الاقتصاد العالمي 2011

«العشرين».. الطريق بين واشنطن وسيئول سالك رغم «المنحدرات»

«العشرين».. الطريق بين واشنطن وسيئول سالك رغم «المنحدرات»

تعهد قادة مجموعة العشرين للاقتصادات الصناعية واقتصادات الأسواق الصاعدة في قمة بيتسبرج عام 2009، بالعمل معا...

Author

التغلب على جبل الديون في أوروبا

|
تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن صافي تكاليف الدعم الذي قدمته بلدان مجموعة العشرين للقطاع المالي في عام 2009 نتيجة للأزمة بلغ 1.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي (905 مليارات دولار)، في حين بلغت تكاليف التحفيز المالي 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في كل من العامين 2009 و2010. ولقد سجلت كل بلدان منطقة اليورو باستثناء لوكسمبورج وفنلندا عجزاً مالياً يتجاوز 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2009، في حين تجاوز العجز في اليونان وإسبانيا وإيرلندا 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وفي غضون عام واحد فقط ازداد الدين العام لحكومات منطقة اليورو بنسبة عشر نقاط مئوية تقريبا (78.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2009، مقارنة بنحو 69.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2008). أما بالنسبة لألمانيا فقد سجلت الميزانية الاتحادية لعام 2010 عجزاً قياسياً تجاوز 50 مليار يورو. وسوف يتجاوز دين القطاع العام 1.7 تريليون يورو، أي ما يقرب من 80 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وأقساط الفائدة، التي تستهلك أكثر من 10 في المائة من الميزانية الاتحادية الألمانية، ستنمو مع تزايد عبء الدين ـــ بل وبسرعة أكبر إذا ارتفعت أسعار الفائدة. بيد أن الأزمة المالية ـــ وما تلاها من ركود ـــ لا تفسر هذه المستويات المرتفعة من المديونية. والحق أن العديد من البلدان الأوروبية وبلدان مجموعة العشرين كانت تنفق بما يتجاوز إمكانياتها إلى حد كبير ـــ بما في ذلك ألمانيا، على الرغم من سمعتها بوصفها نموذجاً مثالياً للاستقامة المالية. وحتى في الأوقات الطيبة كانت الحكومات ولفترات طويلة تنفق أكثر مما ينبغي لها وبما يزيد على ما تتلقاه من دخل. بل ولعل الأسوأ من ذلك أن بعض الحكومات كانت تنفق بالاستدانة وبما يتجاوز قدرتها على السداد بسهولة، وذلك في ظل انحدار احتمالات نمو اقتصادها في الأمد البعيد بسبب الشيخوخة السكانية. لقد أدى هذا الإسراف إلى مستويات من الديون التي ستصبح غير قابلة للاستدامة إذا لم نتحرك الآن. ولهذا السبب قررت ألمانيا في عام 2009 تكريس قواعد مالية صارمة في دستورها. ويتطلب "كبح الدين" من الحكومة الاتحادية ألا يتجاوز العجز البنيوي 0.35 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2016، في حين من المقرر أن تُمنَع الولايات الألمانية من تسجيل أي عجز بنيوي على الإطلاق بداية من عام 2020. ومن المؤكد أن الحكومة الاتحادية الحالية ستتقيد بهذه القواعد، وهو ما يعني ضمناً خفض العجز البنيوي إلى ما يقرب من عشرة مليارات يورو بحلول عام 2016 ـــ أي بواقع سبعة مليارات يورو سنويا. وتمثل فوائد الرعاية الاجتماعية أكثر من نصف الإنفاق في ألمانيا الاتحادية هذا العام. لذا فلن يكون أمام الحكومة الألمانية خيار غير خفض الإنفاق على الرعاية الاجتماعية، باعتدال على الأقل. ولكن هذا النوع من ضبط الأوضاع المالية من غير الممكن أن يتحقق إلا إذا نظرت الأغلبية إليه باعتباره سبيلاً إلى العدالة الاجتماعية. ويتعين على المستفيدين من الرعاية الاجتماعية والشركات على السواء، فضلاً عن موظفي الخدمة المدنية، أن يتقاسموا التضحية. وعلى هذا فإن المؤسسات الألمانية ستضطر إلى الإسهام في ضبط الأوضاع المالية من خلال خفض إعانات الدعم والضرائب الإضافية على شركات الطاقة الكبرى، وشركات الطيران، والمؤسسات المالية. وعلى نحو مماثل، يتعين على موظفي الخدمة المدنية أن يتنازلوا عن الوعد بزيادة الأجور، كما تتطلع الحكومة إلى تحقيق مدخرات سنوية في القوات المسلحة الفيدرالية تبلغ ثلاثة مليارات يورو من خلال الإصلاحات البنيوية. إن القواعد المالية الملزمة التي وضعتها ألمانيا تشكل مثالاً إيجابياً لغيرها من بلدان منطقة اليورو. ولكن كل حكومات منطقة اليورو لابد أن تظهر التزامها بضبط الأوضاع المالية من أجل استعادة ثقة الأسواق ـــ وثقة مواطنيها. وتؤكد الدراسات الحديثة أنه بمجرد بلوغ عبء الدين الحكومي عتبة تُعَد غير قابلة للاستدامة فإن المزيد من الدين لن يؤدي إلا إلى خنق النمو الاقتصادي، وليس تحفيزه. وكانت أزمة الديون اليونانية بمثابة تحذير واضح مفاده أن صناع القرار السياسي في أوروبا ينبغي لهم ألا يسمحوا للدين العام بالتراكم إلى ما لا نهاية. وكان الاتحاد الأوروبي محقاً حين رَدّ بشكل حاسم من أجل ضمان استقرار اليورو من خلال تقديم المساعدة في الأجل القصير لليونان وتأسيس آلية الاستقرار المالي الأوروبية. ولكن في حين تشكل آلية الاستقرار المالي خطوة ضرورية في اتجاه استعادة الثقة، فقد كشفت الأزمة اليونانية عن نقاط الضعف البنيوية التي تعيب إطار السياسة المالية التي أقرها الاتحاد النقدي الأوروبي، والتي لا يمكن ولا يجوز إصلاحها من خلال الاستعانة بأموال بلدان أخرى روتينيا. والواقع أنني أعتبر آلية الاستقرار المالي بمثابة تدبير مؤقت إلى أن نتمكن من علاج أوجه القصور الجوهرية في ميثاق الاستقرار والنمو، والذي تفتقر قواعده المالية إلى النظرة الموضوعية والطابع الرسمي. ولهذا السبب فإننا في احتياج إلى إطار أكثر فعالية لمنع الأزمات وعلاجها في منطقة اليورو، وهو الإطار القادر على تعزيز فقرات الميثاق الخاصة بالمنع والتصحيح. ولابد أيضاً من تفعيل العقوبات على بلدان منطقة اليورو التي تنتهك قواعد الاتحاد النقدي الأوروبي إلى حد خطير بسرعة أكبر وبقدر أقل من التحفظ السياسي، ومن الأهمية بمكان أن تكون هذه العقوبات أشد صرامة. ولقد اقترحت ألمانيا وفرنسا قواعد أكثر صرامة فيما يتصل بالاقتراض والإنفاق، بدعم من عقوبات صارمة شبه آلية تفرض على الحكومات التي لا تمتثل. أما البلدان التي تتجاهل بشكل متكرر التوصيات بخفض العجز المفرط، وتلك التي تتلاعب بالاحصائيات الرسمية، فلابد من تجميد أرصدتها في الاتحاد الأوروبي وتعليق حقوقها في التصويت. إن الاتحاد النقدي لم يكن المقصود منه أن يكون حلاً سحرياً لبلدان منطقة اليورو أو خطة لإثراء المضاربين الماليين. ولم يكن الغرض منه أن يعمل كنظام لإعادة توزيع الثروات من البلدان الأكثر ثراءً إلى البلدان الأكثر فقراً عن طريق الاقتراض الأرخص للحكومات عن طريق سندات اليورو المشتركة أو التحويلات المالية المباشرة. ولن ينجح الاتحاد النقدي إذا استمرت بعض الدول في تسجيل العجز وإضعاف قدرتها التنافسية على حساب استقرار اليورو. إن الاتحاد النقدي الأوروبي كان مصمما لتشجيع الإصلاح البنيوي. وكان من المفترض أن يتم إرغام البلدان الأعضاء المسرفة، عن طريق الاحتكام إلى ميثاق الاستقرار والنمو وعملية مراجعة الأقران، على الإنفاق في حدود إمكانياتها، وبالتالي تعزيز قدراتها التنافسية. ولكن ما حدث بدلاً من ذلك هو أن الحكومة الديمقراطية الاجتماعية الألمانية السابقة عملت على إضعاف الميثاق كلما ارتأت أن ذلك كان مناسباً ومريحاً على المستوى السياسي، في حين سمحت بلدان منطقة اليورو الأقل قدرة على التنافس للأجور بالارتفاع وللقطاع العام بالتضخم، ثم تغاضت عن الائتمان الميسر الذي غذى كلاً من الدين وفقاعات الأصول. ولن يتسنى لنا أن نعمل على تعزيز النمو أو استباق أزمات الديون السيادية في أوروبا (أو في أي مكان آخر) من خلال تكديس المزيد من الديون. ويتعين على البلدان الأوروبية أن تخفض عجزها بطريقة محابية للنمو، ولكن خفض الديون أمر حتمي لا مفر منه.وهو أمر ممكن: فألمانيا تعمل الآن على خفض أعباء الديون إلى مستويات قابلة للاستدامة، في حين تحرص على تعزيز توقعات النمو في الأمد البعيد. والمسار الداعم للنمو الذي اتخذته في خفض العجز، إلى جانب مقترحاتها فيما يتصل بتعزيز إطار العمل المالي في أوروبا، من الممكن أن يعمل بمثابة مخطط أولي للحوكمة الاقتصادية في أوروبا. وزير مالية ألمانيا خاص بـ «الاقتصادية» حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2010. www.project-syndicate.org
إنشرها
استراتيجية «مركز الثقل».. وسيلة المستثمرين للنمو في الظروف الجيدة والسيئة
استراتيجية «مركز الثقل».. وسيلة المستثمرين للنمو في الظروف الجيدة والسيئة

أفصح تقرير اقتصادي  لأكبر مؤسسة في مجال إدارة الثروات في بريطانيا'' باركليز ويلث'' قبل نهاية عام 2010، عن...

الاتحاد الأوروبي: تزايد المخاوف من السياسات النقدية العالمية.. وظهور أزمات جديدة
الاتحاد الأوروبي: تزايد المخاوف من السياسات النقدية العالمية.. وظهور أزمات جديدة

على الرغم من خطط الدعم والتحفيز الاقتصادي والتوقعات الجيدة التي تظهر تحسنا طفيفا في اقتصاد منطقة اليورو...

Author

حماقات مالية

|
لقد أسهمت تدابير التحفيز المالي التي طبقتها أغلب البلدان المتقدمة والأسواق الناشئة في مواجهة الركود العالمي أثناء الفترة من 2008 إلى 2009 ــــ إلى جانب تدابير التيسير الكمي ودعم النظام المالي ـــ في منع أزمة الركود من التحول إلى أزمة كساد عظمى أخرى شبيهة بأزمة الثلاثينيات في عام 2010. ففي الوقت الذي شهد انهيار كل عناصر الطلب الخاص، كان الدعم المتمثل في زيادة الإنفاق الحكومي وخفض الضرائب سبباً في منع السقوط الحر للاقتصاد العالمي وإرساء الأساس للتعافي. ولكن من المؤسف أن الإنفاق التحفيزي وما ارتبط به من عمليات إنقاذ للنظام المالي، إلى جانب تأثير الركود على العائدات، أسهم في نشوء عجز مالي في حدود 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في أغلب البلدان المتقدمة. وطبقاً لتقارير صندوق النقد الدولي وغيره من الجهات فإن نسبة الديون العامة إلى الناتج المحلي الإجمالي في هذه البلدان ستتجاوز 110 في المائة بحلول عام 2015، مقارنة بنحو 70 في المائة قبل اندلاع الأزمة. والواقع أن الشيخوخة السكانية في أغلب البلدان المتقدمة تعني ضمناً ديوناً عامة إضافية في الأمد البعيد، وذلك بسبب خطط التقاعد غير الممولة بشكل كامل وارتفاع تكاليف الرعاية الصحية. وعلى هذا فإن العجز في أغلب البلدان ذات الاقتصاد المتقدم لابد وأن يخفض من أجل تجنب الانهيار المالي في المستقبل. ولكن أغلب البحوث، بما في ذلك دراسة أجراها صندوق النقد الدولي أخيرا، تشير إلى أن زيادة الضرائب وخفض الإنفاق الحكومي لابد أن يخلفا تأثيراً سلبياً في الأمد القريب على الطلب الكلي، الأمر الذي سيعزز بدوره الميول الانكماشية والركود ـــ ويقوض عملية ضبط الأوضاع المالية. في عالم مثالي، حيث يستطيع صناع القرار السياسي على نحو جدير بالثقة الالتزام بالتكيف المالي في الأمدين المتوسط والبعيد، فإن المسار المثالي والمرغوب سيتمثل في الالتزام اليوم بجدول صارم لخفض الإنفاق وزيادة الضرائب، على أن يتم ذلك تدريجياً على مدى العقد المقبل في ظل تعافي الاقتصاد. وعلى هذا النحو فإذا تبين أن الاقتصاد في احتياج إلى جولة أخرى من التحفيز المالي المستهدف في الأمد القريب، فإن الأسواق المالية لن تستجيب لهذا برفع تكاليف الاقتراض. ولكن من المؤسف أن السياسة المالية التي تتبناها حاليا العديد من البلدان المتقدمة اقتصادياً تنحرف بشكل حاد عن هذا المسار القائم على ضبط الأوضاع المالية في الأمد المتوسط إلى جانب تقديم حوافز إضافية في الأمد القريب. والواقع أننا في الولايات المتحدة نعيش أسوأ السيناريوهات الممكنة. فمن ناحية أصبح التحفيز بمثابة كلمة نابية ـــ حتى داخل إدارة أوباما ـــ حتى قبل الانتصار الذي أحرزه الجمهوريون في انتخابات التجديد النصفي والذي يعني ضمناً استبعاد جولة أخرى من التحفيز. ومن ناحية أخرى، فإن ضبط الأوضاع المالية في الأمد المتوسط سيكون شبه مستحيل في الجو الذي يخيم على الولايات المتحدة حالياً والعامر بالنزعة الحزبية المفرطة، حيث يمنع الجمهوريون أي زيادة ضريبية ويقاوم الديمقراطيون عملية إصلاح الإنفاق المستحق. فضلاً عن ذلك فإن سوق السندات لا تفرض أي ضغوط من أجل تركيز أذهان صناع القرار السياسي. وفي بلدان المحيط الخارجي لمنطقة اليورو سنجد أن المشكلة عكس ذلك تماما: حيث يطالب أنصار السندات اليونان وإيرلندا والبرتغال وإسبانيا وإيطاليا بتركيز عملية ضبط الأوضاع المالية في الأمد القريب وإلا فيتعين على هذه البلدان أن تتوقع ارتفاع تكاليف اقتراضهم إلى عنان السماء، الأمر الذي من شأنه أن يهددها بخسارة القدرة على الوصول إلى الأسواق وتوليد أزمة ديون عامة. والواقع أن الأسواق لا تبالي إذا تسبب تركيز ضبط الأوضاع المالية في الأمد القريب في تفاقم الركود وبالتالي جعل هدف خفض الديون والعجز كحصة من الناتج المحلي الإجمالي أمراً في حكم المستحيل. ولتجنب الركود المستمر والمدمر، فإن الإصلاحات المالية والبنيوية التي يفرضها أنصار السندات لا بد أن تكون مصحوبة بسياسات أخرى في منطقة اليورو تعمل على استعادة النمو ومنع ديناميكيات الديون الشرسة. ويتعين على البنك المركزي الأوروبي أن يخفف من إحكام السياسة النقدية من أجل إضعاف قيمة اليورو وتمهيد الطريق أمام النمو في بلدن المحيط الخارجي لمنطقة اليورو. كما يتعين على ألمانيا أن تخفض الضرائب مؤقتا ـــ بدلاً من زيادة الضرائب كما هو مخطط ـــ من أجل زيادة الدخل المتاح للإنفاق وتحفيز الطلب الألماني على السلع والخدمات المقبلة من بلدان المحيط الخارجي للمنطقة. ولكن من المؤسف أن أياً من اللاعبين الأضخم حجماً في منطقة اليورو لا ينفذ سياسات تتفق مع استعادة النمو المستدام في البلدان الواقعة على المحيط الخارجي لمنطقة اليورو. والواقع أن السياسة النقدية التي يتبناها البنك المركزي الأوروبي صارمة إلى حد يتجاوز المطلوب؛ وألمانيا تعمل الآن على تركيز تدابير التقشف المالي في الأمد القريب. وهذا يعني أن بلدان المحيط الخارجي لمنطقة اليورو محكوم عليها بالتعديلات الانكماشية المدمرة التي ستؤدي لا محالة إلى تفاقم المخاطر المترتبة على الركود، والإعسار، وفي النهاية العجز عن سداد الديون، بل وربما الخروج من منطقة اليورو. وفي المملكة المتحدة قدمت الحكومة الجديدة عدة أسباب لتركيز تدابير ضبط الأوضاع المالية في الأمد القريب. وربما كان من المحتمل أن يفيق أنصار السندات لو لم يتم تنفيذ تدابير التقشف في وقت مبكر؛ فقد كان العجز ضخماً للغاية وكان القطاع العام متضخما؛ ومن الأسهل دوماً على المستوى السياسي أن يتم تنفيذ التدابير القاسية في وقت مبكر من عمر الإدارة الحكومية، في حين لا يزال الدعم الشعبي مرتفعاً والانتخابات المقبلة بعيدة. لا شك أن المملكة المتحدة كانت تلعب بالنار المالية وكانت في احتياج إلى بعض الالتزام بالتقشف المبكر. ولكن فرض تدابير التقشف بالتدريج، وبالتالي تأجيل التكيف والتعديل، كان من شأنه أن يفرض قدراً أقل من الخطر على التعافي الاقتصادي الهزيل في حين كان ليبقي على قدر معقول من الالتزام بضبط الأوضاع المالية. وبدلاً من ذلك فإن الحكومة قد تجد نفسها في النهاية بلا خطة بديلة إذا أدت الخطة الأساسية ـــ تركيز تدابير التقشف المالي ـــ إلى ركود مزدوج. باختصار، نستطيع أن نقول إن تبني المسار الأمثل للتقشف المالي يعني ضمناً في أغلب البلدان التزاما مؤجلا، ولكنه جدير بالثقة بضبط الأوضاع المالية في الأمد المتوسط، إلى جانب جولة إضافية من التحفيز في الأمد القريب إذا لزم الأمر وسمحت به ظروف السوق، وبالتالي تجنب احتمالات الانزلاق إلى دوامة من الانكماش والركود. ولكن من المؤسف أن البلدان المتقدمة الرئيسة تتبع مساراً منحرفاً متشعبا ـــ وهو المسار الذي سيقودها في بعض الحالات إلى الاتجاه المعاكس في عام 2011. ونتيجة لهذا فإن مخاطر انكماش الدين وفي النهاية التخلف عن سداد الديون السيادية وديون القطاع الخاص آخذة في الارتفاع. رئيس مرقب روبيني للاقتصاد العالمي www.roubini.com، وأستاذ علوم الاقتصاد في كلية شتيرن لإدارة الأعمال في جامعة نيويورك، ومشارك في تأليف كتاب «اقتصاد الأزمة». خاص بـ «الاقتصادية» حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2010. www.project-syndicate.org
إنشرها
Author

