Author

تبقى صحة التطبيق في ملعب وزارة التعليم العالي

|
مختص في التمويل والتنظيم وأكاديمي
[email protected] بعد إقرار التأمين الصحي على الطلبة المبتعثين في الخارج الاستثمار في المواطن استثمار طويل الأجل و أرباحه كبيرة ومضمونه خصوصا عندما يكون الاستثمار في رجال المستقبل. ومنا هنا فإن إقرار مشروع التأمين الصحي للطلبة المبتعثين للدراسة في الخارج جزء من القرارات الملكية الحكيمة التي تهدف إلى تسهيل أمور الطلبة وإزالة العقبات التي تواجههم. فالهم الصحي يأتي من ضمن الهموم التي كان يواجهها الطلبة المبتعثون أثناء دراستهم في الخارج. فالطالب كان يضطر أحيانا للدفع المباشر نظير تلقيه الخدمة العلاجية. كما أن عليه الانتظار لتتكرم عليه الملحقية الثقافية بتعويض ما دفعه نظير تلقيه العلاجreimbursement . الملحقية الثقافية من جهة أخرى، كانت تمارس دور الرقيب على مزودي الخدمة العلاجية في الخارج مما أوقعها فريسة لبعض المستشفيات والمراكز الصحية التي تدعي تقديم خدمة علاجية للطلبة وهي أما لم تقدمها إطلاقا أو قدمتها ولكن بشكل جزئي. يذكر أن الاتصالات والمراسلات بين الطلبة والملحقية لأجل متابعة الفواتير العلاجية تأخذ جزءا من وقت الطرفين خصوصا وفرق التوقيت بين الطلبة الدارسين في الولايات الواقعة غرب أمريكا و الملحقية في حدود الساعات الثلاث. لا شك أن الإجراءات السابقة تتطلب الكثير من الجهد من أجل ضبط ومتابعة الفواتير الصحية والتأكد من مصداقيتها. فمن المفترض أن يكون تركيز الملحقية متابعة المبتعثين أكاديميا وعلميا بدلا من صحيا وماليا. وعلى الرغم من اجتهاد الملحقيات الثقافية لمتابعة الخدمة العلاجية للطلاب المبتعثين إلا أن هذا النوع من المتابعة يتطلب تكوين فرق عمل متخصصة. هذه الفرق تقوم بتغطية الجانب الطبي والمالي والإداري والتأميني خصوصا مع الزيادة العددية للطلبة المبتعثين. ولا شك أن تشكيل هذه الفرق يتطلب زيادة في التكلفة التشغيلية للملحقيات الثقافية بشكل كبير. كما أن الدفع المباشر للتكلفة العلاجية يكلف الدولة مبالغ مالية عالية كان من الممكن التحكم فيها عبر شركات التأمين. و قد سبق أن نشرت مقالا عن أهمية التأمين الصحي للطلاب المبتعثين قبل ست سنوات لانعكاس فائدته هذا الإجراء على الطالب والملحقيات الثقافية على حد سواء. أما الآن ومع إقرار تطبيق التأمين الصحي للطلاب المبتعثين للدراسة في الخارج فإن شركات التأمين ستكون حريصة على متابعة الخدمة العلاجية والتأكد من استفادة الطلبة المبتعثين منها. كما أن شركات التأمين ستمارس دور الوسيط بين متلقي الخدمة العلاجية وهم الطلبة ومزودي الخدمة العلاجية من أجل تحقيق التوازن بين الخدمة المقدمة والفائدة المرجوة منها. فالطلبة المبتعثين سيشكلون شريحة شهية ومحببة لكل شركات التأمين الصحية للأسباب الآتية: 1. متوسط عمر الطلاب المبتعثين بين 20 و30 سنة. لا شك أن متوسط أعمارهم محببة لشركات التأمين بسبب محدودية إصابتهم بالأمراض. فمتوسط أعمار الطلبة لا يشكل هاجسا على شركات التأمين لكونها شريحة محدودة المخاطر إلا أن متوسط أعمار أبناء المبتعثين محور آخر يحتاج إلى بحث. لذا فإن الملحقية يمكنها حصر متوسط أعمار الطلبة وذويهم قبل مخاطبة شركات التأمين من أجل الحصول على عروض مجزية. 