبداع يجب أن يبقى قائماً على التجربة الإنسانية. ووصفت تيلي بأنها مجرد شخصية أنتجتها خوارزمية تعتمد على أعمال ممثلين حقيقيين دون إذن أو تعويض، محذّرة من أنها تهدد مصدر رزق الفنانين وتُفقد الفن الإنساني قيمته.

وفي السياق نفسه، وقّع أكثر من 200 موسيقي بارز في أبريل 2024، بينهم بيلي آيليش ونيكي ميناج وستيفي وندر، رسالة مفتوحة نُشرت على موقع "تحالف حقوق الفنانين" تطالب شركات التقنية بعدم تطوير تقنيات لتوليد الموسيقى بالذكاء الاصطناعي تقوّض صناعة الموسيقى أو تستبدلها، وتحرمهم تعويضات عادلة عن أعمالهم.

ضوابط محتوى الذكاء الاصطناعي

بدأت عدة دول بوضع قواعد تنظم المحتوى المُنتج بالذكاء الاصطناعي، مع التركيز على الشفافية. فقد أصدر البرلمان الأوروبي قانون الذكاء الاصطناعي في عام 2024 الذي يهدف إلى معالجة المخاوف بشأن التحيز والخصوصية والمخاطر الأخرى الناجمة عن هذ التكنولوجيا سريعة التطور، فضلاً عن الحد من استخدامه في المواقف عالية المخاطر، وإلزام المنصات بوضع علامات تُبيّن أن المحتوى هو نتاج "تزييف عميق"

أما في الصين، فألزمت السلطات المنصات الرقمية بوضع علامات مرئية وبيانات مضمّنة تبيّن أن المحتوى مولّد آلياً، بحسب صحيفة "ساوث تشاينا مورنيغ بوست".

ازدهار سوق المؤثرين البشر والرقميين

يشهد التسويق عبر المؤثرين على الإنترنت، سواء بواسطة المشاهير أو من الأشخاص العاديين الذين نجحوا في بناء قاعدة جماهيرية واسعة— إقبالاً متزايداً، إذ من المتوقع أن ينمو هذا القطاع بنسبة 36% بين عامَي 2024 و2025، لتصل قيمة السوق إلى 33 مليار دولار، بحسب بيانات "ستاتيستا" (Statista) التي نقلتها بلومبرغ.

لكن الاعتماد على المؤثرين البشر لا يخلو من المخاطر، خاصة عند تورطهم في فضائح أو تصريحات تتعارض مع صورة العلامة التجارية. في محاولة للحدّ من هذه المخاطر، تلجأ بعض العلامات التجارية إلى المؤثرين المولَّدين بالذكاء الاصطناعي، الذين يتيحون لها مستوى أعلى من التحكم وتجنّب الانزلاقات. لكن لهذا الخيار تبعاته أيضاً.

أظهرت دراسة لجامعة "نورث ويسترن" أن استخدام مؤثرين افتراضيين قد يضر بسمعة العلامات التجارية أكثر في حال لم يلق منتجها استحسان المستهلكين، إذ يصعب على الشركات التنصّل من المسؤولية وتحميلها للمؤثر الافتراضي، كما تفعل مع المؤثرين الحقيقيين، بما أن المستهلك يعتبر أن ما يدلي به المؤثر الرقمي معدّ ومبرمج مسبقاً من قبل الشركة.

وتزداد التحديات حين يتعلّق الأمر بالأصالة، وهي سمة أساسية يبحث عنها المستهلكون اليوم. ففي استطلاع أجرته "ماكينزي" عام 2024، قال المشاركون إنهم يميلون إلى المؤثرين الذين يتمتعون بالصدق والعفوية أكثر من انجذابهم إلى نمط الحياة المثالي أو الشهرة.

وأظهر الاستطلاع أن 68% المشاركين غير راضين عن الكمّ الكبير من المحتوى الإعلاني على منصات التواصل الاجتماعي، وباتوا يتابعون مؤثري الموضة بدرجة أقل ممّا كانوا يفعلون في السابق.

