أثار طرح وزارة التجارة السعودية مسودة للائحة التنفيذية للمعادن الثمينة والأحجار الكريمة متضمنة مقترح بإدخال عيار 14 ضمن مشغولات سوق الذهب جدلا كبيرا، وفق ما ذكره لـ"الاقتصادية" تجار ومتعاملون في سوق الذهب السعودية.
وفي أغسطس الماضي طرح المقترح لاستطلاع العموم لمدة 15 يوما وتضمن المقترح أن تشمل المشغولات الذهبية، عيار 24 قيراطا وعيار 22 ، وعيار 21 قيراطا، وعيار 18 قيراطا، وأضيف لهم عيار 14 قيراطا ، وهو محل الخلاف.
وقد أثار هذا المقترح انقساما واضحا بين تجار الذهب والمستثمرين في القطاع، حيث يرى فريق أن دخوله يتيح خيارا جديدا أمام المستهلكين في ظل الارتفاع التاريخي لأسعار الذهب، بينما اعتبره آخرون تهديدا لسمعة الذهب السعودي المعروف بجودته، مقترحين حلولا بديلة لمعالجة تحديات الأسعار دون المساس بموثوقية السوق.
أنواع الذهب في السوق السعودية
الدكتور عبدالغني الصائغ نائب رئيس اللجنة الوطنية للمعادن الثمينة والأحجار الكريمة باتحاد الغرف، قال إن الذهب المتداول في السوق السعودية يرتكز على عياري 21 و18، إذ يُعرف الأول بـ”الذهب السعودي” ويُعد الأشهر والأكثر طلبا، بينما اشتهر الثاني عيار 18 باسم “الذهب الإيطالي" سابقا، وأشار إلى أن ارتباط الذهب بعيار معين يُعد عرفا اقتصاديا بين الدول، حيث عُرف الذهب السعودي بعيار 21، والإيطالي بعيار 18، والهندي بعيار 22.
وأضاف: هذه المسميات اقتصادية وتاريخية ارتبطت بحجم العيار الأكثر تداولا من الذهب في تلك الأسواق سواء داخليا أو كصادرات ومستوى الموثوقية العالية من جانب السياح والزوار والمستوردين الذين يطلبون المشغولات الذهبية من هذه الدول.
الصائغ أكد أن إدخال عيار 14 في السوق السعودية لن يكون حلا لمشكلة ارتفاع أسعار الذهب، مبينا أن الذهب عُرف تاريخيا بقيمته العالية، واقتناؤه ارتبط بكونه ملاذا ادخاريا، إضافة إلى أنه لا يخدم سمعه وجوده الذهب السعودي في الأسواق العالمية وأضاف: “إضافة عيار جديد قد يعطي انطباعا خاطئا بانخفاض قيمة وكمية الذهب الادخارية لدى المستهلكين، وهو لا يخدم السوق".
أوزان خفيفة بدلا من المساس بعيار الذهب
وفي هذا السياق، أوضح الصائغ أن الذهب في أصله سلعة مرتفعة الثمن وادخارية بالدرجة الأولى، إذ ارتفع سعر الجرام الواحد من 8 ريالات في البدايات ووصل إلى 400 ريال حاليا.
ولفت إلى أن هناك حلولا بديلة يمكن أن تلبي رغبة المستهلكين في اقتناء الذهب بأسعار مقبولة، كطرح تصاميم ومشغولات بأوزان خفيفة، دون المساس بعيار الذهب.
ليس ملاذا ادخاريا
محمد الحاشدي، مسؤول محال عليان الحاشدي، اتفق مع الصائغ على أن الوقت غير مناسب لطرح عيار 14، محذرا من أنه قد يضعف من سمعة الذهب السعودي المعروف بجودته العالية.
وأوضح الحاشدي أن عيار 18 يمثل الحد الأدنى من العيارات المتداولة محليا، موضحا أن تداول عيار 14 في الولايات المتحدة وأوروبا لم يجعله ملاذا ادخاريا هناك، بل كان مجرد خيار تجاري.