2. عدد الطلاب المؤمن عليهم كبير. فالتأمين على المجموعة دائما أقل من التأمين على الفرد نظرا لتوزيع المخاطر في حال المجموعة وانخفاض القيمة لتكلفة التسويقية على شركات التأمين. فكما هو معلوم أن عدد الطلاب المبتعثين تضاعف بشكل كبير خصوصا مع برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث. فعدد الطلبة المبتعثين الحالي يوازي عدد موظفين كبرى الشركات. 3. طبيعة عمل الطلاب تجعلهم من الشريحة المحدودة المخاطر. فهناك علاقة قوية بين طبيعة عمل المؤمن وقيمة أو تكلفة التغطية التأمينية. وكلما كانت طبيعة عمل المؤمن عليه خطرة كلما زادت البوليصة التأمينية، فالطلاب من شريحة محدودة المخاطر مما يجعل تكلفة التأمين عليهم محدودة. وفي الجانب المقابل نجد أن التكلفة التأمينية للعاملين في المصانع أو شركات المقاولات مرتفعة نسبيا بسبب أن احتمال تعرضهم لمخاطر صحية كبيرة. 4. المستوى التعليمي للطلاب المبتعثين مرتفع. فكما هو معلوم أن العادات الغذائية الصحية السيئة تقل غالبا مع زيادة المستوى التعليمي والثقافي. فالمستوى التعليمي يعطي بعض الدلالة على سلوكيات طالب التأمين. ولا أشك في أن الطلاب المبتعثين يشكلون شريحة متميزة وملتزمة مما يجعل الوعي الصحي لديهم عاليا وهذا بدوره يعطيهم أفضلية عند حساب قيمة بوليصة التأمين. لذ فإننا نجد أن شركات التأمين تقدم عروضا خاصة لطلاب الجامعات للأسباب التي سبقت الإشارة إليها. وفي الجانب الآخر فإن شركات التأمين تتنافس فيما بينها لتقليل ما يعرف بـ loading charge فكلما قلت النسبة كانت التكلفة التأمينية للمؤمن أقل وهي قيمة تتأثر بالتكلفة الإدارية التسويقية وغيرها. وتظل عوامل أخرى لدى شركات التأمين تؤثر في القيمة التأمينية مثل السياسات المتبعة للحد من إساءة استخدام الخدمة من قبل المؤمن عليه كمشاركة المؤمن علية في دفع جزء من الفاتورة العلاجية أو تكلفة شركة التأمين بدفع التكلفة العلاجية في حالة تجاوز الفاتورة العلاجية مبلغا معينا أو غيرها من السياسات لتقليل ما يعرف بـ Moral Hazard. وهناك سياسات أخرى تساعد شركات التأمين على الحد من إساءة استخدام الخدمة من قبل مزودي الخدمة العلاجية لذا فهي تستخدم مراجعة أطباء آخرين Peer Review للتأكد من مدى الحاجة للتشخيصات المفروض على المؤمن أو وجود شبكة من مزودي الخدمة العلاجية تكون لهم الأفضلية كمزودي الخدمة العلاجية Preferred Provider Organization أو غيرها من الطرق المعلومة لدى خبراء التأمين الصحي. لذا فإن وزارة التعليم العالي أمام مهمة قد لا تكون سهلة وهي الكيفية التي ستسلكها عن التفاوض مع شركات التأمين من أجل التأكد من تقديم رعاية صحية ذات جودة عالية مع تكلفة تأمينية عادلة خصوصا وطلابنا المبتعثون يشكلون شريحة غير مكلفة في العرف التأميني للأسباب السابق ذكرها. ختاما، فبعد الموافقة الملكية فإن على وزارة التعليم العالي التأكد من معرفة العوامل المؤثرة عند حساب تكلفة بوليصة التأمين من أجل ضمان الحصول على عروض مميزة من جهة مع الأخذ بعين الاعتبار أن حكومة خادم الحرمين الشريفين تسعى لتوفير كل وسائل الرفاهية لشعبها. تمنياتنا لطلابنا بصحة جيدة وعودا حميدا لأرض الوطن.
إنشرها