موجة دافعة من «الصعود» لأبرز أسواق الأسهم العالمية في 2011

|
تترابط أسواق المال وتتماشى بنسق معين على الرغم من الصعوبات التي يتعرض لها البعض إلا أن الفوارق تكون عادة ً في نسب الصعود والهبوط، فبينما نرى أن بعض المؤشرات قد ارتفعت بنسبة 100 في المائة، نجد أن مؤشرات مماثلة ارتفعت نصف ما ارتفعت به الأولى أو أقل، ولكن في المحصلة الإجمالية نجد أن الأغلبية ارتفعت، حيث من المحتمل أن تكون السيولة التي تعد المحرك الأساسي لأي سوق مالية هي التي تلعب هذا الدور وتتحكم في هذه النسب. إذ من الممكن أن تتحول هذه السيولة لاحقا من القطاع أو المؤشر الذي ارتفع جيدا إلى قطاع أو مؤشر آخر لم يرتفع سوى نسبة قليلة ليكون صاحب هذه السيولة في أفضل الأماكن أمانا، حيث إن عدم الابتعاد كثيرا عن مناطق القاع يعني أنه من المحتمل أن يجد بعضا من الشركات التي لا تزال أسعارها أدنى من قيمتها الحقيقة أو عندها والتي تعد من حيث المبدأ من أفضل الاستثمارات.. وبمعنى آخر فهناك ترابط عضوي بين البورصات، هذا ما وددت الإشارة إليه وخصوصا أن مقالنا التحليلي الفني البحت سيأتي حول أبرز المؤشرات العالمية. مؤشر داو جونز الأمريكي كسب مؤشر داو جونز خلال تداولات السنة الماضية ما يقارب 1145 نقطة وذلك على الرغم من ارتفاعه الأكثر من جيد الذي حققه في عام 2009 الذي استمر فيه على مدى الربع الأول من العام الماضي، حيث بدأت عملية تصحيح بسيطة لم تصل ألفي نقطة، حيث كبحت مناطق 9600 نقطة ذاك التصحيح الأمر الذي دفع المتعاملين إلى الإقدام على شراء تلك الأسهم مما أدى إلى ارتفاع المؤشر مرة أخرى في موجة صاعدة بدأها من تلك المناطق وهدفها الأول كان اختراق مناطق 11286 نقطة المتمثلة في حاجز 61.8 في المائة فيبوناتشي من الموجة الكلية الهابطة على الإطار الزمني الشهري والموضحة بالشارت المرفق، الذي تحقق خلال تداولات الشهرين الأخيرين من العام الماضي، حيث تم الاختراق إلا أنه لم يتأكد إلا بإغلاق الشهر الأخير الذي يعد إغلاقاً شهرياً وإغلاقاً ربع سنوي وإغلاقاً سنوياً، وهذا ما يعد من أشد الإشارات وضوحا على مسار المؤشر القادم الذي يتضح من خلال سلوكه الحركي الأخير أنه يتجه مبدأيا إلى مناطق المقاومة الأولى له عند حاجز 76.4 في المائة فـ ''يبوناتشي'' من الموجة السابق ذكرها عند مستويات 12430 نقطة التي لا أتوقع لها أن تصمد كثيرا أمام هذا الاندفاع، حيث من المحتمل أن نشاهد تفاؤلا جيدا لدى المتعاملين يدفعهم لمزيد من الشراء، وبالتالي لا أستبعد أن يخترق المؤشر هذه المقاومة ويتجه لما بعدها عند مناطق 14200 نقطة تقريبا، حيث إنها مناطق القمة الأعلى للمؤشر خلال العقد الماضي التي تعد من أشد المقاومات ضراوة، والتي أعتقد أن نشاهد تصحيحا جيدا إن وصل إليها.. وأخيرا ما أود الإشارة إليه أن المؤشر قد تدارك قرابة الـ 70 في المائة من هبوطه الكبير الذي حصل أثناء الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت الأسواق المالية على مستوى العالم أجمع، وذلك خلال فترة قصيرة مما يعطي احتمالين، إما أن يكون الارتفاع وهميا والهبوط القادم سيكون أسوأ بكثير، وإما أن تكون الاقتصادات قد تعافت، وعليه فإن الثقة ستزداد، وبالتالي سنشهد ارتفاعات تخترق القمم السابقة وستحقق بدورها أرقاما قياسية جديدة، ولكن تبقى من الناحية الفنية القمة الحالية هي الحاجز الرئيس لأي صعود مقبل. مؤشر فوتسي البريطاني على الرغم من الضغوط الكثيرة التي تعرض لها الاقتصاد البريطاني، إلا أن مؤشر سوق الأسهم هناك حافظ بشكل جيد على أدائه المتماسك، حيث حقق ارتفاعات لا بأس بها، وذلك خلال تداولات العام الماضي التي وصلت ارتفاعاته إلى ما يقارب الـ 11 في المائة من سعر افتتاح العام، حيث كان أول ما واجهه المؤشر حينها تذبذبا حادا في المسار العرضي الواسع النطاق الذي كان يسير به إلى أن أكد أخيرا اختراق مناطق المقاومة آنذاك عند مستويات 5550 نقطة بإعادة الاختبار التي حصلت في بداية الشهر الأخير من العام الماضي التي فشل فيها المؤشر في العودة إلى ما دون تلك المنطقة التي أصبحت بعد اختراقها دعما لا يستهان به ونقطة انطلاق لموجة صاعدة قد تصل أهدافها إلى مناطق عدة، أولها مستويات 6262 الواقعة على حاجز61.8 في المائة FP من الموجة الأخيرة الصاعدة على الإطار الزمني الأسبوعي، وهنا أود التأكيد على أن اختراق هذه المستويات سيفتح الباب أمام المؤشر للصعود إلى مناطق 6750 نقطة المتمثلة في قمة المؤشر الأعلى خلال تداولات العقد الماضي، التي لا بد لها أن تكبح صعود المؤشر أو تخفف من حدة الانطلاقة التي يسير بها منذ بدايات الربع الثاني من عام 2009 والتي وصلت قيم الارتفاع من ذاك الوقت إلى الآن ما يتعدى الـ 70 في المائة من قاع العام ذاته. وأود الإشارة إلى أن الارتفاع الأخير في العامين الماضيين قارب الـ 80 في المائة من إجمالي هبوطه من أعلى قمة وصل إليها في الفترة ما قبل الأزمة العالمية إلى أن وصل إلى قاعها، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على صمود جيد لدى المتعاملين الذين ذهبوا إلى الاستثمار الآمن والامتثال لقواعده الأمر الذي أدى إلى اتزان الأسواق بشكل عام، وعدم رؤية التقلبات السعرية الحادة جدا التي تأتي بسبب المضاربات السريعة. مؤشر نيكاي الياباني لا يزال المؤشر الرئيس لبورصة طوكيو ''نيكاي'' يعاني جراء ارتفاع الين الياباني الذي أدى إلى أزمة في الصادرات التي انعكست بدورها سلبا على الشركات اليابانية بشكل عام، حيث لم ترتفع أسعار تلك الشركات كثيرا، وبالتالي فإن المؤشر المذكور لم يكسب خلال العام الماضي 2010 أي نقطة، بل خسر من قيمة افتتاحه السنوية ما يقارب 300 نقطة على الرغم من ارتفاعه في الربع الأول من العام، إلا أنه اصطدم بمستويات المقاومة القوية عند مناطق 11311 نقطة الواقعة على حاجز 38.2 في المائة، فـ ''يبوناتشي'' من الموجة الكلية الهابطة على الإطار الزمني الشهري التي كبحت بدورها صعوده ودفعته للعودة إلى مناطق 8800 نقطة نتيجة لارتفاع الين الحاد، الأمر الذي لم يستحبه صناع القرار في المركزي الياباني الذي وقع على أثره بالتدخل في سعر العملة، وذلك بإضعافها من خلال شراء ما يقارب الـ 20 مليار دولار وبيع ما يقابلهم من ينات يابانية، الأمر الذي أعطى المتعاملين بريق أمل في ثبات سعر الين عند هذه المستويات، والدخول في موجة ضعف تكون نتيجته إيجابية على سوق الأسهم وعليه فإننا لو راقبنا أحداث الأشهر الأربعة الأخيرة لوجدنا أن المؤشر ارتفع مما يقرب من 1500 نقطة، ما نسبته 17 في المائة من قيمته والذي يعد بمعزل عن موقع المؤشر الحالي جيدا، حيث من المحتمل أن ينطلق المؤشر ليخترق حاجز المقاومة الأول عند المستويات السابق ذكرها ويليها مناطق 12640 نقطة الواقعة على حاجز 50 في المائة، فـ ''يبوناتشي'' من الموجة السابق ذكرها التي أتوقع أن نتجاوزها أيضا خلال تداولات العام القادم وخصوصا إن تحقق نموذج الـFailure Swing الذي سيكتمل باختراق المقاومة الأولى التي ستؤكد بدورها بداية الموجة الدافعة الصاعدة والتي ستصل بنا إلى مناطق قد تصل في نهايتها إلى 14 ألف نقطة.
إنشرها
Author

