الأجهزة الطبية في المستشفيات.. اعتبارات مهمة قبل شرائها (2 من 2)

[email protected] القرار في المجال الصحي مبني على ترتيب الأولويات وليس على الاحتياج نظرا لان الاحتياجات كثيرة ومتعددة. فشراء الأجهزة الطبية ليس مجرد قرار إداري صرف بل هو قرار يجب دراسته من أبعاده الخدمية والطبية والاقتصادية والإدارية. لذا فإنه من المهم جدا تبني سياسة واضحة المعالم تساعد لاستثمار الموارد المالية المخصصة لشراء الأجهزة الطبية بشكل أفضل. كما تبرز أهمية وجود تنظيم إداري يساعد على تبني قرارات بعيدة عن النظرة النفعية الآنية. فمثلا من المهم تبني تنظيم إداري يساعد على فصل الأقسام الفنية والمالية والرقابية. فصل قسم المشتريات عن قسم الهندسة الطبية ضرورة إدارية من أجل ضمان شراء الأجهزة الطبية بعيدا عن النظرة النفعية. في الجانب المقابل نجد أن قرار شراء الأجهزة الطبية يتأثر بشكل مباشر بنوعية المستشفى (حكومي أو خاص أو غير ربحي). وعدد المرضى المستفيدين من الجهاز محورا آخر له أهميته خصوصا في المستشفيات الربحية. فالنظرة بالنسبة للمستشفيات الربحية عند شراء جهاز طبي تعتمد ليس فقط على عدد المرضى المستفيدين من الجهاز بل الوقت المستغرق من أجل استرداد المبلغ المدفوع لشراء الجهاز Return On Investment وصدى استقطاب الجهاز على سمعة المستشفى وخدماته (نظرة تسويقية). في الجانب المقابل فإن النظرة للأجهزة الطبية في المستشفيات الحكومية تتأثر بحد كبير بمدى مشاركة الجهاز في سرعة حصول المريض على الرعاية الصحية Access to Health care. للأسف الشديد إننا نسمع أن بعض المستشفيات الحكومية اشترت أول جهاز طبي في الشرق الأوسط مع أن المستشفى نفسه لديه نقص في الخدمات الأساسية سواء كأجهزة طبية أساسية أو أدوية أو تجهيزات تموينية. ولعل غياب الرقيب المتابع للكيفية التي في ضوئها تم الصرف على الأجهزة الطبية وتقييمها بشكل موضوعي ترك الحبل على الغارب لاجتهادات شخصية في تحديد أولوية الشراء للأجهزة الطبية. قد نسمع تطوير أحد الأقسام على حساب بعض الأقسام الأخرى دون اعتبار المريض خلال العملية التطويرية. من النقاط الجديرة بالاهتمام عند شراء الأجهزة الطبية حصر دور الأقسام الطبية بطلب الخدمة دون تحديد نوعية الجهاز. فالمستخدم سواء أكان طبيبا أو من الأقسام الطبية المساعدة الأخرى من حقه طلب الخدمة التي يريدها. لكن تحديد نوعية الجهاز الطبي المستخدم تتم بمشاركة فاعلة من الأقسام الفنية والإدارية كقسم الأجهزة الطبية وقسم المشتريات. إن عصر تقنية المعلومات أتاح لنا طلب الاستشارات الفنية والطبية في مجال الأجهزة الطبية. فقد أصبح في الإمكان وعن طريق الإنترنت طلب استشارات عن الأجهزة الطبية عبر الاشتراك في شركات غير ربحية كـ ECRI وغيرها من المنظمات المتخصصة غير الربحية. فهذه المنظمات غير الربحية تمكن المشترك من معرفة تاريخ الجهاز الطبي ومدى كفاءته، وهل سبق أن حصلت لذلك الجهاز مشكلات فنية أو طبية عبر تقارير دورية تساعد صانع القرار الصحي في بناء رؤية وتصور محايد لكل جهاز. كما أن هذه المنظمات غير الربحية تعطي مقارنة بين الأجهزة الطبية المتخصصة في المجال نفسه. قسم الأجهزة الطبية أو الهندسة الطبية (وإن كنت أفضل أن يطلق عليه في المستشفيات قسم الهندسة الطبية بينما يطلق عليه في الشركات قسم الأجهزة الطبية) يفيد في تبني سياسة شراء الخدمة بدلا من شراء الجهاز. فالهدف من شراء الجهاز الطبي هو الحصول على خدمة طبية من خلال الجهاز المراد شرائه. لذا فإن بعض المستشفيات يحاسب الشركات على عدد العينات المنفذة عبر أجهزتها أو عدد الأفلام الطبية المطبوعة عبر أجهزتها أو على أساس عدد ساعات عمل الجهاز. هذه الطريقة تخفف على المستشفى حمل شراء الأجهزة الطبية من ثم تكاليف صيانتها. كما أنها تحفز شركات الأجهزة الطبية للتأكد من جاهزية عمل أجهزتها لأن وقت تعطل الجهاز يكلفها خسارة في عدد العينات التي لم تنفذ عبر أجهزتها. فمثلا إذا كان الجهاز مربوطا مباشرة بالمريض فتتم محاسبة الشركة على أساس عدد الساعات التي يعمل بها الجهاز لذا فإن شركات الأجهزة الطبية ستخسر في حال عدم صيانتها الجهاز أو رفع درجة جاهزية الجهاز الطبي. ختاما: فإننا نعول كثيرا على هيئة الغذاء والدواء خصوصا والقائمين عليها ممن لديهم دراية وخبرة في مجال الأجهزة الطبية لتبني دور أكثر فاعلية خصوصا في فحص الأجهزة الطبية قبل دخولها. كما إننا نعول على الهيئة للإسراع في وضع المواصفات الفنية والطبية للأجهزة قبل إجازة استخدامها في المملكة. كما نتمنى من هيئة الغذاء والدواء أن تشارك في تقديم استشارات وإن كانت مدفوعة القيمة للمستشفيات من أجل مساعدتها على تحقيق استثمار أفضل لمواردها المالية.