تواجه سوق الفضة العالمية خطراً جديداً بعدما هبطت المخزونات الصينية إلى أدنى مستوياتها في عقد، في وقت جرى فيه شحن كميات ضخمة مؤخراً إلى بورصة لندن للمساهمة في تخفيف نقص المعروض الذي دفع الأسعار إلى مستوى قياسي.
بلغ المخزون في المستودعات المرتبطة ببورصة شنغهاي للعقود المستقبلية مؤخراً أدنى مستوياته منذ 2015، بينما عادت أحجام التداول في بورصة شنغهاي للذهب إلى أقل مستوياتها في أكثر من 9 سنوات، وفقاً لبيانات البورصات وشركات الوساطة. جاء هذا التراجع بعد أن قفزت صادرات الصين من المعدن الثمين إلى أكثر من 660 طناً في أكتوبر الماضي، وهو أعلى حجم مسجل على الإطلاق.
نقص المعروض من الفضة
قال زيجيه وو، المحلل في شركة "جينروي فيوتشرز" (Jinrui Futures)، إن "حالة نقص المعروض ناتجة عن ارتفاع الصادرات إلى لندن"، مشيراً أيضاً إلى طلب القطاع الصناعي وعمليات التصنيع. وأضاف أن النقص قد يبدأ في الانحسار خلال نحو شهرين.
شهدت الفضة عاماً مضطرباً، إذ قفزت الأسعار بنسبة 80% محققة سلسلة من المستويات المرتفعة. جاء هذا الصعود بالتزامن مع ارتفاع الذهب، ورهانات التجار على أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد تفرض رسوماً جمركية على المعدن الأرخص، ما دفع الفضة إلى السوق الأمريكية وأدى إلى شح المعروض في لندن بالتزامن مع طفرة الطلب في الهند، الأمر الذي فجر نقص إمدادات غير مسبوق. والآن، يعني تراجع حيازات الصين أن البلاد قد لا تكون قادرة على توفير دعم للسوق في المدى القريب.
قال دانيال غالي، استراتيجي السلع في "تي دي سيكيوريتيز" (TD Securities): "إذا فُرضت رسوم جمركية على الفضة، فإن ذلك سيجمد الكميات التي شقت طريقها بالفعل إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وإذا حدث ذلك بينما سوق شنغهاي ما زالت تعاني من تبعات المرة السابقة التي دعم فيها لندن، فسيكون الأثر كبيراً".
في استعراض لحالة نقص إمدادات الفضة في الصين، تجاوزت أسعار الفضة القصيرة الأجل العقود الآجلة في شنغهاي، في نمط يُعرف باسم الـ"باكورديشن" (backwardation)، ويشير إلى ضغوط قصيرة الأجل. ومع انخفاض المخزون والمعروض غير المرن - أو الجامد -، تبقى المخاوف مرتفعة، وفقاً لما ذكره وو من "جينروي فيوتشرز".
على جانب الطلب، ارتفع استهلاك الصين للفضة المستخدمة في مكونات الطاقة الشمسية، وهي أحد الاستخدامات الرئيسية للمعدن. وأضاف وو: "يُعتبر الربع الأخير عادة موسم الذروة لتركيب الألواح الشمسية".
ليو شونمين، رئيس قسم المخاطر في شركة "شينزين غوو شينغ بريشس ميتال" "كثير من التجار غير متأكدين من كيفية تسعير منتجاتهم بعد القواعد الجديدة، لذلك تحول بعضهم إلى الفضة، خصوصاً إذا كانوا يمتلكون نشاطاً قائماً بالفعل في هذا المعدن"
في تطور غير مقصود، حفز تعديل ضريبي حديث أيضاً جانب الطلب. فقد أنهت القواعد الجديدة نظاماً مستمراً منذ سنوات يقوم على إعادة جزء من ضريبة القيمة المضافة على الذهب المبيع خارج البورصات، ما دفع بعض التجار إلى التحول نحو الفضة.
ويظهر هذا التأثير في سوق شويبي الواسع في مقاطعة شينزين، حيث كانت العديد من التعاملات تعتمد تقليدياً على الذهب المتداول خارج البورصات. قال ليو شونمين، رئيس قسم المخاطر في شركة "شينزين غوو شينغ بريشس ميتال" (Shenzhen Guoxing Precious Metal): "كثير من التجار غير متأكدين من كيفية تسعير منتجاتهم بعد القواعد الجديدة، لذلك تحول بعضهم إلى الفضة، خصوصاً إذا كانوا يمتلكون نشاطاً قائماً بالفعل في هذا المعدن".
سوق الفضة
خارج الصين، ما زالت سيولة سوق الفضة تمثل مصدر قلق، مع استمرار ارتفاع تكاليف الاقتراض في لندن رغم التدفق القياسي نحو العاصمة البريطانية. يراقب التجار أيضاً أي رسوم جمركية أميركية محتملة على الفضة بعد إضافة المعدن الثمين إلى قائمة المعادن الحيوية الصادرة عن هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية.
قال غالي من "تي دي سيكيوريتيز": "معظم الطلب الفعلي اليوم على الفضة من لندن مرتبط بطلب يتعلق بالمضاربة بالكامل". أضاف أن حجم الأصول في الصناديق المتداولة في البورصة -التي عادة لا يمكن إقراض حيازاتها- ظل مستقراً، دون عمليات استرداد كبيرة حتى بعد تراجع الأسعار عن مستوياتها القياسية الأخيرة.
أوضح غالي أنه في الوقت الراهن ما يزال التجار يعولون على مخزون الصين الموجود خارج البورصات. اختتم قائلاً: "من المحتمل للغاية أن يدفع الـ"باكورديشن" المخزون للعودة إلى البورصات. ما يزال من غير الواضح حجم المخزون غير المرئي داخل الصين. وبحسب العديد من التقديرات، فهو على الأرجح كبير".

