Author

جسر الملك فهد.. واقعية الحلول وتدخل الإمارة

|
يضع كثير من الأجهزة التنفيذية أمراء في المناطق في حرج بالغ نتيجة تقصيرها، وسوء أدائها، ولو نفذت كل الأجهزة المهام الموكلة إليها باقتدار لما احتاج أمير المنطقة بين وقت وآخر إلى استدعاء بعض المسؤولين وتوجيههم وربما توبيخهم نتيجة كثرة الشكاوى، وقصور الأداء، بحكم سلطة أمير المنطقة الإدارية ومرجعيته للأجهزة كافة. ولعل استدعاء أمير المنطقة الشرقية ''الأمير سعود بن نايف'' إدارة مؤسسة جسر الملك فهد الأسبوع الماضي ونقاشه الموسع معهم، الذي نشرته الصحف، يوضح الحرج الذي تواجه الإمارة من جراء الوضع الذي عليه جسر الملك فهد وكثرة شكاوى الناس وتضرر العابرين ذهابا وإيابا من طول الإجراءات، وبطء الخدمة، وسوء التعامل أحيانا، رغم ما تتقاضاه المؤسسة من رسوم مقابل الخدمة التي تؤديها. قال الأمير بوضوح ''إن الجميع يتطلع إلى خدمات مكتملة، لكن المسافرين يلاحظون نقصها، ويهمنا كثيراً أن تكون الأمور ميسرة بالحد الذي لا يتعارض مع الإخلال بالوظيفة الأساسية، وهناك حلول ستأخذ وقتها الطبيعي للتنفيذ، لكن ما يهمنا الآن، إلى أن تتم هذه المشاريع، البحث عن بدائل لتقليل الازدحام، خصوصاً في أوقات الذروة. ونحن في الإمارة لن نتردد في توفير الإمكانات اللازمة مع الجهات المختصة لتوفير الكوادر التي تقوم بالعمل في هذه الأوقات. وشدد الأمير سعود على أمرين بسيطين، لكنهما مُهمَّان، هما: الإسراع في إنهاء الإجراءات، وحسن التعامل مع المسافر، سواءً المغادر أو الوافد، فالمنفذ كما يراه الأمير هو ''عنوان المملكة''. ولا أخفي استغرابي من الحلول التي عرضتها إدارة المؤسسة على الأمير سعود لمواجهة الزحام، فهي بعيدة تماما عن الواقع، حيث تضمنت وفق التقارير الصحافية المنشورة إنشاء جزيرتين صناعيتين إضافيتين بمساحة 600 ألف متر لكل جزيرة! ولا أعرف من هو المهندس العبقري الذي اقترح هذا الحل؟ وما مصلحته في إقامة مثل هذا المشروع؟ وفي رأيي أن هذا ليس هو الحل الذي كنا نتطلع إليه، الحل أسهل من هذا بكثير ويعرفه معظم العابرين للجسر، وهو تبسيط الإجراءات والاستفادة من التقنية وتقليل نقاط التوقف التي يواجه معها المسافرون ماراثونا مضنيا من الإجراءات والتواقيع والأختام وحمل الأوراق بين الكبائن بطريقة بدائية مخجلة لا تليق بواحد من أهم المنافذ الحدودية. نقاط التوقف بين الكبائن بالإمكان اختصارها إلى نقطتين فقط لو استخدمت التقنية بشكل طبيعي، ولا نحتاج إلى جزر صناعية، ولا خسائر إضافية، ومن يشكك في ذلك عليه زيارة بعض المعابر الحدودية العالمية ليرى الدقة والسرعة والسهولة في حركة العبور. هناك ما يقارب ست نقاط توقف في الجانب السعودي ونقطتان في الجانب البحريني يمضي المسافر في كل نقطة في الأيام العادية قرابة خمس دقائق، أي أنه لن يعبر الجسر قبل نصف ساعة، أما في أوقات الذروة فالأمر يتطلب ساعات مضنية من الانتظار، حيث يدفع المسافرالرسوم في النقطة الأولى ثم يتوقف عند النقطة الثانية لتسجيل بيانات السيارة في نظام الجمارك ويحصل على ''برنت'' يتسلمه بطريقة بدائية، ثم ينتقل ''للجوازات'' ويقومون بمطابقة الجواز وختمه وتسليمك ورقة مطبوعة مختومة، ثم تنتقل إلى نقطة الفرز الخانقة التي ليس لها مبرر على الإطلاق لتستلم منك الورقة المطبوعة (وهذا الإجراء أضيف قبل أشهر قليلة فقط) ثم جوازات الجانب البحريني والجمارك وتفتيش المركبات ثم أخيرا نقطة التوقف للتأمين. هذه النقاط التي يزاحم بعضها بعضا أسهمت في ارتباك الحركة، وازدحام الناس وتضجرهم وهم يدركون في كل مرة يتوقفون فيها أنه ليس هناك داع لهذا التعقيد الذي لم تفلح معه زيادة عدد الكبائن ولا التوسعة الأخيرة التي صرف عليها مئات الملايين. يفترض أن يعبر المسافر نقطة الجوازات ونقطة الجمارك فقط بأسرع وقت فقط وفي اللحظة التي يتم فيها تسجيل خروجه من الجانب السعودي يتم إدخال بياناته آليا في الجانب البحريني والعكس صحيح، وهذا النظام الإلكتروني ليس فكرتي، ولكنه معمول به في منافذ عالمية تستوعب أضعاف ما يستوعبه جسر الملك فهد. وعلى قياديي المؤسسة والأجهزة العاملة فيها أن يدركوا أن إنشاء مزيد من الجزر الصناعية لن يغير في الوضع شيئا، مادامت العقول القديمة تصر على استمرار الإجراءات بهذه الطريقة البدائية والقاتلة، وما زلت أتذكر بعض الشباب الذين أنشأوا قبل سنوات موقعا إلكترونيا للمقارنة بين جسر الملك فهد ومنافذ أخرى عالمية واحتوت المقارنة على أرقام مؤلمة تجسد قصور الأداء وعدم الرغبة في التغيير. لقد وعد مدير عام المؤسسة قبل ثلاث سنوات تقريبا بتبسيط الإجراءات وتحسين الأداء واختصار نقاط العبور، لكن لم يحدث شيء سوى زيادة الازدحام وتضجر العابرين .. فهل تتحقق الوعود بعد اجتماع الأمير؟
إنشرها