صناعة النقل الجوي في المملكة - المزايا والنواقص

|
يهدف هذا التقرير إلى إلقاء الضوء على واقع صناعة النقل الجوي في المملكة وتقييمها من حيث الفاعلية والأداء عطفا على البيئة التي تحتضنها متمثلة في مكانة السعودية السياسية والاقتصادية والاجتماعية. فالمملكة، قلب العالم الإسلامي، تتشرف بخدمة ملايين الحجاج في أشهر معلومات، وملايين المعتمرين والزوار على مدار العام الغالبية العظمى منهم تأتي عبر شركات الطيران التي تنقلهم إلى مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة والقليل منهم إلى مطار الأمير محمد بن عبد العزيز في المدينة المنورة. كما تحتل المملكة مكانة متميزة في صناعة النفط والغاز والصناعات الأساسية والثانوية لهما، مما يعطي قيمة مضافة لمطارات قائمة وذات بنية تحتية جيدة كمطار الملك فهد الدولي ومطار يبنع. صناعة السياحة في المملكة لم تكن موجودة قبل سنوات معدودة، ولم تكن لها مؤسسة حكومية أو موازنات، أما الآن فالمؤشرات السنوية على ما يتم تدويره داخليا من إنفاق مالي خلال العطلات، تدل على أن صناعة السياحة أصبحت في دائرة الصناعات الكبرى في المملكة، وتستفيد صناعة النقل الجوي في المملكة استفادة مباشرة من صناعة السياحة، حيث يحدث دوما تشغيل بالحد الأقصى للخطوط العاملة في المملكة وتنعدم المقاعد الشاغرة لوجهات سياحية كمنطقة عسير ومنطقة مكة المكرمة والمنطقة الشرقية. صناعة النقل الجوي من حيث الحجم والجودة لها مقاييس متفق عليها لدى المختصين في هذه الصناعة، فمقاييس الحجم تتطرق إلى عدد المسافرين في السنة بالنسبة للمطارات، حيث يحتل مطار أطلانطا الدولي في ولاية جورجيا المركز الأول بـ 70 مليون مسافر في السنة. علاقة النمو الاقتصادي في الدولة الحاضنة هو المؤثر الأول في هذه الصناعة ويتمثل ذلك في حصول مطار بكين الدولي على المركز الثاني عالميا بـ 60 مليون مسافر في السنة، مقصيا بذلك مطارات تربعت على المراكز الأولى لسنوات طويلة كمطار (أوهير) في مدينة شيكاغو. يأتي مطار دبي الدولي في المرتبة 14 عالميا، ومن المتوقع أن يدخل دائرة العشرة الكبار قريبا، حيث استطاع المطار استقطاب والتعامل مع 40 مليون مسافر حتى قبل نهاية هذا العام (2010). قياس فاعلية وجودة المطارات والخطوط الجوية وغيرها من قطاعات صناعة النقل الجوي، تقوم بإدارته جهات متفق عليها كجائزة (سكاي ـــ تراك) التي لديها مقاييس متعددة ومختلفة وتتخصص في مؤشرات متفرقة وذكية، منها جائرة المطار الأكثر نموا، أفضل مطار اقتصادي، أفضل سوق حرة، وحتى أفضل دورات المياه وتعدد الخدمات فيها. ولقد أسهمت هذه الجائزة في تطور صناعة النقل الجوي في العالم، حيث تتنافس المطارات والخطوط للظفر بأكثر عدد من تلك الجوائز. الشرق الأوسط الأسرع نمواً سجل الشرق الأوسط المرتبة الأولى عالميا في نسبة نمو حجم الحركة الجوية وفقا للتقرير السنوي الذي يعده (الاتحاد الدولي للنقل الجوي – الأياتا). فحجم الطلب على السفر الجوي ازداد بنسبة 18 في المائة متفوقا على مناطق أصبحت ساخنة كالصين، ويأتي ذلك نتيجة تنامي اقتصاد المنطقة والتوسع في بناء المطارات وزيادة أعداد طائرات الخطوط الجوية. وتحتضن المنطقة عديدا من مشاريع تطوير المطارات وإنشاء مطارات جديدة تصل قيمتها مجتمعة إلى 100 مليار دولار، ففي هذه السنة تم تسلم وتشغيل الصالة (3) في مطار القاهرة الدولي التي تستطيع التعامل مع 22 مليون مسافر. التكلفة المتدنية لإنشاء الصالة الجديدة في مطار القاهرة مقارنة بطاقتها الاستيعابية العالية، يدل على التفاوت الكبير في موازنات إنشاء المطارات، حيث تلعب الهندسة القيمية دورا مهما في تقليل التكاليف مع الوفاء بمتطلبات الإنشاء الرئيسة. وعلى الرغم من الطاقة الاستيعابية الشاغرة في مطار القاهرة إذ إن حجم الحركة الجوية لا يتجاوز 15 مليون مسافر في السنة، إلا أنه يصنف الثاني على مستوى قارة إفريقيا بعد مطار جوهانسبرج الدولي في جنوب إفريقيا. وتعاني صناعة النقل الجوي في مصر من عامل الإدارة أكثر مما تعاني من نقص الموارد، إذا أن لديها مقومات كثيرة تتفوق على دول سبقتها كدبي على سبيل المثال. فمصر تمتلك مناطق جذب متعددة كالآثار والشواطئ، إلا أنها تعاني غياب الإدارة الحديثة وتفشي البيروقراطية والمحسوبية. لا تحتاج صناعة النقل الجوي المصرية إلى الموارد بقدر ما تحتاج إلى بيئة إدارية خالية من البيروقراطية. وفي قطر يجري العمل بوتيرة سريعة لإنجاز المرحلة الأولى من مطار الدوحة الدولي الجديد (نيو ـــ دوحة) الذي يبعد أربعة كيلومترات عن المطار الحالي والتي تقدر طاقة المرحلة الأولى بـ 25 مليون مسافر في السنة. ويتميز المطار الجديد بأنه ينتمي إلى المطارات ذات السبع نجوم، حيث يحتوي عديدا من الصالات التنفيذية الفاخرة ومراكز الأعمال وعديدا من الأسواق الحرة، إضافة إلى مراكز ترفيه وأعمال وفنادق ملحقة. وتنعم قطر بموارد ضخمة من الغاز الطبيعي تفوق كثيرا مصروفاتها نظرا لصغر الدولة جغرافيا وقلة عدد السكان، إلا أنها تتبنى خطة استثمار استراتيجية تتمثل في الاستحواذ على حصص في شركات دولية ذات مخاطر متدنية. ومع التوسع العالمي في إحلال الغاز بدلا من النفط في تطبيقات حياتية كثيرة، يتوقع أن تكون قطر عاصمة هذه الصناعة نظرا لكونها الثاني في الترتيب العالمي في مخزون الغاز. ولدى الخطوط القطرية خطة طموحة تتمثل في حجم أسطولها المتوقع خلال السنوات العشر المقبلة ودخولها في تنافس محموم مع كل من طيران الإمارات وطيران الاتحاد للهيمنة على طريق الحرير الجوي. طريق الحرير الجوي يتمثل كل من أبوظبي ودبي والدوحة محاور عالمية والاستفادة من موقعها التوسطي بين قارات العالم. الدوحة وأبو ظبي ودبي على وجه الخصوص تمكنت من الاستفادة بجدارة من الخبرات العالمية، والذي نتطلع إلى أن يتحقق في السعودية، وما المكانة الدولية لمجموعة الإمارات – طيران الإمارات ومطار دبي الدولي ومطار آل مكتوم وورلد سنترال – إلا نتاج التخطيط والإدارة الاستراتيجية لتيم كلارك الذي كان من الفريق الأول الذي أنشأ طيران الإمارات بطائرة مستأجرة قبل 25 عاما فقط. صناعة النقل الجوي في كل من أبوظبي ودبي والدوحة لا تزال تعتمد على العنصر الأجنبي اعتمادا شبه كلي، وهذا خلل خطير من الناحية الاستراتيجية، فسياسات التوطين تحتاج إلى إعادة هيكلة لتقليص الفجوة بين العنصر الأجنبي والعنصر المحلي في هذا القطاع الحيوي. صناعة النقل الجوي في أبوظبي ودبي والدوحة تنمو بقوة وذات جودة عالمية، إلا أنها تحتاج إلى إعادة النظر في سياسات التوطين لتقليص الفجوة بين العنصر الوطني والعنصر الأجنبي. المملكة بين الواقع والمأمول أدى الارتفاع الكبير لأسعار النفط في السنوات الماضية إلى زيادة كبيرة للدخل في المملكة، وانعكس ذلك على الإنفاق الحكومي لعديد من مشاريع البنية التحتية. وكان لقطاع التعليم والصحة النصيب الأكبر من موازنات الدولة، حيث تم اعتماد العديد من الجامعات الجديدة. صناعة النقل الجوي في المملكة لم تكن بوتيرة القطاعات الأخرى في المملكة لأسباب كثيرة منها بطء الإجراءات الحكومية وعدم وجود نظرة استشرافية وخطط استراتيجية معتمدة للنهوض بهذا القطاع. الخطة الاستشرافية المفترضة يجب أن تضع هذا القطاع في موقعه المناسب ضمن قطاعات الدولة كما هو عليه الحال في جميع دول العالم. فالطيران المدني اليوم ممثلا بقطبيه الرئيسين المطارات والخطوط يتجه نحو الخصخصة والانضمام تحت مظلة القطاع الخاص. وذلك يتطلب مرونة في الهيكل الأعلى لهيئة الطيران المدني التي هي في النهاية الجهة التنفيذية والتشريعية التي تحتضن هذا القطاع الحيوي. وبرغم حجم الاقتصاد السعودي والرغبة الجامحة من قبل القطاع الخاص السعودي للاستثمار في إنشاء شركات نقل جوي جديدة أو الاستثمار في المطارات الجديدة أو الاستثمار في الصناعات الثانوية الكثيرة كمراكز صيانة الطائرات ومعاهد التعليم والتدريب. إلا أن البيروقراطية وغياب الشفافية أجبرت المستثمرين على اتخاذ من الدول المجاورة مواقع لها والعمل من هناك. ومن تلك الأمثلة شركة سعودية قدمت طلبا لإنشاء مركز صيانة للطائرات الخاصة في مطار الملك خالد الدولي، فلم يعط التجاوب المطلوب، واضطر إلى إقامة الشركة في مطار الثمامة، وهو مطار ناء لا يرقى أبدا لحجم الحركة التي لدى مطار الملك خالد التي بنى عليها المستثمر حسابات الجدوى الاقتصادية. بيئة صناعة النقل الجوي في المملكة طاردة والدليل هجرة الشركات السعودية للدول المجاورة. مركز صيانة كان مؤملا في مطار الملك خالد فانتهى به الحال في الثمامة! ومن القطاعات الاستراتيجية في صناعة النقل الجوي قطاع التعليم والتدريب، حيث تتلقى أغلبية الخريجين تعليمهم وتدريبهم لمختلف تخصصات قطاع الطيران في الخارج. ويقدر حجم قطاع التدريب والتعليم في صناعة النقل الجوي بثلاثة مليارات ريال خلال السنوات الخمس المقبلة. ويأتي إعداد الطيارين والأطقم الجوية في مقدمة الفرص الاستثمارية، حيث من المتوقع أن تحتاج المملكة إلى أعداد كبيرة من الطيارين خاصة مع التوسع في إعداد الطائرات ومتطلبات الإحلال المستقبلية. وعلى الرغم من مساحة المملكة الكبيرة وصفاء أجوائها، إلا أن دولا مجاورة ذات عشر المساحة والموارد تمتلك عددا من مدارس الطيران وتتلقى اعتماد هيئة الطيران المدني السعودي. ولو تمت مقارنة عدد خريجي الطيران من معاهد تلك الدولة بما تم تخريجه من المعاهد السعودية لكانت مفارقة تدل على واقع توطين هذه الصناعة الاستراتيجية. هناك شركات في الدول المجاورة قائمة على السوق السعودية ومنها مدارس الطيران. تأتي ''الخطوط السعودية'' في مقدمة المشغلين الجويين في المملكة هذا عدا كونها الناقل الوطني وصاحبة التاريخ العريق في المنطقة. ''الخطوط السعودية'' لها تأريخ راسخ حيث تربعت لسنوات طويلة على عرش الخطوط العربية من حيث طاقتها التشغيلية وحجم أسطولها وجودة خدماتها. وتعاني ''الخطوط السعودية'' من عوائق رئيسة تحد من قدرتها التنافسية وأن تكون خطوطا تجارية بحتة قادرة على التحول إلى الملكية الخاصة. ومن أهم تلك العوائق الكادر البشري الذي يعاني من التضخم وقلة الجودة والإنتاجية والعمل بسلوكيات المؤسسات مقدمة الخدمة للزبون. كما تعاني ''الخطوط السعودية'' من ترهل أسطولها، حيث أدت ملكيتها الحكومية إلى عدم القدرة على اعتماد وتنفيذ إدارة فاعلة للأسطول تقوم بالتخلي عن الطائرات المتقادمة في وقت مبكر وإحلال طائرات جديدة تتلاءم مع المتطلبات التشغيلية. المطارات في المملكة يتوافر لكثير منها بنية تحتية متكاملة خاصة المطارات الإقليمية، إلا أن كثيرا منها يعمل بعدد رحلات لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة في اليوم الواحد. قد يكون الطلب على السفر الجوي من تلك المطارات الصغيرة متدنيا وموسميا، ولكن الخطوط التي تعمل بمنهجية تجارية قادرة على اعتماد سياسات ترويج وتسويق. المطارات الدولية الثلاث تعمل تحت إدارة مختصة في هيئة الطيران المدني، وهي تدرك أن جودة تلك المطارات ليست كما ينبغي أن تكون مقارنة بالموارد المتاحة لها. حجم الحركة الجوية في تلك المطارات متفاوت، فبينما ينعم مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة بحركة جوية تتنامى سنويا، إلا أن إمكانات المطار تظل غير قادرة على الوفاء بالحركة المتاحة لهذا المطار، حيث تأخر تطويره وبقي جامدا لثلاثة عقود من الزمن. مطار الملك خالد الدولي في الرياض الذي سيحقق 14 مليون مسافر في السنة، لديه بنية تحتية لم تستغل خاصة الصالة (4) التي تنتظر مستثمرا يستطيع أن يؤهلها لتكون عالمية المواصفات. حجم الحركة الجوية في مطار الرياض لا يزال دون الرقم الطبيعي عطفا على مكانة الرياض كعاصمة ومركز أعمال عالمي. المطار الأكثر إيلاما هو مطار الملك فهد الدولي الذي يعاني من هجرة المسافرين وشركات الخطوط إلى مطار البحرين الدولي المجاور. بيانات حجم الحركة الجوية في مطار الدمام خلال السنوات الماضية يدل على حجم المشكلة، حيث يتعامل المطار مع أربعة ملايين مسافر في السنة فقط. متخصص في شؤون الطيران وأستاذ الطيران المساعد في كلية الملك فيصل الجوية
إنشرها
Author

تحديات مستقبل الطاقة

|
لعل أهم ما سوف يُشغل بال المجتمع الدولي ويُهدد انتعاش ونمو الاقتصاد العالمي خلال عام 2011 وما بعده، هو مستقبل إمدادات الطاقة الرخيصة التي لا تزال تعتمد اعتماداً كلياًّ على المصادر النفطية، وهي الآن تقترب من الوصول إلى ذروة الإنتاج إذا استمر اتجاه الانتعاش الاقتصادي العالمي على مساره الحالي. وقد تكون السنون المقبلة، بداية من عام 2011 كلها أعوام ترقُّب لما سيكون عليه وضع الطاقة خوفاً من حدوث شح مفاجئ لمصادر الطاقة التقليدية قبل أن تتمكن الدول الصناعية الكبرى، على وجه الخصوص، من تأمين ما يُغطيِّ حاجتها من البدائل المتجددة. وقد تنبأت وكالة الطاقة الدولية، وهي الجهة شبه الرسمية المسؤولة عن تقرير حالة إمدادات الطاقة، بأن تكون زيادة الطلب على النفط الخام والمشتقات النفطية خلال عام 2011 في حدود 2.3 مليون برميل في اليوم، وهي نسبة كبيرة إذا قورنت بمعدلات الزيادة خلال السنوات القريبة الماضية، ومعدل مجموع الطلب العالمي سيبلغ 88.5 مليون برميل في اليوم. ومن المتوقع أن يبلغ الطلب في نهاية هذا العام في حدود 87.3 مليون. وعلى الرغم من وجود فائض إنتاج غير مُسْتَغل الآن لدى بعض دول الأوبك، إلا أن هذا الفائض إذا استُخدِم عند ارتفاع الطلب كإضافة للإنتاج المعلن عنه اليوم فلن يدوم طويلاً قبل أن يختفي تأثيره في الأسواق العالمية، ربما خلال مدة لا تتجاوز السنة الواحدة. فلا هناك ما يُغيِّر الحقيقة الماثلة أمامنا، وهي أننا على أبواب بداية نقص لا مفر منه في إمدادات الطاقة على المستوى العالمي. ومما يجعل الأمر أكثر خطورة هو الاعتماد الكلي منذ ما يزيد على القرن على النفط كمصدر للطاقة لتسيير جميع شؤون حياتنا الصناعية والزراعية والمعيشية. وقد استغلت الدول الصناعية المتقدمة تدني أسعار النفط منذ أن ظهر إلى الوجود أسوأ استغلال لمصالحهم الخاصة. وبفضل تقدمهم العلمي وإمكانياتهم الهائلة وهيمنتهم السياسية خلال وقت الاكتشافات الكبيرة لمنابع النفط في الشرق الأوسط، استطاعوا التحكم بالأسعار وإخضاعها تحت سيطرتهم، عندما كانت الشركات الغربية الكبرى تتولى عمليات الإنتاج والتسويق. ولم يكن مُستغرباً لدى الجميع أن يُباع برميل النفط في كثير من الفترات بحفنة من الدولارات. وحتى في يومنا هذا، وبرميل النفط يُباع بما يُقارب 80 دولاراً، وهو ما يُشار إليه بأنه سعر ''عادل''، لا يُمثل القيمة الحقيقية للنفط إذا قورن مع أسعار مواد كثيرة ليس لها الأهمية نفسها. وقد أصبح الانخفاض الفاحش لسعر مصادر الطاقة خلال العقود الماضية السمة المميزة لعصر النفط، حيث إن ذلك قد أسهم إلى حد كبير في تسارع النمو الهائل للاقتصاد العالمي، دون أن يكون هناك أي اهتمام يُذكر من قِبل المستهلكين لإيجاد بديل مناسب يقوم بالتدريج مقام النفط الذي يعلم الجميع أنه لن يدوم وجوده إلى ما لا نهاية. وأشد ما نخشاه، هو أن يُصاب الاقتصاد العالمي بصدمة عنيفة وشلل مزمن عندما يشعر العالم بأن الإنتاج النفطي قد وصل إلى قمة عطائه وهم لا يزالون يطلبون المزيد. فأغلب الدول الصناعية ذات الاستهلاك الكبير للطاقة، وعلى الأخص الدول الغربية، لاهية بشؤون ديونها الضخمة ومشاكلها الاقتصادية الآنية، تاركة الأمور المستقبلية المهمة لوقتها، وهو ما سيُضاعف من أزماتهم المالية التي يُعانونها اليوم. ومما لا شك فيه أن هناك الآن بوادر تحركات دولية وإقليمية ومحلية جادة للبحث عن أنسب البدائل المتوافرة لمصادر جديدة لتوليد الطاقة. وبدأ في الآونة الأخيرة الحديث عن إمكانية قبول عدة مصادر، منها التوسع في بناء مرافق إضافية للطاقة الذرية واستخدام الوقود الحيوي وما تبقى من احتياطي الفحم الحجري والنفط الرملي والطاقة المتولدة من الرياح. ولكن لكل من تلك المصادر محدوديته التي لا تجعل منه مصدراً كافياً يُعتمد عليه كبديل للنفط. ولعل الكل يُدرك اليوم أن مصادر توليد الطاقة الشمسية النظيفة هي الأفضل بين الاختيارات الأخرى، نظراً لتوفرها ودوامها وصدورها من معين لا ينضب وبساطة بناء منشآتها وسهولة تشغيلها. وعلى الرغم من بطء التحرك العالمي نحو استغلال هذه الثروة الهائلة، فإنه من المتوقع أن يشهد العالم خلال وقت قصير ثورة غير مسبوقة تجعل من صناعة الطاقة الشمسية مصدراً مهماً لتسيير عجلة التقدم الاقتصادي، قد لا تقل عن النشاط والتقدم التكنولوجي الذي صاحب نمو الصناعة المعلوماتية خلال العقود القليلة الماضية، كما تنبأ بذلك أحد المتخصصين في بلادنا، ونحن نتفق مع رؤيته. ولكن الذي لا إشكال فيه هو أن البدء في تحول مصادر الطاقة من المشتقات النفطية التي اعتاد العالم عليها وأسس لها البنية التحتية الواسعة التي تُناسب استخدامها، إلى نوع آخر من المصادر التي تختلف طبيعتها عن النفط، كالطاقة الشمسية، سيُسبب إرباكا للحياة بوجه عام ولصناعة وسائل النقل بوجه خاص. أما تأثير تقلص الإمدادات النفطية المتوقع حدوثه في غضون سنوات على معايير النمو الاقتصاد العالمي وعلى دخل الحكومات التي اعتادت تحصيل ضرائب كبيرة على النفط المُستَورد فسوف يكون ضربة قوية لدخلها القومي وهزت عنيفة لاقتصادها.
إنشرها
Author

القطاع سيشهد نموا في الطلب واستقرارا في الأسعار «البتروكيماويات» تواجه تحدي «الحمائية» في 2011

