تتجسّد قصة التحوّل الوطني للمملكة في الدرعية، المدينة التي كانت مهد الدولة السعودية الأولى، وأصبحت اليوم رمزًا عالميًا لحضارةٍ تجمع بين الأصالة والابتكار. في الدرعية، وفي قلب التاريخ، تنبض الحياة من جديد بين جدران حي الطريف التاريخي المُدرج على قائمة التراث العالمي لليونسكو منذ عام 2010، فيما تنهض إلى جانبه مشاريع حديثة تُعيد تعريف مفهوم المدن التاريخية في عصر الاستدامة والرقمنة.
يشهد مشروع الدرعية تحولًا غير مسبوق، لا يقتصر على إعادة ترميم المباني أو استعادة ملامحها الأثرية، بل يتجاوز ذلك ليبني مدينة ذكية تحتضن التكنولوجيا دون أن تفقد روحها التاريخية، لتصبح نموذجًا للمدينة الذكية والمستدامة في المملكة يجمع بين الأصالة التاريخية والتقنيات المتقدمة. ويعكس هذا التحوّل أهداف رؤية السعودية 2030 في بناء مجتمع حيوي يُتيح لكل فرد فرص النمو وتحقيق طموحاته، مع تعزيز بنية تحتية اجتماعية قوية تجمع بين الحفاظ على التراث الثقافي والفخر الوطني وتوفير مرافق حديثة تلبي احتياجات الحياة العصرية. وفي قلب هذا التحوّل، تتصدر شنايدر إلكتريك المشهد، مقدّمة حلولًا رقمية متكاملة لإدارة البنية التحتية للمدينة بكفاءة واستدامة، تدعم تحقيق أهداف المملكة للحياد الكربوني بحلول 2060، وتحافظ على هوية المكان وخصوصيته الثقافية.
وقد لعبت شنايدر إلكتريك دورًا محوريًا في تصميم البنية التحتية الذكية للدرعية عبر مركز العمليات الموحد AVEVA، الذي يوفر إدارة متكاملة لأنظمة الطاقة والمياه والإضاءة والأمن وحركة المرور والنفايات من خلال شاشة واحدة موحدة. تقوم المنصة بجمع البيانات في الوقت الفعلي وتحليلها لضمان كفاءة التشغيل وتحسين جودة الحياة للسكان والزوار والاستجابة بشكل أسرع للطوارئ، كما تتيح متابعة استهلاك الموارد والمؤشرات البيئية، ما أسهم في خفض استهلاك الطاقة بنسبة 10–20%، وتقليل فاقد المياه بما يصل إلى 25%، وخفض الملوثات الجوية نحو 20% خلال السنة الأولى، وتحسين كفاءة المباني بنسبة 30% مقارنة بخط الأساس في القطاع.
وتجسد تلك الحلول المتكاملة الجهود المستمرة لشنايدر إلكتريك في دعم المشاريع العملاقة وتعزيز استدامتها بالمملكة، حيث يصرح محمد شاهين، الرئيس التنفيذي لشنايدر إلكتريك في السعودية واليمن وباكستان والبحرين من جانبه: "تفخر شنايدر إلكتريك بدورها كشريك استراتيجي للمملكة العربية السعودية على مدى أكثر من أربعة عقود، مساهِمةً في دعم التحوّل الحضري والاقتصادي الوطني. واليوم، نتواجد في قلب الدرعية كإحدى المشاريع العملاقة، حيث نقود التحوّل الرقمي للمدينة لتصبح نموذجًا عالميًا للمدينة الذكية المستدامة. من خلال مركز العمليات الموحد AVEVA وحلولنا المبتكرة، دمجنا الكفاءة، الذكاء، والاستدامة في منصة واحدة متكاملة، ما مكّن من تحسين استهلاك الطاقة، تعزيز استدامة الموارد، رفع جودة الحياة، وضمان المرونة التشغيلية عبر جميع أنظمة المدينة. الدرعية تبرهن أن الابتكار الرقمي ليس عائقًا أمام الحفاظ على التراث، بل هو أداة تمكّن المملكة من بناء مستقبل حضري مستدام، متماشي مع أهداف رؤية 2030، ويضع معايير جديدة للمدن الذكية على المستوى العالمي."

وتحقق منصة AVEVA أيضًا تكاملًا فعالًا بين أنظمة تكنولوجيا المعلومات (IT) وأنظمة التشغيل (OT)، من خلال دمج أنظمة SCADA و BMSو CCTVفي منظومة واحدة، ما يقلل من التعقيدات الناتجة عن العمليات التشغيلية بنسبة 40% ويجعل توسعة البنية التحتية الذكية للمدينة في المستقبل أكثر سهولة بنسبة تصل إلى 50% دون الحاجة لإعادة تصميمها. كما تعزز خصائص الأمن السيبراني حماية المدينة وتقليل المخاطر بنسبة 30%، فيما تساهم الحلول السحابية والهجينة في خفض التكاليف بنسبة 20–25%، مع رفع جاهزية فرق الدعم المحلية بنسبة 20% وتسريع الاستجابة للصيانة والتشغيل.
وفي هذا الإطار، يوضح ألبرت نعيم، رئيس قسم في شركة الدرعية: "الدرعية اليوم ليست مجرد مدينة تاريخية تُعاد إحياؤها، بل نموذج عالمي للمدينة الذكية المستدامة، حيث يلتقي التراث العريق مع الابتكار الرقمي. وقد أصبح هذا التحوّل ممكنًا بفضل الشراكة الاستراتيجية مع شنايدر إلكتريك، التي وفرت الحلول الرقمية المتقدمة لدمج جميع أنظمة المدينة في منصة واحدة متكاملة. هذا النهج مكّن من إدارة المدينة بكفاءة عالية، مع تعزيز تجربة السكان والزوار، وتحقيق أهداف الاستدامة بما في ذلك خفض استهلاك الطاقة، تقليل فاقد المياه، وتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول 2060. من خلال هذه الشراكة، لم تُبنَ الدرعية بنية تحتية ذكية فحسب، بل تحولت إلى تجربة حضرية متكاملة تضع المملكة على خريطة المدن المستدامة عالميًا، وتُجسّد كيف يمكن للتكنولوجيا أن تجعل الطموح حقيقة، دون التفريط في روح المكان أو أصالته التاريخية."
لقد أصبحت الدرعية اليوم تتحدث لغة الذكاء الاصطناعي من خلال منصة رقمية متقدمة تعمل بصمت ودقة، كأنها نبض ينظّم حياة المدينة دون أن يطغى على روحها التاريخية. تراقب هذه الأنظمة الطاقة والمياه، وتتكيّف المباني بسلاسة مع البيئة المحيطة، لتجعل التكنولوجيا وسيلة حقيقية لدعم الأصالة والتراث. وما تحقق من هذا التحوّل لم يكن ممكنًا لولا حلول شنايدر إلكتريك المتقدمة، التي جمعت جميع أنظمة المدينة في تجربة متكاملة ترفع كفاءة التشغيل وتحسن جودة الحياة للسكان والزوار. وبفضل خبرة شنايدر إلكتريك العالمية وفهمها العميق للسياق المحلي للمملكة، أصبحت الدرعية نموذجًا حيًا للمدينة الذكية المستدامة، حيث يلتقي الحفاظ على الإرث الثقافي مع تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لتكون تجسيدًا عمليًا لرؤية السعودية 2030 في بناء مدن تجمع بين أصالة الماضي وروح المستقبل.
Ad
