Author

تحسين صورة المصارف .. الأهم رضا المجتمع وثقته

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية
المصارف الإسلامية أصبحت اليوم تتوسع بصورة غير مسبوقة، فعوامل متعددة جعلت منها محل اهتمام المختصين، كما أن المتغيرات السياسية والاقتصادية في المنطقة والعالم عززت مكانة المصرفية الإسلامية، بل التمويل الإسلامي بصورة عامة، حيث إن حجم أصول التمويل أصبح ينمو بصورة مستمرة خلال الفترة الماضية، وما زالت الفرصة متاحة للنمو خلال الفترة القادمة. رغم هذا النمو والازدهار الذي تحققه المصرفية الإسلامية، خصوصا في البلاد الإسلامية، إلا أن السؤال عن دورها في المجتمع يرد في كل ملتقى، ففي جامعة درم تحدث الشيخ الدكتور حسين حامد حسان - وهو أحد أبرز خبراء المصرفية الإسلامية ورئيس الهيئة الشرعية في بنك دبي الإسلامي – عن المصرفية الإسلامية وأنها حققت نجاحا وقدرة على مواجهة الأزمة الاقتصادية وما تتميز به عن الأنظمة المالية الشائعة في العالم، وما إن انتهى من الحديث وفتح المجال للأسئلة إلا بادر بعض الحضور بالسؤال عن دور المصرفية الإسلامية في علاج المشكلات الاقتصادية في العالم الإسلامي الذي يتأخر في مجمله عن الحركة التنموية التي يشهدها كثير من الدول، وكيف أن المصرفية الإسلامية لا تعزز فرص التمويل للأفراد في مثل التمويل متناهي الصغر، أو أنها تسهم بصورة أو أخرى في علاج مشكلات اقتصادية قائمة يعانيها المجتمع، إضافة إلى المساهمة في الأعمال الخيرية التي تعود بالتنمية على المجتمع، والحقيقة أن الشيخ أجاب بأن المصارف الإسلامية عبارة عن مؤسسات تجارية تبحث عن الربح واستراتيجيتها قائمة على تعظيم العائد للمساهمين كغيرها من الشركات المساهمة، وهي في واقع الحال تدفع الزكاة الواجبة، ومن كان من المساهمين لديه الرغبة في الإسهام في الأعمال الخيرية فإنه سيتبرع مباشرة بدلا من أن يجعل البنك وسيطاً لذلك. لا شك أن مسألة المسؤولية الاجتماعية ينبغي أن تكون محل عناية المؤسسات والشركات في المجتمع، وكثير من الشركات والبنوك في العالم تهتم بذلك، وذلك لتحسين صورتها في المجتمع، لذلك تجد أن كثيراً من الشركات تهتم بإبراز اهتمامها بتنمية المجتمع أو العناية باهتمامات المجتمع، فعلى سبيل المثال تجد أن بعض الشركات تبرز قضية اهتمامها بالبيئة من خلال بعض الإجراءات التي يمكن أن تزيد من التكلفة، لكن تحسين صورة الشركة في المجتمع يحقق لها عائدا أكبر. فمسألة إسهام البنوك الإسلامية في احتياجات المجتمع لا شك له أثر إيجابي في البنك، فلو نظرنا إلى شريحة المتعاملين الذين يفضلون التعامل مع التمويل الإسلامي دافعهم في الغالب الرغبة في الالتزام أكثر بما هو مباح من المعاملات، وذلك تحقيقا لرضا الله - سبحانه وتعالى، وإذا ما كانت المؤسسة التي يتعامل معها أكثر التزاما بذلك، وتضيف إليه أمرا آخر يحث عليه ديننا الحنيف وهو المساهمة في احتياجات المجتمع، فإن ذلك سيزيد من رضا المتعاملين مع هذه المؤسسات بما يعزز عوائدها المالية، فضلا عن أن المساهمين ينالهم أجر وثواب هذا العمل، فمسألة المساهمة فيما يخدم المجتمع لها أثر إيجابي في المصارف الإسلامية. كما أنها يمكن أن تسهم ببرامج تحقق لها عوائد أيضا مثل تمويل المشاريع الفردية التي يحتاج إليها كثير من الأفراد للبدء بمشاريع تحقق لهم الكسب وتعزز جانب التنمية في المجتمع، فهذا التمويل، وإن كان له مخاطر أكبر من صور التمويل الأخرى لدى البنوك إلا أنه يحقق أثرا إيجابيا في المصارف الإسلامية على المديين القريب والبعيد، فإذا نجحت المصارف فإنها ستحقق عوائد جيدة على المدى القريب من مثل هذا التمويل، كما أنها قد تحقق فرصا أكبر مستقبلا، حيث إن نمو مثل هذه المشاريع ونجاحها سيعزز الطلب على التمويل من المصارف الإسلامية، وبهذا قد تحقق نوعا من النمو المستمر لأنشطتها وعملائها. بطبيعة الحال لا يمكن أن نعمم مسألة التقصير على جميع المصارف الإسلامية، فالبعض منها قد يكون له إسهامات كبيرة في المجتمعات المسلمة، كما أن البعض الآخر يمكن أن تكون له إسهامات ويتوقع منه المزيد، لكن من المهم أن تفكر البنوك الإسلامية في تحسين صورتها بصورة أكبر في المجتمع وأن تكسب ثقة المجتمع ورضا عملائها، الذي سينعكس بالتأكيد على أدائها بصورة إيجابية. فالخلاصة أن البنوك الإسلامية، وإن كانت في الأساس مؤسسات ربحية لا خيرية، إلا أن إسهامها في احتياجات المجتمع سينعكس إيجابا على أدائها وقد يحقق لها نموا أكبر، وذلك لأن المجتمع يتطلع لذلك بوصف أن هذه البنوك إسلامية.
إنشرها