|
تتجه أنظار الكثير من المهتمين سواء كانوا مستثمرين أو مسؤولين إلى قطاع البتروكيماويات وذلك لما يشكل هذا القطاع من أهمية بالغة. إن اهتمام الدولة ينطلق من أن هذه الصناعة تعتبر أكبر صناعة سعودية بل وأكبر قطاع تجاري منتج ومصدر. فمن جانب المستثمرين فقطاع البتروكيماويات يعتبر أكبر قطاع مؤثر في سوق رأس المال السعودي (سوق الأسهم)، وكذلك إجمالي أرباح السوق السعودي أغلبها من هذا القطاع، بل إن أرباح شركة سابك فقط تعادل تقريبا أرباح ثاني أكبر قطاع في السوق وهو قطاع البنوك، ومن هنا تشكلت الأهمية لهذا القطاع الحيوي. إن أسعار المنتجات البتروكيماويات مثل أي منتج يخضع لقاعدة العرض والطلب، إلا أن هناك عامل مؤثر في هذه القاعدة وهو أسعار الغاز المصاحب والذي غالبا ما يستخرج مع النفط، ومن هنا بدأ ارتباط أسعار المنتجات بتحركات النفط، إلا أن حركة أسعار المنتجات تكون أبطأ من التحركات السعرية للنفط، وذلك يعود إلى أن أسعار المنتجات لا توجد لها أسواق فورية مثل النفط والأسهم والسلع، لذلك يكون الأثر في سعر النفط فوريا وحاليا بينما تأخذ المنتجات وقتا أطول حتى يبدأ التأثير. مما سبق يتضح لنا المؤثر الرئيس في أسعار المنتجات وهو النفط فلذلك العوامل التي تؤثر في النفط تؤثر في البتروكيماويات. فلو أخذنا سلعة النفط وسلطنا الضوء عليها فسوف نجد صعوبة كبيرة في تحديد اتجاهها وذلك لصعوبة دراسة العوامل المؤثرة فيها وخصوصا العوامل السياسية التي تعتبر اللاعب الأساسي في تحركاته، فلذلك نشاهد فشل كثير من بيوت الاستثمار والخبراء في تحديد السعر العادل للنفط، بينما غالبا ينجح السياسيون في توقع المناطق العادلة فلو أخذنا تصريح خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ـــ حفظه الله ـــ وتصريح وزيري النفط السعودي والقطري نجد أنها اتفقت على أن سعر النفط العادل من 70 دولارا إلى 80 دولارا والتصريح الأخير لوزير النفط الكويتي بتحديد السعر العادل بين 85 و90 دولارا، بينما نشاهد أن كثيرا من بيوت الاستثمار ترى أن السعر العادل للنفط من 100 دولار إلى 110 دولارات، وهنا يجب أن نعود إلى ما قبل الأزمة عندما صرحت الحكومة السعودية متمثلة في وزير النفط المهندس علي النعيمي عندما تجاوز النفط 100 دولار صرح بأن الذي يحدث قائم على المضاربة وليس الطلب، بينما كانت بيوت الاستثمار تبالغ في الأسعار العادلة. وقد صدق في تلك الفترة تقدير السياسيين وأخطأ المحللين. بالعودة إلى تلك التصريحات الرسمية من قبل أكبر منتجي النفط أجد أنها أكثر منطقية، فالاقتصاد العالمي لا يتحمل ارتفاع أسعار الطاقة في ظل تبعات الأزمة العالمية، ولهذا نجد أن الدول المنتجة للنفط قدمت المصلحة العالمية على المصلحة الشخصية، فارتفاع أسعار النفط سيخدم الدول المنتجة على المدى القصير لكنه سينعكس عليها على المدى الطويل، حيث إن ارتفاع أسعار الطاقة سيؤثر في التعافي العالمي والتضخم، بينما استقرار أسعار النفط سيخدم الجميع منتجين ومستهلكين. مما سبق ذكره ينطبق على المنتجات البتروكيماويات إلا أن هناك جانب آخر ومهم للغاية وهو سلاح ذو حدين على منتجين البتروكميكل والذي يتمثل في أهمية تجاوب أسعار المنتجات بنسبة ارتفاع أسعار النفط والغاز نفسه. أما على مستوى المنتجين للمواد البتروكيماوية نشاهد أن هناك تصريحات لمديرين ومسؤولين لشركات كبيرة في منطقة الشرق الأوسط وهي تصريحات متفائلة وأبرز هذه التصريحات ظهرت من المهندس خالد الفالح مدير شركة أرامكو والمهندس محمد الماضي مدير شركة سابك والمهندس مطلق المريشد مدير شركة ينساب والمهندس سليمان المنديل العضو المنتدب لشركة المجموعة السعودية، والتي تنصب في إطار رؤيتهم في تعافي الطلب وانتعاش الأسواق، وليس كما ذهبت بعض الآراء في حدوث ارتفاعات قوية بالأسعار ويثبت لنا ذلك تصريح المهندس محمد الماضي، حيث صرح أنه سيكون هناك نمو في الأسعار 4 في المائة خلال عام 2011 وهي نسبة نمو منطقية ولا تضر بالمستهلكين ولو نظرنا إلى أسعار المنتجات الحالية وقارناها بالماضي سنجد أن الأسعار الحالية هي قريبة من متوسط أسعار عام 2005 و2006 ومنتصف عام 2007، بينما ما حدث بعد ذلك هي فقاعة، وهذا يثبت لنا أن التفاؤل كان بعودة الطلب وليس ارتفاع الأسعار. وحتى نحلل سبب التفاؤل نحتاج إلى تسليط الضوء على أهم المناطق التسويقية للشركات السعودية وهي شرق آسيا وأوروبا وأمريكا, فبالنظر إلى شرق آسيا والتي تتمثل في الصين فإن الصين هي من قاد الاقتصاد العالمي إلى التعافي بل أن العالم كان يسير على عجلة الصناعة الصينية، ولذلك استمر الاقتصاد الصيني يسجل نمو في 2009 و2010، بينما كانت الاقتصاديات الأخرى مثل أمريكا وأوروبا تثقل على العالم بأزماتها. وحتى الآن الدراسات تدل على استمرار النمو في الصين بل أن هناك دراسات تدل على أن الصين في 2016 ستكون أكبر اقتصاد عالمي وبعض الدراسات تقول في 2020، أما من ناحية أوروبا فإن انخفاض اليورو سيسهم بارتفاع الطلب على المنتجات الأوروبية. أما من الجانب الأمريكي فإن خطة التيسير الكمي والتي تهدف إلى تحفيز الطلب فأعتقد أن المركزي الأمريكي نجح في تحفيز الطلب بالخطة التي استخدمها فهو يحاول أن يقلب الانكماش إلى تضخم أو يخلق خوفا لدى القطاع الخاص من التضخم فبالتالي يبدأ القطاع الخاص بالإنفاق. مما سبق يتضح لنا أن في عام 2011 سيكون هناك نمو بطلب على المنتجات البتروكماويات وشبه استقرار في الأسعار وإذا واكب الطلب فقاعة في الأسعار فإن هذا دلالة على وجود خلل، وقد تكون هناك مشكلة اقتصادية قادمة إلا أن هناك خوف في انتقال العدوى من حرب عملات إلى حرب حمائية للمنتجات عامة، وقد بدأت هذه الحرب قبل عام تقريبا عندما فرضت أمريكا ضرائب حمائية على السيارات المصنعة بالصين وكان رد الصين على هذه الإجراء سريعا فبعد يومين من هذا القرار فرضت الصين ضرائب حمائية على المنتجات الغذائية الأمريكية (منتجات الدواجن)، كما طالبت شركات الطيران الأوروبية بالحماية من الشركات الطيران الخليجية، وكذلك ما قامت به الهند حين فرضت رسوم حمائية على البولي بروبيلين المنتج في الخليج. في رأيي أعتقد أنه ستكون هناك حرب حمائية قد تضرب باتفاقيات منظمة التجارة الدولية إلا أني أستبعد أن تكون الحرب في صناعات البتروكماويات قوية والسبب يعود لطبيعة هذه الصناعة والتي نوعا ما تكون محتكرة للدول التي تمتلك الغاز بعكس الصناعات الأخرى مثل السيارات والأثاث والمعدات وغيرها التي تحمل في طبيعتها منافسة عالية.
إنشرها
90 دولارا متوسط سعر برميل النفط في 2011 .. ولا تغيير لحصص الإنتاج
90 دولارا متوسط سعر برميل النفط في 2011 .. ولا تغيير لحصص الإنتاج

يتوقع أن تشهد أسعار النفط استقراراً ملحوظاً خلال عام 2011 وأن يبلغ متوسط سعر النفط من خام غرب تكساس 83...

Author

هبوط أسعار صرف الدولار الخطر الأبرز لمسار أسعار النفط في 2011

|
الاقتصاد العالمي في مرحلة التعافي حاليا، لكن الاقتصاديات المتقدمة ما زالت تراوح، في حين الاقتصاديات الناشئة ماضية قدما في النمو السريع، حيث تشير التوقعات الأخيرة لصندوق النقد الدولي إلى أن الاقتصاد العالمي من المتوقع أن ينمو بنحو 4.8 في المائة في عام 2010، في عام 2011 الاقتصاد العالمي على طريق الانتعاش أيضا، لكن بصورة غير متوازنة أيضا وأبطأ مما كان متوقعا سابقا، حيث إن التعافي بطيء في الدول المتقدمة التي يعاني بعضها أزمة ديون حادة وأقوى بكثير في الاقتصاديات الناشئة والنامية. من غير المتوقع أن يشهد الاقتصاد العالمي ركودا مزدوجا double-dip recession خلال عام 2011، على الرغم من أزمة الديون السيادية التي تجتاح منطقة اليورو حاليا، في هذا الجانب أشار صندوق النقد الدولي إلى أن احتمالية انخفاض نمو الاقتصاد العالمي في عام 2011 إلى ما دون 2 في المائة لا تتجاوز 5 في المائة. لكن في الوقت نفسه من غير المتوقع أن يشهد الاقتصاد العالمي نموا في الاقتصاد عام 2011 مماثلا للنمو الذي شهده العالم في عام 2010، حيث قامت معظم الجهات المختصة بتنقيح توقعاتها السابقة لعام 2011، إن معظم التنقيح التصاعدي كان في البلدان غير الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية، في حين أن التعديلات النزولية تتعلق إلى حد كبير ببلدان منظمة التعاون والتنمية، حيث تشير التوقعات التوافقية لعدد من المحللين إلى أن معدل النمو الاقتصادي العالمي لعام 2011 أقرب إلى 3 في المائة منه إلى 4 في المائة حاليا على خلاف توقعات صندوق النقد الدولي الذي يتوقع نمو الاقتصاد العالمي بنحو 4.2 في المائة في العام المقبل، إضافة إلى ذلك تشير معظم الدراسات إلى أن توقعات الاقتصاد العالمي على المدى القصير غير مؤكدة جدا بعد. حسب صندوق النقد الدولي من المتوقع حدوث تباطؤ في الاقتصاديات المتقدمة في معظم 2011 مقارنة بعام 2010، حيث من المتوقع أن يصل النمو السنوي في الناتج المحلي الإجمالي فيها إلى نحو 2.0 في المائة في عام 2011 عقب نمو مقداره نحو 2.7 في المائة في عام 2010، حيث إن النمو يتباطأ الآن قليلا في اليابان، الولايات المتحدة، والاتحاد الأوربي، بعد فترة من الانتعاش الجيد نسبيا. سياسات التحفيز المالي كانت مسؤولة جزئيا عن تحسن الأوضاع في النصف الثاني من 2009 والنصف الأول من عام 2010، لكن مع زوال هذه المحفزات وأزمة الديون السيادية في أوروبا من المتوقع أن يتراجع قليلا النمو الاقتصادي في الاقتصاديات المتقدمة خلال عام 2011. أما في الاقتصاديات الناشئة والنامية من المتوقع أن يبلغ نمو إجمالي الناتج المحلي نحو 6.5 في المائة تقريبا في عام 2011، مقابل نحو 7.2 في المائة في عام 2010، يتحقق هذا الانتعاش الاقتصادي بقيادة الصين والهند وعدد من الاقتصاديات الآسيوية الأخرى. إن النمو الاقتصادي من المتوقع أن يتباطأ قليلا في الصين نتيجة سياسة الحكومة في محاولة كبح النمو عند معدلات تراوح بين 8 و9 في المائة، لكن مع ذلك من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي فيها إلى أكثر من 9 في المائة في عام 2011 مقارنة بأكثر من 10 في المائة في عام 2010. لا تزال مخاطر النتائج دون المتوقع في أداء الاقتصاد العالمي مصدرا للقلق على الغرم من انحسارها، وتأتي أزمة منطقة اليورو على رأس هذه المخاطر القصيرة الأجل. أما حالة عدم اليقين الأكبر لعام 2011 فتكمن في إمكانية نجاح القطاع الخاص تخطي المرحلة الانتقالية التي تقوم فيها الحكومات برفع الدعم الاقتصادي وأيضا أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو وحرب العملات. لتحقيق انتعاش اقتصادي مستدام، فإن الاقتصاد العالمي يتطلب عملية إعادة توازن دقيقة في مجالين. الأول، إعادة التوازن من الإنفاق الحكومي إلى الإنفاق الخاص. في هذا الجانب تشير استطلاعات الرأي إلى أن العجز المالي لبعض الاقتصاديات الكبيرة وصل إلى نحو 9.0 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة، 7.5 في المائة في اليابان، 6.9 في المائة في منطقة اليورو، 5.5 في المائة في الهند، 2.5 في المائة في الصين، و2.1 في المائة في البرازيل. بما أن إنفاق القطاع الخاص في معظم الاقتصاديات الناشئة ظل قويا نسبيا والعجز الحكومي فيها أيضا صغير نسبيا، لذلك لا تشكل إعادة التوازن في الإنفاق مشكلة كبيرة بالنسبة لهم. لكن في كثير من الاقتصاديات المتقدمة لا يبدو القطاع الخاص فيها بعد على استعداد لاتخاذ زمام المبادرة الاقتصادية من الحكومة، حيث إن المستهلكين والشركات لا يزالون يسعون إلى خفض مستويات المديونية وليس زيادتها. أما عملية التوازن الثانية فستكون مطلوبة بالنسبة للبلدان التي فيها الديون الحكومية، ديون القطاع الخاص، والديون الخارجية، كبيرة، حيث يتطلب منها الحد من العجز المالي بصورة كبيرة من دون المساس بنمو الاقتصاد العالمي. هذه العملية ستتطلب أيضا نقل مزيد من مسؤولية الاقتصاد العالمي إلى البلدان الدائنة مثل الصين، ألمانيا، واليابان. أزمة الديون السيادية أجبرت العديد من الدول الأوروبية في منطقة اليورو على خفض الإنفاق المالي على الرغم من تباطؤ النمو الاقتصادي فيها، بسبب الضغوط السياسية وضغوط أسواق السندات. في الولايات المتحدة، لم يتمكن الديمقراطيون من تمرير حزمة كبيرة من الحوافز الجديدة من خلال مجلس النواب خلال عام 2010، على الرغم من تباطؤ النمو الاقتصادي إلى 1.6 في المائة في الربع الثاني، ذلك بسبب تهديد الجمهوريين بتعطيلها في مجلس الشيوخ، إضافة إلى ذلك، المصارف المركزية في بعض البلدان الرئيسة ذات المديونية السيادية، بما في ذلك الولايات المتحدة، يبدو أنها تضغط على المساعدات. وعلى الرغم من توافر السيولة الكافية في النظام المصرفي، إلا أن المصارف متحفظة على تحويل هذا الاحتياطي النقدي إلى قروض للمستهلكين والشركات بسبب الحالة غير المستقرة للاقتصاد وارتفاع أعباء الديون نسبيا. في الوقت نفسه، الدول الكبرى الدائنة لا تقوم باتخاذ خطوات كبيرة في تقديم المساعدة. بعد الانكماش الاقتصادي الكبير وانهيار التجارة العالمية في عام 2009، عدم التوازن في الميزان التجاري عاد مرة أخرى مع انتعاش التجارة العالمية. على سبيل المثال، في حزيران (يونيو) ارتفع العجز التجاري للولايات المتحدة إلى نحو 50 مليار دولار، وهو أعلى مستوى له منذ 21 شهرا. في المقابل، ارتفع الفائض التجاري الصيني في تموز (يوليو) إلى نحو 30 مليار دولار، وهو أعلى مستوى له منذ 18 شهرا. أما بخصوص الطلب على النفط، فقد شهد عام 2010 حالة كبيرة من عدم اليقين في توقعات نمو الطلب العالمي على النفط استمرت حتى مع اقتراب العام من نهايته، حيث إنه على الرغم من أن ثلاثا من المنظمات الكبيرة تتوقع نموا قويا في الاقتصاد وفي الطلب العالمي على النفط لهذا العام والعام المقبل، فإن توقعات وكالة الطاقة الدولية وإدارة معلومات الطاقة EIA متفائلة نسبيا في حين توقعات منظمة أوبك أقل تفاؤلا، لكن في الوقت نفسه أعربت جميع هذه المنظمات عن قلقها الشديد إزاء متانة وتعافي الاقتصاد العالمي، حيث إن بعد انتعاش الطلب العالمي على النفط خلال العام الماضي بسرعة أكبر مما كان متوقعا نتيجة التحسن الكبير الذي طرأ على الاقتصاد العالمي، يجابه النمو في الطلب العالمي على النفط مرة أخرى خطر التراجع، حيث من الممكن أن يتراجع نمو الطلب في عام 2011 مقارنة بعام 2010 نتيجة تباطؤ النمو الاقتصادي، لا سيما في البلدان المثقلة بالديون السيادية مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، إضافة إلى البرتغال، إيرلندا، إيطاليا، اليونان، وإسبانيا، ومحاولات الصين كبح وتيرة الاقتصاد بعض الشيء. في هذا الجانب حذرت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري لسوق النفط، من أن توقعات الاقتصاد العالمي على المدى القصير غير مؤكدة جدا، ما قد يؤدي إلى مخاطر تراجع كبير لنمو الطلب على النفط في المستقبل، هذا التحذير جاء بمثابة صدى لتحذير ''أوبك'' وإدارة معلومات الطاقة EIA في هذا الجانب أيضا. وكالة الطاقة الدولية، التي تعتمد في توقعاتها على أرقام صندوق النقد الدولي IMF، تتوقع حاليا أن ينمو الاقتصادي العالمي بنحو 4.7 في المائة في عام 2010 و4.2 في المائة في عام 2011، مقارنة بــ 4.1 في المائة و3.6 في المائة حسب توقعات منظمة أوبك. هذه المنظمات تتوقع أن يراوح نمو الطلب العالمي على النفط بين 1.3 مليون برميل يوميا و2.3 مليون برميل يوميا في عام 2010، بفارق نحو 1.0 مليون برميل في اليوم مع اقتراب العام من نهايته، في حين تتوافق على نمو في الطلب العالمي على النفط بحدود 1.2 مليون برميل يوميا في عام 2011. يتركز نمو الطلب على النفط خلال عام 2011 في البلدان النامية، خصوصا في الصين، الهند، دول الشرق الأوسط، وأمريكا اللاتينية. إن هذه البلدان مستمرة في أداء اقتصادي جيد بشكل استثنائي، عليه ليس من المستغرب أن الطلب على النفط فيها يتزايد أيضا بخطى سريعة، حيث تواصل الصين قيادة المجموعة، لكن من المتوقع أن يهدأ نمو الطلب فيها خلال عام 2011، حيث تقوم الحكومة بتخفيف برنامج التحفيز الاقتصادي التي أنشأته في أعقاب الأزمة الاقتصادية، لكن مع ذلك من المتوقع أن يكون معدل نمو الطلب فيها نحو 0.5 مليون برميل يوميا في عام 2011، هذا يمثل أكثر من 30 في المائة من نمو الطلب العالمي على النفط خلال هذه الفترة. لكن مثل حال النمو الاقتصادي، لا يزال نمو الطلب على النفط في البلدان الصناعية ضعيفا إن لم يكن معدما، وربما لن يتعافى تماما من الخسائر التي تكبدها في فترة الركود الاقتصادي، حيث تشير الأحداث السابقة إلى أن البلدان التي تتضرر من الأزمات المالية عادة ما تعاني خسائر دائمة مقارنة باتجاهات ما قبل الأزمة. بلدان منظمة التعاون والتنمية لا تزال تستهلك معظم النفط في العالم، لكن حصتهم تهبط بسرعة، حيث هبطت حصتهم من الاستهلاك العالمي للنفط إلى نحو 53 في المائة في عام 2010 من نحو 63 في المائة من قبل عشر سنوات، من المتوقع أن البلدان غير أعضاء في منظمة التعاون والتنمية سوف يتجاوزونهم قريبا. تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن ينمو الطلب في البلدان غير الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية بنحو 1.9 مليون برميل يوميا في عام 2010، مقابل 1.1 مليون برميل يوميا حسب منظمة أوبك، و1.5 مليون برميل يوميا في عام 2011، مقابل 1.03 مليون برميل يوميا حسب منظمة أوبك. في حين، تتوقع الوكالة أن ينمو الطلب في بلدان منظمة التعاون والتنمية بنحو 0.44 مليون برميل يوميا هذا العام، يعود السبب بصورة رئيسة إلى عودة نمو الطلب على النفط من جديد في أمريكا الشمالية بعد عامين من تراجع الطلب، ويتراجع بنحو 0.32 مليون برميل يوميا في عام 2011، مقابل توقع نمو 0.22 و0.15 مليون برميل يوميا على التوالي حسب منظمة أوبك. الطلب العالمي على وقود النقل من المتوقع أن ينمو خلال عام 2011 أيضا، حيث إن نمو الطلب على البنزين، الديزل، والمنتجات الداخلة في صناعة البتروكيماويات، لا يزال قويا، خاصة في الصين، حيث يتركز معظم نمو الطلب العالمي. معظم النمو في الصين كان نتيجة الحوافز المالية والإعفاءات الضريبية، من المتوقع أن يبقى النمو مرتفعا طوال عامي 2010 و2011 حيث تأثير الحوافز الاقتصادية لا تزال مستمرة، على الرغم من أن المخاطر ما زالت قائمة بخصوص حدوث تباطؤ في الاقتصاد الصيني أكثر مما كان متوقعا سابقا، حيث إن هدف الحكومة الصينية هو الحفاظ على نمو في الناتج المحلي الإجمالي أعلى من 8 في المائة بقليل، مع هذا التباطؤ في النمو الاقتصادي من المتوقع أن ينخفض النمو في الطلب على النفط فيها في 2011 مقارنة بـ 2010. إن مبيعات السيارات في الصين لا تزال قوية جدا، هذه المبيعات ستدعم استمرار النمو القوي في الطلب على البنزين في 2011. من المتوقع أيضا أن ينمو الطلب الصيني على الديزل في عامي 2010 و2011، بعد الأداء الضعيف نسبيا في عام 2009، ذلك بسبب التباطؤ الاقتصادي الناجم عن الركود. الطلب على النفط في الصين كان أيضا قويا للغاية، ويرجع السبب في ذلك جزئيا إلى بدء تشغيل مشاريع جديدة معتمدة على النفط لإنتاج الإثيلين. مع استمرار الصين في قيادة الانتعاش الاقتصادي العالمي، درجة تباطؤ النمو فيها سيكون له تأثير رئيس في الطلب على النفط والأسعار. من ناحية العرض، الصناعة النفطية تواجه حاليا فائضا كبيرا جدا في الطاقات الإنتاجية في جميع حلقات الصناعة النفطية: الاستخراجية، التحويلية، الخدمات، الأنابيب، والناقلات البحرية وغيرها. فعلى سبيل المثال: الطلب على الحفارات Rigs في الولايات المتحدة انخفض بصورة كبيرة، كما أن الطاقات الإنتاجية الفائضة Spare Capacity في منظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك) ارتفعت بصورة حادة جدا، كذلك المصافي قامت بخفض طاقاتها الإنتاجية بصورة كبيرة. إن الطاقات الإنتاجية الاحتياطية في منظمة الأقطار المصدرة للنفط ''أوبك'' ارتفعت إلى 7.0 مليون برميل يوميا في عام 2010، أي بزيادة تقدر بنحو 1.0 مليون برميل يوميا عن 2009، بما يعادل نحو 8 في المائة من الطلب العالمي على النفط، من المتوقع أن يستمر هذا المستوى من الطاقة الإنتاجية الاحتياطية خلال عام 2011 أيضا. التحدي الرئيسي الذي واجه الصناعة النفطية خلال عام 2010 هو حادث البئر Macondo، حيث مما لا شك فيه أن الكارثة سيكون لها تأثير كبير في مستقبل عمليات الحفر والإنتاج في المياه العميقة، حيث إن زيادة الروتين في الحصول على تراخيص العمل، الإجراءات، وتشديد متطلبات السلامة، ستبطئ بصورة كبيرة مجمل عمليات الاستكشاف والإنتاج، حيث سيتأثر كل شيء بدءا من منح التراخيص إلى إزالة المعدات وغلق البئر بعد نفاد الاحتياطي. من المتوقع أيضا أن تتأثر العمليات في خليج المكسيك بصورة خاصة أكثر من غيرها، لكن عديدا من البلدان الأخرى ستسعى أيضا إلى تشديد اللوائح والتشريعات وإجراءات السلامة الخاصة بعمليات المياه العميقة. في الوقت نفسه ليس من المحتمل أن تؤدي هذه الحادثة إلى توقف العمليات أو ابتعاد الصناعة عن حقول المياه العميقة بالكامل، لكن سيترك هذا الحادث بالتأكيد آثارا كبيرة. لكن بالرغم من تداعيات هذه الحادثة والأزمة الاقتصادية، الإمدادات النفطية من المنتجين من خارج دول منظمة الأقطار المصدرة للنفط Non-OPEC استمرت في تحدي التوقعات من وصول الإنتاج النفطي فيها إلى ذروته في وقت مبكر، حيث إن إنتاج النفط في هذه الدول في عام 2010 آخذ بالارتفاع مرة أخرى بشكل أسرع مما كان متوقعا، من المتوقع أيضا أن يحقق المزيد من النمو في عام 2011. المصدر الرئيس لنمو الإمدادات في هذه الدول سيكون من النفط الخام والمكثفات النفطية، على الرغم من أن جميع التوقعات كانت تشير إلى عكس ذلك، إضافة إلى ذلك الإمدادات من سوائل الغاز الطبيعي NGLs، الوقود الحيوي، وفوائض عمليات التكرير Processing gains، ستلعب أيضا دورا مهما في هذا الجانب. إنتاج النفط في عام 2010 ارتفع بنحو 1.0 مليون برميل يوميا. أما في العام القادم فإن وتيرة النمو في الإمدادات النفطية من المنتجين من خارج دول منظمة أوبك من المتوقع أن تتباطأ، وذلك لأن عدد المشاريع الجديدة المخطط لها أن تبدأ بالإنتاج في عام 2011 أقل نسبيا من العام الحالي، مع ذلك لا يزال من المتوقع أن يرتفع إنتاج النفط في العام القادم بنحو 0.5 مليون برميل يوميا على أقل تقدير. معظم النمو من الولايات المتحدة، البرازيل، كندا، أذربيجان، كولومبيا ، وكازاخستان، مدعوم باستمرار تطوير مشاريع النفط الخام والوقود الحيوي. هذا النمو في الإنتاج سيعوض انخفاض الإنتاج من بحر الشمال والمكسيك. النمو في المدى القصير متوقع، على الرغم من توقف عمليات الحفر في المياه العميقة لخليج المكسيك لمدة ستة أشهر. إضافة إلى ذلك، إنتاج دول منظمة أوبك من سوائل الغاز الطبيعي والمكثفات النفطية والسوائل النفطية غير التقليدية من المتوقع أن ينمو أيضا بنحو 0.5 مليون برميل يوميا عام 2010 وبنحو 0.45 مليون برميل يوميا عام 2011. على المدى القصير النمو في الإمدادات النفطية من المنتجين من خارج دول منظمة أوبك لا يزال يتركز في عدد قليل من البلدان التي تتوافر فيها احتياطيات كبيرة غير مستغلة وهي: البرازيل، كندا، وروسيا. أما في المناطق الأخرى فإن مشاريع التطوير الجديدة عادة ما تكون أصغر، ما يجعل من الصعب التغلب على معدل تراجع الإنتاج في الحقول القائمة. حقول النفط في المياه العميقة لا تزال تشكل المصدر الرئيس لنمو الإمدادات النفطية، حيث إن البرازيل وحدها لديها عدد من المشاريع العملاقة من المتوقع أن تبدأ في الإنتاج خلال 2011. في غانا حقل Jubilee في المياه العميقة الذي بدأ بالإنتاج مؤخرا، من المتوقع أن يضيف نحو 120 ألف برميل يوميا في عام 2011. إنتاج النفط من الرمال النفطية الكندية من المتوقع أيضا أن يشهد طفرة في النمو في 2011، نتيجة ارتفاع الإنتاج من المشاريع الجديدة، حيث شجع ارتفاع واستقرار أسعار النفط على عودة الاستثمار في هذه المصادر غير التقليدية للنفط. إنتاج النفط الروسي الذي استعاد عافيته منذ عام 2009 هو الآخر مرشح للنمو في عام 2011. أما من ناحية أسعار النفط، فإن الطاقات الإنتاجية الفائضة في كل من النفط الخام والمصافي تساعد على تقليل احتمالات ارتفاع أسعار النفط بصورة حادة، حيث إن ارتفاع الإمدادات النفطية من خارج منظمة أوبك وارتفاع إنتاج منظمة أوبك من سوائل الغاز الطبيعي والسوائل الأخرى سيحدا من الحاجة إلى زيادة إنتاج ''أوبك'' من النفط الخام، هذا من شأنه أن يحافظ على بقاء الطاقات الإنتاجية الاحتياطية من النفط الخام لدى المنظمة مرتفعة، على الرغم من ارتفاع الطلب العالمي على النفط بقوة، المخزون النفطي في بلدان منظمة التعاون والتنمية مرتفع هو الآخر، أعلى بكثير من المعدلات الموسمية للسنوات الخمس الماضية، سيوفر هذا أيضا المزيد من الحماية ضد تقلبات الأسعار. لكن أسعار النفط لا تعكس بالضرورة دائما أساسيات السوق المتعارف عليها المتمثلة في العرض والطلب، الطاقات الإنتاجية الاحتياطية، والمخزون العالمي، حيث أصبحت الأسواق تتأثر أيضا بعوامل أخرى، مثل المضاربون، وسعر صرف العملات وخصوصا الدولار الأمريكي مقابل العملات الأخرى، والتوقعات والتكهنات المستقبلة عن حالة الاقتصاد والأسواق. بعد أسابيع من تذبذبها قرب 75 دولارا للبرميل، ارتفع سعر النفط الخام خلال اليومين الأخيرين من التداول في أيلول (سبتمبر)، وفي اليوم الأول من تداول تشرين الأول (أكتوبر)، ليغلق عند نهاية الأسبوع فوق 80 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ العاشر من أب (أغسطس)، وفي الحادي عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) ارتفعت أسعار النفط إلى مستوى قياسي جديد قرب 88 دولارا للبرميل وتجاوزت 90 دولارا للبرميل في بداية شهر كانون الأول (ديسمبر). ارتفاع أسعار النفط أخيرا إلى نحو 90 دولارا للبرميل كان إلى حد كبير نتيجة عوامل ليس لها علاقة بأساسيات السوق، مثل ضعف سعر صرف الدولار وانتعاش أسواق الأسهم، إضافة إلى تذبذب سوق العملات وحركة الأسهم. لعبت التوقعات والتكهنات بانتعاش اقتصادي قوي واحتمال تجدد المشاكل الجيوسياسية دورا في رفع أسعار النفط. معظم المحللين يتوقعون أن أسعار النقط قرب 90 دولارا للبرميل وصلت ذروتها في ظل المعطيات الحالية للأسواق، ويتوقعون أن تستقر فوق 80 دولارا للبرميل بقليل لما تبقى من عام 2010 وبداية 2011، على افتراض أن لا يتدهور سعر صرف الدولار أكثر. في عام 2011 من المتوقع أن يستمر تداول النفط ضمن نطاق 75 و90 دولارا للبرميل، توقع عدم تجاوز الحد الأعلى مدعوم بوجود أسواق للنفط تزخر بوفرة في المعروض في كل من المخزون النفطي والطاقات الإنتاجية الاحتياطية في كل من النفط الخام والمصافي، في حين ارتفاع تكاليف مشاريع النفط وخصوصا المشاريع الهامشية الأكثر تكلفة marginal cost projects، يضع أرضية لأسعار النفط قرب الحد الأدنى أو أقل بقليل، حيث إن هبوط الأسعار دونها سوف يخل بالتوازن بين العرض والطلب لصالح الطلب وتعود الأسعار للارتفاع من جديد. المراجع: صندوق النقد الدولي IMF وكالة الطاقة الدولية IEA إدارة معلومات الطاقة الأمريكية US EIA التقرير الشهري لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) تنويه: المقال يعبر عن رأي الكاتب الشخصي وليس بالضرورة يمثل رأي الجهة التي يعمل فيها.
إنشرها
Author