كما أجرت كلية الصحافة والتواصل في جامعة فلوريدا دراسة شملت 352 مستخدماً لتطبيق "إنستغرام"، وتوصلت إلى أن المستهلكين ينظرون إلى المؤثرين الافتراضيين باعتبارهم أقل "أصالة" من نظرائهم البشر، ما ينعكس سلباً على رغبتهم في شراء المنتجات التي يروّجون لها.

فرغم المظهر البشري المتقن للمؤثرين الافتراضيين وقدرتهم على التفاعل، إلا أن افتقارهم للتجربة الحياتية والمشاعر الحقيقية يخلق فجوة تحول دون بناء روابط وثيقة مع الجمهور. فهم غير قادرين على تجربة المنتج الذي يروجون له بأنفسهم، في وقت كان ذلك الركن الأساسي الذي انطلق منه التسويق عبر المؤثرين.

وكانت المؤثرة الرقمية "ميكويلا" قد أثارت موجة استياء مثلاً حين أعلنت إصابتها باللوكيميا في إطار حملة للتوعية حول مرض السرطان، وهو ما اعتبره كثيرون أمراً غير لائق نظراً لكونها شخصية غير حقيقية، بحسب "نيويورك تايمز".

كما تختلف درجة التفاعل مع المؤثرين الافتراضيين بين منطقة وأخرى. ففي استطلاع أجرته منصة "YouGov" في يونيو 2025، قال 23% من المشاركين عالمياً إنهم قد يتفاعلون مع هذه الشخصيات. وسجلت الهند أعلى نسبة تفاعل محتملة (55%)، تلاها سكان الإمارات (51%)، ثم هونغ كونغ (40%)، وأستراليا (30%)، وسنغافورة (26%).

في المقابل، تُظهر الأسواق الغربية مثل بريطانيا والدنمارك والولايات المتحدة (بنسبة 11% لكل منها) أدنى احتمال للتفاعل مع المؤثرين المولَّدين بالذكاء الاصطناعي. بل إن المشاركين في هذه الدول يميلون أكثر إلى القول إنهم على الأرجح لن يتفاعلوا مع محتوى مؤثرين افتراضيين.

توأمة بين الآلة والبشر

في عصر الذكاء الاصطناعي، يتجه المزيد من الأفراد والشركات نحو إنشاء "توائم رقمية" تمثل نسخاً افتراضية عن أشخاص حقيقيين، تُنفّذ المهام نيابة عنهم وتوسّع نطاق حضورهم الرقمي.

بالنسبة للمؤثرين وأصحاب الخبرات الذين يعتمدون على صورتهم وهويتهم المهنية لتحقيق دخل، تفتح هذه التقنية الباب أمام مضاعفة الفرص من دون الحاجة إلى التواجد الجسدي أو التقيد بجداول أعمال مرهقة.

مؤخراً، انضمت شركة الأزياء السويدية "إتش آند إم" (H&M) إلى هذه الموجة، معلنة عزمها استخدام توائم رقمية لأكثر من ثلاثين عارضة خلال عام 2025، في إطار حملاتها الإعلانية على وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي صورة نشرتها مجلة "ذا بزينس أوف فاشن" (The Business of Fashion)، ظهرت العارضة ماثيلدا غفارلياني إلى جانب توأمها الرقمي، مع تعليق طريف جاء فيه: "إنها مثلي تماماً... لكن بدون اضطراب السفر".

ورغم الحماس حول هذا التوجه، أثار الأمر بعض المخاوف، خصوصاً حيال تأثيره على مصدر رزق العارضات والعارضين، وظائف العاملين خلف الكواليس، مثل مصففي الشعر وفناني المكياج والمصورين، الذين يشكلون جزءاً أساسياً من صناعة الموضة.

في هذا السياق، قالت "إتش آند إم" إن العارضات يُمنحن السيطرة الكاملة على استخدام توأمهن الرقمي، كما أنهن يتقاضين مقابلاً مالياً عند استخدام النسخ الافتراضية، وفق ما نقلته "نيويورك تايمز" عن متحدث باسم الشركة.

للإشتراك في النشرة
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من الاقتصادية