Author

طلاب المنح الدراسية السفراء المنسيون

|
تمثل المنح الدراسية التي تقدم للطلاب الأجانب من قبل الجامعات ومؤسسات التعليم العالي، منهجاً متبعاً يستهدف إعطاء الفرصة لبعض الطلاب الذين لا تسعفهم ظروفهم لمواصلة الدراسة بسبب الفقر أو لعدم وجود مؤسسات تعليم عال في أوطانهم، بل إن المنح الدراسية تُعطَى لمن هم دون التعليم الجامعي. قيمة المنح الدراسية لا تقتصر على الطلاب أنفسهم، بل تمتد إلى أسرهم، وكذلك إلى أوطانهم ومجتمعاتهم، حيث يعود هؤلاء الطلاب إلى أوطانهم وقد تسلحوا بالعلم والمهارات الحياتية والعملية التي تمكنهم من خدمة مجتمعاتهم وأبناء أوطانهم. كما أن بعضهم خاصة النابغين منهم يبقون في الأوطان التي أعطتهم المنحة الدراسية، وفي هذا مكسب لهذه الدول، إلا أن المكسب الأساس لهذه الدول التي قدمت المنح يتمثل في تحول هؤلاء الطلاب إلى سفراء ومؤيدين وذوي ولاء لمن مكنهم من الدراسة وقدم لهم المساعدة. الغرب له باع طويل في موضوع المنح الدراسية، وقابلنا الكثير من الطلاب الأجانب في أثناء الدراسة خارج البلاد، الذين يدرسون على حساب بعثات منحتها لهم الجامعات، بل مؤسسات كنسية، وأتذكر أن بعض الإخوة المصريين كانوا يدرسون في أمريكا على برنامج أطلق عليه في حينه برنامج السلام، الذي جاء بعد توقيع أنور السادات معاهدة السلام مع الكيان الصهيوني. المملكة ممثلة في جامعاتها لها دور في تعليم الطلاب الأجانب في جامعاتها، بل أسست الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة لهذا الغرض، كما أن الجامعات الأخرى أسست معاهد لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، واستقطبت طلاباً أجانب من دول إسلامية. جامعة الملك سعود من أوائل الجامعات التي لها دور في هذا المجال، حيث وضعت عام 1394 قواعد وأنظمة المنح، وأسست إدارة للمنح تعنى بشؤون الطلاب الأجانب، والتحق ببرنامج المنح في الجامعة منذ انطلاقته عام 1389/1390 حتى عام 1428/1429هـ، أي خلال 40 سنة ما يقارب 24 ألفاً من الطلاب الأجانب. مدير جامعة الإمام الدكتور سليمان أبا الخيل ذكر في منتدى الشراكة المجتمعية والبحث العلمي، أن عدد طلاب المنح داخل المملكة وخارجها الملتحقين بالجامعة يبلغ خمسة آلاف طالب موزعين على 120 دولة. جميل وفخر لنا نحن أبناء المملكة أن يطول خيرنا الآخرين، وفي مجال العلم لأننا نسهم في تغيير أوضاع الكثير من الأفراد، بل المجتمعات بدلاً من تركها نهبا للفقر والجهل والأمراض، كما أننا نطبق قول المصطفى - صلى الله عليه وسلم – "أو علم ينتفع به". كما قلت هؤلاء الدارسون يتحولون إلى سفراء يحملون رسالتنا وقيمنا وثقافتنا، لكن إذا أحسنّا إعدادهم من خلال تعليمهم وتدريبهم بشكل صحيح، ومن خلال حسن التعامل معهم واللطف. من أسوأ ما سمعت من أحد الزملاء في الجامعة أن طالباً إفريقياً بعدما تخرج جاء ليودع أستاذه وقال الطالب للأستاذ أنا تعلمت واستفدت، لكن كنت أسمع وأقرأ عن كرم العرب، لكني أغادر المملكة ولم أدخل بيتاً من بيوت السعوديين. حبذا لو أن إدارات المنح فكرت في برنامج الصداقة، بحيث تعلن لمن يرغب من الطلاب السعوديين في استضافة أحد الطلاب الأجانب أو صداقته ليحس هؤلاء بقربنا منهم، ولنطرد عنهم وحشة الغربة، ونفهم كيف يفكرون، ونساعدهم قدر الاستطاعة على تجاوز المعضلات التي تعترضهم.
إنشرها