جميع المتغيرات الاقتصادية تدعم نمو الاقتصاد السعودي في العام الجديد

|
عصفت الأزمة المالية في 2007 والتي نشأت وترعرت في الولايات المتحدة بالاقتصاد العالمي، وقد تأثرت اقتصاديات دول العالم بالأزمة على درجات مختلفة حسب انفتاح كل اقتصاد وارتباطه بالاقتصاديات الصناعية. وتعتبر الأزمة العالمية الحالية الأسوأ بعد أزمة الكساد العظيم 1929. وبسبب ارتباط الاقتصاد العالمي وانفتاح الأسواق على بعضها أدت إلى سرعة التأثير في الاقتصاد العالمي وعمق الأثر الذي خلفته الأزمة، مما استدعى دول العالم من خلال مجموعة العشرين للتكاتف لمعالجة الأزمة. وقد تأثر الاقتصاد السعودي بالأزمة من خلال ثلاث قنوات أدت إلى تباطؤ النمو في الاقتصاد السعودي. فانخفاض أسعار النفط في المتوسط في حدود 36 في المائة وتخوف الجهات ذات العلاقة بانخفاض أسعار النفط بشكل أكبر أدى إلى تأثيرين في الاقتصاد السعودي، الأول انخفاض الإيرادات الحكومية مما أدى إلى انتهاج سياسة مالية تحفظية. الثاني تباطؤ عرض النقود للفترة نفسها بسبب ربط الريال مع الدولار وتأثر عرض النقود بالتغير في ميزان المدفوعات والطلب على النقود، حيث نما عرض النقود قبل الأزمة وانخفضت أسعار النفط في المتوسط 18 في المائة، بينما لم يتجاوز عرض النقود 10.7 في المائة في عام 2009. السبب الثاني، تحفظ البنوك في الإقراض وارتفاع تكاليفه لارتفاع المخاطر المرتبطة بوضع الاقتصاد العالمي. حيث أثبتت الدراسات الاقتصادية أن البنوك تتحفظ في الإقراض في أوقات الكساد أو الركود الاقتصادي وتتساهل في الإقراض في أوقات الانتعاش الاقتصادي. ثالثا، انخفض مستوى الثقة لدى المستثمرين بالبيئة الاستثمارية ومستقبل الاقتصاد العالمي والاقتصاد المحلي، مما أدى إلى التباطؤ في المشاريع الجديدة أو التوسع الاستثماري. كما أن نقص الائتمان للقطاع الخاص بسبب تحفظ البنوك وارتفاع تكاليفه، أسهم في تباطؤ نمو القطاع الخاص. ولكن على الرغم من تبعات الأزمة العالمية على الاقتصاد العالمي وعلى الدول الصناعية بالذات وتوقعات النمو المنخفضة للدول الصناعية خلال السنوات القادمة، إلا أن مؤشرات الاقتصاد السعودي المستقبلية تدعم التفاؤل بنمو الاقتصاد السعودي لعدة أسباب. فالاقتصاد السعودي يعتمد نموه على الإنفاق الحكومي والذي بدوره يحدده الإيرادات النفطية. وبما أن القطاع النفطي والغاز يمثل في المتوسط 45 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، فإنه هو المحدد الأساسي للنمو الاقتصادي، وبحسب الرسم البياني الذي يربط بين الصادرات السعودية، والتي يشكل النفط ما لا يقل عن 80 في المائة، وإجمالي الناتج المحلي نجد أن نمو الاقتصاد السعودي يتأثر بالصادرات النفطية. وبتوقع استمرار أسعار النفط على أسعارها الحالية واستمرار الضغط عليها للارتفاع، فإن المتوقع أن يستمر الإنفاق الحكومي لتلبية المتطلبات التنموية للاقتصاد السعودي. فخلال العقدين الماضيين عانى الاقتصاد السعودي من عدم تحقيق المتطلبات التنموية بسبب انخفاض أسعار النفط مما أثر على قدرات القطاع الحكومي للإنفاق على التنمية وعانت كثيرا من القطاعات الاقتصادية من نقص الاحتياجات، كما أن الدين الحكومي كان في أعلى مستوياته مما سبب تزاحم الإنفاق الحكومي للإنفاق الاستثماري الخاص. وفي بداية العقد الحالي ونظرا لارتفاع أسعار النفط، فقد تحققت للحكومة قدرات مالية ساعدتها على الإنفاق على التنمية، وبسبب الحاجة التنموية والتي سيستمر الإنفاق الحكومي للسنوات القادمة لتلبيتها إذا تحققت للحكومة فوائض مالية، وهذا الذي نتوقع أن يسود خلال السنوات المقبلة. إضافة إلى الإنفاق الحكومي المرتفع، فقد أعلنت شركة أرامكو عن أكبر خطة استثمارية في تاريخ الشركة للسنوات الخمس القادمة. كما أن فائض ميزان المدفوعات المدفوع بالصادرات النفطية سيرفع عرض النقود لارتباط الريال السعودي بالدولار مما يزيد الطلب المحلي، وبسبب توقعات نمو الاقتصاد السعودي المدعوم بالإنفاق الحكومي التي ستعمل على تنشيط نمو جميع القطاعات الاقتصادية في المملكة وزيادة الطلب المحلي وزيادة التضخم في الاقتصاد المحلي. إن الطلب المحلي المدفوع بالإنفاق الحكومي وإنفاق شركة أرامكو والنمو السكاني سيخلق فرصة استثمارية للشركات المحلية والأجنبية للاستفادة من الفرص المتاحة في الاقتصاد السعودي. فالأزمة المالية أدت إلى تغير تفضيلات الشركات الدولية تجاه الاستثمار، فقد بين استفتاء نفذته الأمم المتحدة حول الإنفاق الاستثماري للشركات الدولية خلال الفترة القادمة، تفضيل الشركات الدولية الاستثمار في الدول النامية. والمملكة تعتبر من الدول التي تحقق نموا اقتصاديا بسبب الإنفاق الحكومي. لذا فالاقتصاد السعودي في هذه المرحلة جاذب للاستثمارات المحلية والدولية على الرغم من العوائق البيروقراطية التي يواجهها المستثمرون في الاقتصاد السعودي من الأجهزة الحكومية. جميع المتغيرات الاقتصادية تدعم التنبؤ باستمرار تحقيق الاقتصاد السعودي معدلات نمو مرتفعة خلال الفترة القادمة. وإذا أحسن الجهاز الحكومي استغلال الوضع العالمي والمحلي لتنشيط القطاع الخاص وجذب الاستثمارات الأجنبية الحقيقية التي يحتاج إليها الاقتصاد المحلي وتخفيف اعتماد الاقتصاد السعودي على النفط من خلال تحسين البيئة الاستثمارية وتسهيل الإجراءات وإلغاء التعقيدات البيروقراطية، فإن الاقتصاد السعودي سيحقق مكاسب إيجابية تنعكس على الاقتصاد المحلي ونموه المستقبلي. فالمتغيرات الدولية سواء في ارتفاع أسعار النفط أو تغير تفضيلات المستثمرين تمثل فرصة ذهبية للاستفادة منها لتحقيق مستوى تنمية أعلى يتيح للاقتصاد تحسين البنية التحتية وتحفيز النمو في القطاعات غير النفطية لتحسين أدائها وزيادة نسبة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي وتخفيف حدة تأثرها بالقطاع النفطي. إن تحقيق الاستفادة القصوى من المرحلة الحالية تحتاج إلى سياسات اقتصادية مشجعة للاستثمار، وبيئة استثمارية جاذبة للاستثمار المحلي والأجنبي بعيدا عن التعقيدات البيروقراطية أو التدخلات السياسية في القرارات الاستثمارية للمستثمر كما تحتاج إلى أسواق مالية كفؤة ومتكاملة وإلى أيد عاملة مدربة.
إنشرها
Author

