يواصل المستثمرون الخليجيون ضخ رؤوس أموالهم في سوق العقارات البريطانية، مع تركيز متزايد على لندن، باعتبارها وجهة استثمارية رائدة عالميا. هذا ما كشفه أحدث تقرير صدر اليوم الأحد عن بنك "الريان"، أقدم بنك إسلامي في بريطانيا، ضمن مقياسه الاستثماري السنوي لدول الخليج.
يقدم التقرير رؤية واضحة وعميقة حول تجارب ونوايا وآراء مجتمع الاستثمارات العقارية الدولية في المنطقة. كما يسلّط الضوء على 4 اتجاهات لإدارة الثروات في دول الخليج جديرة بالمتابعة في 2026. استند التقرير إلى استبيان شمل 150 مستثمرا من السعودية والإمارات وقطر، يمتلك كل منهم أصولا لا تقل عن 10 ملايين جنيه إسترليني، مع موازنة وجهات النظر بشكل متساوٍ بين السعودية والإمارات وقطر.
وفقاً للتقرير، فقد استثمر 29% من المستثمرين الخليجيين في عقارات لندن خلال الأشهر الـ 12 الماضية، متجاوزين مدنا عالمية مثل نيويورك (23%) وباريس (23%) ولوس أنجلوس (22%) وطوكيو (21%). يشير 93% من المشاركين في الاستبانة إلى ارتفاع ثقتهم في السوق البريطانية، مدفوعا بـ 5 تخفيضات في أسعار الفائدة من بنك إنجلترا، وانخفاض أسعار العقارات الفاخرة، ونقص المعروض السكني، الذي أسهم في رفع عوائد الإيجار.
أفق أوسع لنمو في المستقبل
يخطط 99% من المستثمرين الخليجيين لزيادة استثماراتهم خلال السنوات الـ 5 المقبلة، بحسب ما أظهره التقرير، مع تركيز واضح على قطاعات التجزئة (44%) والضيافة والترفيه (36%) وسكن الطلاب (34%). كما برزت الاستدامة كعامل حاسم في قرارات الاستثمار.
جايلز كانينغهام، الرئيس التنفيذي للبنك الخاضع لتنظيم هيئة السلوك المالي البريطانية، قال: "لا يُفاجئنا تصدّر لندن كوجهة عالمية بارزة لمستثمري العقارات من دول الخليج، فهي تجمع بين أسلوب حياة راق، وعوائد قوية تجعلها تتفوق على غيرها". يسلّط تقرير هذا العام الضوء على الثقة المستمرة في سوق العقارات في لندن، إلى جانب تزايد الاهتمام بالفرص الاستثمارية في المدن والمناطق الأخرى في المملكة المتحدة، بحسب كانينغهام.
يؤكد الرئيس التنفيذي أنه "بعيداً عن الأرقام، تظل الروابط العميقة بين دول الخليج والمملكة المتحدة، المبنية على الثقة والقيم المشتركة والشراكات طويلة الأمد، عاملاً أساسيا في تعزيز ثقة المستثمرين ودفعهم نحو التفاعل المستدام على المدى الطويل". رغم قوة الطلب الاستثماري من الدول الـ3 التي شملها الاستطلاع، فإن الثقة في الخدمات المالية التي تقدمها المملكة المتحدة، والتي تدعم هذا الطلب، تختلف بشكل ملحوظ. في قطر، أفاد 78% من المستثمرين بأن الخدمات المتاحة، لا سيما التي تدعم الاستثمار الدولي، مصممة خصيصًا لتلبية احتياجاتهم، تليها الإمارات بنسبة 52%. ويشعر 40% من المستثمرين السعوديين بالرضا نفسه، ما يشير إلى فرصة واضحة لتعزيز جودة الخدمات المالية الداعمة للاستثمار الخارجي.
لندن ليست الوجهة الجاذبة وحدها
بينما ما زال وسط لندن يستقطب الحصة الأكبر من الاستثمارات بواقع 38%، فإن مناطق أخرى في العاصمة البريطانية تجتذب حصصا كبيرة من الاستثمارات، إذ تشهد مناطق شرق لندن وشمالها وضواحيها اهتمامًا متزايدا. يُعزى هذا التحول إلى مشاريع التجديد الحضري وتحسين شبكات النقل، ما يعزز جاذبية هذه المناطق لدى المستثمرين الخليجيين.
رغم استمرار تصدّر لندن كوجهة عالمية للاستثمار، يُوسّع مستثمرو دول الخليج نطاق اهتمامهم ليشمل مدنا إقليمية أخرى. وقد حافظت مدينة ليفربول على مكانتها كأبرز وجهة استثمارية إقليمية للعام الثالث على التوالي، تليها كارديف، وبرايتون، وبرمنغهام، وإدنبرة.
عوامل محركة لنمو الاستثمارات
تُعدّ العوائد القوية ونمو الإيجارات من أبرز محركات الاستثمار، بنسبة 57%، تليها مباشرة شروط الشراء المواتية (56%). تصعد الاستدامة سريعا على جدول أولويات المستثمرين، حيث يسعى 95% منهم إلى استثمارات صديقة للبيئة، آخذين الأداء البيئي بالحسبان عند اتخاذ قراراتهم.
ميسم فضل، الرئيس التنفيذي للشؤون التجارية في البنك، قال: "إن قوة الاستثمارات الخليجية في المملكة المتحدة لا تستند فقط إلى أساسيات السوق، بل تعتمد أيضاً على الثقة وجودة الخدمات التي يتلقاها المستثمرون". ويوضح أن الحلول المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية التي يقدمها البنك "مصممة خصيصا لتواكب احتياجات العملاء المتغيرة. هذا النهج المتميز يمنحنا موقعا فريدا لمساعدة المستثمرين على اغتنام الفرص في لندن وما بعدها".
بينما تُظهر نتائج التقرير أن لندن ستظل معيارا عالميا في سوق العقارات، فقد باتت المناطق الإقليمية تؤدي دورا متزايد الأهمية في المحافظ الاستثمارية، بحسب فضل، الذي أكد أن الروابط العميقة بين دول الخليج والمملكة المتحدة "ستواصل دعم ثقة المستثمرين لسنوات مقبلة."