لم تكن سنة 2025 جيدة على مصانع الذهب، في ظل الارتفاعات المتتالية للأسعار التي حدّت من قدرة السوق على امتصاصها، مجبرة عددا من المصانع والمتاجر على إعادة النظر في نماذج أعمالها، وأدى لتسرب رؤوس الأموال من القطاع، وفقا لمستثمرين تحدثوا لـ"الاقتصادية".
وقال عماد العلي، الرئيس التنفيذي لمصنع العمدة للذهب، إن المصانع اضطرت إلى ابتكار منتجات جديدة تتناسب مع الميزانيات الآنية للمستهلكين، عبر تخفيض الأوزان وتقديم تصاميم خفيفة تتلاءم مع القدرة الشرائية في ظل صعود أسعار الخام.
وأشار إلى أن تنوع الأشكال والتجدد في التصاميم أسهما في زيادة توجه الزبائن نحو المصانع المحلية، نتيجة الإبداع والتنوع الإنتاجي، مبينا أن صناعة المشغولات الذهبية «بحر واسع» من حيث الاختلاف في الأشكال والأنماط، إلا أن لكل مصنع تخصصاته وخطوطه الإنتاجية، ما يرفع مستوى المنافسة داخل القطاع.
الذهب عند أعلى مستوى على الإطلاق
وتجاوز الذهب مستوى 4500 دولار للأونصة، اليوم الأربعاء للمرة الأولى على الإطلاق مدفوعا بزيادة الطلب على الملاذ الآمن وتوقعات بمواصلة خفض أسعار الفائدة الأمريكية العام المقبل، وحقق الذهب ارتفاعا قويا في 2025، إذ بدأ مطلع العام من 2624 دولارا للأونصة ليرتفع 72% حتى الآن مسجلا مستويات قياسية أكثر من مرة.
تراجع الطلب على مصانع الجملة بنسب تصل إلى 50%
ولفت العلي إلى أن الربع الأخير من عام 2025 كان له تأثير كبير في المصانع ومكاتب الجملة، مع تراجع الطلب وإغلاق بعض المحال، نتيجة تسرب رؤوس الأموال من قطاع الذهب إلى مجالات أخرى، مؤكدًا أن 2025 تُعد الأقل طلبًا مقارنة بعامي 2023 و2024، بنسبة تراوح بين 20 و30%.
وأوضح أن المصنع يعمل على إنتاج نحو 1200 كيلوجرام سنويًا من المشغولات الذهبية، بمتوسط 100 كيلوجرام شهريا، معظمها من عيار 21 مع نسبة أقل من عيار 18.
من جانبها قالت الرئيسة التنفيذية لمصنع لوليا للمجوهرات في دبي ديمة الأشرفي، إن حجم الإنتاج الشهري لشركتها يبلغ نحو 600 كيلوجرام، موجهًا للسوقين المحلية والخارجية، وتُعد السوق السعودية من أعلى الأسواق طلبًا، إلا أن معدلات الطلب انخفضت بشكل حاد، إذ تراجع طلب بعض العملاء من 50 كيلوجرامًا إلى 15 كيلوجرامًا، بانخفاض يتجاوز 50%.
تحول المستهلكين إلى الأوزان الخفيفة
الأشرفي أوضحت أن الصانع يواجه تحديات كبيرة، رغم استمرار الطلب على الذهب في المجتمعات العربية المرتبط بالمناسبات الاجتماعية، وعلى رأسها الزواج، ما دفع الشركات إلى تطوير تصاميم تلبي متطلبات السوق بأوزان أخف.
وأضافت أن شريحة من محبي الألماس بدأت تتجه إلى الذهب، في ظل انتشار الألماس المزروع مخبريًا وانخفاض أسعاره، في مقابل احتفاظ الذهب بقيمته بوصفه زينة ووسيلة ادخار، مشيرة إلى أن إنتاج الألماس الذي كان يستغرق سنوات بات يتم خلال نحو 20 يومًا فقط.
وأكدت ديمة، أن السوق لم تتمكن حتى الآن من امتصاص الارتفاعات المتتالية في أسعار الذهب، ولا تزال في طور محاولة التكيّف معها، موضحة أن المصانع تُعد الأكثر تضررًا من هذه الارتفاعات مقارنة بالبائعين، نظرًا لالتزاماتها وتكاليفها الثابتة، في حين يستطيع البائع تعويض جزء من الارتفاع عبر هوامش الربحية.