توسيع دائرة الشفافية سيدعم برامج التنمية في 2011

|
انقضى عام ويبدأ عام جديد في مسيرة التنمية الوطنية. هذه المسيرة التي شهدت زخما كبيرا في عهد قائدها الملك المحبوب عبد الله بن عبد العزيز، ـــ حفظه الله ـــ وأعاده إلى وطنه وأبنائه بخير وصحة وسلامة. منذ أن تسنم هذا الملك قمة هرم قيادة المملكة بدأ عهد جديد في هذه المسيرة، اتسم بالعديد من الملامح التي جعلت شعوب الأرض تتطلع إليها وترى فيها نموذجا يحتذى. كان أهم هذه الملامح رفع راية الإصلاح على جميع المستويات وفي المجالات كافة، مدعوما بنية خالصة مخلصة، وجهد لا يكل في سبيل تحقيق المصالح العليا للوطن وأبنائه. هذا الجهد الذي وضع المملكة في مصاف دول العشرين الأكبر اقتصادا على مستوى العالم، والأكثر تأثيرا في مسيرة التنمية العالمية، وحقق للمملكة قفزات كبيرة على المستويات كافة، حتى أصبحت بلادنا قبلة للشركات والمؤسسات العالمية كبيرها وصغيرها، وغدت محط اهتمام العالم بمختلف أعراقه وفئاته ومكوناته. انقضى عام في مسيرة التنمية، وكان هذا العام مليئا بالأحداث والأخبار والمستجدات على كل الأصعدة، بما فيها السياسة والاقتصاد والتعليم والصحة وغير ذلك الكثير. انقضى عام عانت فيه دول العالم الأمرين من تبعات الأزمة المالية العالمية التي جرت عليها الكوارث والمصائب، وعطلت مسيرة التنمية فيها، فيما كانت مملكتنا تنعم بنهوض ونمو ملحوظين في مختلف المجالات، قيض الله لها فيها أن تقفز على تبعات تلك الأزمة، وأن تتجنب تأثيراتها المدمرة، لتحقق بذلك مركزا متقدما على الكثير من تلك الدول التي كانت تنظر إلينا من عل في العهود السابقة، وأصبحت المملكة بحمد الله قائدة رائدة تشارك كبريات الدول مكانة الزعامة العالمية، وتسهم بفعالية في معالجة آثار تلك الأزمة، ودفع عجلة التنمية العالمية في كل المجالات. انقضى عام في مسيرة التنمية، شهدت فيه المملكة وضع خطة تنميتها التاسعة، التي جاءت مليئة بالآمال والطموحات والتطلعات الواعدة، والتي إن قيض الله لها النجاح المأمول ستجلب الرخاء للمواطنين، وترسخ أركان تنمية مستدامة لهذا الوطن. هذه الخطة التي حشدت لها الدولة جميع مقدراتها ومواردها المادية والبشرية لتحقق نهضة تنموية كبرى في هذه المرحلة الحيوية من عمرها المديد ـــ بإذن الله. وربما كان أهم ملامح هذه المرحلة هو حجم الشفافية المتنامية التي أصبحت تسم التعاطي مع قضايانا وشؤوننا المحلية والدولية، وارتفاع سقف حرية الرأي والنقاش والطرح البناء على مختلف الأصعدة، حتى أصبح المواطن شريكا للمسؤول في مناقشة قضايا التنمية الوطنية، في إطار من الإيمان المشترك بالمصلحة الوطنية العليا. ويبدأ عام جديد في مسيرة التنمية، والآمال والطموحات تملأ صدور أهل الوطن وأبنائه. وهي تطلعات مستحقة تنسجم مع إمكانات الوطن وقدراته، وتتناغم مع مرئيات وتوجهات القيادة الحكيمة. وهي كذلك تطلعات في معظمها تتسم بالبساطة والقناعة، لا تتعدى في مجملها توفير حياة كريمة هانئة تدعمها دخول مناسبة تكفي لسد متطلبات الحياة الأساسية، ومساكن ميسرة تحقق لهم الأمان والاستقرار، وبيئة مريحة ميسرة لممارسة أعمالهم، وتعليما متطورا يؤهل أبناءهم لأداء أدوارهم المأمولة في مسيرة التنمية، وخدمات صحية تحقق لهم الراحة والأمان الصحي، وبعضا آخر من تلك المتطلبات والتطلعات التي لا تعدو أن تكون مكاسب مستحقة لأبناء الوطن مقابل مواطنتهم، ولا تخرج عن تطلعات كل الشعوب في كل الأوطان والدول. يبدأ عام جديد في مسيرة التنمية، وكلنا نتطلع إلى تحقيق تلك التطلعات والآمال، مؤمنين بأن ذلك لن يتحقق إلا بتضافر الجهود والتكاتف حول قائد المسيرة. تحقيق هذه التطلعات يتطلب الكثير، ولكن أهم ما يتطلبه هو الإيمان بهذا الاستحقاق أولا، وتوسيع دائرة تبني مفاهيم ومبادئ الحوار والشفافية، وبذر بذور الثقة بين كل فئات أبناء الوطن، بين الرئيس والمرؤوس، وبين المواطن والمسؤول، وبين الكبير والصغير، وبين الرجل والمرأة، وبين الغني والفقير، وبين مؤسسات الحكومة والقطاع الخاص. علينا أن نؤمن بأن الوطن للجميع، وكلنا فداء الوطن. لا يمكن أن تتم المواطنة الحقة دون مساهمة فاعلة في جهود التنمية، ولا يمكن أن يكون أي طرف متلقيا مطالبا دون أن يبذل شيئا لهذا الوطن. لا يمكن أن تنجح جهود التنمية ونحن نتنازع الحقوق والمصالح، ونرى في بعضنا من هو أحق من غيره بشيء من المكتسبات. المساواة هي أساس العدالة، والعدالة هي أساس الملك ورخاء الشعوب. إذن، فالعدالة هي ما نحتاج إلى تحقيقه، العدالة في التعاطي مع كل قضايانا التي نعيش معها وفيها كل يوم، قضايانا التي تمس التعليم والصحة والاقتصاد والمرأة والقضاء والبناء والعمران وكل مجالات التنمية المتوازنة. والتعاطي مع هذه القضايا بمفهوم العدالة هو ما سيجعل الجميع على قدم المساواة، وسيؤسس للنجاح المأمول الذي يتطلع إليها الجميع في مسيرة التنمية الوطنية. انقضى عام ويبدأ عام جديد في مسيرة التنمية، وأدعو الله أن يجعل هذا العام وتاليه من الأعوام خيرا على وطننا وأمتنا العربية والإسلامية. وكل عام ونحن والوطن جميعا بخير وسلامة، وملكنا المحبوب بصحة وعافية.
إنشرها
Author

«التحالفات الاستراتيجية» خيار فعال لاستمرار الشركات العائلية السعودية

|
تعد الشركات الفردية والعائلية الشكل الأقدم والأكثر انتشارا ضمن كل الشركات التجارية، وهي المصدر الرئيس لصنع الثروة وتوفير الوظائف في مختلف الأنظمة الاقتصادية المتقدمة والناشئة على حد سواء. وهي تسهم في توفير معظم حاجات الناس من الغذاء والكساء والسكن بجانب حاجاتهم من الأجهزة والمعدات كالسيارات، والأجهزة المنزلية. كما توفر خدمات المصارف والتأمين والنقل والسياحة وسواها. وهي تسمى شركات عائلية لأنها مملوكة بالكامل لأسر بعينها، أو أن أغلب قوتها التصويتية تملكها أسرة ما، فهي التي تمولها بشكل مباشر، وتورثها من جيل إلى جيل داخل العائلة الواحدة. وقد لوحظ في الآونة الأخيرة تعرض بعض هذه الشركات لمخاطر الخلافات بين الورثة بعد غياب جيل المؤسسين، ومن ثم تعرضها لتحديات تتعلق بالتنافس والصراع على الثروة والسلطة بين أفراد العائلة، أو باحتمال عدم قدرة الورثة على التطوير والتجديد، إضافة إلى فشل أغلبيتها في تهيئة الجيل الثاني للخلافة، الأمر الذي أفضى إلى قصر متوسط عمر هذه الشركات, الذي قدرته بعض الدراسات بأقل من 30 عاما، وقدره بعضها الآخر بـ 40 عاما. وهي مخاطر كفيلة بتهديد الشركات العائلية بالانهيار والتلاشي، وخسارة الاقتصاد الوطني لهذه الكيانات الاقتصادية، إن لم يبادر أصحابها بالأخذ بترتيبات قانونية مسبقة، عن طريق الاستعانة بأهل الخبرة والمستشارين المتخصصين، سواء كانوا من داخل العائلة أو من خارجها. وقد أظهرت دراسة لشركة بوز آند كومباني أن المنشأة العائلية في بلادنا في حاجة إلى النمو بمعدل 18 في المائة سنوياً لمجرد المحافظة على مستوى معيشة الفرد نفسه فيها كلما توسع حجمها وزاد عدد ملاكها. وتقدر بعض الدراسات عدد الشركات العائلية في اقتصادنا بنحو 800 ألف شركة، تشكل أكثر من 95 في المائة من مجمل الشركات السعودية العاملة في اقتصادنا، وباستثمارات قدرت بنحو 250 مليار ريال. ويأتي نحو 45 من هذه الشركات العائلية ضمن أكبر 100 شركة في بلادنا، فهي تأتي في الترتيب الثاني في القوة الاستثمارية بعد الحكومة، بل إن بعضها يعتبر حجر زاوية في مجالها. وقد حقق كثير منها على مدار عمرها معدلات نمو عالية، فمعظمها شركات ناجحة ومربحة لكن أغلبها غير منظم. والواقع أن سيادة هذا النوع من الشركات لا تقتصر على بلادنا، بل هي تشكل ظاهرة عالمية. بيد أن الفارق الأهم بين شركاتنا ونظيراتها في الدول المتقدمة هو أن الأخيرة أدركت منذ زمن طويل أن ضمان استقرارها ونموها يقتضي فصل الملكية عن الإدارة، في حين ما زالت أغلب العائلات السعودية تفضل الاحتفاظ بالإدارة. ونظرا للدور الاقتصادي المهم الذي تقوم به الشركات العائلية السعودية، وبسبب تعرض بعضها لمشكلات الخلافات العائلية في الجيل الثاني والثالث، ورغبة في المحافظة على كياناتها، فقد أخذ المجتمع يولي اهتماما متزايدا بالتحديات التي تواجه هذه الشركات، ويبحث عن أفضل طرق لضمان بقائها وتماسكها. والناظر في حال الشركات العائلية في بلادنا يجد أنها تواجه نوعين من التحديات: داخلية، وخارجية. ومن أهم التحديات الداخلية: الصراع على السلطة والإدارة، وطريقة تقسيم التركة بعد وفاة المؤسس، وعدم الفصل بين الملكية والإدارة، وضعف التخطيط الاستراتيجي بعيد المدى، وفشل أغلبها في تهيئة الجيل الثاني للخلافة، الأمر الذي أفضى لقصر متوسط عمر هذه الشركات الذي قدرته بعض الدراسات بأقل من 30 عاما، وقدره بعضها الآخر بـ 40 عاما. أما أهم التحديات الخارجية: فتتركز في تغير الظروف المحيطة بها، كالتراجع النسبي في الطلب الحكومي الذي كانت تعتمد عليه الشركات العائلية في مرحلة النشوء والصعود، في مقابل زيادة الاعتماد على القطاع الخاص في تنفيذ برامج التنمية. كما تواجه تحديات تطبيق الأنظمة الاقتصادية الجديدة التي فرضتها التطورات الداخلية والخارجية وأهمها المنافسة الشرسة، وإزالة صور الحماية والدعم ومناهضة الاحتكار، فضلا عن تحديات العولمة وتحرير التجارة وفتح الأسواق وفقا لمتطلبات منظمة التجارة العالمية. لذا باتت الشركات المحلية، ومنها الشركات العائلية، تواجه تحديات على جبهات متعددة، كتحدي ثورة المعلومات والاتصالات، وتحدي الشركات الضخمة متعددة الجنسيات، وتحدي الاتحادات الاقتصادية الدولية، وكذلك تكتل الشركات الكبرى. ولا شك أن هذه الكيانات الدولية لها قدرات هائلة مدعومة بقوة المال ودعم الحكومات والتفوق التقني والإداري، فضلا عن التفوق الكاسح في مجال التسويق والإعلان، حتى باتت تمثل خطرا على كثير من الشركات المحلية، لأنها تعمل على إزاحة كل من يقف في طريقها وفرض شروطها من أجل تمام سيطرتها على الإنتاج والأسواق معاً. وقد كان لهذه التحديات وقع شديد وقاسي على بعض الشركات العائلية، الأمر الذي جعلها تتلاشى تدريجيا مع الزمن خاصة في العقدين الأخيرين. لكن ظاهرة اندثار الشركات العائلية السعودية بقيت محدودة نظرا لأن نحو 70 في المائة منها ما زالت تدار من قبل مؤسسيها، بينما يدير 20 في المائة منها الجيل الثاني، أما 10 في المائة الباقية فيديرها الجيل الثالث! وتؤكد كثير من الدراسات العالمية على أن 80 في المائة من الشركات العائلية في مختلف دول العالم تبدأ في التصدع والتفكك في الجيل الثالث. وأن واحداً من ثلاثة أنشطة عائلية يبقى حتى الجيل الثاني، ونحو واحد من عشرة أنشطة عائلية يستطيع المواصلة حتى الجيل الثالث! ولأن أغلب الشركات العائلية في بلادنا غير منظمة، فإن أكثر مشاكلها نابع من غياب التنظيم المؤسسي الذي يسهل، إن وجد، عملية الفصل بين الملكية والإدارة، ويقضي على مشكلة مركزية الإدارة والصراع على السلطة، ويعالج ضعف الحوكمة والشفافية وغموض الجوانب المالية، فضلا عن عدم وجود خطة استراتيجية لمعظم هذه الشركات متفق عليها بين الشركاء تساعدهم على تطوير شركتهم والصمود تجاه تحديات العولمة والمنافسة الشرسة. إن حماية الشركات العائلية من مخاطر الاندثار بسبب الخلاف والصراع على السلطة بين الورثة في مرحلة الجيلين الثاني والثالث تقتضي أن تستعد هذه الشركات مبكرا بترتيبات قانونية مسبقة. ولمواجهة هذه المخاطر يمكن لهذه الشركات الاختيار بين أربعة بدائل وفقا لما يناسبها وهي: إما أن تتحول إلى شركات مساهمة عامة، أو تعيد هيكلة نفسها، أو تندمج مع شركات محلية أخرى، أو تدخل في تحالفات استراتيجية مع شركات دولية. هناك نماذج ناجحة لشركات عائلية تحولت إلى شركات مساهمة عامة، وتحقق لها الإطار القانوني الذي يضمن لها الاستقرار والنمو، حيث استفادت من مزايا نظام الشركات المساهمة بإنشاء شركة ذات ذمة مالية مستقلة عن العائلة، وسهل لهم تحقيق درجة عالية من الحوكمة والشفافية المالية، ووضعت ضوابط تمنع أي شريك من الانفراد بالسلطة، ومكنتهم من وضع لبنات وأسس مبدأ فصل الإدارة عن الملكية، فضلا عن إتاحة الفرصة لاكتساب خبرات جديدة على مستوى القيادة بمشاركة شركاء جدد. بيد أن خيار التحول لشركات مساهمة لا يلقى ترحيبا من الجميع، فوفقا لدراسة أجرتها شركة الاستشارات آرنست آند يونج، فإن نصف أصحاب الشركات العائلية الكبرى في دول مجلس التعاون يرغبون في التحول إلى مساهمة عامة تتداول أسهمها في البورصات، بينما يتحفظ أصحاب النصف الآخر على هذه الخطوة لأسباب متفاوتة، منها أنه لا بد أولا من العمل على تطوير الأنظمة وإزالة كل القيود القانونية والأعباء الإدارية التي تحد من توجه الشركات العائلية إلى أن تصبح مساهمة عامة. لذا فقد أوصت دراسة لخبراء شركة بوز آند كومباني بضرورة تطوير الأنظمة المتعلقة بالشركات العائلية, ولا سيما ما يخص فصل الإدارة عن العائلة. في مجتمعنا تسيطر العائلات على 95 في المائة من النشاط التجاري، بيد أن 1 في المائة منها فقط يدار من خلال شركات مساهمة، بينما أغلبها (نحو 67 في المائة) تدار من خلال شركات ذات مسؤولية محدودة، ونحو 23 في المائة منها يعمل تحت مظلة الشركات التضامنية، بينما يمارس نحو 9 في المائة منها أنشطتها من خلال شركات توصية بسيطة. ومع أن نسبة الشركات المساهمة قليلة جدا، إلا أن للشركات العائلية التي تحولت إلى شركات مساهمة عامة تجارب ناجحة حتى الآن. على كل، التحول إلى شركات مساهمة ليس أمرا حتميا لكل الشركات. فقد تجد بعض العائلات أنها لا تحتاج إلى أكثر من إعادة هيكلة الشركة. وهو خيار يسمح للعائلات بتطوير هياكل شركاتهم – دون التحول إلى شركات مساهمة عامة - ليأخذ وضعها شكلا قانونيا مؤسساتيا ضمن ميثاق للشركة يكون بمثابة مرجع أو دستور عائلي لها يحظى بقبول أفراد العائلة، ويرجعون إليه عند رسم السياسات الاستراتيجية واتخاذ القرارات التي تؤثر في مستقبل الشركة العائلية، ويساعد على تحديد الاختصاصات، فيبين حقوق الشركاء، ويضع ضوابط وشروط نقل الملكية وطريقة تقييم الحصص. كما تسمح إعادة الهيكلة بتسهيل فصل الملكية عن الإدارة، وهذا يهيئ لوجود مجلس إدارة تنفيذي يكون قادرا على رسم الأهداف العامة والخطط الاستراتيجية للشركة، واستقطاب الكفاءات المهنية المناسبة، وربما إدخال أعضاء من خارج العائلة في هذا المجلس. أما الخيار الثالث فهو الاندماج مع شركات محلية وهو مناسب لبعض المؤسسات العائلية متوسطة الحجم، حيث إنه يزيد قدرتها على تطبيق قواعد الإدارة الحديثة، والأخذ بأحدث التطورات التقنية، وتوسيع قدرتها التنافسية، فضلا عن تنويع قاعدتها الإنتاجية. كما يسمح لها أيضا بالانتشار وتغطية أسواق جديدة محلياً ودولياً، ومن ثم الاستفادة من اقتصاد الحجم الكبير، سواء من حيث تخفيض تكاليف التشغيل أو الحصول على ميزات خاصة في معاملاتها المالية والمصرفية والتأمينية. وفي المقابل، ربما وجدت شركات عائلية أنها تحتاج إلى عقد تحالفات استراتيجية مع شركات أخرى لتحقيق أهداف معينة لمصلحتها على الأجلين الطويل والقصير المدى، وهو إجراء يعزز من قدرة الشركة إدارياً وتقنياً، ويفتح لمنتجاتها آفاقا أوسع في الأسواق المحلية أو الدولية دون أن يحملها تكاليف إنشاء فروع، سواء أخذ هذا التحالف صيغة مشروع مشترك، أو صيغة تعاقد من الباطن، أو كان تحالفا تسويقيا أو تقنيا علميا. إن إقدام الشركات العائلية – خاصةً ذات رؤوس الأموال الكبيرة – على الدخول في شراكات استراتيجية مع الشركات الأم التي أخذت منها توكيلاً تجارياً، يمكّنها لاحقا من المساهمة في تطوير هذا المنتج المستورد، أو الاستثمار في أفكار جديدة، أو ربما شراء (براءات الاختراع)، لكي تنتج سلعاً أو خدمات تحمل علامةً تجاريةً خاصةً بها، خاصة أن مثل هذه العمليات تتطلب توفر قدرات مالية وكفاءات إدارية وأخرى بحثية علمية تفتقدها كثير من الشركات العائلية في مجتمعنا. لكن في كل الأحوال، فسواء أخذت الشركات العائلية بفكرة التحول لشركات مساهمة أو إعادة الهيكلة أو الاندماج أو التحالف مع غيرها، فإنه يجب عليها التأكد من أن البديل الذي ستختاره سيتضمن تطوير الشكل القانوني للشركة، حيث يتم تعيين حقوق وواجبات أفراد العائلة مع الشركة الجديدة بدقة ووضوح، وأن يكون غرض أعضائها من العمل فيها هو تعزيز وجودها والمحافظة على بقائها وجعلها أكثر قوة وريادة في مجالها، حيث يكون دافعهم لذلك الرغبة الذاتية في الإنجاز، ومساعدة الجيل الأكبر من أعضاء العائلة على التخفيف من أعبائهم اليومية حتى يخصصوا وقتا أكثر للاهتمام بشؤون الإدارة العليا وبرسم سياساتها الاستراتيجية. مع ملاحظة أن بعض الشركات العائلية تصل إلى مرحلة تحتاج فيها إلى خبرات وكفاءات متخصصة من خارج نطاق العائلة من أجل ضمان استمرار نجاحها وبقائها، ودعم الشركة بأفكار جديدة وتعزيز شبكة اتصالاتها التجارية، وهي مهام تغدو ضرورية في مرحلة ما من مراحل توسع الشركة وولوجها في أنشطة وأسواق جديدة. إن ضمان استقرار الشركات العائلية ونجاحها عند انتقالها من جيل إلى آخر لن يتحققا إلا بوضع أنظمة تضبط توجهات أعضائها وتوجه تصرفاتهم، حيث يتعهد الكل باحترام هذه الأنظمة والالتزام بها وتطبيقها وعدم الخروج عنها. وهذه هي قيمة وفائدة الميثاق العائلي وأهمية الدور الذي يحققه في إضفاء أجواء الألفة والتعاون وعدم الخلاف بين أفراد العائلة في إدارة الشركة العائلية، الذي يؤدي بدوره إلى استقرار ونمو الشركات العائلية ونجاحها.
إنشرها
Author

