بينما تستعد السعودية لاستضافة مؤتمر ومعرض التأمين العالمي (ingate) الرياض خلال الفترة من 10 إلى 12 نوفمبر المقبل، فإنها تقدم للعالم إجابة عملية عن سؤال محوري: كيف يمكن للرقابة أن تبني الثقة وتطلق الابتكار في آن واحد؟
النموذج السعودي في هذا المجال لا يكتفي بالموازنة بين الحماية والنمو، بل يعيد تعريف العلاقة بينهما، محولا التنظيم إلى ضمانة للاستقرار المالي وبوابة للمنافسة العالمية.
المؤتمر يعد الأول من نوعه في المنطقة، ويشكل منصة عالمية لاستعراض التجربة السعودية في تحويل الرقابة إلى ضمانة للاستقرار المالي وجسر نحو المنافسة الدولية.
تشهد هيئة التأمين السعودية تحولا نوعيا في نهجها التنظيمي، إذ تنقل القواعد الرقابية من كونها قيودا إدارية إلى أدوات إستراتيجية للنمو والابتكار، في إطار سعي السعودية إلى ترسيخ بيئة مالية متطورة تعزز الشفافية والاستدامة.
وتعمل الهيئة على إعادة تعريف مفهوم الرقابة المالية، حيث لم تعد الشفافية والامتثال مجرد متطلبات إلزامية، بل أصبحت محركات رئيسية لجذب الاستثمارات المحلية والعالمية. وتنطلق هذه الرؤية من قناعة بأن الثقة هي العملة الأهم في الأسواق الحديثة، وأن بناءها يتطلب منظومة رقابية ذكية توازن بين حماية المستهلك وتمكين الشركات من النمو والابتكار.
كما تتبنى هيئة التأمين السعودية نهج “الرقابة الذكية” القائم على استخدام البيانات الضخمة والتحليلات التنبؤية والذكاء الاصطناعي، لتمكينها من رصد المخاطر المحتملة قبل وقوعها، وتوجيه الشركات نحو ممارسات أكثر استدامة ومرونة. هذا النهج جعل التنظيم ميزة تنافسية حقيقية، إذ أصبحت الشركات الأكثر التزامًا بالامتثال والشفافية الأكثر جذبًا للمستثمرين والعملاء على حد سواء.
ويهدف هذا التوجه إلى بناء سوق تأمين سعودية متطورة قادرة على استيعاب الابتكار وتطوير منتجات تأمينية جديدة تواكب احتياجات المستهلكين والتقنيات الحديثة. كما تعزز المنظومة الجديدة المنافسة العادلة ومنع الممارسات الاحتكارية التي تضر بالمستهلك وتحد من كفاءة السوق.
تعمل السعودية على تنويع اقتصادها وتمكين القطاع الخاص كمحرك رئيسي للنمو، وتهيئة بيئة تنظيمية جاذبة للاستثمارات الأجنبية، وتشجيع الشركات المحلية على التوسع إقليميًا ودوليًا.
يذكر أن التجربة السعودية تؤكد أن الرقابة حين تتحول إلى شريك إستراتيجي للقطاع المالي وليست مجرد جهة رقابية، تصبح قادرة على تحفيز النمو وبناء الثقة وحماية الاستدامة، لتقدم للعالم نموذجًا جديدًا في كيفية المواءمة بين الاستقرار والابتكار، وبين الحماية والمنافسة في قطاع التأمين العالمي.
