تتجه الأسهم الصينية إلى تحقيق أقوى أداء سنوي منذ عام 2017، بعد موجة صعود مدفوعة بأسهم التكنولوجيا اتسعت لتشمل شركات تمتد من مناجم الذهب إلى شركات الأدوية.
ارتفع مؤشر "إم إس سي آي الصين" (MSCI China Index) بنحو 28% منذ بداية العام، متجهاً لتسجيل زيادة سنوية ثانية على التوالي، كما أنه في طريقه لتجاوز مؤشر "إس آند بي 500" بأوسع فارق منذ عام 2017.
شملت موجة الصعود الواسعة مجالات عالمية رائجة مثل الذكاء الاصطناعي والسلع المزدهرة، إلى جانب محفزات محلية كقطاع الابتكار والألعاب الإلكترونية. في المقابل، شكل الأداء الضعيف لشركات المرافق ومطوري العقارات تذكيراً صارخاً بمشكلات الصين المزمنة في قطاع الإسكان وضغوط الانكماش.
قال أوليفر بلاكبورن، مدير المحافظ في شركة "جانوس هندرسون" (Janus Henderson): "في حين أن موجة الذكاء الاصطناعي قد تبقي جزءاً من سوق الأسهم مزدهراً في عام 2026، فإن أحد أكثر المحفزات احتمالاً لموجة صعود شاملة سيكون إعلان حزمة تحفيز جديدة".
وأضاف: "من شأن خطة واضحة لمعالجة أزمة الإسكان أو تعزيز الإنفاق الاستهلاكي أن تكون الأكثر تأثيراً إيجابياً".
الذهب يتصدر المكاسب
قاد قطاع التعدين، الذي يضم شركات تعمل في استخراج الذهب والفضة والنحاس، مؤشر المواد في "إم إس سي آي الصين" إلى الصدارة بين المؤشرات الفرعية، متماشياً مع الاتجاه العالمي لارتفاع أسعار السلع إلى مستويات قياسية. فقد صعد مؤشر "إم إس سي آي الصين للمواد" (MSCI China Materials Index) بنحو 108% هذا العام، متجهاً لتسجيل أقوى عام له منذ 2003، بدعم من شركات مثل "تشاينا غولد إنترناشونال ريسورسز" (China Gold International Resources Corp) و"سي إم أو سي غروب" (CMOC Group Ltd) و"إم إم جي" (MMG Ltd).
دفعت مخاوف المستثمرين من ضعف الدولار وتزايد المخاطر الجيوسياسية بأسعار الذهب والفضة إلى مستويات قياسية، فيما استفاد النحاس والألومنيوم من نقص المعروض وارتفاع الطلب المرتبط بالبنية التحتية للذكاء الاصطناعي. كما أسهمت حملة بكين لتقليص الفوائض الصناعية في دعم الأسعار المحلية.
قال جون لين، مدير الاستثمار في أسهم الأسواق الناشئة وقيمة الأسهم الصينية لدى "ألاينس برنشتاين" (AllianceBernstein): "يُعد قطاع المواد من بين الأفضل أداءً، والقصة تتجاوز بكثير تحركات الأسعار على المدى القصير. فقد أصبحت أزمة الطاقة عاملاً أساسياً في المعادلة".
قطاع الأدوية الحيوية يستعيد بريقه
تمكن قطاع الرعاية الصحية في الصين من تجاوز ركود استمر أربع سنوات بعدما أبرم مصنعو الأدوية المحليون صفقات ترخيص مربحة مع شركات الأدوية العالمية، من بينها صفقة كبرى مع "فايزر" (Pfizer Inc) لتطوير عقار تجريبي لعلاج السرطان من شركة "3 إس بايو" (3SBio Inc) ومقرها شنيانغ.
وقالت تسوي تسوي، رئيسة أبحاث الرعاية الصحية في آسيا لدى "جيفريز" (Jefferies)، إن القطاع بلغ نقطة تحول بعد سنوات من الأداء الضعيف، مدفوعاً بصعود مكانة الصين كـ"سوبرماركت" للأصول الابتكارية أمام شركات الأدوية العالمية. وأضافت: "في الأشهر العشرة الأولى من عام 2025 وحدها، استحوذت الشركات الصينية على 48% من قيمة صفقات الترخيص الخارجية حول العالم".
ارتفع المؤشر الفرعي للرعاية الصحية في "إم إس سي آي الصين" بنحو 50% هذا العام، متجهاً لأفضل أداء له منذ 2020، بينما قفزت أسهم شركتي "3إس بايو" و"ريميجن" (Remegen Co) بأكثر من 300% و400% على التوالي.
ازدهار الترفيه الرقمي
دفعت صعوبة سوق العمل وضعف نمو الدخل مزيداً من الصينيين إلى تقليص الإنفاق على السفر واللجوء إلى الترفيه المنزلي الأقل كلفة، مما شكّل دفعة قوية لشركات الإنترنت الكبرى مثل "تينسنت هولدينغز" (Tencent Holdings Ltd)، إلى جانب شركات أصغر مثل مطور الألعاب الإلكترونية "جاينت نتوورك غروب" (Giant Network Group Co) ومنصة التصوير المعززة بالذكاء الاصطناعي "ميتو" (Meitu Inc).
بدعم من مكاسب هذه الشركات، ارتفع مؤشر "إم إس سي آي الصين لقطاع خدمات الاتصالات" (MSCI China Communication Services Index) بأكثر من 40% هذا العام، متجهاً لأفضل أداء منذ 2007. وقفز سهم "جاينت نتوورك" بأكثر من 250%، فيما ارتفع سهم "ميتو" بأكثر من 130%.
قال لين من "ألاينس برنشتاين": "تشير المؤشرات إلى أن إنفاق الأسر على الترفيه الرقمي يُظهر مرونة نسبية رغم الضغوط الاقتصادية. شهدنا نمواً حقيقياً في أرباح شركات الألعاب الإلكترونية على الحواسيب والهواتف".
تراجع العقارات والمرافق
برز قطاعا المرافق والعقارات ضمن أضعف القطاعات أداءً في موجة الصعود هذه. إذ لم يحقق المؤشر الفرعي للمرافق في "إم إس سي آي الصين" أي تغير يُذكر منذ بداية 2025، بينما لم يتجاوز مكسب نظيره العقاري 1.4%.
تعكس شركات الطاقة والغاز المتأثرة بانخفاض الأسعار ملامح بيئة انكماشية عميقة تمثل عقبة أمام نمو الاقتصاد الصيني. كما واصلت شركات التطوير العقاري أداءها الضعيف مقارنة بالسوق الأوسع، وسط استمرار أزمة القطاع الممتدة منذ سنوات.
تراجعت أسهم شركة "تشاينا فانكي" (China Vanke Co)، إحدى كبرى شركات بناء المساكن في الصين، بنس

