صوت وصورة

رفضت نصائح الأطباء وسجلت آخر أغانيها جالسة على الكرسي

رفضت نصائح الأطباء وسجلت آخر أغانيها جالسة على الكرسي

الأصوات الطربية قليلة بل مَعدودة على الأصابع، ويمكننا القول إنها لن تُعوض، فالإحساس في الغناء قلما نجده في فناني هذه الأيام إلا فيما ندر، ومع هذه الأيام نتذكر ميلاد صوت لطالما أمتعنا في زمن الفن الجميل، صوت أطرب آذاننا وأعلن التحدي لمنافسيه من عمالقة الطرب حِينها، لم يتراجع لثقته بإمكاناته ولم تتوقف قدراته عن المبارزة في جميع ألوان الغناء (حزن وفرح .. حب ورومانسية .. لوم وعتاب)، وتخطى جميع الحدود وقدم كل هذا التنوع ليطرب مُحبيه فيملأ عقولهم وقلوبهم معاً.. إنه صوت الراحلة الرائعة كروان الشرق فايزة أحمد. حقا فعلتها فايزة وأثبتت جدارتها للجميع ونجحت لتحوز إشادة كل من سمعها لأن موهبتها وعذوبة صوتها جعلاها تفوز بلقب ''كروان الشرق'' اللقب الذي أطلقه عليها الأديب الكبير كامل الشناوي، ووصفها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب قائلاً ''صوتها مثل الكريستال المكسور''، أما كوكب الشرق فقالت ''صوت فايزة هو الصوت النسائي الوحيد الذي تطرب له وتسمعه بنشوة، وهي الوحيدة التي ستُخلفني على عرش الأغنية''. ولدت فايزة فى الخامس من كانون الأول (ديسمبر) 1930 لأب سوري وأم لبنانية في مدينة صيدا بلبنان، وكانت أمها وراء تشجيعها على الغناء فتقدمت فايزة للجنة لاختيار المطربين في إذاعة دمشق لكنها لم تُوفق في البداية وسافرت بعدها إلى حلب وتقدمت لإذاعة حلب ونجحت وذاع صيتها، فطلبتها إذاعة دمشق وعادت لتكمل مسيرة نجاحها وتدربت على يد الملحن ''محمد النعامي''، وكانت المرحلة التالية من حياتها والأكثر أهمية مجيئها لمصر، فتقدمت للإذاعة المصرية حيث قدمها الإذاعي صلاح زكى في أغنية من ألحان محمد محسن، ثم تبناها الملحن محمد الموجى فنيا وشكلت معه ثنائيا فنيا من البداية فعملا معاً (أنا قلبي إليك ميال، حيران، ياما القمر ع الباب)، وعن حياتها الشخصية تزوجت فايزة في سن الرابعة عشرة من عمرها من محمد النعامي ثم أثمرت هذه الزيجة ابنتها فريال ولم يكتب لها النجاح، ثم التقت فايزة لأول مرة بشريك عمرها الموسيقار محمد سلطان مصادفةً في منزل الفنان فريد الأطرش، وتوالت لقاءاتهما بعد ذلك حتى جمعت بينهما قصة حب وفن كُللت بزواج استمر 17 عاماً وأثمرت توأمهما طارق وعمرو سلطان، إضافة إلى عشرات الأغنيات البارزة التي تعاونا فيها بداية من (قاعد معاي، بالي معاك، أخد حبيبي، دنيا جديدة) ولكنهما انفصلا في أيار (مايو) عام 1981، لتتزوج من الضابط عادل عبد الرحمن بعد ذلك ثم تنفصل عنه أيضاً بعد مرضها، عائدة من جديد إلى سلطان الذي عاشت معه حتى وفاتها بمرض السرطان في 24 أيلول (سبتمبر) عام 1983. وعلى الرغم من موهبتها الفذة في الغناء إلا أنها لم تحترف التمثيل، وبرغم قدراتها الجيدة التي أشاد بها النقاد، إلا أن حصيلتها السينمائية سبعة أفلام فقط ببطولة مطلقة، واحد مع إسماعيل ياسين عام 1959 هو فيلم ''المليونير الفقير'' وعدة أدوار صغيرة في أفلام أخرى مثل (ليلى بنت الشاطئ، القاهرة في الليل، منتهى الفرح، عريس مراتي)، ولكنها تبقى دائما في الذاكرة من خلال دورين لا يزال يتذكرهما الجمهور حتى الآن وهما الغجرية مع رشدي أباظة في فيلم ''تمر حنة''، والأخت الكبرى في ''أنا وبناتي'' مع زكي رستم. واجهت الفنانة السورية الكثير من المتاعب بسبب المرض ومعاناتها مع سرطان الثدي، في الوقت الذي عُرضت عليها آخر أغنياتها ''لا يا روح قلبي'' من كلمات حسين السيد وألحان رياض السنباطي، فأعجبت بها كثيراً وأصرت على تسجيلها سريعاً ولم ترضخ لأوامر الأطباء الذين طالبوها بالراحة وعدم الإجهاد بعد عودتها من رحلة جراحية دقيقة في الولايات المتحدة، وبالفعل استكملت فايزة بروفات الأغنية في منزلها ثم حضرت جلسات التسجيل بالإذاعة وهي جالسة على كرسي طوال أسبوع كامل، وبذلك أخرجت للنور آخر إبداعاتها الفنية التي تُعد مصادفة، آخر ألحان الرائع رياض السنباطى بعد فترة طويلة قضاها متوقفاً عن العطاء وقبل رحيله بأشهر قليلة عام 1981، أما كروان الشرق فقد تدهورت حالتها الصحية بمرور الأيام ودخلت في غيبوبة ألزمتها غرفة العناية المركزة إلى أن توفيت في 24 أيلول (سبتمبر) عام 1983.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من صوت وصورة