الثقافة السائدة في السوق السعودية ترتكز على اعتبار الذهب خزينة للقيمة وحافظة للمال، وبالتالي فإن دخول عيار 14 –رغم انخفاض سعره– لن يخدم السوق المحلية، وفقا للحاشدي.
ولفت إلى أن الذهب سجل أخيرا ارتفاعا تاريخيا قرب مستويات 4 آلاف دولار للأونصة بفعل المضاربات والأوضاع الجيوسياسية العالمية، وإدخال عيار جديد في مثل هذه الظروف لن يعزز مكانة السوق بل قد يضعفها
بين 24 و 18 قيراطا
ووفقا لبيانات مجلس الذهب العالمي تتنوع عيارات الذهب المستخدمة عالميا، وتختلف شعبيتها وانتشارها بشكل كبير بناء على الغرض من استخدام الذهب والتفضيلات الثقافية لكل منطقة.
وتعد العيارات الـ4 الأكثر بروزا هي 24 و 22 و 21 قيراطا، و18 قيراطا حيث يمثل عيار 24 قيراطا أعلى درجات النقاء بنسبة 99.9% من الذهب الخالص، وهو الخيار الأمثل للاستثمار والسبائك نظرا لقيمته الجوهرية كاستثمار، ولكنه نادر الاستخدام في المجوهرات اليومية للينته الشديدة.
في المقابل، يسيطر عيار 18 قيراطا، الذي يحتوي على 75% ذهبا خالصا، على أسواق أوروبا وأمريكا الشمالية والمجوهرات الفاخرة، حيث يوفر توازنا بين اللون والمتانة المطلوبة للاستخدام اليومي، أما في الشرق الأوسط والهند وأجزاء واسعة من آسيا، فيسود التفضيل لعيارات الذهب العالية مثل 21 قيراطا بـ 87.5% من الذهب الخالص و 22 قيراطا بـ من 91.67% الذهب الخالص.
في المقابل، يرى المستثمر محمد عزوز أن دخول عيار 14 لا يمثل خطرا على السوق، بل يعد خيارا إضافيا للمستهلكين في ظل ارتفاع الأسعار وأكد أن الذهب سلعة كمالية وليست أساسية، وبالتالي فإن طرح عيار أقل قد يسهم في تحريك السوق.
وأشار عزوز إلى أنه كان ضمن اللجنة التي أعدت اللائحة التنفيذية للمعادن الثمينة، والتي تضمنت طرح العيار الجديد عبر منصة استطلاع لوزارة التجارة، مبينا أن التجار انقسموا حينها بين مؤيد ومعارض.
عيار14 بـ 58% من الذهب الخالص
ويشكّل عيار 14 قيراطا خيارا شائعا في الولايات المتحدة بشكل خاص للمجوهرات اليومية، إذ يمثل ما يقارب خمس السوق، ويحتوي على 58.3% من الذهب الخالص، بينما تتكون النسبة المتبقية 41.7% من معادن السبائك مثل النحاس والفضة، وبحسب المتعاملين يمنح هذا المزيج عيار 14 صلابة وقدرة عالية على مقاومة الخدش والتآكل، ما يجعله الخيار الأمثل لخواتم الخطوبة وقطع الإكسسوارات التي تتطلب تحمل الاستخدام القاسي خاصة أن سعره متوسط ويمثل خيارا اقتصاديا.
وبيّن عزوز أن هناك حلولا بديلة أيضا، مثل فرض الضريبة على أجور المصنعية فقط بدلا من كامل قيمة الشراء، أو خفض ضريبة الذهب إلى 5% أسوة بضريبة التصرفات العقارية، كما اعتبر أن خيار الأوزان الخفيفة لم يعد مجديا بعد سنوات من التجربة، فيما يمكن لعيار 14 أن يقدم خيارا عمليا وذا جودة مقبولة للمستهلكين الباحثين عن أسعار أقل.
وأضاف عزوز أن المستهلكين يدركون قيمة كل عيار ونسبة الذهب فيه، وبالتالي فإن وجود العيارات المختلفة لا يشكل خطرا، بل يوسع الخيارات المتاحة والتأكيد على أن تقديم بدائل في العيارات والأوزان من شأنه أن ينعش السوق ويضمن استمرارية التجار في مواجهة تحديات الأسعار.