القلق الإبداعي

القلق الإبداعي

تعج الاسواق الاقتصادية بالمنافسة التجارية ، على شكل تجمع يضم البائعين والموردين بالمشترين المحتملين. هذا التجمع الواقعي او الافتراضي -في بعض الاحيان- تكون ساحته وميدانه الاسواق التقليدية أو الالكترونية من خلال التجارة الالكترونية. فالبائع أو المورد يبحثان عن الوصول الى ذائقة ورغبات المشترين ، من تأمين وتوفير سلع وخدمات ، يرى فيها الطرف الآخر قيمة مضافة ؛ تستحق المنافسة مع غيره من المشترين للحصول عليها. مما يقود الى نشوء شكل آخر من أشكال المنافسة العكسية؛ والتي تحدث هذه المرة بين المشترين أنفسهم للفوز بذلك العرض المميز. فتبدأ حلقة أخرى من المنافسة بين البائعين وبين الموردين ؛ لاجتذاب أولئك المشترين المتنافسين فيما بينهم أيضاً باستخدام كافة الوسائل التسويقية الممكنة ، الى أن يحدث تبادل بين الطرفين وصولاً لما يسمى : بحقوق الملكية ؛ حين يمتلك المشتري السلعة أو يحصل على الخدمة ، وفي المقابل يحصل البائع أو المورد على قيمتها النقدية. وكلما كان الفارق بين التكلفة وسعر البيع مجزياً بالنسبة للبائع ، كانت الصفقة بالنسبة له مربحة ، وزاد منسوب الرضى لديه . وكذلك الحال بالنسبة للمشتري ، ولكن بصورة عكسية. بالتأكيد لن يتحقق الرضا التام لكلا الطرفين. ولكن تلك الارباح المحققة ؛ ستقود المنافسين للبحث في ملفات البائعين للبحث عن مكامن ومصادر تلك الارباح ، والوسائل التي استخدمت في جنيها. مما سيقودنا الى جولة أخرى من المنافسة الاقتصادية الضارية ؛ والتي يصاب فيها المتنافسين بما يمكن تسميته بحالة ( القلق الابداعي) : وهي حالة من التوتر والتفكير الدائم ، تنتاب الشركات والمؤسسات ، للبحث عن أساليب إبداعية جديدة ، تحافظ بها على وضعها ومكانتها وحصتها السوقية ، أو تكسر تفوق الشركات الأخرى عليها. تلك الحالة عندما تسيطر على فكر الشركة ؛ ستفرز لا محالة عن سلوكيات وإجراءات جديدة تضع الشركة على الطريق الصحيح ، وتتنوع تلك السلوكيات بحسب اتساع مدى رؤية واستشراف الشركة لما يحدث من حولها في الاسواق داخلياً وخارجياً ، ومدى متابعتها لكل ما هو جديد ومرتبط بنشاطها التجاري. ولمن يريد التعرف على أعراض القلق الإبداعي لدى الشركات ، فسيرى على محياها ثلاثة أعراض تقريباً : منتجات مختلفة واكثر ابداعاً ، اجراءات وخطوات اكثر ابداعاً ، اعلان احترافي . فأما الأول ؛ فسنشاهد منتجات ذات طابع مختلف ، وذات مواصفات مختلفة ، ويتنوع الاختلاف تبعاً لقدرات وإمكانيات الشركة. والثاني ستحاول الشركات تخفيض التكاليف ؛ وذلك بالعمل وفق إجراءات وخطوات إبداعية تختصر الوقت وتقلل التكلفة والجهد. وأما الثالث ، فستعمل الشركات جاهدة نحو ايصال رسالتها الاعلانية ، ورسم الصورة الذهنية لدى المشترين بأن سلعها أو خدماتها ؛ هي الاجدر والأقدر على تلبية رغباتهم وتحقيق حاجاتهم. وتؤكد بعض الأبحاث ؛ بأن تحقيق الميزة التنافسية له علاقة بتوجه الشركة بالعملاء أو بالمنافسين أو بكليهما معاً. مما يؤكد بدوره وجود علاقة بين القلق الابداعي وبين الميزة التنافسية. فبما أن القلق الإبداعي سيقود الشركات للعمل على إيجاد أساليب ووسائل أكثر إبداعاً ؛ فإنه (القلق الإبداعي) منطقياً سيقود نحو تحقيق الميزة التنافسية. وقفة... تأمل كل الدعاء بأن تصاب شركاتنا بالقلق الإبداعي.... ولا تلجأ إلى المسكنات الوقتية.
إنشرها

أضف تعليق