حكمة قائد.. تسخر القوة الاقتصادية للمملكة دوليا

|
لا شك أن المملكة تعد من أهم القوى السياسية والاقتصادية العالمية في وقتنا الحاضر، حيث تعيش حالة مزدهرة من النهوض والتطور الحضاري والإنساني لا يمكن أن ينكرها أحد، مما وضعها موضع احترام وتقدير دول العالم، حيث شهدت المملكة في السنوات الخمس الماضية من عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ـــ أيده الله ــــ إنجازات قياسية جعلت تلك المنجزات السعودية كقوة دولية اقتصادياً وسياسياً تؤدي دوراً محورياً على المستوى الإقليمي والدولي. ولعل النتائج الاقتصادية التي عكسها الأداء الاقتصادي السعودي خلال السنوات الأربع الماضية هي نتاج مباشر لحركة الإصلاح الاقتصادي الذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين وأرسى قواعده منذ توليه سدة الحكم في المملكة، فضلا عن السياسات الاقتصادية الحكيمة التي صاغتها حكومة خادم الحرمين الشريفين، وتمكنت من خلالها من وضع قواعد جديدة في العديد من النواحي الاقتصادية المهمة لدعم قطاعات الموارد البشرية والعمل على سياسات التنمية المستدامة والتطوير في عديد من المرافق الحيوية لأجهزة الدولة بما فيها مرفق القضاء، وكان لقطاع التعليم نصيب كبير، فقد شهد عهد الملك عبد الله اهتماماً خاصاً بتنمية الموارد البشرية، فكان ما أنفقته الحكومة على التعليم خلال السنوات الماضية يفوق 25 في المائة من الإنفاق الحكومي الإجمالي إلى جانب العمل على جذب الاستثمارات الأجنبية وتهيئة البيئة الاستثمارية المواتية لرؤوس الأموال الأجنبية وتحديث البنية التحتية إلى جانب استغلال الفوائض المالية السعودية مما مكنها من تجاوز تداعيات الأزمة المالية العالمية التي ضربت اقتصاديات دول العالم وما زالت تعانيها حتى الآن. إن تجاوز الأزمة المالية العالمية حدث بسبب الإدارة الحكيمة للاقتصاد والإجراءات الصارمة للرقابة والسياسات المالية الحذرة والرصينة التي ساعدت المصارف السعودية على تخطي تأثير تلك الأزمة المالية العالمية والتي مكنتها من عبورها، وأثبتت التجربة أن الاقتصاد السعودي تمكن من معالجة وتخطي مشكلات الأزمات المالية والاقتصادية، على الرغم من أنها لم تكن بمنأى كلية عن تداعياتها، خاصة تأثرها بشح السيولة في الأسواق والضغوط المتصاعدة، ووجود بعض الصعوبات التي أمكن تذليلها، كما مكنت السياسة المالية الحكيمة من تكوين رصيد كبير من الاحتياطيات النقدية بلغ حالياً أكثر من 1.5 تريليون ريال، وقد أظهرت الأزمة كذلك مدى ترابط القطاعات الاقتصادية المختلفة في اقتصادنا الوطني، وهو ما عبر عنه رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو من أن المملكة تتمتع باقتصاد قوي رغم الأزمة المالية وتشهد طفرة اقتصادية مهمة، الأمر الذي يعزز متانة الاقتصاد ويجعل المنطقة تشهد ازدهارًا كبيرًا. ولعل أهم المؤشرات الاقتصادية التي شهدها العام الجاري 2010، هي الخطط الطموحة التي أقرتها حكومة خادم الحرمين الشريفين في المشروعات الاقتصادية الضخمة في أكثر من منطقة، كما كان للإصلاحات التي أمر بها الملك عبد الله، خصوصاً فيما يتعلق بالتطوير الإداري والمؤسسي، ومتابعة إدارة المؤسسات الحكومية، ومحاربة الفساد الإداري وتحسين مستوى الأجهزة الرقابية، دور مهم فيما تحقق من إنجازات. كما كان لجولات خادم الحرمين الشريفين للدول الغربية والعربية تأثير مباشر لدعم القضايا العربية أسهم بصورة إيجابية في تعزيز تلك القضايا سياسيا واقتصاديا، حيث أثمرت هذه الجولات على الصعيد المحلي في فتح أسواق جديدة ومتنوعة وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية شجع عددا من المستثمرين العرب والأجانب على دخول السوق السعودية, وعكست تلك الجولات ما تحظى به المملكة من ثقل واستقرار سياسي كبير على المستوى العالمي، كما أسهمت مباحثات خادم الحرمين الشريفين في هذه الدول في خلق موقف إيجابي لدفع هذه الدول الأجنبية للعب دور فاعل تجاه بؤر التوتر الموجودة في المنطقة العربية فضلا عن تأكيدها على دور المملكة السياسي في العالم وانفتاحها على المجتمعات العالمية، كما كانت لمشاركة المملكة في قمة العشرين وخاصة الأخيرة التي عقدت بمدينة تورنتو الكندية أهمية كبيرة حيث عكست دور المملكة أمام أكبر تجمع عالمي اقتصادي كاقتصاد حر يتسم بالمرونة والفاعلية والقدرة على مواجهة الأزمات المالية، حيث قدم خادم الحرمين الشريفين خلال تلك القمة عددا من المقترحات للإصلاح الاقتصادي كحزمة متكاملة مطالبا بضرورة المساهمة في تعجيل وتيرة النمو العالمي وتجنب القيود الحمائية واتخاذ تدابير ملائمة لمساندة التمويل المرتبط بالنشاط التجاري، وقد أظهرت تلك المشاركة أن المملكة هي الصوت المدافع عن الدول النامية أمام تجمع دول الكبار. أما على الصعيد العربي فقد جاءت جولات الملك عبد الله في ظل مرحلة خطيرة ودقيقة تمر بها المنطقة العربية، حيث أسهمت في تكريس الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
إنشرها
Author

أداء أفقي للبنوك السعودية في 2011

|
بقراءة للأداء الاقتصادي العالمي عام 2010 وبداية العام الميلادي الجديد، بات جلياً استمرار تداعيات الأزمة المالية العالمية التي انطلقت شرارتها في صيف 2007، وبلغت أوجها في عامي 2008 و2009 للقطاع المالي العالمي وفي دول الخليج أيضاً ثم بدأت تأخذ منحىً أفقياً في عام 2010 مع غلبة طابع التحفظ فيما يتعلق بالاستثمار ونشاطات إقراض الشركات، كما يدل عليه التحفظ في الإقراض وارتفاع علاوة المخاطرة عند تسعير القروض ورفع مخصصات مخاطر الائتمان لتبلغ 100 في المائة وأكثر منذ الربع الثالث في البنوك السعودية. هذا التحفظ وهذه التغيرات تلاحظ بمقارنة زمنية أو عمودية للسياسة الإقراضية تاريخياً، على الرغم من أن أي مقارنة أفقية للبنوك السعودية مع البنوك الخليجية والعالمية تصب في مصلحة البنوك السعودية لخروجها من سنوات التحدي الثلاث السابقة بشكل أفضل من غيرها نتيجة للمخاطر النظامية التي ألمت بالقطاع المالي العالمي والإقليمي عموماً. ويعزى الفضل في الأداء الجيد نسبياً إلى الإشراف البنكي المتحفظ، وسرعة تجاوب ومرونة السياستين النقدية والمالية في التعامل مع التغيرات الاقتصادية وسوق الائتمان. وسنحاول هنا مراجعة أداء 11 بنكاً سعودياً باستثناء البنك الأهلي التجاري الذي لم تتوافر بياناته بناء على بيانات منتقاة ومؤشرات للأداء مستقاة من نتائجها في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2010 نظراً لعدم إعلان نتائج الربع الرابع حتى الآن، وبالتركيز على الحصة السوقية لكل بنك خلال الأرباع الثلاثة الأولى، علماً بأن قراءة أكثر شمولية وتعمقاً في حاجة إلى نتائج الربع الرابع وبتغطية لجميع المتغيرات والنسب التفصيلية، إلا أن هذا لا يلغي أو يتعارض مع نتائج الأرباع الثلاثة الأولى تعد مؤشراً مهماً بالإمكان القياس عليه وتوقع الأداء لباقي العام. وتوضح الجداول والرسوم البيانية أدناه نسبة الحصة السوقية للمتغيرات التي سنتناولها للأرباع الثلاثة الأولى من عام 2010. بداية، تقوم البنوك التجارية السعودية بعمليات أساسية منها حفظ ودائع العملاء، وتقديم خدمات الائتمان للشركات والأفراد والتجزئة، وخدمات الخزانة إلى جانب خدمات الاستثمار والقيمة المضافة الإلكترونية. وقد بلغ حجم الائتمان المصرفي للقطاعين العام والخاص نحو 774.189 مليار ريال بنهاية الربع الثالث من عام 2010، حيث بلغ نصيب الائتمان للقطاع الخاص فيها نحو 96 في المائة. وقد بلغت إجمالي موجودات البنوك السعودية في نهاية الربع الثالث نحو 1057 مليار ريال شكلت موجودات مجموعة سامبا المالية ومصرف الراجحي نحو 17.5 و 17.2 في المائة على الترتيب، ثم بنك الرياض والبنك السعودي الفرنسي بنسبة 16.2 و11.4 في المائة على التوالي. أما أقل موجودات فحققها مصرف الإنماء وبنك البلاد بنحو 2.2 و 1.8 في المائة أو ما يعادل 23.8 مليار و19.2 مليار ريال على الترتيب. أما إجمالي مطلوبات البنوك السعودية في الأرباع الثلاثة الأولى فبلغت 888.56 مليار ريال تتصدرها مطلوبات سامبا، الراجحي، وبنك الرياض بنحو 18.0 و 17.2 و 16.1 في المائة على الترتيب. ومن المؤشرات المهمة للحكم على قدرة البنوك في المملكة على تحمل أي هزات أو صدمات يبرز حجم الودائع وبالذات الحسابات الجارية أو التي لا يدفع لقاء إيداعها أي فوائد، حيث بلغ حجم الودائع، بنهاية الربع الثالث نحو 783.58 مليار ريال، حاز مصرف الراجحي على 18.1 في المائة منها يليه مجموعة سامبا المالية ثم بنك الرياض والبنك السعودي البريطاني بنحو 16.8 و 15.9 و 12.0 في المائة، بينما حاز بنك البلاد ومصرف الإنماء على أقل حصة لحجم ودائع الحسابات الجارية بنحو 14.81 و 6.79 مليار ريال أي 1.9 و 0.9 في المائة من إجمالي ودائع الحسابات الجارية لدى البنوك السعودية. وبلغ إجمالي دخل العمليات للبنوك السعودية في الأرباع الثلاثة الأولى من العام نحو 34.04 مليار ريال، تم تحقيق أكثر من ربعها أو 25.8 في المائة منها عن طريق مصرف الراجحي، يليه مجموعة سامبا المالية وبنك الرياض بحصة بلغت نحو 15.7 و 13.2 في المائة، بينما حل مصرف الإنماء في المركز الأخير بإجمالي دخل عمليات للأرباع الثلاثة الأولى بلغ نحو 453.45 مليون ريال أو ما نسبته 1.3 في المائة من إجمالي دخل العمليات. أما إجمالي مصروفات العمليات والتي تعد مقياساً مهماً للكفاءة إذا ما قورنت بإجمالي دخل العمليات، وإجمالي مصروفات الرواتب والمميزات فقد بلغت نحو 17.38 مليار ريال يعود 3.70 مليار ريال منها لمصرف الراجحي أو ما نسبته 21.3 في المائة من إجمالي مصروفات العمليات للبنوك السعودية. وعلى الرغم من حصول سامبا على المرتبة الثانية من ناحية إجمالي دخل العمليات، إلا أن مصاريف عملياتها تعتبر أقل نسبياً، حيث بلغت نحو 10.4 في المائة من إجمالي مصاريف العمليات للبنوك السعودية، بينما حل بنك الرياض والبنك السعودي البريطاني في المرتبتين الثانية والثالثة من ناحية ارتفاع مصاريف العمليات أو بما نسبته 14.0 و 13.0 في المائة من إجمالي مصاريف العمليات في البنوك السعودية. ويأتي في المركز الأخير لمصاريف العمليات مصرف الإنماء بنحو 505.04 مليون ريال أو نحو 2.9 في المائة من إجمالي مصاريف عمليات البنوك السعودية. أما صافي دخل العمليات للبنوك السعودية فبلغ في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2010 نحو 16.74 مليار ريال استحوذ مصرف الراجحي ومجموعة سامبا المالية مجتمعين على نصفها، حيث بلغ نصيب مصرف الراجحي نحو 30.5 في المائة، بينما بلغ نصيب مجموعة سامبا المالية من إجمالي دخل العمليات للبنوك السعودية نحو 21.1 في المائة ثم تبعهما في المرتبة الثالثة البنك السعودي الفرنسي والرابعة بنك الرياض بنسبة 12.5 و12.3 في المائة على التوالي، أما المرتبة الأخيرة لصافي دخل المعمليات فكانت من نصيب مصرف الإنماء. ويعد حجم مخصصات خسائر الائتمان من أهم مؤشرات تأثر قطاع الأعمال باستمرار الأزمة العالمية واحتمال تعرضه إلى تبعاتها، كما أنه يعد مقياساً لمدى تحفظ السلطة النقدية واهتمامها بسلامة النظام المصرفي متوسطة وطويلة المدى بجانب التحوط تجاه أسوأ السيناريوهات. وقد بلغ إجمالي مخصصات خسائر الائتمان في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2010 نحو 5.90 مليار ريال، بلغت نسبة مصرف الراجحي منها نحو 23.1 في المائة، وهي في تناسب مع أداء مصرف الراجحي في إجمالي دخل وصافي دخل العمليات، إلا أن حجم مخصصات خسائر الائتمان للبنك السعودي البريطاني والبنك السعودي للاستثمار جاءت أعلى بكثير من مقاييس ومؤشرات الأداء الأخرى مقارنة بمجموعة سامبا المالية التي تنخفض مخصصات خسائر الائتمان بها، حيث بلغ نصيب البنك السعودي البريطاني والبنك السعودي للاستثمار من إجمالي مخصصات خسائر الائتمان في البنوك السعودية نحو 17.0 و13.5 في المائة على التوالي، بينما بلغت مخصصات سامبا نحو 6.4 في المائة من مخصصات قطاع البنوك مقارنة بعدم وجود مخصصات لمخاطر الائتمان لدى مصرف الإنماء الذي حل أخيراً من ناحية حجم هذه المخصصات بعد بنك البلاد الذي بلغ نصيبه من المخصصات 3.3 في المائة. ولارتفاع نصيب رواتب ومزايا الموظفين في إجمالي مصاريف عمليات البنوك، فإنه عادة ما يتم البدء بتقليلها في فترات شد الحزام وترشيد الإنفاق. وقد بلغ إجمالي رواتب ومزايا الموظفين بنهاية الربع الثالث من 2010 نحو 6.45 مليار ريال يبلغ نصيب مصرف الراجحي أكثر من نصفها بنحو 21.4 في المائة يليه سامبا، بنك الرياض، والبنك العربي الوطني بنسبة من إجمالي رواتب ومزايا الموظفين بلغت 14.1 و13.3 و10.7 في المائة على التوالي. ويأتي مصرف الإنماء في المرتبة قبل الأخيرة من حيث حجم الرواتب والمميزات بنصيب 3.9 في المائة، وأخيراً البنك السعودي للاستثمار بإجمالي رواتب ومزايا موظفين يبلغ نحو 237.70 مليون ريال أو ما نسبته 3.7 في المائة من الإجمالي للقطاع. وبلغ مجموع فروع البنوك السعودية في نهاية الربع الثالث من 2010 نحو 1559 فرعاً للمصارف الـ 12، أي نحو 17407 أشخاص لكل فرع بناء على الإحصاء الأخير لعدد سكان المملكة والبالغ 27.14 مليون نسمة. أما عدد الصرافات الآلية للبنوك باستثناء البنك الأهلي التجاري فبلغ نحو 9036 صرافاً آلياً يتصدر حصتها السوقية مصرف الراجحي وبنك الرياض بنسبة 29.6 في المائة و28.4 في المائة على التوالي. ويليهما البنك العربي الوطني بنسبة 10.2 في المائة ثم سامبا وساب بنحو 5.6 و 5.5 في المائة على التوالي، بينما يأتي مصرف الإنماء في المركز الأخير بنحو 1.7 في المائة أو 155 صرافاً آلياً وذلك لحداثته. أما نقاط البيع التي كحال عدد من الصرافات الآلية تدل على اهتمام البنك بعمليات التجزئة وخدمات الأفراد فيتصدرها مصرف الراجحي بنحو 29.9 في المائة ثم بنك الرياض والبنك العربي الوطني بنحو 16.2 و 14.4 في المائة على التوالي، بينما لا يملك بنكا الجزيرة والإنماء أي نقاط بيع. وأخيراً، من المتوقع أن يكون أداء البنوك شبه أفقي في حال استمرار انخفاض أسعار الفائدة وهو المتوقع في النصف الأول من عام 2011 ومع انخفاض حجم مخصصات خسائر الائتمان مقارنة بالعام الذي سبقه من المحتمل أن يتحسن الأداء ودخل العمليات مع تغيرات في مراكز البنوك الواقعة في المراتب الأربع الأخيرة نظراً لتقارب حصصها السوقية وانتهاء بعضها من الإنفاق الرأسمالي على نظم التشغيل والتقنية المصرفية والتوسع في الفروع.
إنشرها
Author

