تجد الثروة الحيوانية في السعودية نفسها أمام تحديات متزايدة، أبرزها تذبذب أسعار الشعير، المكون الأساسي لغذاء الماشية، والناجم عن تقلبات السوق العالمية والأوضاع الجيوسياسية، إضافة إلى ضعف المواسم الربيعية الأخيرة، بحسب ما ذكره لـ "الاقتصادية" متعاملون في السوق ومربو ماشية.
وبلغ استهلاك المملكة من الشعير في النصف الأول من 2025 نحو 60% من إجمالي واردات عام 2024 بأكمله، ما يرجح أن تكون كمية الشعير المستوردة هذا العام أعلى بنحو 20% مقارنة بالعام السابق، بحسب ما ذكرته لـ"الاقتصادية" هيئة الزكاة والضريبة والجمارك.
المربي سعد العنزي أكد وجود بدائل للشعير في السوق مثل الذرة والرودس، لكنه أشار إلى أنها "ليست بالقيمة الغذائية التي يوفرها الشعير".
وقال: إن "قطيع الحلال المكون من 100 رأس يستهلك يوميا كيسين من الشعير، أي ما يعادل 100 كيلوجرام من العلف يوميا"، إضافة إلى الأعلاف الأخرى المساعدة مثل البرسيم.
وأرجع سبب ارتفاع أسعار الماشية إلى ضعف مواسم الربيع خلال الأعوام الماضية.
وقال: "نعتمد على العلف طوال العام تقريبا، باستثناء شهرين أو 3 أشهر في المواسم الربيعية التي لا تتكرر كل عام"، لافتا إلى أن أغلب مربي الماشية، خاصة القدامى، لا يمكنهم التخلي عن الثنائية الأساسية في التغذية وهي الشعير والبرسيم.
وأشار إلى ظاهرة تتعلق بحركة السوق، وهي أن ملاك الحلال يتجنبون بيع خرافهم في فصل الربيع لعدة أسباب من بينها ارتفاع التكلفة لنقل الماشية من مناطق الربيع إلى الأسواق الرئيسية مثل حفر الباطن الذي يعد أكبر سوق ماشية في السعودية، إضافة إلى سعي المربين لزيادة أعداد ماشيتهم في المواسم الربيعية لكونهم غير مضطرين لبيع إنتاجهم لشراء العلف.
من جانبه، اعتبر مشاري العتيبي، أحد ملاك الماشية، أن مشكلة تذبذب أسعار الأعلاف، تعود إلى الشركات الموردة للشعير المستورد في السعودية، موضحا أن سعر كيس الشعير الذي يراوح وزنه بين 40 و50 كيلوجراما - حسب النوع - يبدأ من 60 ريالا ويصل إلى 70 ريالا.
متعاملون أوروبيون قالوا لوكالة رويترز الأسبوع الماضي إن المناقصات الكبيرة لبيع الشعير لدول الشرق الأوسط خلال شهر سبتمبر الماضي كان متوسط أسعارها نحو 261 دولار للطن (980 ريالا) شاملة التكلفة والشحن البحري، أي أنه يصل للموانئ بسعر 50 ريالا للكيس سعة 50 كيلو، قبل دخول تكاليف التعبئة والنقل الداخلي وهامش الربح.
والشعير مثل غيره من المحاصيل يتأثر بالظروف المناخية وكميات الأمطار والجفاف، وجودة المحصول إضافة إلى الأوضاع الجيوسياسية، خاصة أن كبار منتجي الشعير في العالم هم روسيا وأوكرانيا يخوضان حربا منذ 3 أعوام.
هيئة الزكاة والضريبة والجمارك قالت لـ"الاقتصادية" إن واردات السعودية من الشعير خلال النصف الأول من العام الجاري بلغت 2.2 مليون طن، ما يمثل نحو 60% من إجمالي واردات عام 2024 بأكمله، الذي سجل 3.6 مليون طن، وتشير هذه الزيادة خلال النصف الأول أن عام 2025 قد يسجل زيادة تصل لـ20% مقارنة بالعام السابق.
وفيما يتعلق بالمصادر الرئيسية، قالت الهيئة إن أبرز الدول الموردة للشعير إلى السعودية هي: روسيا، رومانيا، الأرجنتين، أوكرانيا، وألمانيا.
ووفقا لتقرير "إندكس بوكس" في عام 2024 كانت الدول الثلاث الأعلى إنتاجًا للشعير في العالم هي: روسيا بـ22 مليون طن، ثم أستراليا بـ14 مليون طن، وفرنسا بـ12 مليون طن.
وفيما يتعلق بأنواع الأعلاف، بيّن العتيبي وجود 3 أنواع رئيسية من الشعير: الحبوب، والمضغوط، والمجروش.
وقال إن لكل نوع منها قيمته الغذائية الخاصة التي تُحدد بناء على نوع الماشية المملوكة، مع تباين الأسعار، حيث يبلغ سعر الشعير "المضغوط" على سبيل المثال 59 ريالا للكيس ويزن غالبا 40 كيلوجراما.
إبراهيم السليم قال إن جيل الآباء والجيل السابق عموما السابق قام بتربية قطعان المواشي وفق الإمكانات المتوفرة آنذاك لكن تطور العلم والتقنية فرصة لا يجب أن تفوت على أصحاب المواشي الآن، إذ إن هذا أضمن للاستدامة وأوفر في الإنتاج ويغطي التكاليف ويحقق الأهداف المالية.
كمثال على هذا، قال: استخدام الشعير شائع جدا في التربية التقليدية، والحقيقة أن الدراسات تفيد أن التحول الغذائي الذي تحققه الماشية من الشعير يمثل 30% فقط، أما الـ70% فهي هدر على المربي.
وأشار إلى بعض مربيّ العجول أكثر وعيا بهذه الطرق ولا سيما أنها تستهلك كميات كبيرة من العلف، وهم يتعاملون بما يعرف بمعدل التحويل الغذائي هو مؤشر فني عالمي وضروري لأصحاب المشاريع المماثلة، ويقضي المعيار بأن يكسب العجل 1 كجم من اللحم لكل 6 كجم من العلف ويعد الأداء الأقل من هذه النسبة دلالة على وجود مشكلة في دورة الإنتاج، بينما الأداء الأعلى يدل على جودة وكفاءة ممتازة.
معدل التحويل الغذائي ويُعرف أيضا بـ معامل التحويل الغذائي هو مؤشر يُستخدم لقياس كفاءة الحيوان في تحويل الغذاء إلى زيادة في الوزن أو إنتاج اللحم والحليب مثلا.