الاستمرار في الاعتماد على التمويل الحكومي يقيد الاقتصاد السعودي

|
الدرس الذي أخذه العالم منذ 2008 وحتى اليوم، لم يأت موعد اختبار الدارسين بعد. وسيكون اختبارا في صميم مبادئ النظام الرأسمالي بقيادة القوى الغربية. وفي أسس هذه الرأسمالية الأمر الذي ما زال يسبب هزات ارتدادية واضحة بين الحين والآخر إلى أن يتم أولا الاعتراف بأسباب المشكلة الحقيقة وليس بالقشور، ومن ثم البحث عن حل. ومشكلة النظام الرأسمالي التي أدت إلى النتائج السيئة التي نعيشها اليوم عالمياً أنه نظام لا يشبع. نهم يريد أن ينمو دون حدود. يريد مزيدا دون أن يكون هناك قاع. يريد السيطرة دون إحساس. والنتيجة أن العالم كله مر خلال سنتين فقط (2008 إلى 2010) بأسوأ أزمة مالية يشهدها خلال الـ 80 عاماً الماضية. ولم ولن ينقشع غبارها حتى يبدأ العالم بحوار حقيقي حول أسباب ما حدث، حيث تجددت المخاوف بعد أزمة دول أوروبية بدأت باليونان ومن ثم إيرلندا وقد تنتهي بإسبانيا وإيطالياً، وقد تودي بمنطقة اليورو، وإن كنت لا أعتقد أن ذلك الأمر وراد. وهو الأمر الذي حدا بالمجتمع الغربي إلى الحديث عن نظام رأسمالي جديد يتناسب مع الوضع الذي وصلت إليه الأمور، لكن من خلال محاولات فرض أجندة هذا النظام عبر الأدوات التي يملكها هذا العالم الغربي. وقد يكون شرسا جداً في هذا المسعى. وكما يعرف الجميع أن محور المشكلة في التمويل والمفهوم الذي يسيره العالم الغربي للائتمان. فقد بلغ حجم التمويل في بعض الدول أضعاف حجم الناتج المحلي وعلى رأس هذه الدول قائدة الرأسمالية العالمية أمس واليوم الولايات المتحدة. وفي أحسن الأحوال في حدود 100 في المائة من الناتج المحلي لتلك الدول. وعموماً لا توجد دولة في العالم تجاوز حجم التمويل 100 في المائة الناتج المحلي إلا وتواجهها مشكلة في إدارة دفة اقتصادها! فتركيبة التمويل عندما تتجاوز حجم الاقتصاد الحقيقي لأي بلد تخلق مشاكل متعددة للسياسة المالية والنقدية. فقد بلغت العمليات المالية أكثر من 600 تريليون دولار، فيما الثروة الحقيقية والاقتصاد الحقيقي لا يتجاوز 60 تريليون لكل دول العالم. يعني أن هناك 90 في المائة مضاربات في أنشطة غير حقيقية ساندها الإفراط في التمويل! وستتطاير تأثيراتها السلبية لتشمل العالم ليس من حيث تأثيرها مباشرة، ولكن من حيث الضبابية على الشكل الاقتصادي للعالم مع أزمة كهذه، رغم أن لا بدائل مطروحة حتى الآن عن المفهوم الغربي للمشكلات والحلول. #2# في المقابل جاءت الأزمة وقد مرت المملكة على المستوى المحلي بتطورات كبيرة لا يمكن تجاهلها منذ أكثر من خمسة أعوام، وتحديدا منذ تولي خادم الحرمين الشريفين مقاليد الحكم في هذه البلاد المباركة، والنتيجة أنه بالقدر الذي تبذل جهود جبارة للتحديث وإعادة قراءة الأمور على المستويات كافة، تزيد التحديات علينا في سبيل إيجاد مكان لنا في خريطة تتحرك اليوم في طريقها لتتشكل بتوزيع جديد للعالم! في ظني هذا هو مصير الأمم الحية، أما الميتة فهي ميتة وإكرامها في دفنها، وبالتالي ـــ انتهت ــ الرواية كما يقال. لقد أثبت الملك أن هناك إمكانية وأن هناك أملا إذا ما خلصت النوايا وهمشت الأنا، وأن كلام نزار وتأكيد غازي ''أزفُّ إليك الخَبَرْ! لقد أعلنوها.. وفاَة العربْ'' ليس قدراً محتوماً. وإن كان المشوار طويلا ولكن يجب أن يكون هناك أمل! لقد مرت المملكة خلال نصف قرن بتطورات كبيرة على الأصعدة كافة. وفي مجال التمويل تحديداً الذي يعد محركا رئيسيا لكل خطط التنمية السابقة. فدون هذا التمويل المباشر وغير المباشر، سواء لقطاع الأعمال أو للمواطن مباشرة، ما كان في الإمكان تحقيق الأهداف التنموية في أبعادها المختلفة كافة. ولإعطاء صورة عامة عن تركيبة التمويل اليوم في المملكة، ونحن في عام 2010، نجد أن هناك أربعة مصادر للتمويل في المملكة منها ثلاثة رئيسة: المصدر الأول التمويل الحكومي الذي يأتي من صندوق الاستثمارات العامة والصناديق التنموية الأخرى، وقد اقترب حجم التمويل ''القائم'' منها نحو 180.5 مليار ريال قرب نهاية عام 2010. ولا يزال هذا التمويل يمثل المصدر الأول للتمويل والتنمية مدعوماً بإيرادات نفطية قوية وحجم إنفاق أيضا قوي لتنفيذ مشاريع ضخمة في البنى التحتية، وفي إيجاد مشاريع يخطط لها لتكون مصدر دخل في المستقبل للدولة بعد تراجع إيرادات النفط. فيما يأتي المصدر الثاني من القطاع المصرفي الذي تجاوز حجم التمويل ''القائم'' اليوم 777 مليار ريال مع نهاية العام المالي 2010، وهو عنصر ثان وداعم مهم للعنصر الأول. ويمثل التمويل الاستهلاكي من هذا التمويل فوق مستوى 200 مليار ريال بقليل، وهو ما يعادل 25 في المائة من هذا التمويل. وهي نسبة تعد معقولة، ما يعني أن أكثر من 577 مليار ريال هي نشاط تمويلي للقطاع الخاص. أما المصدر الثالث للتمويل وهو مصدر يعد غير رسمي، وإن كان في بعض فروعه ''نظاميا'' (بمعنى أنه مرخص له تجاريا)، وهو ما أصبح يعرف اليوم في قطاع التقسيط والبيع بالآجل، والذي برز أخيرا نتيجة عامل بسيط وهو أنه غير خاضع لأي نوع من أنواع التنظيم أو الإشراف، وبالتالي لا تحكمه أنظمة تحد من قراراته أو رغباته في التوسع، ومع الأسف لا توجد أرقام رسمية حول حجم التمويل من هذا المصدر وإن كانت هناك اجتهادات. وقد نشرت دراسة شخصية عن شركات التقسيط قبل نحو عامين أو أكثر رجحت أن حجم التمويل من هذا المصدر يتجاوز 100 مليار ريال (متحفظ جداً) وإذا ما تمت إضافة البيع بالآجل نجد أنه قد يتجاوز 150 مليار ريال. فيما يتجاوز عدد اللاعبين حسب بيانات وزارة التجارة 380 شركة تقسيط! والجدير بالذكر أن كل هذا التمويل يذهب لأغراض استهلاكية وليست إنتاجية. والمصدر الرابع: هو الصكوك والسندات التي من الواضح أن هناك رغبة في تطويرها، وبالذات تلك الصادرة من الشركات الكبيرة، على أمل خلق سوق ثانوي للتمويل وبالذات مع التوجهات فيما يخص التطوير العقاري، السكني منه على وجه الخصوص. ولكنه مصدر في حاجة إلى حديث طويل ومفصل. وحسب الجداول المرفقة يتضح تفاصيل التمويل في المملكة ونسب النمو. وبالتالي نجد أن حجم التمويل من مصادره الثلاثة الرئيسة في المملكة يتجاوز تريليون ريال (ألف ألف مليون ريال)، وهو ما يعادل نحو 65 في المائة من الناتج المحلي (بالأسعار الجارية) لعام 2010 حسب توقعات مصلحة الإحصائيات العامة والمعلومات 1630 مليار ريال. أما لو أخذنا نسبة التمويل من المصدر الأول وهو الحكومي نجد أنه يمثل نحو 11 في المائة من الناتج المحلي، والمصدر الثاني يمثل نحو 48 في المائة من الناتج المحلي، فيما المصدر الثالث وعلى افتراض أنه نحو 100 مليار ريال فإنه يمثل نحو 6.1 في المائة. ولكن نجد أن المنشآت القادرة على الاستفادة من المصدر الأول أو الثاني للتمويل لا تتجاوز 7.8 في المائة من عدد المنشآت العاملة حسب بيانات ''التأمينات الاجتماعية'' التي لديها نحو 200 ألف منشأة مسجلة. والخلل هو كما قلنا نتيجة مستوى المهنية التي يعيشها القطاع الخاص، وبالذات المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي هي بحاجة إلى إعادة هيكلة حقيقية حتى تكون إضافة لا عبئا على اقتصاد المملكة. وملاحظاتي على تركيبة التمويل في المملكة كما يلي: أولا: لا تزال الدولة وبعد مرور ما يقرب من نصف قرن على التوسع في خطط التنمية المصدر الأول للإنفاق ولحركة الاقتصاد، ودونها تصاب كل القطاعات بشلل كبير. وهو أمر يجب إعادة النظر فيه. ويعد إحدى السلبيات التي تؤخذ على اقتصاد المملكة. وإن كان يحقق أهدافا سياسية للمملكة، ولكنه أيضا يشكل خطرا على القدرة على الاستمرار. قد كانت هناك تجارب سابقة عندما تراجعت أسعار النفط وتوقف الإنفاق الحكومي، أصبح هناك شبه ركود في اقتصاد المملكة. ومنتصف التسعينيات الميلادية شاهد على ذلك بعد حرب الخليج! ثانياً: تنوع أغراض التمويل وبالذات الممنوحة من المصدرين الأول والثاني (الحكومي والمصرفي) فنجد أن تركيبة التمويل موجهة إلى الشركات الكبيرة جداً والتي حصلت على ما يزيد على 73 في المائة من حجم التمويل المصرفي. والباقي ذهب للتمويل الاستهلاكي الفردي. فيما المنطقة التي تمثل أكثر من 85 في المائة من عدد المنشآت في المملكة وحسب بيانات وزارة العمل 99 في المائة نجد أنها غير قادرة على الحصول على تمويل حتى من الحكومة. ولأسباب منطقية تتجسد في تركيبة القطاع الخاص ومستوى المهنية والشفافية وعناصر كثيرة ليس المجال هنا لشرحها. وقد سميت ''قطاع الوكالات والإتاوات''. فيما التمويل الحكومي خاضع لقرارات سيادية! ثالثاً: ضرورة تكثيف التنسيق في برامج التمويل بحيث تؤدي دور تكاملي فيما بينها بدلاً من دورا تنافسيا وأيضا حتى يصب في خدمة تحقيق برامج التنمية بشكل يساعد على النمو المطلوب. فالنتائج المتحققة لا تعكس الجهود الكبيرة المبذولة والمبالغ المدفوعة ولا يزال هناك عدم رضا واضح على الدور الذي يلعبه التمويل في المملكة. وبالذات عندما نتحدث عن التمويل الحكومي الذي يأتي عبر صناديق التنمية، فهي بحاجة إلى زيادة مستويات المهنية الإدارية، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا إذا أعطيت هذه الصناديق مميزات ومرونة في إدارتها تحقيقاً لأهدافها. فمن خلال بيانات الميزانية العامة للدولة للعام المالي 1431/1432 والنتائج المالية للعام، فقد بلغ ما منح من قبل صناديق التنمية وبرامج الإقراض الحكومي منذ إنشائها حتى عام 2010 نحو 414.3 مليار ريال. فما هي انعكاساتها الإيجابية على أرض الواقع؟ رابعاً: وجود مصدر ثالث للتمويل أمر طيب وضروري ولكن عدم وجود تنظيم لهذا المصدر يفعل ما يشاء لا من ناحية طريقة التمويل أو مصادر الأموال التي يقرضها، ولا من ناحية القدرة على تطبيق السياسة النقدية والمالية من خلال هذا المصدر لعدم القدرة على التحكم فيما يفعله، كما هي الحال في القطاع المصرفي. حيث توجد الأدوات التي تساعد على التحكم فيه في حالات التوسع أو الرغبة في الانكماش. أما المصدر الرابع فيما لا نزال نتحاور على شرعيتها وعلى أمور أعتقد أنها ثانوية! خامساً: ضرورة الإسراع في تفعيل المصدر الرابع للتمويل وهو السندات والصكوك حيث تكون رافدا مهما ويعطي تنوعا في مصادر التمويل، والمملكة بأشد الحاجة إليه خصوصاً مع التغير النوعي في القطاع المالي والانفتاح الذي شهده خلال السنوات القليلة الماضية، ووجود رغبة في التوسع في مشاريع كبيرة تحقق أهداف التنمية والتكامل الخليجي، وكذلك فتح المجال لمشاريع الإسكان التي تقدر بأكثر من تريليون ريال كحاجة ملحة لمواجهة النمو في أعداد المواطنين. والله من وراء القصد.
إنشرها